الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
وسئل عن nindex.php?page=treesubj&link=1343رجل صلى بغير وضوء إماما وهو لا يعلم أو عليه نجاسة لا يعلم بها : فهل صلاته جائزة ؟ أم لا ؟ وإن كانت صلاته جائزة : فهل صلاة المأمومين خلفه تصح ؟ أفتونا مأجورين .
فأجاب : أما nindex.php?page=treesubj&link=1343_1649المأموم إذا لم يعلم بحدث الإمام أو النجاسة التي عليه حتى قضيت الصلاة فلا إعادة عليه عند الشافعي وكذلك عند مالك وأحمد إذا كان الإمام غير عالم ويعيد وحده إذا كان محدثا . وبذلك مضت سنة الخلفاء الراشدين فإنهم صلوا بالناس ثم رأوا الجنابة بعد الصلاة فأعادوا ولم يأمروا الناس بالإعادة والله أعلم .
[ ص: 370 ] وقال شيخ الإسلام فصل في nindex.php?page=treesubj&link=1727انعقاد صلاة المأموم بصلاة الإمام . الناس فيه على ثلاثة أقوال أحدها : أنه لا ارتباط بينهما وأن كل امرئ يصلي لنفسه وفائدة الائتمام في تكثير الثواب بالجماعة وهذا هو الغالب على أصل الشافعي لكن قد عورض بمنعه اقتداء القارئ بالأمي والرجل بالمرأة وإبطال صلاة المؤتم بمن لا صلاة له : كالكافر والمحدث . وفي هذه المسائل كلام ليس هذا موضعه . ومن الحجة فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الأئمة : { nindex.php?page=hadith&LINKID=599413إن أحسنوا فلكم ولهم وإن أساءوا فلكم وعليهم } .
والقول الثاني : أنها منعقدة بصلاة الإمام وفرع عليها مطلقا فكل خلل حصل في صلاة الإمام يسري إلى صلاة المأموم لقوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=13847الإمام ضامن } . وعلى هذا فالمؤتم بالمحدث [ ص: 371 ] الناسي لحدثه يعيد كما يعيد إمامه وهذا مذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد اختارها nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب . حتى اختار بعض هؤلاء كمحمد بن الحسن أن لا يأتم المتوضئ بالمتيمم لنقص طهارته عنه .
والقول الثالث : أنها منعقدة بصلاة الإمام لكن إنما يسري النقص إلى صلاة المأموم مع عدم العذر منهما فأما مع العذر فلا يسري النقص فإذا كان الإمام يعتقد طهارته فهو معذور في الإمامة والمأموم معذور في الائتمام وهذا قول مالك وأحمد وغيرهما . وعليه يتنزل ما يؤثر عن الصحابة في هذه المسألة وهو أوسط الأقوال كما ذكرنا في نفس صفة الإمام الناقص ; أن حكمه مع الحاجة يخالف حكمه مع عدم الحاجة . فحكم صلاته كحكم نفسه .
وعلى هذا أيضا ينبني اقتداء المؤتم بإمام قد ترك ما يعتقده المأموم من فرائض الصلاة إذا كان الإمام متأولا تأويلا يسوغ كأن لا يتوضأ من خروج النجاسات ولا من مس الذكر ونحو ذلك . فإن اعتقاد الإمام هنا صحة صلاته كاعتقاده صحتها مع عدم العلم بالحدث وأولى . فإنه هناك تجب عليه الإعادة وهذا أصل نافع أيضا . ويدل على صحة هذا القول ما أخرجه البخاري في صحيحه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=43902يصلون [ ص: 372 ] لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطئوا فلكم وعليهم } فهذا نص في أن nindex.php?page=treesubj&link=28143الإمام إذا أخطأ كان درك خطئه عليه لا على المأمومين . فمن nindex.php?page=treesubj&link=1715_28143صلى معتقدا طهارته وكان محدثا أو جنبا أو كانت عليه نجاسة وقلنا عليه الإعادة للنجاسة كما يعيد من الحدث : فهذا الإمام مخطئ في هذا الاعتقاد فيكون خطؤه عليه فيعيد صلاته . وأما المأمومون فلهم هذه الصلاة وليس عليهم من خطئه شيء كما صرح به رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهذا نص في إجزاء صلاتهم وكذلك لو nindex.php?page=treesubj&link=24994_28143ترك الإمام بعض فرائض الصلاة بتأويل أخطأ فيه عند المأموم : مثل أن يمس ذكره ويصلي أو يحتجم ويصلي أو يترك قراءة البسملة أو يصلي وعليه نجاسة لا يعفى عنها عند المأموم ونحو ذلك . فهذا الإمام أسوأ أحواله أن يكون مخطئا إن لم يكن مصيبا . فتكون هذه الصلاة للمأموم وليس عليه من خطإ إمامه شيء .
وكذلك روى أحمد وأبو داود عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { nindex.php?page=hadith&LINKID=599414من أم الناس فأصاب الوقت وأتم الصلاة فله ولهم ومن انتقص من ذلك شيئا فعليه ولا عليهم } لكن لم يذكر أبو داود " وأتم الصلاة " فهذا الانتقاص يفسره الحديث الأول أنه الخطأ ومفهوم قوله : { nindex.php?page=hadith&LINKID=599415وإن أخطأ فعليه ولا عليهم } أنه إذا تعمد لم يكن كذلك ولاتفاق المسلمين على أن من يترك الأركان المتفق عليها لا تنبغي الصلاة خلفه .