[ ص: 94 ] وقال شيخ الإسلام رحمه الله فصل لما ذكر سبحانه ما يبطل الصدقة من المن والأذى ومن الرياء ومثله بالتراب على الصفوان إذا أصابه المطر ولهذا قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=273&ayano=2ولا يؤمن بالله واليوم الآخر } لأن الإيمان بأحدهما لا ينفع هنا بخلاف قوله في النساء : {
nindex.php?page=tafseer&surano=533&ayano=4إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=535&ayano=4والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } .
فإنه في معرض الذم فذكر غايته وذكر ما يقابله وهم
nindex.php?page=treesubj&link=28973الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم .
فالأول الإخلاص .
و " التثبيت " هو التثبت كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=563&ayano=4ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا } كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5556&ayano=73وتبتل إليه تبتيلا } ويشبه - والله أعلم - أن يكون هذا من باب قدم وتقدم كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4662&ayano=49لا تقدموا بين يدي الله ورسوله } فتبتل وتثبت لازم بمعنى ثبت لأن التثبت هو القوة والمكنة وضده الزلزلة والرجفة فإن الصدقة من جنس القتال فالجبان يرجف والشجاع يثبت ولهذا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597524قال النبي صلى الله عليه وسلم وأما nindex.php?page=treesubj&link=28973_24619الخيلاء التي يحبها الله فاختيال الرجل بنفسه عند الحرب واختياله بنفسه عند الصدقة } لأنه مقام ثبات وقوة فالخيلاء تناسبه وإنما الذي لا يحبه الله المختال الفخور البخيل الآمر بالبخل فأما المختال مع العطاء أو القتال فيحبه .
وقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=274&ayano=2من أنفسهم } أي ليس المقوي له من خارج كالذي يثبت وقت الحرب لإمساك أصحابه له وهذا كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4351&ayano=42وإذا ما غضبوا هم يغفرون } بل تثبته ومغفرته من جهة نفسه .
وقد ذكر الله سبحانه في البقرة والنساء الأقسام الأربعة في العطاء .
إما أن لا يعطي فهو البخيل المذموم في النساء أو يعطي مع الكراهة والمن والأذى فلا يكون بتثبيت وهو المذموم في البقرة أو مع الرياء فهو المذموم في السورتين فبقي القسم الرابع : ابتغاء رضوان الله وتثبيتا من أنفسهم .
[ ص: 96 ] ونظيره " الصلاة " إما أن لا يصلي أو يصلي رياء أو كسلان أو يصلي مخلصا والأقسام الثلاثة الأول مذمومة وكذلك " الزكاة " ونظير ذلك " الهجرة والجهاد " فإن الناس فيهما أربعة أقسام وكذلك {
nindex.php?page=tafseer&surano=1213&ayano=8إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا } في الثبات والذكر وكذلك : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6130&ayano=90وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة
} في الصبر والمرحمة أربعة أقسام وكذلك {
nindex.php?page=tafseer&surano=162&ayano=2استعينوا بالصبر والصلاة } فهم في الصبر والصلاة فعامة هذه
nindex.php?page=treesubj&link=28914الأشفاع التي في القرآن : إما عملان وإما وصفان في عمل : انقسم الناس فيها قسمة رباعية ثم إن كانا عملين منفصلين كالصلاة والصبر والصلاة والزكاة ونحو ذلك نفع أحدهما ولو ترك الآخر وإن كانا شرطين في عمل كالإخلاص والتثبت لم ينفع أحدهما فإن المن والأذى محبط كما أن الرياء محبط كما دل عليه القرآن ومن هذا تقوى الله وحسن الخلق فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون والبر والتقوى والحق والصبر وأفضل الإيمان السماحة والصبر .
بخلاف
nindex.php?page=treesubj&link=28914الأشفاع في الذم كالإفك والإثم والاختيال والفخر والشح والجبن والإثم والعدوان ; فإن الذم ينال أحدهما مفردا
[ ص: 97 ] ومقرونا لأن الخير من باب المطلوب وجوده لمنفعته فقد لا تحصل المنفعة إلا بتمامه والشر يطلب عدمه لمضرته وبعض المضار يضر في الجملة غالبا ولهذا فرق في الأسماء بين الأمر والنهي والإثبات والنفي فإذا أمر بالشيء اقتضى كماله وإذا نهى عنه اقتضى النهي عن جميع أجزائه ولهذا حيث أمر الله بالنكاح - كما في المطلقة ثلاثا حتى تنكح زوجا غيره وكما في الإحصان - فلا بد من الكمال بالعقد والدخول وحيث نهى عنه كما في ذوات المحارم فالنهي عن كل منهما على انفراده وهذا مذهب
مالك وأحمد المنصوص عنه أنه إذا حلف ليتزوجن لم يبر إلا بالعقدة والدخول بخلاف ما إذا حلف لا يتزوج فإنه يحنث بالعقدة وكذلك إذا حلف لا يفعل شيئا حنث بفعل بعضه بخلاف ما إذا حلف ليفعلنه فإن دلالة الاسم على كل وبعض تختلف باختلاف النفي والإثبات .
ولهذا لما أمر الله بالطهارة والصلاة والزكاة والحج كان الواجب الإتمام كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=133&ayano=2بكلمات فأتمهن } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4874&ayano=53وإبراهيم الذي وفى
} ولما نهى عن القتل والزنا والسرقة والشرب كان ناهيا عن أبعاض ذلك ; بل وعن مقدماته أيضا وإن كان الاسم لا يتناوله في الإثبات ولهذا فرق في الأسماء النكرات بين النفي والإثبات والأفعال كلها
[ ص: 98 ] نكرات وفرق بين الأمر والنهي بين التكرار وغيره {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597525وقال صلى الله عليه وسلم إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه } .
وإنما اختلف في المعارف المنفية على روايتين كما في قوله : لا تأخذ الدراهم ولا تكلم الناس .
[ ص: 94 ] وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَصْلٌ لِمَا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ مَا يُبْطِلُ الصَّدَقَةَ مِنْ الْمَنِّ وَالْأَذَى وَمِنْ الرِّيَاءِ وَمَثَّلَهُ بِالتُّرَابِ عَلَى الصَّفْوَانِ إذَا أَصَابَهُ الْمَطَرُ وَلِهَذَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=273&ayano=2وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ } لِأَنَّ الْإِيمَانَ بِأَحَدِهِمَا لَا يَنْفَعُ هُنَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ فِي النِّسَاءِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=533&ayano=4إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=535&ayano=4وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ } .
فَإِنَّهُ فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ فَذَكَرَ غَايَتَهُ وَذَكَرَ مَا يُقَابِلُهُ وَهُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=28973الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ .
فَالْأَوَّلُ الْإِخْلَاصُ .
و " التَّثْبِيتُ " هُوَ التَّثَبُّتُ كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=563&ayano=4وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا } كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5556&ayano=73وَتَبَتَّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلًا } وَيُشْبِهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ بَابِ قَدِّمْ وَتَقَدَّمْ كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4662&ayano=49لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } فَتَبَتَّلْ وَتَثَبَّتْ لَازِمٌ بِمَعْنَى ثَبَتَ لِأَنَّ التَّثَبُّتَ هُوَ الْقُوَّةُ وَالْمُكْنَةُ وَضِدَّهُ الزَّلْزَلَةُ وَالرَّجْفَةُ فَإِنَّ الصَّدَقَةَ مِنْ جِنْسِ الْقِتَالِ فَالْجَبَانُ يَرْجُفُ وَالشُّجَاعُ يَثْبُتُ وَلِهَذَا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597524قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا nindex.php?page=treesubj&link=28973_24619الْخُيَلَاءُ الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ فَاخْتِيَالُ الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الْحَرْبِ وَاخْتِيَالُهُ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الصَّدَقَةِ } لِأَنَّهُ مَقَامُ ثَبَاتٍ وَقُوَّةٍ فَالْخُيَلَاءُ تُنَاسِبُهُ وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يُحِبُّهُ اللَّهُ الْمُخْتَالُ الْفَخُورُ الْبَخِيلُ الْآمِرُ بِالْبُخْلِ فَأَمَّا الْمُخْتَالُ مَعَ الْعَطَاءِ أَوْ الْقِتَالِ فَيُحِبُّهُ .
وَقَوْلُهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=274&ayano=2مِنْ أَنْفُسِهِمْ } أَيْ لَيْسَ الْمُقَوِّي لَهُ مِنْ خَارِجٍ كَاَلَّذِي يَثْبُتُ وَقْتَ الْحَرْبِ لِإِمْسَاكِ أَصْحَابِهِ لَهُ وَهَذَا كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4351&ayano=42وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ } بَلْ تَثَبُّتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ .
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي الْبَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ الْأَقْسَامَ الْأَرْبَعَةَ فِي الْعَطَاءِ .
إمَّا أَنْ لَا يُعْطِيَ فَهُوَ الْبَخِيلُ الْمَذْمُومُ فِي النِّسَاءِ أَوْ يُعْطِي مَعَ الْكَرَاهَةِ وَالْمَنِّ وَالْأَذَى فَلَا يَكُونُ بِتَثْبِيتِ وَهُوَ الْمَذْمُومُ فِي الْبَقَرَةِ أَوْ مَعَ الرِّيَاءِ فَهُوَ الْمَذْمُومُ فِي السُّورَتَيْنِ فَبَقِيَ الْقِسْمُ الرَّابِعُ : ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ .
[ ص: 96 ] وَنَظِيرُهُ " الصَّلَاةُ " إمَّا أَنْ لَا يُصَلِّيَ أَوْ يُصَلِّي رِيَاءً أَوْ كَسْلَانَ أَوْ يُصَلِّي مُخْلِصًا وَالْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ مَذْمُومَةٌ وَكَذَلِكَ " الزَّكَاةُ " وَنَظِيرُ ذَلِكَ " الْهِجْرَة وَالْجِهَادُ " فَإِنَّ النَّاسَ فِيهِمَا أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ وَكَذَلِكَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=1213&ayano=8إذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا } فِي الثَّبَاتِ وَالذِّكْرِ وَكَذَلِكَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6130&ayano=90وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ
} فِي الصَّبْرِ وَالْمَرْحَمَةِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ وَكَذَلِكَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=162&ayano=2اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ } فَهُمْ فِي الصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ فَعَامَّةُ هَذِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=28914الْأَشْفَاعِ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ : إمَّا عَمَلَانِ وَإِمَّا وَصْفَانِ فِي عَمَلٍ : انْقَسَمَ النَّاسُ فِيهَا قِسْمَةً رُبَاعِيَّةً ثُمَّ إنْ كَانَا عَمَلَيْنِ مُنْفَصِلَيْنِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ نَفَعَ أَحَدَهُمَا وَلَوْ تَرَكَ الْآخَرَ وَإِنْ كَانَا شَرْطَيْنِ فِي عَمَلٍ كَالْإِخْلَاصِ وَالتَّثَبُّتِ لَمْ يَنْفَعْ أَحَدُهُمَا فَإِنَّ الْمَنَّ وَالْأَذَى مُحْبِطٌ كَمَا أَنَّ الرِّيَاءَ مُحْبِطٌ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَمِنْ هَذَا تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَاَلَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ وَالْبِرُّ وَالتَّقْوَى وَالْحَقُّ وَالصَّبْرُ وَأَفْضَلُ الْإِيمَانِ السَّمَاحَةُ وَالصَّبْرُ .
بِخِلَافِ
nindex.php?page=treesubj&link=28914الْأَشْفَاعِ فِي الذَّمِّ كَالْإِفْكِ وَالْإِثْمِ وَالِاخْتِيَالِ وَالْفَخْرِ وَالشُّحِّ وَالْجُبْنِ وَالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ; فَإِنَّ الذَّمَّ يَنَالُ أَحَدَهُمَا مُفْرَدًا
[ ص: 97 ] وَمَقْرُونًا لِأَنَّ الْخَيْرَ مِنْ بَابِ الْمَطْلُوبِ وُجُودُهُ لِمَنْفَعَتِهِ فَقَدْ لَا تَحْصُلُ الْمَنْفَعَةُ إلَّا بِتَمَامِهِ وَالشَّرَّ يُطْلَبُ عَدَمُهُ لِمَضَرَّتِهِ وَبَعْضُ الْمَضَارِّ يَضُرُّ فِي الْجُمْلَةِ غَالِبًا وَلِهَذَا فُرِّقَ فِي الْأَسْمَاءِ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ فَإِذَا أَمَرَ بِالشَّيْءِ اقْتَضَى كَمَالِهِ وَإِذَا نَهَى عَنْهُ اقْتَضَى النَّهْيَ عَنْ جَمِيعِ أَجْزَائِهِ وَلِهَذَا حَيْثُ أَمَرَ اللَّهُ بِالنِّكَاحِ - كَمَا فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَكَمَا فِي الْإِحْصَانِ - فَلَا بُدَّ مِنْ الْكَمَالِ بِالْعَقْدِ وَالدُّخُولِ وَحَيْثُ نَهَى عَنْهُ كَمَا فِي ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ فَالنَّهْيُ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادِهِ وَهَذَا مَذْهَبُ
مَالِكٍ وَأَحْمَد الْمَنْصُوصُ عَنْهُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَن لَمْ يَبَرَّ إلَّا بِالْعُقْدَةِ وَالدُّخُولِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْعُقْدَةِ وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا حَنِثَ بِفِعْلِ بَعْضِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَيَفْعَلَنهُ فَإِنَّ دَلَالَةَ الِاسْمِ عَلَى كُلٍّ وَبَعْضٍ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ .
وَلِهَذَا لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِالطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ كَانَ الْوَاجِبُ الْإِتْمَامَ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=133&ayano=2بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4874&ayano=53وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى
} وَلَمَّا نَهَى عَنْ الْقَتْلِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ كَانَ نَاهِيًا عَنْ أَبْعَاضِ ذَلِكَ ; بَلْ وَعَنْ مُقَدِّمَاتِهِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ الِاسْمُ لَا يَتَنَاوَلُهُ فِي الْإِثْبَاتِ وَلِهَذَا فَرَّقَ فِي الْأَسْمَاءِ النَّكِرَاتِ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ وَالْأَفْعَالُ كُلُّهَا
[ ص: 98 ] نَكِرَاتٌ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ بَيْنَ التَّكْرَارِ وَغَيْرِهِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597525وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ } .
وَإِنَّمَا اخْتَلِفْ فِي الْمَعَارِفِ الْمَنْفِيَّةِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ كَمَا فِي قَوْلِهِ : لَا تَأْخُذْ الدَّرَاهِمَ وَلَا تُكَلِّمْ النَّاسَ .