القول في تأويل قوله تعالى :
[82 ] والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون
والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون من عادة التنزيل العزيز أنه لا يذكر فيه آية في الوعيد إلا ويتلوها آية في الوعد . وذلك لفوائد : منها ، ليظهر بذلك عدله سبحانه ; لأنه لما حكم بالعذاب الدائم على المصرين على الكفر ، وجب أن يحكم بالنعيم الدائم على المصرين على الإيمان . ومنها ، أن المؤمن لا بد وأن يعتدل خوفه ورجاؤه . وذلك الاعتدال لا يحصل إلا بهذا الطريق . ومنها ، أنه يظهر بوعده كمال رحمته ، وبوعيده كمال حكمته ، فيصير ذلك سببا للعرفان .
وقد قدمنا عند قوله تعالى : وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن السلف أجمعوا على أن الإيمان قول وعمل . فإذا عطف عليه العمل ، فإما أن يكون من عطف الخاص على العام . أو يقال : لم يدخل فيه ولكن مع العطف ، كما في اسم الفقير والمسكين . فتذكر .
[ ص: 178 ] قال : في هذه الآية دليل على أن قوله تعالى من قبل : الراغب بلى من كسب سيئة هو الكفر ، وإحاطة الخطيئة به ، الأعمال السيئة ، وذلك لما قابله به من الإيمان والأعمال الصالحة .
ثم شرع ، سبحانه ، يقيم الدليل على أنهم ممن أحاطت به خطيئته فقال :