[ ص: 82 ] فصل قد
nindex.php?page=treesubj&link=28738أمرنا الله تعالى باتباع ما أنزل إلينا من ربنا وباتباع ما يأتي منه من الهدى وقد أنزل علينا الكتاب والحكمة كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=240&ayano=2واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به } والحكمة من الهدى قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2869&ayano=24وإن تطيعوه تهتدوا } والأمر باتباع الكتاب والقرآن يوجب الأمر باتباع الحكمة التي بعث بها الرسول وباتباعه وطاعته مطلقا .
وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3600&ayano=33واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=138&ayano=2ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=160&ayano=2كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=460&ayano=3لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5241&ayano=62هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5242&ayano=62وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم } .
وقد أمر بطاعة الرسول في نحو أربعين موضعا كقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=328&ayano=3قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين } وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=766&ayano=5وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2869&ayano=24قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2871&ayano=24وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون } إلى قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2877&ayano=24إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2878&ayano=24أو يصيبهم عذاب أليم } وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=561&ayano=4وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما } {
nindex.php?page=tafseer&surano=562&ayano=4فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=327&ayano=3قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم } وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5192&ayano=59وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=566&ayano=4ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا } وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=510&ayano=4ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=511&ayano=4ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها } وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5542&ayano=72ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا } وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3632&ayano=33يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3633&ayano=33وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3634&ayano=33ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا } وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2907&ayano=25ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2908&ayano=25يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2909&ayano=25لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا }
فهذه النصوص توجب اتباع الرسول وإن لم نجد ما قاله منصوصا بعينه في الكتاب كما أن تلك الآيات توجب اتباع الكتاب وإن لم نجد ما في الكتاب منصوصا بعينه في حديث عن الرسول غير الكتاب .
فعلينا أن نتبع الكتاب وعلينا أن نتبع الرسول واتباع أحدهما هو اتباع الآخر ; فإن الرسول بلغ الكتاب والكتاب أمر بطاعة الرسول . ولا يختلف الكتاب والرسول ألبتة كما لا يخالف الكتاب بعضه بعضا قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=579&ayano=4ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا } .
[ ص: 85 ] والأحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في وجوب اتباع الكتاب وفي وجوب اتباع سنته صلى الله عليه وسلم كقوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29825لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول : بيننا وبينكم هذا القرآن فما وجدنا فيه من حلال حللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه ألا وإني أوتيت الكتاب ومثله معه ألا وإنه مثل القرآن أو أعظم } هذا الحديث في السنن والمسانيد مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم من عدة جهات من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=1500أبي ثعلبة وأبي رافع nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة وغيرهم .
وفي صحيح
مسلم عنه من حديث
جابر أنه قال في خطبة الوداع : {
وقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده : كتاب الله تعالى } وفي الصحيح عن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598342عبد الله بن أبي أوفى أنه قيل له : هل أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لا قيل : فكيف كتبه على الناس الوصية ؟ قال : أوصى بكتاب الله } . وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تفسر القرآن كما فسرت أعداد الصلوات وقدر القراءة فيها والجهر والمخافتة وكما فسرت فرائض الزكاة ونصبها وكما فسرت المناسك وقدر الطواف
بالبيت والسعي ورمي الجمار ونحو ذلك .
وهذه السنة إذا ثبتت فإن المسلمين كلهم متفقون على وجوب
[ ص: 86 ] اتباعها وقد يكون من سنته ما يظن أنه مخالف لظاهر القرآن وزيادة عليه كالسنة المفسرة لنصاب السرقة والموجبة لرجم الزاني المحصن فهذه السنة أيضا مما يجب اتباعه عند
الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر طوائف المسلمين إلا من نازع في ذلك من
الخوارج المارقين الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=69841يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية أينما لقيتموهم فاقتلوهم . فإن في قتلهم أجرا عند الله لمن قاتلهم يوم القيامة } .
وقد استفاضت الأحاديث الصحيحة في وصفهم وذمهم والأمر بقتالهم عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : صح الحديث في
الخوارج من عشرة أوجه وقد روى
مسلم في صحيحه حديثهم من عشرة أوجه كأنها هي التي أشار إليها
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل فإن
مسلما أخذ عن
أحمد .
وقد روى
البخاري حديثهم من عدة أوجه وهؤلاء أولهم قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا
محمد اعدل فإنك لم تعدل . فمن جوز عليه أن يظلمه فلا يعدل كمن يوجب طاعته فيما ظلم فيه ; لكنهم يوجبون اتباع ما بلغه عن الله وهذا من جهلهم وتناقضهم ولهذا قال النبي
[ ص: 87 ] صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598343ويحك ومن يعدل إذا لم أعدل وقال : لقد خبت وخسرت إن لم أعدل } أي : إن اتبعت من هو غير عادل فأنت خائب خاسر . وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598344أيأمنني من في السماء ولا تأمنوني } يقول : إذا كان الله قد ائتمنني على تبليغ كلامه أفلا تأمنوني على أن أؤدي الأمانة إلى الله ؟ قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=457&ayano=3وما كان لنبي أن يغل } .
وفي الجملة فالقرآن يوجب طاعته في حكمه وفي قسمه ويذم من يعدل عنه في هذا أو هذا كما قال تعالى في حكمه : {
nindex.php?page=tafseer&surano=562&ayano=4فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=557&ayano=4ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=558&ayano=4وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=559&ayano=4فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=560&ayano=4أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=561&ayano=4وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2862&ayano=24ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2863&ayano=24وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2864&ayano=24وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2865&ayano=24أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2866&ayano=24إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2867&ayano=24ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون } .
وقال في قسمه للصدقات والفيء قال في الصدقات : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1302&ayano=9ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1303&ayano=9ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون } وقال في الفيء {
nindex.php?page=tafseer&surano=5192&ayano=59ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5193&ayano=59للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم } الآيات الثلاث .
فالطاعن في شيء من حكمه أو قسمه -
كالخوارج - طاعن في
[ ص: 89 ] كتاب الله مخالف لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مفارق لجماعة المسلمين وكان شيطان
الخوارج مقموعا لما كان المسلمون مجتمعين في عهد الخلفاء الثلاثة
أبي بكر وعمر وعثمان فلما افترقت الأمة في خلافة
علي رضي الله عنه وجد شيطان
الخوارج موضع الخروج فخرجوا وكفروا
عليا ومعاوية ومن والاهما فقاتلهم أولى الطائفتين بالحق
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598345تمرق مارقة على حين فرقة من الناس تقتلهم أولى الطائفتين بالحق } .
ولهذا لما ناظرهم من ناظرهم
كابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز وغيرهما بينوا لهم بطلان قولهم بالكتاب والميزان كما بين لهم
ابن عباس حيث أنكروا على
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب قتاله لأهل الجمل ونهيه عن اتباع مدبرهم والإجهاز على جريحهم وغنيمة أموالهم وذراريهم وكانت حجة
الخوارج أنه ليس في كتاب الله إلا مؤمن أو كافر فإن كانوا مؤمنين لم يحل قتالهم وإن كانوا كفارا أبيحت دماؤهم وأموالهم وذراريهم فأجابهم
ابن عباس بأن القرآن يدل على أن
عائشة أم المؤمنين وبين أن أمهات المؤمنين حرام فمن أنكر أمومتها فقد خالف كتاب الله ومن استحل فرج أمه فقد خالف كتاب الله .
وموضع غلطهم ظنهم أن من كان مؤمنا لم يبح قتاله بحال وهذا مما ضل به من ضل من
الشيعة حيث ظنوا أن من قاتل
عليا كافر ;
[ ص: 90 ] فإن هذا خلاف القرآن قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4670&ayano=49وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4671&ayano=49إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم } فأخبر سبحانه أنهم مؤمنون مقتتلون وأمر إن بغت إحداهما على الأخرى أن تقاتل التي تبغي فإنه لم يكن أمر بقتال أحدهما ابتداء ثم أمر إذا فاءت إحداهما بالإصلاح بينهما بالعدل وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4671&ayano=49إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم } فدل القرآن على إيمانهم وأخوتهم مع وجود الاقتتال والبغي وأنه يأمر بقتال الباغية حيث أمر الله به .
وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز لما ناظرهم وأقروا بوجوب الرجوع إلى ما نقله الصحابة عن الرسول من فرائض الصلاة بين لهم
عمر أنه كذلك يجب [ الرجوع ] إلى ما نقلوه عنه صلى الله عليه وسلم من فريضة الرجم ونصاب الزكاة وأن الفرق بينهما فرق بين المتماثلين فرجعوا إلى ذلك .
وكذلك
ابن عباس ناظرهم لما أنكروا تحكيم الرجال بأن الله قال في الزوجين : إذا خيف شقاق بينهما أن يبعث حكما من أهله وحكما من أهلها وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=532&ayano=4إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما } وأمر أيضا أن يحكم في الصيد بجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم فمن أنكر التحكيم مطلقا فقد خالف كتاب الله تعالى وذكر
ابن عباس أن
[ ص: 91 ] التحكيم في أمر أميرين لأجل دماء الأمة أولى من التحكيم في أمر الزوجين ; والتحكيم لأجل دم الصيد . وهذا استدلال من
ابن عباس بالاعتبار وقياس الأولى وهو من الميزان فاستدل عليهم بالكتاب والميزان قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=556&ayano=4يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا } .
أمر سبحانه بطاعته وطاعة رسوله وأولي الأمر منا وأمر إن تنازعنا في شيء أن نرده إلى الله والرسول فدل هذا على أن كل ما تنازع المؤمنون فيه من شيء فعليهم أن يردوه إلى الله والرسول والمعلق بالشرط يعدم عند عدم الشرط فدل ذلك على أنهم إذا لم يتنازعوا لم يكن هذا الأمر ثابتا وكذلك إنما يكون لأنهم إذا لم يتنازعوا كانوا على هدى وطاعة لله ورسوله فلا يحتاجوا حينئذ أن يأمروا بما هم فاعلون من طاعة الله والرسول .
ودل ذلك على أنهم إذا لم يتنازعوا بل اجتمعوا فإنهم لا يجتمعون على ضلالة ولو كانوا قد يجتمعون على ضلالة لكانوا حينئذ أولى بوجوب الرد إلى الله والرسول منهم إذا تنازعوا فقد يكون أحد الفريقين مطيعا لله والرسول . فإذا كانوا مأمورين في هذا الحال بالرد إلى الله والرسول ليرجع إلى ذلك فريق منهم - خرج عن ذلك - فلأن يؤمروا بذلك
[ ص: 92 ] إذا قدر خروجهم كلهم عنه بطريق الأولى والأحرى أيضا فقد قال لهم {
nindex.php?page=tafseer&surano=399&ayano=3واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها } .
فلما نهاهم عن التفرق مطلقا دل ذلك على أنهم لا يجتمعون على باطل ; إذ لو اجتمعوا على باطل لوجب اتباع الحق المتضمن لتفرقهم وبين أنه ألف بين قلوبهم فأصبحوا بنعمته إخوانا كما قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1230&ayano=8هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1231&ayano=8وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم } فإذا كانت قلوبهم متألفة غير مختلفة على أمر من الأمور كان ذلك من تمام نعمة الله عليهم ; ومما من به عليهم فلم يكن ذلك اجتماعا على باطل ; لأن الله تعالى أعلم بجميع الأمور . انتهى والحمد لله رب العالمين .
[ ص: 82 ] فَصْلٌ قَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=28738أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِاتِّبَاعِ مَا أُنْزِلَ إلَيْنَا مِنْ رَبِّنَا وَبِاتِّبَاعِ مَا يَأْتِي مِنْهُ مِنْ الْهُدَى وَقَدْ أَنْزَلَ عَلَيْنَا الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=240&ayano=2وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ } وَالْحِكْمَةُ مِنْ الْهُدَى قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2869&ayano=24وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا } وَالْأَمْرُ بِاتِّبَاعِ الْكِتَابِ وَالْقُرْآنِ يُوجِبُ الْأَمْرَ بِاتِّبَاعِ الْحِكْمَةِ الَّتِي بَعَثَ بِهَا الرَّسُولَ وَبِاتِّبَاعِهِ وَطَاعَتِهِ مُطْلَقًا .
وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3600&ayano=33وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=138&ayano=2رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=160&ayano=2كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=460&ayano=3لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5241&ayano=62هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5242&ayano=62وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } .
وَقَدْ أَمَرَ بِطَاعَةِ الرَّسُولِ فِي نَحْوِ أَرْبَعِينَ مَوْضِعًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=328&ayano=3قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ } وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=766&ayano=5وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2869&ayano=24قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2871&ayano=24وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } إلَى قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2877&ayano=24إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2878&ayano=24أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=561&ayano=4وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=562&ayano=4فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=327&ayano=3قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5192&ayano=59وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=566&ayano=4وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا } وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=510&ayano=4وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=511&ayano=4وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا } وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5542&ayano=72وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا } وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3632&ayano=33يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3633&ayano=33وَقَالُوا رَبَّنَا إنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3634&ayano=33رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا } وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2907&ayano=25وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2908&ayano=25يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2909&ayano=25لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا }
فَهَذِهِ النُّصُوصُ تُوجِبُ اتِّبَاعَ الرَّسُولِ وَإِنْ لَمْ نَجِدْ مَا قَالَهُ مَنْصُوصًا بِعَيْنِهِ فِي الْكِتَابِ كَمَا أَنَّ تِلْكَ الْآيَاتِ تُوجِبُ اتِّبَاعَ الْكِتَابِ وَإِنْ لَمْ نَجِدْ مَا فِي الْكِتَابِ مَنْصُوصًا بِعَيْنِهِ فِي حَدِيثٍ عَنْ الرَّسُولِ غَيْرِ الْكِتَابِ .
فَعَلَيْنَا أَنْ نَتَّبِعَ الْكِتَابَ وَعَلَيْنَا أَنْ نَتَّبِعَ الرَّسُولَ وَاتِّبَاعُ أَحَدِهِمَا هُوَ اتِّبَاعُ الْآخَرِ ; فَإِنَّ الرَّسُولَ بَلَّغَ الْكِتَابَ وَالْكِتَابُ أَمْرٌ بِطَاعَةِ الرَّسُولِ . وَلَا يَخْتَلِفُ الْكِتَابُ وَالرَّسُولُ أَلْبَتَّةَ كَمَا لَا يُخَالِفُ الْكِتَابُ بَعْضُهُ بَعْضًا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=579&ayano=4وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا } .
[ ص: 85 ] وَالْأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وُجُوبِ اتِّبَاعِ الْكِتَابِ وَفِي وُجُوبِ اتِّبَاعِ سُنَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29825لَا أُلْفِيَن أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيه الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مِمَّا أَمَرْت بِهِ أَوْ نَهَيْت عَنْهُ فَيَقُولُ : بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ هَذَا الْقُرْآنُ فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ حَلَلْنَاهُ وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ أَلَا وَإِنِّي أُوتِيت الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ أَلَا وَإِنَّهُ مِثْلُ الْقُرْآنِ أَوْ أَعْظَمُ } هَذَا الْحَدِيثُ فِي السُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ مَأْثُورٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِدَّةِ جِهَاتٍ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=1500أَبِي ثَعْلَبَةَ وَأَبِي رَافِعٍ nindex.php?page=showalam&ids=3وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمْ .
وَفِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ
جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَةِ الْوَدَاعِ : {
وَقَدْ تَرَكْت فِيكُمْ مَا إنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ : كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى } وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598342عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّهُ قِيلَ لَهُ : هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : لَا قِيلَ : فَكَيْفَ كَتَبَهُ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةَ ؟ قَالَ : أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ } . وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُفَسِّرُ الْقُرْآنَ كَمَا فَسَّرَتْ أَعْدَادَ الصَّلَوَاتِ وَقَدْرَ الْقِرَاءَةِ فِيهَا وَالْجَهْرَ وَالْمُخَافَتَةَ وَكَمَا فَسَّرَتْ فَرَائِضَ الزَّكَاةِ وَنُصُبِهَا وَكَمَا فَسَّرَتْ الْمَنَاسِكَ وَقَدْرَ الطَّوَافِ
بِالْبَيْتِ وَالسَّعْيِ وَرَمْيِ الْجِمَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
وَهَذِهِ السُّنَّةُ إذَا ثَبَتَتْ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى وُجُوبِ
[ ص: 86 ] اتِّبَاعِهَا وَقَدْ يَكُونُ مِنْ سُنَّتِهِ مَا يَظُنُّ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَزِيَادَةٌ عَلَيْهِ كَالسُّنَّةِ الْمُفَسِّرَةِ لِنِصَابِ السَّرِقَةِ وَالْمُوجِبَةِ لِرَجْمِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ فَهَذِهِ السُّنَّةُ أَيْضًا مِمَّا يَجِبُ اتِّبَاعُهُ عِنْدَ
الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَسَائِرِ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا مَنْ نَازَعَ فِي ذَلِكَ مِنْ
الْخَوَارِجِ الْمَارِقِينَ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=69841يُحَقِّرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ وَقِرَاءَتَهُ مَعَ قِرَاءَتِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ أَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ . فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ لِمَنْ قَاتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } .
وَقَدْ اسْتَفَاضَتْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي وَصْفِهِمْ وَذَمِّهِمْ وَالْأَمْرِ بِقِتَالِهِمْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ : صَحَّ الْحَدِيثُ فِي
الْخَوَارِجِ مِنْ عَشَرَةِ أَوْجُهٍ وَقَدْ رَوَى
مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ حَدِيثَهُمْ مِنْ عَشَرَةِ أَوْجُهٍ كَأَنَّهَا هِيَ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ فَإِنَّ
مُسْلِمًا أَخَذَ عَنْ
أَحْمَد .
وَقَدْ رَوَى
الْبُخَارِيُّ حَدِيثَهُمْ مِنْ عِدَّةِ أَوْجُهٍ وَهَؤُلَاءِ أَوَّلُهُمْ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا
مُحَمَّدُ اعْدِلْ فَإِنَّك لَمْ تَعْدِلْ . فَمَنْ جَوَّزَ عَلَيْهِ أَنْ يَظْلِمَهُ فَلَا يَعْدِلْ كَمَنْ يُوجِبُ طَاعَتَهُ فِيمَا ظَلَمَ فِيهِ ; لَكِنَّهُمْ يُوجِبُونَ اتِّبَاعَ مَا بَلَغَهُ عَنْ اللَّهِ وَهَذَا مِنْ جَهْلِهِمْ وَتَنَاقُضِهِمْ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ
[ ص: 87 ] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598343وَيْحَك وَمَنْ يَعْدِلُ إذَا لَمْ أَعْدِلْ وَقَالَ : لَقَدْ خِبْت وَخَسِرْت إنْ لَمْ أَعْدِلْ } أَيْ : إنْ اتَّبَعْت مَنْ هُوَ غَيْرُ عَادِلٍ فَأَنْتَ خَائِبٌ خَاسِرٌ . وَقَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598344أَيَأْمَنُنِي مَنْ فِي السَّمَاءِ وَلَا تَأْمَنُونِي } يَقُولُ : إذَا كَانَ اللَّهُ قَدْ ائْتَمَنَنِي عَلَى تَبْلِيغِ كَلَامِهِ أَفَلَا تَأْمَنُونِي عَلَى أَنْ أُؤَدِّيَ الْأَمَانَةَ إلَى اللَّهِ ؟ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=457&ayano=3وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ } .
وَفِي الْجُمْلَةِ فَالْقُرْآنُ يُوجِبُ طَاعَتَهُ فِي حُكْمِهِ وَفِي قَسْمِهِ وَيَذُمُّ مَنْ يَعْدِلُ عَنْهُ فِي هَذَا أَوْ هَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي حُكْمِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=562&ayano=4فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=557&ayano=4أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=558&ayano=4وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=559&ayano=4فَكَيْفَ إذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إنْ أَرَدْنَا إلَّا إحْسَانًا وَتَوْفِيقًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=560&ayano=4أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=561&ayano=4وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2862&ayano=24وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2863&ayano=24وَإِذَا دُعُوا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2864&ayano=24وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إلَيْهِ مُذْعِنِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2865&ayano=24أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2866&ayano=24إنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إذَا دُعُوا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2867&ayano=24وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ } .
وَقَالَ فِي قَسْمِهِ لِلصَّدَقَاتِ وَالْفَيْءِ قَالَ فِي الصَّدَقَاتِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1302&ayano=9وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1303&ayano=9وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إنَّا إلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ } وَقَالَ فِي الْفَيْءِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5192&ayano=59مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5193&ayano=59لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ } الْآيَاتِ الثَّلَاثَ .
فَالطَّاعِنُ فِي شَيْءٍ مِنْ حُكْمِهِ أَوْ قَسْمِهِ -
كَالْخَوَارِجِ - طَاعِنٌ فِي
[ ص: 89 ] كِتَابِ اللَّهِ مُخَالِفٌ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُفَارِقٌ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ شَيْطَانُ
الْخَوَارِجِ مَقْمُوعًا لَمَّا كَانَ الْمُسْلِمُونَ مُجْتَمِعِينَ فِي عَهْدِ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَلَمَّا افْتَرَقَتْ الْأُمَّةُ فِي خِلَافَةِ
عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَجَدَ شَيْطَانُ
الْخَوَارِجِ مَوْضِعَ الْخُرُوجِ فَخَرَجُوا وَكَفَّرُوا
عَلِيًّا وَمُعَاوِيَةَ وَمَنْ وَالَاهُمَا فَقَاتَلَهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598345تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ تَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ } .
وَلِهَذَا لَمَّا نَاظَرَهُمْ مَنْ نَاظَرَهُمْ
كَابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16673وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرِهِمَا بَيَّنُوا لَهُمْ بُطْلَانَ قَوْلِهِمْ بِالْكِتَابِ وَالْمِيزَانِ كَمَا بَيَّنَ لَهُمْ
ابْنُ عَبَّاسٍ حَيْثُ أَنْكَرُوا عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قِتَالَهُ لِأَهْلِ الْجَمَلِ وَنَهْيِهِ عَنْ اتِّبَاعِ مُدَبِّرِهِمْ وَالْإِجْهَازِ عَلَى جَرِيحِهِمْ وَغَنِيمَةِ أَمْوَالِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ وَكَانَتْ حُجَّةُ
الْخَوَارِجِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ إلَّا مُؤْمِنٌ أَوْ كَافِرٌ فَإِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ لَمْ يَحِلَّ قِتَالُهُمْ وَإِنْ كَانُوا كُفَّارًا أُبِيحَتْ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ وَذَرَارِيُّهُمْ فَأَجَابَهُمْ
ابْنُ عَبَّاسٍ بِأَنَّ الْقُرْآنَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
عَائِشَةَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَبَيَّنَ أَنَّ أُمَّهَاتَ الْمُؤْمِنِينَ حَرَامٌ فَمَنْ أَنْكَرَ أُمُومَتَهَا فَقَدْ خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ وَمَنْ اسْتَحَلَّ فَرْجَ أُمِّهِ فَقَدْ خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ .
وَمَوْضِعُ غَلَطِهِمْ ظَنُّهُمْ أَنَّ مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا لَمْ يُبَحْ قِتَالُهُ بِحَالِ وَهَذَا مِمَّا ضَلَّ بِهِ مَنْ ضَلَّ مِنْ
الشِّيعَةِ حَيْثُ ظَنُّوا أَنَّ مَنْ قَاتَلَ
عَلِيًّا كَافِرٌ ;
[ ص: 90 ] فَإِنَّ هَذَا خِلَافُ الْقُرْآنِ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4670&ayano=49وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4671&ayano=49إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ مُقْتَتِلُونَ وَأَمَرَ إنْ بَغَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى أَنْ تُقَاتِلَ الَّتِي تَبْغِي فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَمَرَ بِقِتَالِ أَحَدِهِمَا ابْتِدَاءً ثُمَّ أَمَرَ إذَا فَاءَتْ إحْدَاهُمَا بِالْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4671&ayano=49إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } فَدَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى إيمَانِهِمْ وَأُخُوَّتِهِمْ مَعَ وُجُودِ الِاقْتِتَالِ وَالْبَغْيِ وَأَنَّهُ يَأْمُرُ بِقِتَالِ الْبَاغِيَةِ حَيْثُ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ .
وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمَّا نَاظَرَهُمْ وَأَقَرُّوا بِوُجُوبِ الرُّجُوعِ إلَى مَا نَقَلَهُ الصَّحَابَةُ عَنْ الرَّسُولِ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ بَيَّنَ لَهُمْ
عُمَرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ يَجِبُ [ الرُّجُوعُ ] إلَى مَا نَقَلُوهُ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَرِيضَةِ الرَّجْمِ وَنِصَابِ الزَّكَاةِ وَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ بَيْنٌ الْمُتَمَاثِلَيْنِ فَرَجَعُوا إلَى ذَلِكَ .
وَكَذَلِكَ
ابْنُ عَبَّاسٍ نَاظَرَهُمْ لَمَّا أَنْكَرُوا تَحْكِيمَ الرِّجَالِ بِأَنَّ اللَّهَ قَالَ فِي الزَّوْجَيْنِ : إذَا خِيفَ شِقَاقُ بَيْنِهِمَا أَنْ يَبْعَثَ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=532&ayano=4إنْ يُرِيدَا إصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا } وَأَمَرَ أَيْضًا أَنْ يَحْكُمَ فِي الصَّيْدِ بِجَزَاءِ مِثْلِ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ فَمَنْ أَنْكَرَ التَّحْكِيمَ مُطْلَقًا فَقَدْ خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى وَذَكَرَ
ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ
[ ص: 91 ] التَّحْكِيمَ فِي أَمْرِ أَمِيرَيْنِ لِأَجْلِ دِمَاءِ الْأُمَّةِ أَوْلَى مِنْ التَّحْكِيمِ فِي أَمْرِ الزَّوْجَيْنِ ; وَالتَّحْكِيمِ لِأَجْلِ دَمِ الصَّيْدِ . وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ مِنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ بِالِاعْتِبَارِ وَقِيَاسِ الْأَوْلَى وَهُوَ مِنْ الْمِيزَانِ فَاسْتُدِلَّ عَلَيْهِمْ بِالْكِتَابِ وَالْمِيزَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=556&ayano=4يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } .
أَمَرَ سُبْحَانَهُ بِطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنَّا وَأَمَرَ إنْ تَنَازَعْنَا فِي شَيْءٍ أَنْ نَرُدَّهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا تَنَازَعَ الْمُؤْمِنُونَ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ وَالْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ يُعْدَمُ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَتَنَازَعُوا لَمْ يَكُنْ هَذَا الْأَمْرُ ثَابِتًا وَكَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ لِأَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَتَنَازَعُوا كَانُوا عَلَى هُدًى وَطَاعَةٍ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فَلَا يَحْتَاجُوا حِينَئِذٍ أَنْ يَأْمُرُوا بِمَا هُمْ فَاعِلُونَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَالرَّسُولِ .
وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَتَنَازَعُوا بَلْ اجْتَمَعُوا فَإِنَّهُمْ لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى ضَلَالَةٍ وَلَوْ كَانُوا قَدْ يَجْتَمِعُونَ عَلَى ضَلَالَةٍ لَكَانُوا حِينَئِذٍ أَوْلَى بِوُجُوبِ الرَّدِّ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْهُمْ إذَا تَنَازَعُوا فَقَدْ يَكُونُ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ مُطِيعًا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ . فَإِذَا كَانُوا مَأْمُورِينَ فِي هَذَا الْحَالِ بِالرَّدِّ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ لِيَرْجِعَ إلَى ذَلِكَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ - خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ - فَلَأَنْ يُؤْمَرُوا بِذَلِكَ
[ ص: 92 ] إذَا قُدِّرَ خُرُوجُهُمْ كُلِّهِمْ عَنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى أَيْضًا فَقَدْ قَالَ لَهُمْ {
nindex.php?page=tafseer&surano=399&ayano=3وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا } .
فَلَمَّا نَهَاهُمْ عَنْ التَّفَرُّقِ مُطْلَقًا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمْ لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى بَاطِلٍ ; إذْ لَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى بَاطِلٍ لَوَجَبَ اتِّبَاعُ الْحَقِّ الْمُتَضَمِّنِ لِتَفَرُّقِهِمْ وَبَيَّنَ أَنَّهُ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ فَأَصْبَحُوا بِنِعْمَتِهِ إخْوَانًا كَمَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1230&ayano=8هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1231&ayano=8وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ } فَإِذَا كَانَتْ قُلُوبُهُمْ مُتَأَلِّفَةٌ غَيْرَ مُخْتَلِفَةٍ عَلَى أَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ كَانَ ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ; وَمِمَّا مَنَّ بِهِ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ اجْتِمَاعًا عَلَى بَاطِلٍ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْلَمُ بِجَمِيعِ الْأُمُورِ . انْتَهَى وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .