[ ص: 62 ] سورة هود وقال فصل
nindex.php?page=treesubj&link=28982وقوله تعالى { nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه } وهذا يعم جميع من هو على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه . فالبينة العلم النافع والشاهد الذي يتلوه العمل الصالح وذلك يتناول الرسول ومن اتبعه إلى يوم القيامة فإن الرسول على بينة من ربه ومتبعيه على بينة من ربه .
وقال في حق الرسول : {
nindex.php?page=tafseer&surano=852&ayano=6قل إني على بينة من ربي } وقال في حق المؤمنين : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4606&ayano=47أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم } فذكر هذا بعد أن ذكر الصنفين في أول السورة فقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4593&ayano=47الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4594&ayano=47والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4595&ayano=47ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم } الآيات . إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4606&ayano=11أفمن كان على بينة من ربه } .
[ ص: 63 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء : لا تهلك أمة حتى يتبعوا أهواءهم ويتركوا ما جاءتهم به أنبياؤهم من البينات والهدى وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1716&ayano=12قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني } فمن اتبعه يدعو إلى الله على بصيرة والبصيرة هي البينة . وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=917&ayano=6أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس } الآية . فالنور الذي يمشي في الناس هو البينة والبصيرة وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2850&ayano=24الله نور السماوات والأرض } الآية .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب وغيره : هو مثل نور المؤمن وهو نوره الذي في قلب عبده المؤمن الناشئ عن العلم النافع والعمل الصالح . وذلك بينة من ربه . وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4119&ayano=39أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه } فهذا النور الذي هو عليه وشرح الصدر للإسلام هو البينة من ربه وهو الهدى المذكور في
nindex.php?page=treesubj&link=28973قوله : { nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2أولئك على هدى من ربهم } واستعمل في هذا حرف الاستعلاء لأن القلب لا يستقر ولا يثبت إلا إذا كان عالما موقنا بالحق فيكون العلم والإيمان صبغة له ينصبغ بها كما قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=147&ayano=2صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة } ويصير مكانة له كما قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=930&ayano=6قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون } والمكان والمكانة قد يراد به ما يستقر الشيء عليه وإن لم يكن محيطا به كالسقف مثلا وقد يراد به ما يحيط به .
فالمهتدون لما كانوا على هدى من ربهم ونور وبينة وبصيرة صار
[ ص: 64 ] مكانة لهم استقروا عليها وقد تحيط بهم بخلاف الذين قال فيهم : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2628&ayano=22ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه } فإن هذا ليس ثابتا مستقرا مطمئنا بل هو كالواقف على حرف الوادي وهو جانبه فقد يطمئن إذا أصابه خير وقد ينقلب على وجهه ساقطا في الوادي .
وكذلك فرق بين من {
nindex.php?page=tafseer&surano=1353&ayano=9أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان } وبين {
nindex.php?page=tafseer&surano=1353&ayano=9من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم } وكذلك الذين كانوا على شفا حفرة من النار فأنقذهم منها وشواهد هذا كثير .
فقد تبين أن الرسول ومن اتبعه على بينة من ربهم وبصيرة وهدى ونور وهو الإيمان الذي في قلوبهم والعلم والعمل الصالح ثم قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11ويتلوه شاهد منه } والضمير في ( منه عائد إلى الله تعالى أي : ويتلو هذا الذي هو على بينة من ربه شاهد من الله والشاهد من الله كما أن البينة التي هو عليها المذكورة من الله أيضا .
وأما قول من قال : " الشاهد " من نفس المذكور وفسره بلسانه أو
nindex.php?page=showalam&ids=8بعلي بن أبي طالب فهذا ضعيف لأن كون شاهد الإنسان منه لا يقتضي أن يكون الشاهد صادقا فإنه مثل شهادة
[ ص: 65 ] الإنسان لنفسه بخلاف ما إذا كان الشاهد من الله فإن الله يكون هو الشاهد وهذا كما قيل في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1763&ayano=13قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب } إنه علي فهذا ضعيف لأن شهادة قريب له قد اتبعه على دينه ولم يهتد إلا به لا تكون برهانا للصدق ولا حجة على الكفر بخلاف شهادة من عنده علم الكتاب الأول فإن هؤلاء شهادتهم برهان ورحمة كما قال في هذه السورة : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4566&ayano=46وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1468&ayano=10فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك } الآية . وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=909&ayano=6والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق } وهذا الشاهد من الله هو القرآن .
ومن قال : إنه
جبريل فجبريل لم يقل شيئا من تلقاء نفسه بل هو الذي بلغ القرآن عن الله
وجبريل يشهد أن القرآن منزل من الله وأنه حق كما قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=663&ayano=4لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا } والذي قال هو
جبريل . قال : يتلوه أي يقرؤه كما قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5644&ayano=75فإذا قرأناه فاتبع قرآنه } أي إذا قرأه
جبريل فاتبع ما قرأه . وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4842&ayano=53علمه شديد القوى } .
ومن قال : الشاهد لسانه وجعل الضمير المذكور عائدا على القرآن ولم يذكر لأنه جعل البينة هي القرآن ولو كانت البينة هي القرآن
[ ص: 66 ] لما احتاج إلى ذلك وقد قال : على بينة من ربه فقد ذكر أن القرآن من الله وقد علم أنه نزل به
جبريل على
محمد وكلا [ هما ] بلغه وقرأه فقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11ويتلوه }
جبريل أو
محمد تكرير لا فائدة فيه ولهذا لم يذكر مثل ذلك في القرآن .
وأيضا فكونه على القرآن لم نجد لذلك نظيرا في القرآن فإن القرآن كلام الله واحد لا يكون عليه وإذا [ كان ] المراد على الإيمان بالقرآن والعمل به فهذا الذي ذكرناه : أن البينة هي الإيمان بما جاء به الرسول وهو إخباره أنه رسول الله وأن الله أنزل القرآن عليه . ولما أنزلت هذه السورة وهي مكية لم يكن قد نزل من القرآن قبلها إلا بعضه وكان المأمور به حينئذ هو الإيمان بما نزل منه فمن آمن حينئذ بذلك ومات على ذلك كان من أهل الجنة .
وأيضا فتسمية
جبريل شاهدا لا نظير له في القرآن وكذلك تسمية لسان الرسول شاهدا وتسمية علي شاهدا لا يوجد مثل ذلك في الكتاب والسنة بخلاف شهادة الله فإن الله أخبر بشهادته لرسوله في غير موضع وسمى ما أنزله شهادة منه في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=149&ayano=2ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله } فدل على أن كلام الله الذي أنزله وأخبر فيه بما أخبر شهادة منه .
[ ص: 67 ] وهو سبحانه يحكم ويشهد ويفتي ويقص ويبشر ويهدي بكلامه ويصف كلامه بأنه يحكم ويفتي ويقص ويهدي ويبشر وينذر كما قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=624&ayano=4قل الله يفتيكم فيهن } {
nindex.php?page=tafseer&surano=673&ayano=4قل الله يفتيكم في الكلالة } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3262&ayano=27إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1611&ayano=12نحن نقص عليك أحسن القصص } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=852&ayano=6قل إني على بينة من ربي وكذبتم به ما عندي ما تستعجلون به إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2055&ayano=17إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم } .
وكذلك سمى الرسول هاديا فقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4366&ayano=42وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم } كما سماه بشيرا ونذيرا وسمى القرآن بشيرا ونذيرا فكذلك لما كان هو يشهد للرسول والمؤمنين بكلامه الذي أنزله وكان كلامه شهادة منه : كان كلامه شاهدا منه كما كان يحكم ويفتي ويقص ويبشر وينذر .
ولما قيل
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي بن أبي طالب حكمت مخلوقا قال : ما حكمت مخلوقا وإنما حكمت القرآن . فإن الذي يحكم به القرآن هو حكم الله والذي يشهد به القرآن هو شهادة الله عز وجل . قال
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم - وقد كان إماما وأخذ التفسير عن أبيه
زيد وكان
زيد إماما فيه
ومالك وغيره أخذوا عنه التفسير وأخذه عنه
[ ص: 68 ] عبد الله ابن وهب صاحب
مالك وأصبغ بن الفرج الفقيه . قال - في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه } : قال رسول الله : " كان على بينة من ربه " والقرآن يتلوه شاهد أيضا ; لأنه من الله .
وقد ذكر
الزجاج فيما ذكره من الأقوال : ويتلو رسول الله القرآن وهو شاهد من الله . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبو العالية : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4606&ayano=11أفمن كان على بينة من ربه } هو
محمد {
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11ويتلوه شاهد منه } القرآن قال
ابن أبي حاتم وروي عن
ابن عباس ومحمد بن الحنفية ومجاهد وأبي صالح وإبراهيم وعكرمة والضحاك وقتادة والسدي وخصيف وابن عيينة نحو ذلك . وهذا الذي قالوه صحيح ; ولكن لا يقتضي ذلك أن المتبعين له ليسوا على بينة من ربهم ; بل هم على بينة من ربهم .
وقد قال
الحسن البصري : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4606&ayano=11أفمن كان على بينة من ربه } قال : المؤمن على بينة من ربه ورواه
ابن أبي حاتم وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14129الحسين بن علي {
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11ويتلوه شاهد منه } يعني
محمدا شاهد من الله ; وهي تقتضي أن يكون الذي على البينة من شهد له .
وقول القائل : من قال هو
محمد كقول من قال هو
جبريل ; فإن كلاهما بلغ القرآن والله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس
[ ص: 69 ] فاصطفى
جبريل من الملائكة واصطفى
محمدا من الناس . وقال في
جبريل : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5900&ayano=69إنه لقول رسول كريم } وقال في
محمد : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5900&ayano=69إنه لقول رسول كريم } وكلاهما رسول من الله ; كما قال {
nindex.php?page=tafseer&surano=6229&ayano=98حتى تأتيهم البينة } {
nindex.php?page=tafseer&surano=6230&ayano=98رسول من الله يتلو صحفا مطهرة } {
nindex.php?page=tafseer&surano=6231&ayano=98فيها كتب قيمة } فكلاهما رسول من الله بلغ ما أرسل به وهو يشهد أن ما جاء به هو كلام الله وأما شهادتهم بما شهد به القرآن فهذا قدر مشترك بين كل من آمن بالقرآن فإنه يشهد بكل ما شهد به القرآن ; لكونه آمن به سواء كان قد بلغه أو لم يبلغه .
ولهذا كان
nindex.php?page=treesubj&link=28749إيمان الرسول بما جاء به غير تبليغه له وهو مأمور بهذا وبهذا وله أجر على هذا وهذا كما قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=294&ayano=2آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون } ولهذا كان يقول أشهد أني عبد الله ورسوله فشهادة
جبريل ومحمد بما شهد به القرآن من جهة إيمانهما به لا من جهة كونهما مرسلين به فإن الإرسال به يتضمن شهادتهما أن الله قاله وقد يرسل غير رسول بشيء فيشهد الرسول أن هذا كلام المرسل وإن لم يكن المرسل صادقا ولا حكيما ; ولكن علم أن
جبريل ومحمدا يعلمان [ أن ] الله صادق حكيم فهما يشهدان بما شهد الله به .
وكذلك الملائكة والمؤمنون يشهدون بأن ما قاله الله فهو حق
[ ص: 70 ] وأن الله صادق حكيم لا يخبر إلا بصدق ولا يأمر إلا بعدل {
nindex.php?page=tafseer&surano=910&ayano=6وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا } .
فقد تبين أن شهادة
جبريل ومحمد هي شهادة القرآن وشهادة القرآن هي شهادة الله تعالى والقرآن شاهد من الله وهذا الشاهد يوافق ويتبع ذلك الذي على بينة من ربه ; فإن البينة والبصيرة والنور والهدى الذي عليه النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون قد شهد القرآن المنزل من الله بأن ذلك حق .
{
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11ويتلوه } معناه يتبعه كما قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=130&ayano=2الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته } أي يتبعونه حق اتباعه وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6136&ayano=91والقمر إذا تلاها } أي تبعها وهذا قفاه إذا تبعه . وقد قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2082&ayano=17ولا تقف ما ليس لك به علم } فهذا الشاهد يتبع الذي على بينة من ربه فيصدقه ويزكيه ويؤيده ويثبته كما قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2019&ayano=16قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1604&ayano=11وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5184&ayano=58أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه } .
وقد سمى الله القرآن سلطانا في غير موضع فإذا كان السلطان المنزل من الله يتبع هذا المؤمن كان ذلك مما يوجب قوته وتسلطه علما وعملا وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2128&ayano=17وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين }
[ ص: 71 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=1368&ayano=9وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا } الآية .
وقال
جندب بن عبد الله وعبد الله بن عمر : تعلمنا الإيمان ثم تعلمنا القرآن فازددنا إيمانا فهم كانوا يتعلمون الإيمان ثم يتعلمون القرآن . وقال بعضهم في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2850&ayano=24نور على نور } قال : نور القرآن على نور الإيمان كما قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4366&ayano=42ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا } وقال
السدي في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2850&ayano=24نور على نور } نور القرآن ونور الإيمان حين اجتمعا فلا يكون واحد منهما إلا بصاحبه .
فتبين أن قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4606&ayano=11أفمن كان على بينة من ربه } يعني هدى الإيمان {
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11ويتلوه شاهد منه } أي من الله يعني القرآن شاهد من الله يوافق الإيمان ويتبعه وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11يتلوه } لأن الإيمان هو المقصود ; لأنه إنما يراد بإنزال القرآن الإيمان وزيادته .
ولهذا كان الإيمان بدون قراءة القرآن ينفع صاحبه ويدخل به الجنة
nindex.php?page=treesubj&link=28801_28894والقرآن بلا إيمان لا ينفع في الآخرة ; بل صاحبه منافق ; كما في الصحيحين عن
أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34930مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر [ ص: 72 ] ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها } " .
ولهذا جعل الإيمان " بينة " وجعل القرآن شاهدا ; لأن البينة من البيان و " البينة " هي السبيل البينة وهي الطريق البينة الواضحة وهي أيضا ما يبين بها الحق فهي بينة في نفسها مبينة لغيرها وقد تفسر بالبيان وهي الدلالة والإرشاد ; فتكون كالهدى كما يقال : فلان على هدى وعلى علم ; فيفسر بمعنى المصدر والصفة والفاعل .
[ ص: 62 ] سُورَةُ هُودٍ وَقَالَ فَصْلٌ
nindex.php?page=treesubj&link=28982وقَوْله تَعَالَى { nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ } وَهَذَا يَعُمُّ جَمِيعَ مَنْ هُوَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ . فَالْبَيِّنَةُ الْعِلْمُ النَّافِعُ وَالشَّاهِدُ الَّذِي يَتْلُوهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ وَذَلِكَ يَتَنَاوَلُ الرَّسُولَ وَمَنْ اتَّبَعَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَإِنَّ الرَّسُولَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَمُتَّبِعِيهِ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ .
وَقَالَ فِي حَقِّ الرَّسُولِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=852&ayano=6قُلْ إنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي } وَقَالَ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4606&ayano=47أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ } فَذَكَرَ هَذَا بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الصِّنْفَيْنِ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ فَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4593&ayano=47الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4594&ayano=47وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4595&ayano=47ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ } الْآيَاتُ . إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4606&ayano=11أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ } .
[ ص: 63 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=4أَبُو الدَّرْدَاءِ : لَا تَهْلَكُ أُمَّةٌ حَتَّى يَتَّبِعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَيَتْرُكُوا مَا جَاءَتْهُمْ بِهِ أَنْبِيَاؤُهُمْ مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1716&ayano=12قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي } فَمَنْ اتَّبَعَهُ يَدْعُو إلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ وَالْبَصِيرَةُ هِيَ الْبَيِّنَةُ . وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=917&ayano=6أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ } الْآيَةُ . فَالنُّورُ الَّذِي يَمْشِي فِي النَّاسِ هُوَ الْبَيِّنَةُ وَالْبَصِيرَةُ وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2850&ayano=24اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } الْآيَةُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بْنُ كَعْبٍ وَغَيْرُهُ : هُوَ مِثْلُ نُورِ الْمُؤْمِنِ وَهُوَ نُورُهُ الَّذِي فِي قَلْبِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ النَّاشِئِ عَنْ الْعِلْمِ النَّافِعِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ . وَذَلِكَ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّهِ . وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4119&ayano=39أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ } فَهَذَا النُّورُ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ وَشَرْحُ الصَّدْرِ لِلْإِسْلَامِ هُوَ الْبَيِّنَةُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ الْهُدَى الْمَذْكُورُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28973قَوْلِهِ : { nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ } وَاسْتَعْمَلَ فِي هَذَا حَرْفَ الِاسْتِعْلَاءِ لِأَنَّ الْقَلْبَ لَا يَسْتَقِرُّ وَلَا يَثْبُتُ إلَّا إذَا كَانَ عَالِمًا مُوقِنًا بِالْحَقِّ فَيَكُونُ الْعِلْمُ وَالْإِيمَانُ صِبْغَةً لَهُ يَنْصَبِغُ بِهَا كَمَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=147&ayano=2صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً } وَيَصِيرُ مَكَانَةً لَهُ كَمَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=930&ayano=6قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } وَالْمَكَانُ وَالْمَكَانَةُ قَدْ يُرَادُ بِهِ مَا يَسْتَقِرُّ الشَّيْءُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحِيطًا بِهِ كَالسَّقْفِ مَثَلًا وَقَدْ يُرَادُ بِهِ مَا يُحِيطُ بِهِ .
فَالْمُهْتَدُونَ لَمَّا كَانُوا عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَنُورٍ وَبَيِّنَةٍ وَبَصِيرَةٍ صَارَ
[ ص: 64 ] مَكَانَةً لَهُمْ اسْتَقَرُّوا عَلَيْهَا وَقَدْ تُحِيطُ بِهِمْ بِخِلَافِ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2628&ayano=22وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ } فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ ثَابِتًا مُسْتَقِرًّا مُطَمْئِنًا بَلْ هُوَ كَالْوَاقِفِ عَلَى حَرْفِ الْوَادِي وَهُوَ جَانِبُهُ فَقَدْ يَطْمَئِنُّ إذَا أَصَابَهُ خَيْرٌ وَقَدْ يَنْقَلِبُ عَلَى وَجْهِهِ سَاقِطًا فِي الْوَادِي .
وَكَذَلِكَ فَرَّقَ بَيْنَ مَنْ {
nindex.php?page=tafseer&surano=1353&ayano=9أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ } وَبَيْنَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=1353&ayano=9مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ } وَكَذَلِكَ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَهُمْ مِنْهَا وَشَوَاهِدُ هَذَا كَثِيرٌ .
فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الرَّسُولَ وَمَنْ اتَّبَعَهُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِمْ وَبَصِيرَةٍ وَهُدًى وَنُورٍ وَهُوَ الْإِيمَانُ الَّذِي فِي قُلُوبِهِمْ وَالْعِلْمُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ ثُمَّ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ } وَالضَّمِيرُ فِي ( مِنْهُ عَائِدٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَيْ : وَيَتْلُو هَذَا الَّذِي هُوَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ شَاهِدٌ مِنْ اللَّهِ وَالشَّاهِدُ مِنْ اللَّهِ كَمَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا الْمَذْكُورَةَ مِنْ اللَّهِ أَيْضًا .
وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ : " الشَّاهِدُ " مِنْ نَفْسِ الْمَذْكُورِ وَفَسَّرَهُ بِلِسَانِهِ أَوْ
nindex.php?page=showalam&ids=8بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ كَوْنَ شَاهِدِ الْإِنْسَانِ مِنْهُ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ صَادِقًا فَإِنَّهُ مِثْلَ شَهَادَةِ
[ ص: 65 ] الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الشَّاهِدُ مِنْ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ يَكُونُ هُوَ الشَّاهِدُ وَهَذَا كَمَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1763&ayano=13قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ } إنَّهُ عَلِيٌّ فَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ شَهَادَةَ قَرِيبٍ لَهُ قَدْ اتَّبَعَهُ عَلَى دِينِهِ وَلَمْ يَهْتَدِ إلَّا بِهِ لَا تَكُونُ بُرْهَانًا لِلصِّدْقِ وَلَا حُجَّةً عَلَى الْكُفْرِ بِخِلَافِ شَهَادَةِ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ شَهَادَتُهُمْ بُرْهَانٌ وَرَحْمَةٌ كَمَا قَالَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إمَامًا وَرَحْمَةً } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4566&ayano=46وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1468&ayano=10فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ } الْآيَةُ . وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=909&ayano=6وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ } وَهَذَا الشَّاهِدُ مِنْ اللَّهِ هُوَ الْقُرْآنُ .
وَمَنْ قَالَ : إنَّهُ
جِبْرِيلُ فَجِبْرِيلُ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ بَلْ هُوَ الَّذِي بَلَّغَ الْقُرْآنَ عَنْ اللَّهِ
وَجِبْرِيلُ يَشْهَدُ أَنَّ الْقُرْآنَ مُنَزَّلٌ مِنْ اللَّهِ وَأَنَّهُ حَقٌّ كَمَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=663&ayano=4لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا } وَاَلَّذِي قَالَ هُوَ
جِبْرِيلُ . قَالَ : يَتْلُوهُ أَيْ يَقْرَؤُهُ كَمَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5644&ayano=75فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ } أَيْ إذَا قَرَأَهُ
جِبْرِيلُ فَاتَّبِعْ مَا قَرَأَهُ . وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4842&ayano=53عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى } .
وَمَنْ قَالَ : الشَّاهِدُ لِسَانُهُ وَجَعَلَ الضَّمِيرَ الْمَذْكُورَ عَائِدًا عَلَى الْقُرْآنِ وَلَمْ يَذْكُرْ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْبَيِّنَةَ هِيَ الْقُرْآنُ وَلَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ هِيَ الْقُرْآنُ
[ ص: 66 ] لَمَا احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ : عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ فَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ الْقُرْآنَ مِنْ اللَّهِ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ نَزَلَ بِهِ
جِبْرِيلُ عَلَى
مُحَمَّدٍ وَكِلَا [ هُمَا ] بَلَغَهُ وَقَرَأَهُ فَقَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11وَيَتْلُوهُ }
جِبْرِيلُ أَوْ
مُحَمَّدٌ تَكْرِيرٌ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ .
وَأَيْضًا فَكَوْنُهُ عَلَى الْقُرْآنِ لَمْ نَجِدْ لِذَلِكَ نَظِيرًا فِي الْقُرْآنِ فَإِنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ وَاحِدٌ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ وَإِذَا [ كَانَ ] الْمُرَادُ عَلَى الْإِيمَانِ بِالْقُرْآنِ وَالْعَمَلِ بِهِ فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ : أَنَّ الْبَيِّنَةَ هِيَ الْإِيمَانُ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَهُوَ إخْبَارُهُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ عَلَيْهِ . وَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ وَهِيَ مَكِّيَّةٌ لَمْ يَكُنْ قَدْ نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ قَبْلَهَا إلَّا بَعْضُهُ وَكَانَ الْمَأْمُورُ بِهِ حِينَئِذٍ هُوَ الْإِيمَانُ بِمَا نَزَلَ مِنْهُ فَمَنْ آمَنَ حِينَئِذٍ بِذَلِكَ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ .
وَأَيْضًا فَتَسْمِيَةُ
جِبْرِيلَ شَاهِدًا لَا نَظِيرَ لَهُ فِي الْقُرْآنِ وَكَذَلِكَ تَسْمِيَةُ لِسَانِ الرَّسُولِ شَاهِدًا وَتَسْمِيَةُ عَلِيٍّ شَاهِدًا لَا يُوجَدُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْكُتَّابِ وَالسُّنَّةِ بِخِلَافِ شَهَادَةِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ بِشَهَادَتِهِ لِرَسُولِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَسَمَّى مَا أَنْزَلَهُ شَهَادَةً مِنْهُ فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=149&ayano=2وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ } فَدَلَّ عَلَى أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ وَأَخْبَرَ فِيهِ بِمَا أَخْبَرَ شَهَادَةً مِنْهُ .
[ ص: 67 ] وَهُوَ سُبْحَانَهُ يَحْكُمُ وَيَشْهَدُ وَيُفْتِي وَيَقُصُّ وَيُبَشِّرُ وَيَهْدِي بِكَلَامِهِ وَيَصِفُ كَلَامَهُ بِأَنَّهُ يَحْكُمُ وَيُفْتِي وَيَقُصُّ وَيَهْدِي وَيُبَشِّرُ وَيُنْذِرُ كَمَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=624&ayano=4قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=673&ayano=4قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3262&ayano=27إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1611&ayano=12نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=852&ayano=6قُلْ إنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إنِ الْحُكْمُ إلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2055&ayano=17إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } .
وَكَذَلِكَ سَمَّى الرَّسُولَ هَادِيًا فَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4366&ayano=42وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } كَمَا سَمَّاهُ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَسَمَّى الْقُرْآنَ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَكَذَلِكَ لَمَّا كَانَ هُوَ يَشْهَدُ لِلرَّسُولِ وَالْمُؤْمِنِينَ بِكَلَامِهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ وَكَانَ كَلَامُهُ شَهَادَةً مِنْهُ : كَانَ كَلَامُهُ شَاهِدًا مِنْهُ كَمَا كَانَ يَحْكُمُ وَيُفْتِي وَيَقُصُّ وَيُبَشِّرُ وَيُنْذِرُ .
وَلَمَّا قِيلَ
nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حَكَّمْت مَخْلُوقًا قَالَ : مَا حَكَّمْت مَخْلُوقًا وَإِنَّمَا حَكَّمْت الْقُرْآنَ . فَإِنَّ الَّذِي يَحْكُمُ بِهِ الْقُرْآنُ هُوَ حُكْمُ اللَّهِ وَاَلَّذِي يَشْهَدُ بِهِ الْقُرْآنُ هُوَ شَهَادَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . قَالَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ - وَقَدْ كَانَ إمَامًا وَأَخَذَ التَّفْسِيرَ عَنْ أَبِيهِ
زَيْدٍ وَكَانَ
زَيْدٌ إمَامًا فِيهِ
وَمَالِكٌ وَغَيْرُهُ أَخَذُوا عَنْهُ التَّفْسِيرَ وَأَخَذَهُ عَنْهُ
[ ص: 68 ] عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ وَهْبٍ صَاحِبُ
مَالِكٍ وأصبغ بْنُ الْفَرَجِ الْفَقِيهُ . قَالَ - فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ } : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ " وَالْقُرْآنُ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ أَيْضًا ; لِأَنَّهُ مِنْ اللَّهِ .
وَقَدْ ذَكَرَ
الزَّجَّاجُ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَقْوَالِ : وَيَتْلُو رَسُولُ اللَّهِ الْقُرْآنَ وَهُوَ شَاهِدٌ مِنْ اللَّهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11873أَبُو الْعَالِيَةِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4606&ayano=11أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ } هُوَ
مُحَمَّدٌ {
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ } الْقُرْآنُ قَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَرُوِيَ عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَمُجَاهِدٍ وَأَبِي صَالِحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَعِكْرِمَةَ وَالضَّحَّاكِ وقتادة والسدي وخصيف وَابْنِ عيينة نَحْوُ ذَلِكَ . وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ صَحِيحٌ ; وَلَكِنْ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُتَّبِعِينَ لَهُ لَيْسُوا عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِمْ ; بَلْ هُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِمْ .
وَقَدْ قَالَ
الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4606&ayano=11أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ } قَالَ : الْمُؤْمِنُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَرَوَاهُ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14129الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ } يَعْنِي
مُحَمَّدًا شَاهِدٌ مِنْ اللَّهِ ; وَهِيَ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الَّذِي عَلَى الْبَيِّنَةِ مَنْ شَهِدَ لَهُ .
وَقَوْلُ الْقَائِلِ : مَنْ قَالَ هُوَ
مُحَمَّدٌ كَقَوْلِ مَنْ قَالَ هُوَ
جِبْرِيلُ ; فَإِنَّ كِلَاهُمَا بَلَّغَ الْقُرْآنَ وَاَللَّهُ يَصْطَفِي مِنْ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنْ النَّاسِ
[ ص: 69 ] فَاصْطَفَى
جِبْرِيلَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَاصْطَفَى
مُحَمَّدًا مِنْ النَّاسِ . وَقَالَ فِي
جِبْرِيلَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5900&ayano=69إنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } وَقَالَ فِي
مُحَمَّدٍ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5900&ayano=69إنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } وَكِلَاهُمَا رَسُولٌ مِنْ اللَّهِ ; كَمَا قَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=6229&ayano=98حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=6230&ayano=98رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً } {
nindex.php?page=tafseer&surano=6231&ayano=98فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } فَكِلَاهُمَا رَسُولٌ مِنْ اللَّهِ بَلَّغَ مَا أُرْسِلَ بِهِ وَهُوَ يَشْهَدُ أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ وَأَمَّا شَهَادَتُهُمْ بِمَا شَهِدَ بِهِ الْقُرْآنُ فَهَذَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ كُلِّ مَنْ آمَنَ بِالْقُرْآنِ فَإِنَّهُ يَشْهَدُ بِكُلِّ مَا شَهِدَ بِهِ الْقُرْآنُ ; لِكَوْنِهِ آمَنَ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ قَدْ بَلَّغَهُ أَوْ لَمْ يُبَلِّغْهُ .
وَلِهَذَا كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=28749إيمَانُ الرَّسُولِ بِمَا جَاءَ بِهِ غَيْرَ تَبْلِيغِهِ لَهُ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِهَذَا وَبِهَذَا وَلَهُ أَجْرٌ عَلَى هَذَا وَهَذَا كَمَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=294&ayano=2آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ } وَلِهَذَا كَانَ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ فَشَهَادَةُ
جِبْرِيلَ وَمُحَمَّدٍ بِمَا شَهِدَ بِهِ الْقُرْآنُ مِنْ جِهَةِ إيمَانِهِمَا بِهِ لَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِمَا مُرْسَلَيْنِ بِهِ فَإِنَّ الْإِرْسَالَ بِهِ يَتَضَمَّنُ شَهَادَتَهُمَا أَنَّ اللَّهَ قَالَهُ وَقَدْ يُرْسِلُ غَيْرَ رَسُولٍ بِشَيْءِ فَيَشْهَدُ الرَّسُولُ أَنَّ هَذَا كَلَامُ الْمُرْسِلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُرْسَل صَادِقًا وَلَا حَكِيمًا ; وَلَكِنْ عُلِمَ أَنَّ
جِبْرِيلَ وَمُحَمَّدًا يَعْلَمَانِ [ أَنَّ ] اللَّهَ صَادِقٌ حَكِيمٌ فَهُمَا يَشْهَدَانِ بِمَا شَهِدَ اللَّهُ بِهِ .
وَكَذَلِكَ الْمَلَائِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ يَشْهَدُونَ بِأَنَّ مَا قَالَهُ اللَّهُ فَهُوَ حَقٌّ
[ ص: 70 ] وَأَنَّ اللَّهَ صَادِقٌ حَكِيمٌ لَا يُخْبِرُ إلَّا بِصِدْقِ وَلَا يَأْمُرُ إلَّا بِعَدْلِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=910&ayano=6وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا } .
فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ شَهَادَةَ
جِبْرِيلَ وَمُحَمَّدٍ هِيَ شَهَادَةُ الْقُرْآنِ وَشَهَادَةُ الْقُرْآنِ هِيَ شَهَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَالْقُرْآنُ شَاهِدٌ مِنْ اللَّهِ وَهَذَا الشَّاهِدُ يُوَافِقُ وَيَتَّبِعُ ذَلِكَ الَّذِي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ ; فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ وَالْبَصِيرَةَ وَالنُّورَ وَالْهُدَى الَّذِي عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنُونَ قَدْ شَهِدَ الْقُرْآنُ الْمُنَزَّلُ مِنْ اللَّهِ بِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ .
{
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11وَيَتْلُوهُ } مَعْنَاهُ يَتَّبِعُهُ كَمَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=130&ayano=2الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ } أَيْ يَتَّبِعُونَهُ حَقَّ اتِّبَاعِهِ وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6136&ayano=91وَالْقَمَرِ إذَا تَلَاهَا } أَيْ تَبِعَهَا وَهَذَا قَفَاهُ إذَا تَبِعَهُ . وَقَدْ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2082&ayano=17وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } فَهَذَا الشَّاهِدُ يَتْبَعُ الَّذِي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ فَيُصَدِّقُهُ وَيُزَكِّيهِ وَيُؤَيِّدُهُ وَيُثْبِتُهُ كَمَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2019&ayano=16قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1604&ayano=11وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5184&ayano=58أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ } .
وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ الْقُرْآنَ سُلْطَانًا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ فَإِذَا كَانَ السُّلْطَانُ الْمُنَزَّلُ مِنْ اللَّهِ يَتْبَعُ هَذَا الْمُؤْمِنَ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ قُوَّتَهُ وَتَسَلُّطَهُ عِلْمًا وَعَمَلًا وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2128&ayano=17وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ }
[ ص: 71 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=1368&ayano=9وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إيمَانًا } الْآيَةُ .
وَقَالَ
جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : تَعَلَّمْنَا الْإِيمَانَ ثُمَّ تَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ فَازْدَدْنَا إيمَانًا فَهُمْ كَانُوا يَتَعَلَّمُونَ الْإِيمَانَ ثُمَّ يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2850&ayano=24نُورٌ عَلَى نُورٍ } قَالَ : نُورُ الْقُرْآنِ عَلَى نُورِ الْإِيمَانِ كَمَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4366&ayano=42وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا } وَقَالَ
السدي فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2850&ayano=24نُورٌ عَلَى نُورٍ } نُورُ الْقُرْآنِ وَنُورُ الْإِيمَانِ حِينَ اجْتَمَعَا فَلَا يَكُونُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَّا بِصَاحِبِهِ .
فَتَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4606&ayano=11أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ } يَعْنِي هُدَى الْإِيمَانِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ } أَيْ مِنْ اللَّهِ يَعْنِي الْقُرْآنَ شَاهِدٌ مِنْ اللَّهِ يُوَافِقُ الْإِيمَانَ وَيَتْبَعُهُ وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11يَتْلُوهُ } لِأَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الْمَقْصُودُ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا يُرَادُ بِإِنْزَالِ الْقُرْآنِ الْإِيمَانُ وَزِيَادَتُهُ .
وَلِهَذَا كَانَ الْإِيمَانُ بِدُونِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ يَنْفَعُ صَاحِبَهُ وَيَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ
nindex.php?page=treesubj&link=28801_28894وَالْقُرْآنُ بِلَا إيمَانٍ لَا يَنْفَعُ فِي الْآخِرَةِ ; بَلْ صَاحِبُهُ مُنَافِقٌ ; كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34930مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلَا رِيحَ لَهَا وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ [ ص: 72 ] وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مُرٌّ وَلَا رِيحَ لَهَا } " .
وَلِهَذَا جَعَلَ الْإِيمَانَ " بَيِّنَةً " وَجَعَلَ الْقُرْآنَ شَاهِدًا ; لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ مِنْ الْبَيَانِ و " الْبَيِّنَةُ " هِيَ السَّبِيلُ الْبَيِّنَةُ وَهِيَ الطَّرِيقُ الْبَيِّنَةُ الْوَاضِحَةُ وَهِيَ أَيْضًا مَا يُبِينُ بِهَا الْحَقُّ فَهِيَ بَيِّنَةٌ فِي نَفْسِهَا مُبَيِّنَةٌ لِغَيْرِهَا وَقَدْ تُفَسَّرُ بِالْبَيَانِ وَهِيَ الدَّلَالَةُ وَالْإِرْشَادُ ; فَتَكُونُ كَالْهُدَى كَمَا يُقَالُ : فُلَانٌ عَلَى هُدًى وَعَلَى عِلْمٍ ; فَيُفَسَّرُ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ وَالصِّفَةِ وَالْفَاعِلِ .