[ ص: 113 ] فصل فهذا
nindex.php?page=treesubj&link=19322_24946ستر النساء عن الرجال وستر الرجال عن الرجال والنساء عن النساء في العورة الخاصة كما قال صلى الله عليه وسلم " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=32067لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة } " وكما قال : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598845احفظ عورتك إلا عن زوجتك أو ما ملكت يمينك . قلت : فإذا كان القوم بعضهم في بعض قال : إن استطعت أن لا يرينها أحد فلا يراها قلت : فإذا كان أحدنا خاليا . قال : فالله أحق أن يستحيا منه } " . {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598846ونهى أن يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد والمرأة إلى المرأة في ثوب واحد } وقال عن الأولاد : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598847مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع } " فنهى عن النظر واللمس لعورة النظير لما في ذلك من القبح والفحش .
وأما الرجال مع النساء فلأجل شهوة النكاح فهذان نوعان وفي الصلاة نوع ثالث ; فإن
nindex.php?page=treesubj&link=1363_1364المرأة لو صلت وحدها كانت مأمورة بالاختمار وفي غير الصلاة يجوز لها كشف رأسها في بيتها فأخذ الزينة في الصلاة لحق الله
nindex.php?page=treesubj&link=3566فليس لأحد أن يطوف بالبيت عريانا ولو
[ ص: 114 ] كان وحده بالليل ولا يصلي عريانا ولو كان وحده فعلم أن أخذ الزينة في الصلاة لم يكن ليحتجب عن الناس فهذا نوع وهذا نوع .
وحينئذ فقد يستر المصلي في الصلاة ما يجوز إبداؤه في غير الصلاة وقد يبدي في الصلاة ما يستره عن الرجال : فالأول : مثل المنكبين . فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء . فهذا لحق الصلاة ويجوز له كشف منكبيه للرجال خارج الصلاة كذلك المرأة الحرة تختمر في الصلاة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31844لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار } " وهي لا تختمر عند زوجها ولا عند ذوي محارمها فقد جاز لها إبداء الزينة الباطنة لهؤلاء ولا يجوز لها في الصلاة أن يكشف رأسها لهؤلاء ولا لغيرهم .
وعكس ذلك : الوجه واليدان والقدمان ليس لها أن تبدي ذلك للأجانب على أصح القولين بخلاف ما كان قبل النسخ بل لا تبدي إلا الثياب . وأما ستر ذلك في الصلاة فلا يجب باتفاق المسلمين بل يجوز لها إبداؤهما في الصلاة عند جمهور العلماء
كأبي حنيفة والشافعي وغيرهما وهو إحدى الروايتين عن
أحمد . فكذلك القدم يجوز إبداؤه عند
أبي حنيفة وهو الأقوى . فإن
عائشة جعلته من الزينة الظاهرة .
قالت : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2846&ayano=24ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } قالت : " الفتخ " حلق
[ ص: 115 ] من فضة تكون في أصابع الرجلين . رواه
ابن أبي حاتم . فهذا دليل على أن النساء كن يظهرن أقدامهن أولا كما يظهرن الوجه واليدين كن يرخين ذيولهن فهي إذا مشت قد يظهر قدمها ولم يكن يمشين في خفاف وأحذية وتغطية هذا في الصلاة فيه حرج عظيم .
وأم سلمة قالت : " تصلي المرأة في ثوب سابغ يغطي ظهر قدميها " فهي إذا سجدت قد يبدو باطن القدم .
وبالجملة : قد ثبت بالنص والإجماع أنه
nindex.php?page=treesubj&link=1356_1362_1364ليس عليها في الصلاة أن تلبس الجلباب الذي يسترها إذا كانت في بيتها وإنما ذلك إذا خرجت . وحينئذ فتصلي في بيتها وإن رئي وجهها ويداها وقدماها كما كن يمشين أولا قبل الأمر بإدناء الجلابيب عليهن فليست العورة في الصلاة مرتبطة بعورة النظر لا طردا ولا عكسا .
وابن مسعود رضي الله عنه لما قال : الزينة الظاهرة هي الثياب لم يقل إنها كلها عورة حتى ظفرها بل هذا قول
أحمد يعني أنها تشترط في الصلاة ; فإن الفقهاء يسمون ذلك : ( باب ستر العورة وليس هذا من ألفاظ الرسول ولا في الكتاب والسنة أن ما يستره . المصلي فهو عورة ; بل قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=992&ayano=7خذوا زينتكم عند كل مسجد } {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598848ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يطوف بالبيت عريانا } فالصلاة أولى . وسئل عن
nindex.php?page=treesubj&link=1356_1370الصلاة في الثوب الواحد . فقال : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598849أو لكلكم ثوبان ؟ }
[ ص: 116 ] وقال في الثوب الواحد : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598850إن كان واسعا فالتحف به وإن كان ضيقا فاتزر به } " " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598851ونهى أن يصلي الرجل في ثوب واحد ليس على عاتقه منه شيء } .
فهذا دليل على أنه يؤمر في الصلاة بستر العورة : الفخذ وغيره وإن جوزنا للرجل النظر إلى ذلك . فإذا قلنا على أحد القولين وهو إحدى الروايتين عن
أحمد : أن العورة السوأتان وأن الفخذ ليست بعورة فهذا في جواز نظر الرجل إليها ; ليس هو في الصلاة والطواف فلا يجوز أن يصلي الرجل مكشوف الفخذين سواء قيل هما عورة أو لا . ولا يطوف عريانا . بل عليه أن يصلي في ثوب واحد ولا بد من ذلك إن كان ضيقا اتزر به وإن كان واسعا التحف به ; كما أنه لو صلى وحده في بيت كان عليه تغطية ذلك باتفاق العلماء .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=1370صلاة الرجل بادي الفخذين مع القدرة على الإزار فهذا لا يجوز ولا ينبغي أن يكون في ذلك خلاف ومن بنى ذلك على الروايتين في العورة كما فعله طائفة فقد غلطوا ; ولم يقل
أحمد ولا غيره : أن المصلي يصلي على هذه الحال . كيف
وأحمد يأمره بستر المنكبين فكيف يبيح له كشف الفخذ فهذا هذا .
[ ص: 117 ] وقد اختلف في وجوب
nindex.php?page=treesubj&link=1356_1361ستر العورة إذا كان الرجل خاليا ولم يختلف في أنه في الصلاة لا بد من اللباس لا تجوز
nindex.php?page=treesubj&link=17705_1356_1369_1360الصلاة عريانا مع قدرته على اللباس باتفاق العلماء ; ولهذا جوز
أحمد وغيره للعراة أن يصلوا قعودا ويكون إمامهم وسطهم بخلاف خارج الصلاة وهذه الحرمة لا لأجل النظر . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598852بهز بن حكيم عن أبيه عن جده لما قال : قلت يا رسول الله فإذا كان أحدنا خاليا . قال : فالله أحق أن يستحيا منه من الناس } " فإذا كان هذا خارج الصلاة فهو في الصلاة أحق أن يستحيا منه فتؤخذ الزينة لمناجاته سبحانه .
ولهذا قال
ابن عمر لغلامه
نافع لما رآه يصلي حاسرا : أرأيت لو خرجت إلى الناس كنت تخرج هكذا ؟ قال : لا . قال : فالله أحق من يتجمل له . وفي الحديث الصحيح لما قيل له - صلى الله عليه وسلم - {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598853الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا . فقال : إن الله جميل يحب الجمال } .
وهذا كما أمر المصلي بالطهارة والنظافة . والطيب فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تتخذ المساجد في البيوت وتنظف وتطيب وعلى هذا فيستتر في الصلاة أبلغ مما يستتر الرجل من الرجل والمرأة من المرأة . ولهذا أمرت المرأة أن تختمر في الصلاة وأما وجهها
[ ص: 118 ] ويداها وقدماها فهي إنما نهيت عن إبداء ذلك للأجانب لم تنه عن إبدائه للنساء ولا لذوي المحارم .
فعلم أنه ليس من جنس عورة الرجل مع الرجل والمرأة مع المرأة التي نهي عنها ; لأجل الفحش وقبح كشف العورة . بل هذا من مقدمات الفاحشة فكان النهي عن إبدائها نهيا عن مقدمات الفاحشة كما قال في الآية : {
nindex.php?page=tafseer&surano=241&ayano=2ذلكم أزكى لكم } وقال في آية الحجاب : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3619&ayano=33ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن } فنهى عن هذا سدا للذريعة ; لا أنه عورة مطلقة لا في الصلاة ولا غيرها فهذا هذا .
nindex.php?page=treesubj&link=1363وأمر المرأة في الصلاة بتغطية يديها بعيد جدا واليدان يسجدان كما يسجد الوجه والنساء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان لهن قمص وكن يصنعن الصنائع والقمص عليهن فتبدي المرأة يديها إذا عجنت وطحنت وخبزت ولو كان ستر اليدين في الصلاة واجبا لبينه النبي صلى الله عليه وسلم . كذلك القدمان . وإنما أمر بالخمار فقط مع القميص فكن يصلين بقمصهن وخمرهن : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598854وأما الثوب التي كانت المرأة ترخيه وسألت عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : شبرا فقلن : إذن تبدو سوقهن فقال : ذراع لا يزدن عليه } . وقول
nindex.php?page=showalam&ids=16674عمر بن أبي ربيعة :
[ ص: 119 ] كتب القتل والقتال علينا وعلى الغانيات جر الذيول
فهذا كان إذا خرجن من البيوت ; ولهذا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=20055سئل عن nindex.php?page=treesubj&link=17705_1592المرأة تجر ذيلها على المكان القذر فقال : يطهره ما بعده } " . وأما في نفس البيت فلم تكن تلبس ذلك . كما أن الخفاف اتخذها النساء بعد ذلك لستر السوق إذا خرجن وهن لا يلبسنها في البيوت ; ولهذا قلن : إذن تبدوا سوقهن . فكان المقصود تغطية الساق ; لأن الثوب إذا كان فوق الكعبين بدا الساق عند المشي .
وقد روي : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598855أعروا النساء يلزمن الحجال } يعني إذا لم يكن لها ما تلبسه في الخروج لزمت البيت وكن نساء المسلمين يصلين في بيوتهن . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " {
لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن } " ولم يؤمرن مع القمص إلا بالخمر لم تؤمر بسراويل لأن القميص يغني عنه ولم تؤمر بما يغطي رجليها لا خف ولا جورب ولا بما يغطي يديها لا بقفازين ولا غير ذلك . فدل على أنه لا يجب عليها في الصلاة ستر ذلك إذا لم يكن عندها رجال أجانب . وقد روي : {
أن الملائكة لا تنظر إلى الزينة الباطنة فإذا وضعت خمارها وقميصها لم ينظر إليها } وروي في ذلك حديث عن
خديجة .
[ ص: 120 ] فهذا القدر للقميص والخمار هو المأمور به لحق الصلاة كما يؤمر الرجل إذا صلى في ثوب واسع أن يلتحف به فيغطي عورته ومنكبيه فالمنكبان في حقه كالرأس في حق المرأة لأنه يصلي في قميص أو ما يقوم مقام القميص . وهو في الإحرام لا يلبس على بدنه ما يقدر له كالقميص والجبة كما أن المرأة لا تنتقب ولا تلبس القفازين . وأما رأسه فلا يخمره ووجه المرأة فيه قولان في مذهب
أحمد وغيره ; قيل : إنه كرأس الرجل فلا يغطى . وقيل : إنه كيديه فلا تغطى بالنقاب والبرقع ونحو ذلك مما صنع على قدره وهذا هو الصحيح ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه إلا عن القفازين والنقاب .
وكن النساء يدنين على وجوههن ما يسترها من الرجال من غير وضع ما يجافيها عن الوجه فعلم أن وجهها كيدي الرجل ويديها ; وذلك أن المرأة كلها عورة كما تقدم فلها أن تغطي وجهها ويديها لكن بغير اللباس المصنوع بقدر العضو كما أن الرجل لا يلبس السراويل ويلبس الإزار والله سبحانه وتعالى أعلم .
[ ص: 113 ] فَصْلٌ فَهَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=19322_24946سَتْرُ النِّسَاءِ عَنْ الرِّجَالِ وَسَتْرُ الرِّجَالِ عَنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ عَنْ النِّسَاءِ فِي الْعَوْرَةِ الْخَاصَّةِ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=32067لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَلَا تَنْظُرُ الْمَرْأَةُ إلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ } " وَكَمَا قَالَ : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598845احْفَظْ عَوْرَتَك إلَّا عَنْ زَوْجَتِك أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُك . قُلْت : فَإِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضَهُمْ فِي بَعْضٍ قَالَ : إنْ اسْتَطَعْت أَنْ لَا يَرَيْنَهَا أَحَدٌ فَلَا يَرَاهَا قُلْت : فَإِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا . قَالَ : فَاَللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ } " . {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598846وَنَهَى أَنْ يُفْضِيَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَالْمَرْأَةُ إلَى الْمَرْأَةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ } وَقَالَ عَنْ الْأَوْلَادِ : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598847مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشَرِ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ } " فَنَهَى عَنْ النَّظَرِ وَاللَّمْسِ لِعَوْرَةِ النَّظِيرِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْقُبْحِ وَالْفُحْشِ .
وَأَمَّا الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فَلِأَجْلِ شَهْوَةِ النِّكَاحِ فَهَذَانِ نَوْعَانِ وَفِي الصَّلَاةِ نَوْعٌ ثَالِثٌ ; فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=1363_1364الْمَرْأَةَ لَوْ صَلَّتْ وَحْدَهَا كَانَتْ مَأْمُورَةً بِالِاخْتِمَارِ وَفِي غَيْرِ الصَّلَاةِ يَجُوزُ لَهَا كَشْفُ رَأْسِهَا فِي بَيْتِهَا فَأَخْذُ الزِّينَةَ فِي الصَّلَاةِ لِحَقِّ اللَّهِ
nindex.php?page=treesubj&link=3566فَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانَا وَلَوْ
[ ص: 114 ] كَانَ وَحْدَهُ بِاللَّيْلِ وَلَا يُصَلِّي عُرْيَانَا وَلَوْ كَانَ وَحْدَهُ فَعُلِمَ أَنَّ أَخْذَ الزِّينَةِ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَكُنْ لِيَحْتَجِبَ عَنْ النَّاسِ فَهَذَا نَوْعٌ وَهَذَا نَوْعٌ .
وَحِينَئِذٍ فَقَدَ يَسْتُرُ الْمُصَلِّي فِي الصَّلَاةِ مَا يَجُوزُ إبْدَاؤُهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَقَدْ يُبْدِي فِي الصَّلَاةِ مَا يَسْتُرُهُ عَنْ الرِّجَالِ : فَالْأَوَّلُ : مِثْلُ الْمَنْكِبَيْنِ . فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ . فَهَذَا لِحَقِّ الصَّلَاةِ وَيَجُوزُ لَهُ كَشْفُ مَنْكِبَيْهِ لِلرِّجَالِ خَارِجَ الصَّلَاةِ كَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ تَخْتَمِرُ فِي الصَّلَاةِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31844لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارِ } " وَهِيَ لَا تَخْتَمِرُ عِنْدَ زَوْجِهَا وَلَا عِنْدَ ذَوِي مَحَارِمِهَا فَقَدْ جَازَ لَهَا إبْدَاءُ الزِّينَةِ الْبَاطِنَةِ لِهَؤُلَاءِ وَلَا يَجُوزُ لَهَا فِي الصَّلَاةِ أَنْ يُكْشَفَ رَأْسُهَا لِهَؤُلَاءِ وَلَا لِغَيْرِهِمْ .
وَعَكْسُ ذَلِكَ : الْوَجْهُ وَالْيَدَانِ وَالْقَدَمَانِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُبْدِيَ ذَلِكَ لِلْأَجَانِبِ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ بِخِلَافِ مَا كَانَ قَبْلَ النَّسْخِ بَلْ لَا تُبْدِي إلَّا الثِّيَابَ . وَأَمَّا سَتْرُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَجِبُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ بَلْ يَجُوزُ لَهَا إبْدَاؤُهُمَا فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ
كَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ
أَحْمَد . فَكَذَلِكَ الْقَدَمُ يَجُوزُ إبْدَاؤُهُ عِنْدَ
أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الْأَقْوَى . فَإِنَّ
عَائِشَةَ جَعَلَتْهُ مِنْ الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ .
قَالَتْ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2846&ayano=24وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } قَالَتْ : " الْفَتْخُ " حَلَقٌ
[ ص: 115 ] مِنْ فِضَّةٍ تَكُونُ فِي أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ . رَوَاهُ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ . فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يُظْهِرْنَ أَقْدَامَهُنَّ أَوَّلًا كَمَا يُظْهِرْنَ الْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ كُنَّ يُرْخِينَ ذُيُولَهُنَّ فَهِيَ إذَا مَشَتْ قَدْ يَظْهَرُ قَدَمُهَا وَلَمْ يَكُنَّ يَمْشِينَ فِي خِفَافٍ وَأَحْذِيَةٍ وَتَغْطِيَةُ هَذَا فِي الصَّلَاةِ فِيهِ حَرَجٌ عَظِيمٌ .
وَأُمُّ سَلَمَةَ قَالَتْ : " تُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي ثَوْبٍ سَابِغٍ يُغَطِّي ظَهْرَ قَدَمَيْهَا " فَهِيَ إذَا سَجَدَتْ قَدْ يَبْدُو بَاطِنُ الْقَدَمِ .
وَبِالْجُمْلَةِ : قَدْ ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=1356_1362_1364لَيْسَ عَلَيْهَا فِي الصَّلَاةِ أَنْ تَلْبَسَ الْجِلْبَابَ الَّذِي يَسْتُرُهَا إذَا كَانَتْ فِي بَيْتِهَا وَإِنَّمَا ذَلِكَ إذَا خَرَجَتْ . وَحِينَئِذٍ فَتُصَلِّي فِي بَيْتِهَا وَإِنْ رُئِيَ وَجْهُهَا وَيَدَاهَا وَقَدَمَاهَا كَمَا كُنَّ يَمْشِينَ أَوَّلًا قَبْلَ الْأَمْرِ بِإِدْنَاءِ الْجَلَابِيبِ عَلَيْهِنَّ فَلَيْسَتْ الْعَوْرَةُ فِي الصَّلَاةِ مُرْتَبِطَةً بِعَوْرَةِ النَّظَرِ لَا طَرْدًا وَلَا عَكْسًا .
وَابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا قَالَ : الزِّينَةُ الظَّاهِرَةُ هِيَ الثِّيَابُ لَمْ يَقُلْ إنَّهَا كُلَّهَا عَوْرَةٌ حَتَّى ظُفْرِهَا بَلْ هَذَا قَوْلُ
أَحْمَد يَعْنِي أَنَّهَا تُشْتَرَطُ فِي الصَّلَاةِ ; فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ يُسَمُّونَ ذَلِكَ : ( بَابُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ أَلْفَاظِ الرَّسُولِ وَلَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ مَا يَسْتُرُهُ . الْمُصَلِّي فَهُوَ عَوْرَةٌ ; بَلْ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=992&ayano=7خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598848وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانَا } فَالصَّلَاةُ أَوْلَى . وَسُئِلَ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=1356_1370الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ . فَقَالَ : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598849أو لِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ ؟ }
[ ص: 116 ] وَقَالَ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598850إنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاِتَّزِرْ بِهِ } " " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598851وَنَهَى أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ } .
فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُؤْمَرُ فِي الصَّلَاةِ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ : الْفَخْذِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ جَوَّزْنَا لِلرَّجُلِ النَّظَرَ إلَى ذَلِكَ . فَإِذَا قُلْنَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ
أَحْمَد : أَنَّ الْعَوْرَةَ السَّوْأَتَانِ وَأَنَّ الْفَخْذَ لَيْسَتْ بِعَوْرَةِ فَهَذَا فِي جَوَازِ نَظَرِ الرَّجُلِ إلَيْهَا ; لَيْسَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مَكْشُوفَ الْفَخْذَيْنِ سَوَاءٌ قِيلَ هُمَا عَوْرَةٌ أَوْ لَا . وَلَا يَطُوفَ عُرْيَانَا . بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ إنْ كَانَ ضَيِّقًا اتَّزَرَ بِهِ وَإِنْ كَانَ وَاسِعًا الْتَحَفَ بِهِ ; كَمَا أَنَّهُ لَوْ صَلَّى وَحْدَهُ فِي بَيْتٍ كَانَ عَلَيْهِ تَغْطِيَةُ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=1370صَلَاةُ الرَّجُلِ بَادِيَ الْفَخْذَيْنِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِزَارِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَمَنْ بَنَى ذَلِكَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْعَوْرَةِ كَمَا فَعَلَهُ طَائِفَةٌ فَقَدْ غَلِطُوا ; وَلَمْ يَقُلْ
أَحْمَد وَلَا غَيْرُهُ : أَنَّ الْمُصَلِّيَ يُصَلِّي عَلَى هَذِهِ الْحَالِ . كَيْفَ
وَأَحْمَد يَأْمُرُهُ بِسَتْرِ الْمَنْكِبَيْنِ فَكَيْفَ يُبِيحُ لَهُ كَشْفَ الْفَخْذِ فَهَذَا هَذَا .
[ ص: 117 ] وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ
nindex.php?page=treesubj&link=1356_1361سَتْرِ الْعَوْرَةِ إذَا كَانَ الرَّجُلُ خَالِيًا وَلَمْ يُخْتَلَف فِي أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ لَا بُدَّ مِنْ اللِّبَاسِ لَا تَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=17705_1356_1369_1360الصَّلَاةُ عُرْيَانَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى اللِّبَاسِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ ; وَلِهَذَا جَوَّزَ
أَحْمَد وَغَيْرُهُ لِلْعُرَاةِ أَنْ يُصَلُّوا قُعُودًا وَيَكُونُ إمَامُهُمْ وَسَطَهُمْ بِخِلَافِ خَارِجِ الصَّلَاةِ وَهَذِهِ الْحُرْمَةُ لَا لِأَجْلِ النَّظَرِ . وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598852بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ لَمَّا قَالَ : قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا . قَالَ : فَاَللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنْ النَّاسِ } " فَإِذَا كَانَ هَذَا خَارِجَ الصَّلَاةِ فَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ فَتُؤْخَذُ الزِّينَةُ لِمُنَاجَاتِهِ سُبْحَانَهُ .
وَلِهَذَا قَالَ
ابْنُ عُمَرَ لِغُلَامِهِ
نَافِعٍ لَمَّا رَآهُ يُصَلِّي حَاسِرًا : أَرَأَيْت لَوْ خَرَجْت إلَى النَّاسِ كُنْت تَخْرُجُ هَكَذَا ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : فَاَللَّهُ أَحَقُّ مَنْ يُتَجَمَّلُ لَهُ . وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ لَمَّا قِيلَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598853الرَّجُلُ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنًا . فَقَالَ : إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ } .
وَهَذَا كَمَا أَمَرَ الْمُصَلِّيَ بِالطَّهَارَةِ وَالنَّظَافَةِ . وَالطِّيبِ فَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُتَّخَذَ الْمَسَاجِدُ فِي الْبُيُوتِ وَتُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ وَعَلَى هَذَا فَيَسْتَتِرُ فِي الصَّلَاةِ أَبْلَغَ مِمَّا يَسْتَتِرُ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةُ مِنْ الْمَرْأَةِ . وَلِهَذَا أُمِرَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَخْتَمِرَ فِي الصَّلَاةِ وَأَمَّا وَجْهُهَا
[ ص: 118 ] وَيَدَاهَا وَقَدَمَاهَا فَهِيَ إنَّمَا نُهِيَتْ عَنْ إبْدَاءِ ذَلِكَ لِلْأَجَانِبِ لَمْ تَنْهَ عَنْ إبْدَائِهِ لِلنِّسَاءِ وَلَا لِذَوِي الْمَحَارِمِ .
فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ عَوْرَةِ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مَعَ الْمَرْأَةِ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا ; لِأَجْلِ الْفُحْشِ وَقُبْحِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ . بَلْ هَذَا مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْفَاحِشَةِ فَكَانَ النَّهْيُ عَنْ إبْدَائِهَا نَهْيًا عَنْ مُقَدِّمَاتِ الْفَاحِشَةِ كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=241&ayano=2ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ } وَقَالَ فِي آيَةِ الْحِجَابِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3619&ayano=33ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } فَنَهَى عَنْ هَذَا سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ ; لَا أَنَّهُ عَوْرَةٌ مُطْلَقَةٌ لَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا غَيْرِهَا فَهَذَا هَذَا .
nindex.php?page=treesubj&link=1363وَأَمْرُ الْمَرْأَةِ فِي الصَّلَاةِ بِتَغْطِيَةِ يَدَيْهَا بَعِيدٌ جِدًّا وَالْيَدَانِ يَسْجُدَانِ كَمَا يَسْجُدُ الْوَجْهُ وَالنِّسَاءُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا كَانَ لَهُنَّ قُمَّصٌ وَكُنَّ يَصْنَعْنَ الصَّنَائِعَ والقمص عَلَيْهِنَّ فَتُبْدِي الْمَرْأَةُ يَدَيْهَا إذَا عَجَنَتْ وَطَحَنَتْ وَخَبَزَتْ وَلَوْ كَانَ سَتْرُ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ وَاجِبًا لَبَيَّنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . كَذَلِكَ الْقَدَمَانِ . وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالْخِمَارِ فَقَطْ مَعَ الْقَمِيصِ فَكُنَّ يُصَلِّينَ بقمصهن وَخُمُرِهِنَّ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598854وَأَمَّا الثَّوْبُ الَّتِي كَانَتْ الْمَرْأَةُ تُرْخِيهِ وَسَأَلَتْ عَنْ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : شِبْرًا فَقُلْنَ : إذَنْ تَبْدُو سُوقُهُنَّ فَقَالَ : ذِرَاعٌ لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ } . وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16674عُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ :
[ ص: 119 ] كُتِبَ الْقَتْلُ وَالْقِتَالُ عَلَيْنَا وَعَلَى الْغَانِيَاتِ جَرُّ الذُّيُولِ
فَهَذَا كَانَ إذَا خَرَجْنَ مِنْ الْبُيُوتِ ; وَلِهَذَا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=20055سُئِلَ عَنْ nindex.php?page=treesubj&link=17705_1592الْمَرْأَةِ تَجُرُّ ذَيْلَهَا عَلَى الْمَكَانِ الْقَذِرِ فَقَالَ : يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ } " . وَأَمَّا فِي نَفْسِ الْبَيْتِ فَلَمْ تَكُنْ تَلْبَسُ ذَلِكَ . كَمَا أَنَّ الْخِفَافَ اتَّخَذَهَا النِّسَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ لِسَتْرِ السُّوقِ إذَا خَرَجْنَ وَهُنَّ لَا يَلْبَسْنَهَا فِي الْبُيُوتِ ; وَلِهَذَا قُلْنَ : إذَنْ تَبْدُوا سُوقُهُنَّ . فَكَانَ الْمَقْصُودُ تَغْطِيَةَ السَّاقِ ; لِأَنَّ الثَّوْبَ إذَا كَانَ فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ بَدَا السَّاقُ عِنْدَ الْمَشْيِ .
وَقَدْ رُوِيَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598855أَعْرُوا النِّسَاءَ يَلْزَمْنَ الْحِجَالَ } يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَا تَلْبَسُهُ فِي الْخُرُوجِ لَزِمَتْ الْبَيْتَ وَكُنَّ نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ يُصَلِّينَ فِي بُيُوتِهِنَّ . وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {
لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ } " وَلَمْ يُؤْمَرْنَ مَعَ القمص إلَّا بِالْخُمُرِ لَمْ تُؤْمَرْ بِسَرَاوِيلَ لِأَنَّ الْقَمِيصَ يُغْنِي عَنْهُ وَلَمْ تُؤْمَرْ بِمَا يُغَطِّي رِجْلَيْهَا لَا خُفٍّ وَلَا جَوْرَبٍ وَلَا بِمَا يُغَطِّي يَدَيْهَا لَا بِقُفَّازَيْنِ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ . فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا فِي الصَّلَاةِ سَتْرُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا رِجَالٌ أَجَانِبُ . وَقَدْ رُوِيَ : {
أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَنْظُرُ إلَى الزِّينَةِ الْبَاطِنَةِ فَإِذَا وَضَعَتْ خِمَارَهَا وَقَمِيصَهَا لَمْ يُنْظَرْ إلَيْهَا } وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ عَنْ
خَدِيجَةَ .
[ ص: 120 ] فَهَذَا الْقَدْرُ لِلْقَمِيصِ وَالْخِمَارِ هُوَ الْمَأْمُورُ بِهِ لِحَقِّ الصَّلَاةِ كَمَا يُؤْمَرُ الرَّجُلُ إذَا صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاسِعٍ أَنْ يَلْتَحِفَ بِهِ فَيُغَطِّي عَوْرَتَهُ وَمَنْكِبَيْهِ فَالْمَنْكِبَانِ فِي حَقِّهِ كَالرَّأْسِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ يُصَلِّي فِي قَمِيصٍ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْقَمِيصِ . وَهُوَ فِي الْإِحْرَامِ لَا يَلْبَسُ عَلَى بَدَنِهِ مَا يُقَدِّرُ لَهُ كَالْقَمِيصِ وَالْجُبَّةِ كَمَا أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَنْتَقِبُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ . وَأَمَّا رَأْسُهُ فَلَا يُخَمِّرُهُ وَوَجْهُ الْمَرْأَةِ فِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ
أَحْمَد وَغَيْرِهِ ; قِيلَ : إنَّهُ كَرَأْسِ الرَّجُلِ فَلَا يُغَطَّى . وَقِيلَ : إنَّهُ كَيَدَيْهِ فَلَا تُغَطَّى بِالنِّقَابِ وَالْبُرْقُعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا صُنِعَ عَلَى قَدْرِهِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ ; فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ إلَّا عَنْ الْقُفَّازَيْنِ وَالنِّقَابِ .
وَكُنَّ النِّسَاءُ يُدْنِينَ عَلَى وُجُوهِهِنَّ مَا يَسْتُرُهَا مِنْ الرِّجَالِ مِنْ غَيْرِ وَضْعِ مَا يُجَافِيهَا عَنْ الْوَجْهِ فَعُلِمَ أَنَّ وَجْهَهَا كَيَدَيْ الرَّجُلِ وَيَدَيْهَا ; وَذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ كُلَّهَا عَوْرَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَهَا أَنْ تُغَطِّيَ وَجْهَهَا وَيَدَيْهَا لَكِنْ بِغَيْرِ اللِّبَاسِ الْمَصْنُوعِ بِقَدْرِ الْعُضْوِ كَمَا أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَلْبَسُ السَّرَاوِيلَ وَيَلْبَسُ الْإِزَارَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .