[ ص: 136 ] وقال
شيخ الإسلام فصل في "
nindex.php?page=treesubj&link=1888سجود القرآن " وهو نوعان : خبر عن أهل السجود ومدح لهم أو أمر به وذم على تركه .
فالأول سجدة الأعراف {
nindex.php?page=tafseer&surano=1167&ayano=7إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون } وهذا ذكره بعد الأمر باستماع القرآن والذكر .
وفي الرعد {
nindex.php?page=tafseer&surano=1735&ayano=13ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال } وفي النحل {
nindex.php?page=tafseer&surano=1965&ayano=16أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1966&ayano=16ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون }
[ ص: 137 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=1967&ayano=16يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون } وفي سبحان : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2153&ayano=17إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2154&ayano=17ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2155&ayano=17ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا } وهذا خبر عن سجود مع من سمع القرآن فسجد .
وكذلك في مريم {
nindex.php?page=tafseer&surano=2327&ayano=19أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا } فهؤلاء الأنبياء سجدوا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن وأولئك الذين أوتوا العلم من قبل القرآن إذا يتلى عليهم القرآن يسجدون .
وظاهر هذا سجود مطلق كسجود السحرة وكقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=2وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة } وإن كان المراد به الركوع . فالسجود هو خضوع له وذل له ; ولهذا يعبر به عن الخضوع . كما قال الشاعر : ترى الأكم فيها سجدا للحوافر .
قال جماعة من أهل اللغة : السجود التواضع والخضوع وأنشدوا :
[ ص: 138 ] ساجد المنخر ما يرفعه خاشع الطرف أصم المسمع
قيل
لسهل بن عبد الله : أيسجد القلب ؟ قال : نعم سجدة لا يرفع رأسه منها أبدا .
وفي " سورة الحج " الأولى خبر : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2635&ayano=22ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء } والثانية أمر مقرون بالركوع ولهذا صار فيها نزاع .
وسجدة الفرقان : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2940&ayano=25وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا } خبر مقرون بذم من أمر بالسجود فلم يسجد ليس هو مدحا . وكذلك سجدة " النمل " : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3210&ayano=27وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3211&ayano=27ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3212&ayano=27الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم } خبر يتضمن ذم من يسجد لغير الله ولم يسجد لله . ومن قرأ ألا يا اسجدوا . كانت أمرا .
وفي " الم تنزيل السجدة " {
nindex.php?page=tafseer&surano=3550&ayano=32إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون } وهذا من أبلغ الأمر والتخصيص ; فإنه نفى الإيمان عمن ذكر بآيات ربه ولم يسجد إذا ذكر بها .
وفي " ص " خبر عن سجدة
داود وسماها ركوعا . و " حم تنزيل " أمر صريح : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4296&ayano=41ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4297&ayano=41فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون } . و " النجم " أمر صريح : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4899&ayano=53فاسجدوا لله واعبدوا } و " الانشقاق " أمر صريح عند سماع القرآن {
nindex.php?page=tafseer&surano=5988&ayano=84فما لهم لا يؤمنون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5989&ayano=84وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون } . و " {
nindex.php?page=tafseer&surano=6203&ayano=96اقرأ باسم ربك الذي خلق } " أمر مطلق : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6221&ayano=96واسجد واقترب } فالستة الأول إلى الأولى من الحج خبر ومدح . والتسع البواقي من الثانية من الحج أمر وذم لمن لم يسجد إلا " ص " فنقول : قد تنازع الناس في
nindex.php?page=treesubj&link=1887وجوب سجود التلاوة . قيل : يجب " وقيل لا يجب " وقيل يجب إذا قرئت السجدة في الصلاة وهو رواية عن
أحمد والذي يتبين لي أنه واجب : فإن الآيات التي فيها مدح لا تدل بمجردها على الوجوب لكن آيات الأمر والذم والمطلق منها قد يقال : إنه محمول على الصلاة كالثانية من الحج والفرقان واقرأ وهذا ضعيف فكيف وفيها مقرون بالتلاوة كقوله
[ ص: 140 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=3550&ayano=32إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون } فهذا نفي للإيمان بالآيات عمن لا يخر ساجدا إذا ذكر بها . وإذا كان سامعا لها فقد ذكر بها .
وكذلك " سورة الانشقاق " {
nindex.php?page=tafseer&surano=5988&ayano=84فما لهم لا يؤمنون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5989&ayano=84وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون } وهذا ذم لمن لا يسجد إذا قرئ عليه القرآن كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5618&ayano=74فما لهم عن التذكرة معرضين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5140&ayano=57وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم } {
nindex.php?page=tafseer&surano=575&ayano=4فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا } . وكذلك " سورة النجم " قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4896&ayano=53أفمن هذا الحديث تعجبون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4897&ayano=53وتضحكون ولا تبكون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4898&ayano=53وأنتم سامدون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4899&ayano=53فاسجدوا لله واعبدوا } أمر بالغا عقب ذكر الحديث الذي هو القرآن يقتضي أن سماعه سبب الأمر بالسجود لكن السجود المأمور به عند سماع القرآن كما أنه ليس مختصا بسجود الصلاة فليس هو مختصا بسجود التلاوة فمن ظن هذا أو هذا فقد غلط بل هو متناول لهما جميعا كما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم .
فالسنة تفسر القرآن وتبينه وتدل عليه . فالسجود عند سماع آية السجدة هو سجود مجرد عند سماع آية السجدة سواء تليت مع سائر القرآن أو وحدها ليس هو سجودا عند تلاوة مطلق القرآن فهو سجود عند جنس القرآن . وعند خصوص الأمر بالسجود فالأمر يتناوله . وهو أيضا متناول لسجود القرآن أيضا وهو أبلغ فإنه سبحانه وتعالى
[ ص: 141 ] قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3550&ayano=32إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون } فهذا الكلام يقتضي أنه لا يؤمن بآياته إلا من إذا ذكر بها خر ساجدا وسبح بحمد ربه وهو لا يستكبر .
ومعلوم أن قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3550&ayano=2بآياتنا } ليس [ يعني ] بها آيات السجود فقط بل جميع القرآن فلا بد أن يكون إذا ذكر بجميع آيات القرآن يخر ساجدا وهذا حال المصلي فإنه يذكر بآيات الله بقراءة الإمام والإمام يذكر بقراءة نفسه فلا يكونون مؤمنين حتى يخروا سجدا وهو سجودهم في الصلاة وهو سجود مرتب ينتقلون أولا إلى الركوع ثم إلى السجود والسجود مثنى كما بينه الرسول ليجتمع فيه خروران : خرور من قيام وهو السجدة الأولى وخرور من قعود وهو السجدة الثانية . وهذا مما يستدل به على وجوب قعدة الفصل والطمأنينة فيها كما مضت به السنة ; فإن الخرور ساجدا لا يكون إلا من قعود أو قيام . وإذا فصل بين السجدتين كحد السيف أو كان إلى القعود أقرب لم يكن هذا خرورا .
ولكن الذي جوزه ظن أن السجود يحصل بوضع الرأس على الأرض كيف ما كان . وليس كذلك . بل هو مأمور به كما قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3550&ayano=32إذا ذكروا بها خروا سجدا } ولم يقل : سجدوا . فالخرور مأمور
[ ص: 142 ] به كما ذكره في هذه الآية ونفس الخرور على الذقن عبادة مقصودة كما أن وضع الجبهة على الأرض عبادة مقصودة . يدل على ذلك قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2153&ayano=17إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2154&ayano=17ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2155&ayano=17ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا } فمدح هؤلاء وأثنى عليهم بخرورهم للأذقان أي على الأذقان سجدا . والثاني بخرورهم للأذقان : أي عليها يبكون .
فتبين أن نفس الخرور على الذقن عبادة مقصودة يحبها الله وليس المراد بالخرور إلصاق الذقن بالأرض كما تلصق الجبهة والخرور على الذقن هو مبدأ الركوع والسجود منتهاه فإن الساجد يسجد على جبهته لا على ذقنه لكنه يخر على ذقنه والذقن آخر حد الوجه وهو أسفل شيء منه وأقربه إلى الأرض . فالذي يخر على ذقنه يخر وجهه ورأسه خضوعا لله . ومن حينئذ قد شرع في السجود فكما أن وضع الجبهة هو آخر السجود فالخرور على الذقن أول السجود وتمام الخرور أن يكون من قيام أو قعود وقد روي عن
ابن عباس {
nindex.php?page=tafseer&surano=2155&ayano=17يخرون للأذقان } أي للوجوه . قال
الزجاج : الذي يخر وهو قائم إنما يخر لوجهه والذقن مجتمع اللحيين وهو غضروف أعضاء الوجه . فإذا ابتدأ يخر فأقرب الأشياء من وجهه إلى الأرض الذقن .
[ ص: 143 ] وقال
ابن الأنباري : أول ما يلقى الأرض من الذي يخر قبل أن يصوب جبهته ذقنه فلذلك قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2155&ayano=17للأذقان } ويجوز أن يكون المعنى يخرون للوجوه فاكتفى بالذقن من الوجه . كما يكتفي بالبعض من الكل . وبالنوع من الجنس .
قلت : والذي يخر على الذقن لا يسجد على الذقن فليس الذقن من أعضاء السجود بل أعضاء السجود سبعة . كما قال النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=599290أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء : الجبهة وأشار بيده إلى الأنف واليدين والركبتين والقدمين } ولو سجد على ذقنه ارتفعت جبهته والجمع بينهما متعذر أو متعسر ; لأن الأنف بينهما وهو ناتئ يمنع إلصاقهما معا بالأرض في حال واحدة فالساجد يخر على ذقنه ويسجد على جبهته . فهذا خرور السجود . ثم قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2155&ayano=17ويخرون للأذقان يبكون } فهذا خرور البكاء قد يكون معه سجود وقد لا يكون .
فالأول كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2327&ayano=19إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا } فهذا خرور وسجود وبكاء .
والثاني : كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2155&ayano=17ويخرون للأذقان يبكون } فقد يبكي الباكي من خشية الله مع خضوعه بخروره وإن لم يصل إلى حد السجود
[ ص: 144 ] وهذا عبادة أيضا ; لما فيه من الخرور لله والبكاء له . وكلاهما عبادة لله فإن بكاء الباكي لله كالذي يبكي من خشية الله . من أفضل العبادات . وقد روي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=599291عينان لا تمسهما النار : عين باتت تحرس في سبيل الله وعين يخرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله } وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=599292سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل دعته امرأة ذات حسب وجمال فقال إني أخاف الله رب العالمين } .
فذكر صلى الله عليه وسلم هؤلاء السبعة إذ كل منهم كمل العبادة التي قام بها وقد صنف مصنف في نعتهم سماه ( اللمعة في أوصاف السبعة . فالإمام العادل : كمل ما يجب من الإمارة والشاب الناشئ في عبادة الله كمل ما يجب من عبادة الله والذي قلبه معلق بالمساجد كمل عمارة المساجد بالصلوات الخمس لقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1262&ayano=9إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله } . والعفيف : كمل الخوف من الله والمتصدق كمل الصدقة لله ; والباكي : كمل الإخلاص .
[ ص: 145 ] وأما قوله عن
داود عليه السلام {
nindex.php?page=tafseer&surano=4032&ayano=38وخر راكعا وأناب } لا ريب أنه سجد . كما ثبت بالسنة وإجماع المسلمين أنه سجد لله والله سبحانه مدحه بكونه خر راكعا وهذا أول السجود وهو خروره . فذكر سبحانه أول فعله وهو خروره راكعا ليبين أن هذا عبادة مقصودة وإن كان هذا الخرور كان ليسجد . كما أثنى على النبيين بأنهم كانوا {
nindex.php?page=tafseer&surano=2327&ayano=19إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2153&ayano=17الذين أوتوا العلم من قبله } أنهم {
nindex.php?page=tafseer&surano=2153&ayano=17إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2155&ayano=17ويخرون للأذقان يبكون } وذلك لأن الخرور هو أول الخضوع المنافي للكبر فإن المتكبر يكره أن يخر ويحب أن لا يزال منتصبا مرتفعا إذا كان الخرور فيه ذل وتواضع وخشوع ; ولهذا يأنف منه أهل الكبر من العرب وغير العرب . فكان أحدهم إذا سقط منه الشيء لا يتناوله لئلا يخر وينحني .
فإن الخرور انخفاض الوجه والرأس وهو أعلى ما في الإنسان وأفضله وهو قد خلق رفيعا منتصبا فإذا خفضه لا سيما بالسجود كان ذلك غاية ذله ; ولهذا لم يصلح السجود إلا لله فمن سجد لغيره فهو مشرك ومن لم يسجد له فهو مستكبر عن عبادته وكلاهما كافر من أهل النار . قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4233&ayano=40وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } وقال
[ ص: 146 ] تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4296&ayano=41ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون } وقال في قصة
بلقيس : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3210&ayano=27وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3211&ayano=27ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3212&ayano=27الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم } والشمس أعظم ما يرى في عالم الشهادة وأعمه نفعا وتأثيرا . فالنهي عن السجود لها نهي عما هو دونها بطريق الأولى من الكواكب والأشجار وغير ذلك .
وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4296&ayano=41واسجدوا لله الذي خلقهن } دلالة على أن السجود للخالق لا للمخلوق وإن عظم قدره ; بل لمن خلقه . وهذا لمن يقصد عبادته وحده . كما قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4296&ayano=2إن كنتم إياه تعبدون } لا يصلح له أن يسجد لهذه المخلوقات قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4297&ayano=41فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون } فإنه قد علم سبحانه أن في بني
آدم من يستكبر عن السجود له فقال : الذين هم أعظم من هؤلاء لا يستكبرون عن عبادة ربهم " بل يسبحون له بالليل والنهار ولا يحصل لهم سآمة ولا ملالة . بخلاف الآدميين فوصفهم هنا بالتسبيح له ووصفهم بالتسبيح والسجود جميعا في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1167&ayano=7إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون }
[ ص: 147 ] وهم يصفون له صفوفا كما قالوا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3990&ayano=37وإنا لنحن الصافون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3991&ayano=37وإنا لنحن المسبحون } .
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1695ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها ؟ قالوا : وكيف تصف الملائكة عند ربها قال : يسدون الأول فالأول ويتراصون في الصف } .
[ ص: 136 ] وَقَالَ
شَيْخُ الْإِسْلَامِ فَصْلٌ فِي "
nindex.php?page=treesubj&link=1888سُجُودِ الْقُرْآنِ " وَهُوَ نَوْعَانِ : خَبَرٌ عَنْ أَهْلِ السُّجُودِ وَمَدْحٌ لَهُمْ أَوْ أَمْرٌ بِهِ وَذَمٌّ عَلَى تَرْكِهِ .
فَالْأَوَّلُ سَجْدَةُ الْأَعْرَافِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=1167&ayano=7إنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ } وَهَذَا ذَكَرَهُ بَعْدَ الْأَمْرِ بِاسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ .
وَفِي الرَّعْدِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=1735&ayano=13وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ } وَفِي النَّحْلِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=1965&ayano=16أَوَلَمْ يَرَوْا إلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1966&ayano=16وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ }
[ ص: 137 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=1967&ayano=16يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } وَفِي سُبْحَانَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2153&ayano=17إنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2154&ayano=17وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2155&ayano=17وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا } وَهَذَا خَبَرٌ عَنْ سُجُودٍ مَعَ مَنْ سَمِعَ الْقُرْآنَ فَسَجَدَ .
وَكَذَلِكَ فِي مَرْيَمَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2327&ayano=19أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا } فَهَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءُ سَجَدُوا إذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ وَأُولَئِكَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِ الْقُرْآنِ إذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ يَسْجُدُونَ .
وَظَاهِرُ هَذَا سُجُودٌ مُطْلَقٌ كَسُجُودِ السَّحَرَةِ وَكَقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=2وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ } وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الرُّكُوعَ . فَالسُّجُودُ هُوَ خُضُوعٌ لَهُ وَذُلٌّ لَهُ ; وَلِهَذَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْخُضُوعِ . كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ : تَرَى الْأَكَمَ فِيهَا سُجَّدًا لِلْحَوَافِرِ .
قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ : السُّجُودُ التَّوَاضُعُ وَالْخُضُوعُ وَأَنْشَدُوا :
[ ص: 138 ] سَاجِدُ الْمَنْخِرِ مَا يَرْفَعُهُ خَاشِعُ الطَّرْفِ أَصَمُّ الْمَسْمَعِ
قِيلَ
لِسَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ : أَيَسْجُدُ الْقَلْبُ ؟ قَالَ : نَعَمْ سَجْدَةً لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْهَا أَبَدًا .
وَفِي " سُورَةِ الْحَجِّ " الْأُولَى خَبَرُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2635&ayano=22أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ } وَالثَّانِيَةُ أَمْرٌ مَقْرُونٌ بِالرُّكُوعِ وَلِهَذَا صَارَ فِيهَا نِزَاعٌ .
وَسَجْدَةُ الْفُرْقَانِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2940&ayano=25وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا } خَبَرٌ مَقْرُونٌ بِذَمِّ مَنْ أُمِرَ بِالسُّجُودِ فَلَمْ يَسْجُدْ لَيْسَ هُوَ مَدْحًا . وَكَذَلِكَ سَجْدَةُ " النَّمْلِ " : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3210&ayano=27وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3211&ayano=27أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3212&ayano=27اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } خَبَرٌ يَتَضَمَّنُ ذَمَّ مَنْ يَسْجُدُ لِغَيْرِ اللَّهِ وَلَمْ يَسْجُدْ لِلَّهِ . وَمَنْ قَرَأَ أَلَا يَا اُسْجُدُوا . كَانَتْ أَمْرًا .
وَفِي " الم تَنْزِيل السَّجْدَة " {
nindex.php?page=tafseer&surano=3550&ayano=32إنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ } وَهَذَا مِنْ أَبْلَغِ الْأَمْرِ وَالتَّخْصِيصِ ; فَإِنَّهُ نَفَى الْإِيمَانَ عَمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَمْ يَسْجُدْ إذَا ذُكِّرَ بِهَا .
وَفِي " ص " خَبَرٌ عَنْ سَجْدَةِ
داود وَسَمَّاهَا رُكُوعًا . وَ " حم تَنْزِيل " أَمْرٌ صَرِيحٌ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4296&ayano=41وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إنْ كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4297&ayano=41فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ } . وَ " النَّجْم " أَمْرٌ صَرِيحٌ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4899&ayano=53فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا } وَ " الِانْشِقَاق " أَمْرٌ صَرِيحٌ عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5988&ayano=84فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5989&ayano=84وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ } . وَ " {
nindex.php?page=tafseer&surano=6203&ayano=96اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } " أَمْرٌ مُطْلَقٌ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6221&ayano=96وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ } فَالسِّتَّةُ الْأُوَلُ إلَى الْأُولَى مِنْ الْحَجِّ خَبَرٌ وَمَدْحٌ . وَالتِّسْعُ الْبَوَاقِي مِنْ الثَّانِيَةِ مِنْ الْحَجِّ أَمْرٌ وَذَمٌّ لِمَنْ لَمْ يَسْجُدْ إلَّا " ص " فَنَقُولُ : قَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=1887وُجُوبِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ . قِيلَ : يَجِبُ " وَقِيل لَا يَجِبُ " وَقِيلَ يَجِبُ إذَا قُرِئَتْ السَّجْدَةُ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ
أَحْمَد وَاَلَّذِي يَتَبَيَّنُ لِي أَنَّهُ وَاجِبٌ : فَإِنَّ الْآيَاتِ الَّتِي فِيهَا مَدْحٌ لَا تَدُلُّ بِمُجَرَّدِهَا عَلَى الْوُجُوبِ لَكِنَّ آيَاتِ الْأَمْرِ وَالذَّمِّ وَالْمُطْلَقَ مِنْهَا قَدْ يُقَالُ : إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الصَّلَاةِ كَالثَّانِيَةِ مِنْ الْحَجِّ وَالْفُرْقَانِ وَاقْرَأْ وَهَذَا ضَعِيفٌ فَكَيْفَ وَفِيهَا مَقْرُونٌ بِالتِّلَاوَةِ كَقَوْلِهِ
[ ص: 140 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=3550&ayano=32إنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ } فَهَذَا نَفْيٌ لِلْإِيمَانِ بِالْآيَاتِ عَمَّنْ لَا يَخِرُّ سَاجِدًا إذَا ذُكِّرَ بِهَا . وَإِذَا كَانَ سَامِعًا لَهَا فَقَدْ ذُكِّرَ بِهَا .
وَكَذَلِكَ " سُورَةُ الِانْشِقَاقِ " {
nindex.php?page=tafseer&surano=5988&ayano=84فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5989&ayano=84وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ } وَهَذَا ذَمٌّ لِمَنْ لَا يَسْجُدُ إذَا قُرِئَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5618&ayano=74فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5140&ayano=57وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=575&ayano=4فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا } . وَكَذَلِكَ " سُورَةُ النَّجْمِ " قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4896&ayano=53أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4897&ayano=53وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4898&ayano=53وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4899&ayano=53فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا } أَمْرٌ بَالِغًا عَقِبَ ذِكْرِ الْحَدِيثِ الَّذِي هُوَ الْقُرْآنُ يَقْتَضِي أَنَّ سَمَاعَهُ سَبَبُ الْأَمْرِ بِالسُّجُودِ لَكِنَّ السُّجُودَ الْمَأْمُورَ بِهِ عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِسُجُودِ الصَّلَاةِ فَلَيْسَ هُوَ مُخْتَصًّا بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ فَمَنْ ظَنَّ هَذَا أَوْ هَذَا فَقَدَ غَلِطَ بَلْ هُوَ مُتَنَاوِلٌ لَهُمَا جَمِيعًا كَمَا بَيَّنَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فَالسُّنَّةُ تُفَسِّرُ الْقُرْآنَ وَتُبَيِّنُهُ وَتَدُلُّ عَلَيْهِ . فَالسُّجُودُ عِنْدَ سَمَاعِ آيَةِ السَّجْدَةِ هُوَ سُجُودٌ مُجَرَّدٌ عِنْدَ سَمَاعِ آيَةِ السَّجْدَةِ سَوَاءٌ تُلِيَتْ مَعَ سَائِرِ الْقُرْآنِ أَوْ وَحْدَهَا لَيْسَ هُوَ سُجُودًا عِنْدَ تِلَاوَةِ مُطْلَقِ الْقُرْآنِ فَهُوَ سُجُودٌ عِنْدَ جِنْسِ الْقُرْآنِ . وَعِنْدَ خُصُوصِ الْأَمْرِ بِالسُّجُودِ فَالْأَمْرُ يَتَنَاوَلُهُ . وَهُوَ أَيْضًا مُتَنَاوِلٌ لِسُجُودِ الْقُرْآنِ أَيْضًا وَهُوَ أَبْلَغُ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
[ ص: 141 ] قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3550&ayano=32إنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ } فَهَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِهِ إلَّا مَنْ إذَا ذُكِّرَ بِهَا خَرَّ سَاجِدًا وَسَبَّحَ بِحَمْدِ رَبِّهِ وَهُوَ لَا يَسْتَكْبِرُ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3550&ayano=2بِآيَاتِنَا } لَيْسَ [ يَعْنِي ] بِهَا آيَاتِ السُّجُودِ فَقَطْ بَلْ جَمِيعَ الْقُرْآنِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ إذَا ذُكِّرَ بِجَمِيعِ آيَاتِ الْقُرْآنِ يَخِرُّ سَاجِدًا وَهَذَا حَالُ الْمُصَلِّي فَإِنَّهُ يَذَّكَّرُ بِآيَاتِ اللَّهِ بِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ وَالْإِمَامُ يَذَّكَّرُ بِقِرَاءَةِ نَفْسِهِ فَلَا يَكُونُونَ مُؤْمِنِينَ حَتَّى يَخِرُّوا سُجَّدًا وَهُوَ سُجُودُهُمْ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ سُجُودٌ مُرَتَّبٌ يَنْتَقِلُونَ أَوَّلًا إلَى الرُّكُوعِ ثُمَّ إلَى السُّجُودِ وَالسُّجُودُ مَثْنَى كَمَا بَيَّنَهُ الرَّسُولُ لِيَجْتَمِعَ فِيهِ خَرُورَانِ : خُرُورٌ مِنْ قِيَامٍ وَهُوَ السَّجْدَةُ الْأُولَى وَخُرُورٌ مِنْ قُعُودٍ وَهُوَ السَّجْدَةُ الثَّانِيَةُ . وَهَذَا مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ قَعْدَةِ الْفَصْلِ وَالطُّمَأْنِينَةِ فِيهَا كَمَا مَضَتْ بِهِ السُّنَّةُ ; فَإِنَّ الْخُرُورَ سَاجِدًا لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ قُعُودٍ أَوْ قِيَامٍ . وَإِذَا فَصَلَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ كَحَدِّ السَّيْفِ أَوْ كَانَ إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبَ لَمْ يَكُنْ هَذَا خُرُورًا .
وَلَكِنَّ الَّذِي جَوَّزَهُ ظَنَّ أَنَّ السُّجُودَ يَحْصُلُ بِوَضْعِ الرَّأْسِ عَلَى الْأَرْضِ كَيْفَ مَا كَانَ . وَلَيْسَ كَذَلِكَ . بَلْ هُوَ مَأْمُورٌ بِهِ كَمَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3550&ayano=32إذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا } وَلَمْ يَقُلْ : سَجَدُوا . فَالْخُرُورُ مَأْمُورٌ
[ ص: 142 ] بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَنَفْسُ الْخُرُورِ عَلَى الذَّقَنِ عِبَادَةٌ مَقْصُودَةٌ كَمَا أَنَّ وَضْعَ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ عِبَادَةٌ مَقْصُودَةٌ . يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2153&ayano=17إنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2154&ayano=17وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2155&ayano=17وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا } فَمَدَحَ هَؤُلَاءِ وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ بِخَرُورِهِمْ لِلْأَذْقَانِ أَيْ عَلَى الْأَذْقَانِ سُجَّدًا . وَالثَّانِي بِخَرُورِهِمْ لِلْأَذْقَانِ : أَيْ عَلَيْهَا يَبْكُونَ .
فَتَبَيَّنَ أَنَّ نَفْسَ الْخُرُورِ عَلَى الذَّقَنِ عِبَادَةٌ مَقْصُودَةٌ يُحِبُّهَا اللَّهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْخُرُورِ إلْصَاقَ الذَّقَنِ بِالْأَرْضِ كَمَا تُلْصَقُ الْجَبْهَةُ وَالْخُرُورُ عَلَى الذَّقَنِ هُوَ مَبْدَأُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودُ مُنْتَهَاهُ فَإِنَّ السَّاجِدَ يَسْجُدُ عَلَى جَبْهَتِهِ لَا عَلَى ذَقَنِهِ لَكِنَّهُ يَخِرُّ عَلَى ذَقَنِهِ وَالذَّقَنُ آخِرُ حَدِّ الْوَجْهِ وَهُوَ أَسْفَلُ شَيْءٍ مِنْهُ وَأَقْرَبُهُ إلَى الْأَرْضِ . فَاَلَّذِي يَخِرُّ عَلَى ذَقَنِهِ يَخِرُّ وَجْهُهُ وَرَأْسُهُ خُضُوعًا لِلَّهِ . وَمِنْ حِينَئِذٍ قَدْ شُرِعَ فِي السُّجُودِ فَكَمَا أَنَّ وَضْعَ الْجَبْهَةِ هُوَ آخِرُ السُّجُودِ فَالْخُرُورُ عَلَى الذَّقَنِ أَوَّلُ السُّجُودِ وَتَمَامُ الْخُرُورِ أَنْ يَكُونَ مِنْ قِيَامٍ أَوْ قُعُودٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2155&ayano=17يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ } أَيْ لِلْوُجُوهِ . قَالَ
الزَّجَّاجُ : الَّذِي يَخِرُّ وَهُوَ قَائِمٌ إنَّمَا يَخِرُّ لِوَجْهِهِ وَالذَّقَنُ مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ وَهُوَ غُضْرُوفُ أَعْضَاءِ الْوَجْهِ . فَإِذَا ابْتَدَأَ يَخِرُّ فَأَقْرَبُ الْأَشْيَاءِ مِنْ وَجْهِهِ إلَى الْأَرْضِ الذَّقَنُ .
[ ص: 143 ] وَقَالَ
ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : أَوَّلُ مَا يَلْقَى الْأَرْضَ مِنْ الَّذِي يَخِرُّ قَبْلَ أَنْ يُصَوِّبَ جَبْهَتَهُ ذَقَنُهُ فَلِذَلِكَ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2155&ayano=17لِلْأَذْقَانِ } وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى يَخِرُّونَ لِلْوُجُوهِ فَاكْتَفَى بِالذَّقَنِ مِنْ الْوَجْهِ . كَمَا يَكْتَفِي بِالْبَعْضِ مِنْ الْكُلِّ . وَبِالنَّوْعِ مِنْ الْجِنْسِ .
قُلْت : وَاَلَّذِي يَخِرُّ عَلَى الذَّقَنِ لَا يَسْجُدُ عَلَى الذَّقَنِ فَلَيْسَ الذَّقَنُ مِنْ أَعْضَاءِ السُّجُودِ بَلْ أَعْضَاءُ السُّجُودِ سَبْعَةٌ . كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=599290أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ : الْجَبْهَةِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى الْأَنْفِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ } وَلَوْ سَجَدَ عَلَى ذَقَنِهِ ارْتَفَعَتْ جَبْهَتُهُ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُتَعَذَّرٌ أَوْ مُتَعَسِّرٌ ; لِأَنَّ الْأَنْفَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ نَاتِئٌ يَمْنَعُ إلْصَاقَهُمَا مَعًا بِالْأَرْضِ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ فَالسَّاجِدُ يَخِرُّ عَلَى ذَقَنِهِ وَيَسْجُدُ عَلَى جَبْهَتِهِ . فَهَذَا خُرُورُ السُّجُودِ . ثُمَّ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2155&ayano=17وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ } فَهَذَا خُرُورُ الْبُكَاءِ قَدْ يَكُونُ مَعَهُ سُجُودٌ وَقَدْ لَا يَكُونُ .
فَالْأَوَّلُ كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2327&ayano=19إذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا } فَهَذَا خُرُورٌ وَسُجُودٌ وَبُكَاءٌ .
وَالثَّانِي : كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2155&ayano=17وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ } فَقَدْ يَبْكِي الْبَاكِي مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ مَعَ خُضُوعِهِ بِخُرُورِهِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى حَدِّ السُّجُودِ
[ ص: 144 ] وَهَذَا عِبَادَةٌ أَيْضًا ; لِمَا فِيهِ مِنْ الْخُرُورِ لِلَّهِ وَالْبُكَاءِ لَهُ . وَكِلَاهُمَا عِبَادَةٌ لِلَّهِ فَإِنَّ بُكَاءَ الْبَاكِي لِلَّهِ كَاَلَّذِي يَبْكِي مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ . مِنْ أَفْضَلِ الْعِبَادَاتِ . وَقَدْ رُوِيَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=599291عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ : عَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَعَيْنٌ يَخْرُجُ مِنْهَا مِثْلُ رَأْسِ الذُّبَابِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ } وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=599292سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ : إمَامٌ عَادِلٌ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ إذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إلَيْهِ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةِ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ حَسَبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ } .
فَذَكَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَؤُلَاءِ السَّبْعَةَ إذْ كُلٌّ مِنْهُمْ كَمَّلَ الْعِبَادَةَ الَّتِي قَامَ بِهَا وَقَدْ صَنَّفَ مُصَنِّفٌ فِي نَعْتِهِمْ سَمَّاهُ ( اللُّمْعَةَ فِي أَوْصَافِ السَّبْعَةِ . فَالْإِمَامُ الْعَادِلُ : كَمَّلَ مَا يَجِبُ مِنْ الْإِمَارَةِ وَالشَّابُّ النَّاشِئُ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ كَمَّلَ مَا يَجِبُ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَاَلَّذِي قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسَاجِدِ كَمَّلَ عِمَارَةَ الْمَسَاجِدِ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ لِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1262&ayano=9إنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ } . وَالْعَفِيفُ : كَمَّلَ الْخَوْفَ مِنْ اللَّهِ وَالْمُتَصَدِّقُ كَمَّلَ الصَّدَقَةَ لِلَّهِ ; وَالْبَاكِي : كَمَّلَ الْإِخْلَاصَ .
[ ص: 145 ] وَأَمَّا قَوْلُهُ عَنْ
داود عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=4032&ayano=38وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ } لَا رَيْبَ أَنَّهُ سَجَدَ . كَمَا ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ سَجَدَ لِلَّهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ مَدَحَهُ بِكَوْنِهِ خَرَّ رَاكِعًا وَهَذَا أَوَّلُ السُّجُودِ وَهُوَ خُرُورُهُ . فَذَكَرَ سُبْحَانَهُ أَوَّلَ فِعْلِهِ وَهُوَ خُرُورُهُ رَاكِعًا لِيُبَيِّنَ أَنَّ هَذَا عِبَادَةٌ مَقْصُودَةٌ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْخُرُورُ كَانَ لِيَسْجُدَ . كَمَا أَثْنَى عَلَى النَّبِيِّينَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا {
nindex.php?page=tafseer&surano=2327&ayano=19إذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2153&ayano=17الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ } أَنَّهُمْ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2153&ayano=17إذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2155&ayano=17وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ } وَذَلِكَ لِأَنَّ الْخُرُورَ هُوَ أَوَّلُ الْخُضُوعِ الْمُنَافِي لِلْكِبْرِ فَإِنَّ الْمُتَكَبِّرَ يَكْرَهُ أَنْ يَخِرَّ وَيُحِبَّ أَنْ لَا يَزَالَ مُنْتَصِبًا مُرْتَفِعًا إذَا كَانَ الْخُرُورُ فِيهِ ذُلٌّ وَتَوَاضُعٌ وَخُشُوعٌ ; وَلِهَذَا يَأْنَفُ مِنْهُ أَهْلُ الْكِبْرِ مِنْ الْعَرَبِ وَغَيْرِ الْعَرَبِ . فَكَانَ أَحَدُهُمْ إذَا سَقَطَ مِنْهُ الشَّيْءُ لَا يَتَنَاوَلُهُ لِئَلَّا يَخِرُّ وَيَنْحَنِي .
فَإِنَّ الْخُرُورَ انْخِفَاضُ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَهُوَ أَعْلَى مَا فِي الْإِنْسَانِ وَأَفْضَلُهُ وَهُوَ قَدْ خُلِقَ رَفِيعًا مُنْتَصِبًا فَإِذَا خَفَضَهُ لَا سِيَّمَا بِالسُّجُودِ كَانَ ذَلِكَ غَايَةَ ذُلِّهِ ; وَلِهَذَا لَمْ يَصْلُحْ السُّجُودُ إلَّا لِلَّهِ فَمَنْ سَجَدَ لِغَيْرِهِ فَهُوَ مُشْرِكٌ وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ لَهُ فَهُوَ مُسْتَكْبِرٌ عَنْ عِبَادَتِهِ وَكِلَاهُمَا كَافِرٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ . قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4233&ayano=40وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } وَقَالَ
[ ص: 146 ] تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4296&ayano=41وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إنْ كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ } وَقَالَ فِي قِصَّةِ
بلقيس : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3210&ayano=27وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3211&ayano=27أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3212&ayano=27اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } وَالشَّمْسُ أَعْظَمُ مَا يُرَى فِي عَالَمِ الشَّهَادَةِ وَأَعَمُّهُ نَفْعًا وَتَأْثِيرًا . فَالنَّهْيُ عَنْ السُّجُودِ لَهَا نَهْيٌ عَمَّا هُوَ دُونَهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى مِنْ الْكَوَاكِبِ وَالْأَشْجَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .
وَقَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4296&ayano=41وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ } دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ السُّجُودَ لِلْخَالِقِ لَا لِلْمَخْلُوقِ وَإِنْ عَظُمَ قَدْرُهُ ; بَلْ لِمَنْ خَلَقَهُ . وَهَذَا لِمَنْ يَقْصِدُ عِبَادَتَهُ وَحْدَهُ . كَمَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4296&ayano=2إنْ كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ } لَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ لِهَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4297&ayano=41فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ } فَإِنَّهُ قَدْ عَلِمَ سُبْحَانَهُ أَنَّ فِي بَنِي
آدَمَ مَنْ يَسْتَكْبِرُ عَنْ السُّجُودِ لَهُ فَقَالَ : الَّذِينَ هُمْ أَعْظَمُ مِنْ هَؤُلَاءِ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَةِ رَبِّهِمْ " بَلْ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ سَآمَةٌ وَلَا مَلَالَةٌ . بِخِلَافِ الْآدَمِيِّينَ فَوَصَفَهُمْ هُنَا بِالتَّسْبِيحِ لَهُ وَوَصَفَهُمْ بِالتَّسْبِيحِ وَالسُّجُودِ جَمِيعًا فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1167&ayano=7إنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ }
[ ص: 147 ] وَهُمْ يَصُفُّونَ لَهُ صُفُوفًا كَمَا قَالُوا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3990&ayano=37وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3991&ayano=37وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ } .
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1695أَلَّا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا ؟ قَالُوا : وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا قَالَ : يَسُدُّونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ } .