فصل الفرق الثالث : أن
nindex.php?page=treesubj&link=28786_28847الحسنة يضاعفها الله وينميها ، ويثيب على الهم بها . والسيئة لا يضاعفها ، ولا يؤاخذ على الهم بها فيعطي صاحب الحسنة : من الحسنات فوق ما عمل .
وصاحب السيئة : لا يجزيه إلا بقدر عمله . قال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=955&ayano=6من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون } . الفرق الرابع : أن الحسنة مضافة إليه ، لأنه أحسن بها من كل وجه ، كما تقدم . فما من وجه من وجوهها : إلا وهو يقتضي الإضافة إليه .
[ ص: 266 ] وأما السيئة : فهو إنما يخلقها بحكمة .
وهي باعتبار تلك الحكمة من إحسانه . فإن الرب لا يفعل سيئة قط . بل فعله كله حسن وحسنات . وفعله كله خير . ولهذا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597567كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعاء الاستفتاح والخير بيديك . والشر ليس إليك } فإنه لا يخلق شرا محضا . بل كل ما يخلقه : ففيه حكمة ، هو باعتبارها خير . ولكن قد يكون فيه شر لبعض الناس . وهو شر جزئي إضافي . فأما شر كلي ، أو شر مطلق : فالرب منزه عنه . وهذا هو الشر الذي ليس إليه . وأما الشر الجزئي الإضافي : فهو خير باعتبار حكمته . ولهذا لا يضاف الشر إليه مفردا قط . بل إما أن يدخل في عموم المخلوقات ، كقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=896&ayano=6وخلق كل شيء } . وإما أن يضاف إلى السبب كقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=6340&ayano=113من شر ما خلق } . وإما أن يحذف فاعله ، كقول الجن {
nindex.php?page=tafseer&surano=5529&ayano=72وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا }
. وهذا الموضع ضل فيه فريقان من الناس
nindex.php?page=treesubj&link=28789الخائضين في القدر بالباطل .
[ ص: 267 ] فرقة كذبت بهذا ، وقالت : إنه لا يخلق أفعال العباد ، ولا يشاء كل ما يكون . لأن الذنوب قبيحة ، وهو لا يفعل القبيح . وإرادتها قبيحة ، وهو لا يريد القبيح . وفرقة : لما رأت أنه خالق هذا كله ولم تؤمن أنه خلق هذا لحكمة بل قالت : إذا كان يخلق هذا : فيجوز أن يخلق كل شر ، ولا يخلق شيئا لحكمة . وما ثم فعل تنزه عنه . بل كل ما كان ممكنا جاز أن يفعله . وجوزوا : أن يأمر بكل كفر ومعصية . وينهى عن كل إيمان وطاعة ، وصدق وعدل . وأن يعذب الأنبياء ، وينعم الفراعنة والمشركين وغير ذلك . ولم يفرقوا بين مفعول ومفعول . وهذا منكر من القول وزور ، كالأول . قال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4539&ayano=45أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون } وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5374&ayano=68أفنجعل المسلمين كالمجرمين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5375&ayano=37ما لكم كيف تحكمون } وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4036&ayano=38أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار } ونحو ذلك مما يوجب أنه يفرق بين الحسنات والسيئات ، وبين المحسن
[ ص: 268 ] والمسيء . وأن من جوز عليه التسوية بينهما : فقد أتى بقول منكر ، وزور ينكر عليه . وليس إذا خلق ما يتأذى به بعض الحيوان : لا يكون فيه حكمة .
بل فيه من الحكمة والرحمة ما يخفى على بعضهم مما لا يقدر قدره إلا الله . وليس إذا وقع في المخلوقات ما هو شر جزئي بالإضافة : يكون شرا كليا عاما . بل الأمور العامة الكلية : لا تكون إلا خيرا ومصلحة للعباد . كالمطر العام وكإرسال رسول عام . وهذا مما يقتضي : أنه لا يجوز أن يؤيد الله كذابا عليه بالمعجزات التي أيد بها أنبياءه الصادقين . فإن هذا شر عام للناس ، يضلهم ويفسد عليهم دينهم ودنياهم وآخرتهم . وليس هذا كالملك الظالم ، والعدو . فإن الملك الظالم : لا بد أن يدفع الله به من الشر أكثر من ظلمه . وقد قيل : ستون سنة بإمام ظالم : خير من ليلة واحدة بلا إمام .
[ ص: 269 ]
وإذا قدر كثرة ظلمه : فذاك ضرر في الدين ، كالمصائب تكون كفارة لذنوبهم ويثابون عليها ، ويرجعون فيها إلى الله ، ويستغفرونه ويتوبون إليه . وكذلك ما يسلط عليهم من العدو . وأما
nindex.php?page=treesubj&link=28786_18984من يكذب على الله ، ويقول - أي يدعي - أنه نبي : فلو أيده الله تأييد الصادق : للزم أن يسوي بينه وبين الصادق . فيستوي الهدى والضلال ، والخير والشر ، وطريق الجنة وطريق النار .
ويرتفع التمييز بين هذا وهذا . وهذا مما يوجب الفساد العام للناس في دينهم ودنياهم وآخرتهم . ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتال من يقاتل على الدين الفاسد من أهل البدع ،
كالخوارج . وأمر بالصبر على جور الأئمة . ونهى عن قتالهم والخروج عليهم . ولهذا قد يمكن الله كثيرا من الملوك الظالمين مدة . وأما المتنبئون الكذابون : فلا يطيل تمكينهم . بل لا بد أن يهلكهم . لأن فسادهم عام في الدين والدنيا والآخرة . قال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5436&ayano=69ولو تقول علينا بعض الأقاويل } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5437&ayano=69لأخذنا منه باليمين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5438&ayano=69ثم لقطعنا منه الوتين } وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4338&ayano=42أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك } فأخبر : أنه - بتقدير الافتراء - لا بد أن يعاقب من افترى عليه .
فَصْلٌ الْفَرْقُ الثَّالِثُ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28786_28847الْحَسَنَةَ يُضَاعِفُهَا اللَّهُ وَيُنَمِّيهَا ، وَيُثِيبُ عَلَى الْهَمِّ بِهَا . وَالسَّيِّئَةُ لَا يُضَاعِفُهَا ، وَلَا يُؤَاخِذُ عَلَى الْهَمِّ بِهَا فَيُعْطِي صَاحِبَ الْحَسَنَةِ : مِنْ الْحَسَنَاتِ فَوْقَ مَا عَمِلَ .
وَصَاحِبُ السَّيِّئَةِ : لَا يُجْزِيهِ إلَّا بِقَدْرِ عَمَلِهِ . قَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=955&ayano=6مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } . الْفَرْقُ الرَّابِعُ : أَنَّ الْحَسَنَةَ مُضَافَةٌ إلَيْهِ ، لِأَنَّهُ أَحَسَنَ بِهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ، كَمَا تَقَدَّمَ . فَمَا مِنْ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِهَا : إلَّا وَهُوَ يَقْتَضِي الْإِضَافَةَ إلَيْهِ .
[ ص: 266 ] وَأَمَّا السَّيِّئَةُ : فَهُوَ إنَّمَا يَخْلُقُهَا بِحِكْمَةِ .
وَهِيَ بِاعْتِبَارِ تِلْكَ الْحِكْمَةِ مِنْ إحْسَانِهِ . فَإِنَّ الرَّبَّ لَا يَفْعَلُ سَيِّئَةً قَطُّ . بَلْ فِعْلُهُ كُلُّهُ حَسَنٌ وَحَسَنَاتٌ . وَفِعْلُهُ كُلُّهُ خَيْرٌ . وَلِهَذَا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=597567كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي دُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْك . وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْك } فَإِنَّهُ لَا يَخْلُق شَرًّا مَحْضًا . بَلْ كُلُّ مَا يَخْلُقُهُ : فَفِيهِ حِكْمَةٌ ، هُوَ بِاعْتِبَارِهَا خَيْرٌ . وَلَكِنْ قَدْ يَكُونُ فِيهِ شَرٌّ لِبَعْضِ النَّاسِ . وَهُوَ شَرٌّ جُزْئِيٌّ إضَافِيٌّ . فَأَمَّا شَرٌّ كُلِّيٌّ ، أَوْ شَرٌّ مُطْلَقٌ : فَالرَّبُّ مُنَزَّهٌ عَنْهُ . وَهَذَا هُوَ الشَّرُّ الَّذِي لَيْسَ إلَيْهِ . وَأَمَّا الشَّرُّ الْجُزْئِيُّ الْإِضَافِيُّ : فَهُوَ خَيْرٌ بِاعْتِبَارِ حِكْمَتِهِ . وَلِهَذَا لَا يُضَافُ الشَّرُّ إلَيْهِ مُفْرَدًا قَطُّ . بَلْ إمَّا أَنْ يَدْخُلَ فِي عُمُومِ الْمَخْلُوقَاتِ ، كَقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=896&ayano=6وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ } . وَإِمَّا أَنْ يُضَافَ إلَى السَّبَبِ كَقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=6340&ayano=113مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ } . وَإِمَّا أَنْ يُحْذَفَ فَاعِلُهُ ، كَقَوْلِ الْجِنِّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5529&ayano=72وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا }
. وَهَذَا الْمَوْضِعُ ضَلَّ فِيهِ فَرِيقَانِ مِنْ النَّاسِ
nindex.php?page=treesubj&link=28789الْخَائِضِينَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَاطِلِ .
[ ص: 267 ] فِرْقَةٌ كَذَّبَتْ بِهَذَا ، وَقَالَتْ : إنَّهُ لَا يَخْلُقُ أَفْعَالَ الْعِبَادِ ، وَلَا يَشَاءُ كُلُّ مَا يَكُونُ . لِأَنَّ الذُّنُوبَ قَبِيحَةٌ ، وَهُوَ لَا يَفْعَلُ الْقَبِيحَ . وَإِرَادَتُهَا قَبِيحَةٌ ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ الْقَبِيحَ . وَفِرْقَةٌ : لَمَّا رَأَتْ أَنَّهُ خَالِقُ هَذَا كُلِّهِ وَلَمْ تُؤْمِنْ أَنَّهُ خَلَقَ هَذَا لِحِكْمَةِ بَلْ قَالَتْ : إذَا كَانَ يَخْلُقُ هَذَا : فَيَجُوزُ أَنْ يَخْلُقَ كُلَّ شَرٍّ ، وَلَا يَخْلُقُ شَيْئًا لِحِكْمَةِ . وَمَا ثَمَّ فِعْلٌ تَنَزَّهَ عَنْهُ . بَلْ كُلُّ مَا كَانَ مُمْكِنًا جَازَ أَنْ يَفْعَلَهُ . وَجَوَّزُوا : أَنْ يَأْمُرَ بِكُلِّ كُفْرٍ وَمَعْصِيَةٍ . وَيَنْهَى عَنْ كُلِّ إيمَانٍ وَطَاعَةٍ ، وَصَدْقٍ وَعَدْلٍ . وَأَنْ يُعَذِّبَ الْأَنْبِيَاءَ ، وَيُنَعِّمَ الْفَرَاعِنَةَ وَالْمُشْرِكِينَ وَغَيْرَ ذَلِك . وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَفْعُولٍ وَمَفْعُولٍ . وَهَذَا مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ ، كَالْأَوَّلِ . قَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4539&ayano=45أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ } وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5374&ayano=68أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5375&ayano=37مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4036&ayano=38أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ } وَنَحْوِ ذَلِك مِمَّا يُوجِبُ أَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ، وَبَيْنَ الْمُحْسِنِ
[ ص: 268 ] وَالْمُسِيءِ . وَأَنَّ مَنْ جَوَّزَ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا : فَقَدْ أَتَى بِقَوْلِ مُنْكَرٍ ، وَزُورٍ يُنْكَرُ عَلَيْهِ . وَلَيْسَ إذَا خَلَقَ مَا يَتَأَذَّى بِهِ بَعْضُ الْحَيَوَانِ : لَا يَكُونُ فِيهِ حِكْمَةٌ .
بَلْ فِيهِ مِنْ الْحِكْمَةِ وَالرَّحْمَةِ مَا يَخْفَى عَلَى بَعْضِهِمْ مِمَّا لَا يُقَدِّرُ قَدْرَهُ إلَّا اللَّهُ . وَلَيْسَ إذَا وَقَعَ فِي الْمَخْلُوقَاتِ مَا هُوَ شَرٌّ جُزْئِيٌّ بِالْإِضَافَةِ : يَكُونُ شَرًّا كُلِّيًّا عَامًّا . بَلْ الْأُمُورُ الْعَامَّةُ الْكُلِّيَّةُ : لَا تَكُونُ إلَّا خَيْرًا وَمَصْلَحَةً لِلْعِبَادِ . كَالْمَطَرِ الْعَامِّ وَكَإِرْسَالِ رَسُولٍ عَامٍّ . وَهَذَا مِمَّا يَقْتَضِي : أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَيِّدَ اللَّهُ كَذَّابًا عَلَيْهِ بِالْمُعْجِزَاتِ الَّتِي أَيَّدَ بِهَا أَنْبِيَاءَهُ الصَّادِقِينَ . فَإِنَّ هَذَا شَرٌّ عَامٌّ لِلنَّاسِ ، يُضِلُّهُمْ وَيُفْسِدُ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَدُنْيَاهُمْ وَآخِرَتَهُمْ . وَلَيْسَ هَذَا كَالْمَلِكِ الظَّالِمِ ، وَالْعَدُوِّ . فَإِنَّ الْمَلِكَ الظَّالِمَ : لَا بُدَّ أَنْ يَدْفَعَ اللَّهُ بِهِ مِنْ الشَّرِّ أَكْثَرَ مِنْ ظُلْمِهِ . وَقَدْ قِيلَ : سِتُّونَ سَنَةً بِإِمَامِ ظَالِمٍ : خَيْرٌ مِنْ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ بِلَا إمَامٍ .
[ ص: 269 ]
وَإِذَا قُدِّرَ كَثْرَةُ ظُلْمِهِ : فَذَاكَ ضَرَرٌ فِي الدِّينِ ، كَالْمَصَائِبِ تَكُونُ كَفَّارَةً لِذُنُوبِهِمْ وَيُثَابُونَ عَلَيْهَا ، وَيَرْجِعُونَ فِيهَا إلَى اللَّهِ ، ويستغفرونه وَيَتُوبُونَ إلَيْهِ . وَكَذَلِك مَا يُسَلِّطُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْعَدُوِّ . وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=28786_18984مَنْ يَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ ، وَيَقُولُ - أَيْ يَدَّعِي - أَنَّهُ نَبِيٌّ : فَلَوْ أَيَّدَهُ اللَّهُ تَأْيِيدَ الصَّادِقِ : لَلَزِمَ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّادِقِ . فَيَسْتَوِي الْهُدَى وَالضَّلَالُ ، وَالْخَيْرُ وَالشَّرُّ ، وَطَرِيقُ الْجَنَّةِ وَطَرِيقُ النَّارِ .
وَيَرْتَفِعُ التَّمْيِيزُ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا . وَهَذَا مِمَّا يُوجِبُ الْفَسَادَ الْعَامَّ لِلنَّاسِ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ وَآخِرَتِهِمْ . وَلِهَذَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِتَالِ مَنْ يُقَاتِلُ عَلَى الدِّينِ الْفَاسِدِ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ ،
كَالْخَوَارِجِ . وَأَمَرَ بِالصَّبْرِ عَلَى جَوْرِ الْأَئِمَّةِ . وَنَهَى عَنْ قِتَالِهِمْ وَالْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ . وَلِهَذَا قَدْ يُمَكِّنُ اللَّهُ كَثِيرًا مِنْ الْمُلُوكِ الظَّالِمِينَ مُدَّةً . وَأَمَّا الْمُتَنَبِّئُونَ الْكَذَّابُونَ : فَلَا يُطِيلُ تَمْكِينَهُمْ . بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُهْلِكَهُمْ . لِأَنَّ فَسَادَهُمْ عَامٌّ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ . قَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5436&ayano=69وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5437&ayano=69لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5438&ayano=69ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ } وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4338&ayano=42أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ } فَأَخْبَرَ : أَنَّهُ - بِتَقْدِيرِ الِافْتِرَاءِ - لَا بُدَّ أَنْ يُعَاقِبَ مَنْ افْتَرَى عَلَيْهِ .