الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 381 ] وسئل رحمه الله عن قوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=36958من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار } " nindex.php?page=treesubj&link=28966فاختلاف المفسرين في آية واحدة إن كان بالرأي فكيف النجاة ؟ وإن لم يكن بالرأي فكيف وقع الاختلاف والحق لا يكون في طرفي نقيض أفتونا . ؟
ومعلوم أن المسمى هو واحد وإن تنوعت صفاته وتعددت أسماؤه وعباراته كما إذا قيل : محمد هو أحمد وهو الحاشر وهو الماحي وهو العاقب وهو خاتم المرسلين وهو نبي الرحمة وهو نبي الملحمة .
وكذلك إذا قيل : القرآن هو الفرقان والنور والشفاء والذكر الحكيم والكتاب الذي أحكمت آياته ثم فصلت .
[ ص: 383 ] فهو سبحانه واحد صمد وأسماؤه الحسنى تدل كلها على ذاته ويدل هذا من صفاته على ما لا يدل عليه الآخر فهي متفقة في الدلالة على الذات متنوعة في الدلالة على الصفات ; فالاسم يدل على الذات والصفة المعينة بالمطابقة ويدل على أحدهما بطريق التضمن وكل اسم يدل على الصفة التي دل عليها بالالتزام ; لأنه يدل على الذات المتكنى به جميع الصفات فكثير من التفسير والترجمة تكون من هذا الوجه .
ومنه " قسم آخر " وهو أن يذكر المفسر والمترجم معنى اللفظ على سبيل التعيين والتمثيل لا على سبيل الحد والحصر مثل أن يقول قائل من العجم : ما معنى الخبز ؟ فيشار له إلى رغيف وليس المقصود مجرد عينه وإنما الإشارة إلى تعيين هذا الشخص .
فإن الظالم لنفسه : هو تارك المأمور فاعل المحظور و " المقتصد " [ ص: 384 ] هو فاعل الواجب وتارك المحرم و " السابق " هو فاعل الواجب والمستحب وتارك المحرم والمكروه .
فيقول المجيب بحسب حاجة السائل : " الظالم " الذي يفوت الصلاة والذي لا يسبغ الوضوء أو الذي لا يتم الأركان ونحو ذلك و " المقتصد " الذي يصلي في الوقت كما أمر و " السابق بالخيرات " الذي يصلي الصلاة بواجباتها ومستحباتها ويأتي بالنوافل المستحبة معها وكذلك يقول مثل هذا في الزكاة والصوم والحج وسائر الواجبات .
وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : التفسير على أربعة أوجه : تفسير تعرفه العرب من كلامها وتفسير لا يعذر أحد بجهالته وتفسير يعلمه العلماء وتفسير لا يعلمه إلا الله فمن ادعى علمه فهو كاذب .
والصحابة أخذوا عن الرسول لفظ القرآن ومعناه كما أخذوا عنه السنة وإن كان من الناس من غير السنة فمن الناس من غير بعض معاني القرآن ; إذ لم يتمكن من تغيير لفظه .
و " أيضا " : فقد يخفى على بعض العلماء بعض معاني القرآن كما خفي عليه بعض السنة ; فيقع خطأ المجتهدين من هذا الباب . والله أعلم .