[ ص: 423 ] وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=29648_29644من كفر المسلمين أو استحل دماءهم وأموالهم ببدعة ابتدعها ليست في كتاب الله ولا سنة رسوله فإنه يجب نهيه عن ذلك وعقوبته بما يزجره ولو بالقتل أو القتال .
فإنه إذا عوقب المعتدون من جميع الطوائف ، وأكرم المتقون من جميع الطوائف ; كان ذلك من أعظم الأسباب التي ترضي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
وتصلح أمر المسلمين .
ويجب على أولي الأمر وهم علماء كل طائفة وأمراؤها ومشايخها أن يقوموا على عامتهم ويأمروهم بالمعروف وينهوهم عن المنكر ; فيأمرونهم بما أمر الله به ورسوله وينهونهم عما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم .
( فالأول مثل شرائع الإسلام : وهي الصلوات الخمس في مواقيتها وإقامة الجمعة والجماعات من الواجبات والسنن الراتبات : كالأعياد وصلاة الكسوف والاستسقاء والتراويح وصلاة الجنائز وغير ذلك .
وكذلك الصدقات المشروعة والصوم المشروع وحج البيت الحرام .
ومثل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره ; ومثل الإحسان وهو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
ومثل سائر ما أمر الله به ورسوله من الأمور الباطنة والظاهرة ومثل إخلاص الدين لله والتوكل على الله وأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما
[ ص: 424 ] سواهما ، والرجاء لرحمة الله ، والخشية من عذابه والصبر لحكم الله والتسليم لأمر الله ومثل : صدق الحديث والوفاء بالعهود وأداء الأمانات إلى أهلها ، وبر الوالدين وصلة الأرحام ، والتعاون على البر والتقوى والإحسان إلى الجار واليتيم والمسكين وابن السبيل والصاحب والزوجة والمملوك والعدل في المقال والفعال ; ثم الندب إلى مكارم الأخلاق ; مثل أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك ; قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4354&ayano=42وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4355&ayano=42ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4356&ayano=42إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4357&ayano=42ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور } .
وأما " المنكر " الذي نهى الله عنه ورسوله فأعظمه
nindex.php?page=treesubj&link=28675_28676الشرك بالله وهو أن يدعو مع الله إلها آخر ; إما الشمس وإما القمر أو الكواكب ; أو ملكا من الملائكة أو نبيا من الأنبياء ; أو رجلا من الصالحين أو أحدا من الجن أو تماثيل هؤلاء أو قبورهم أو غير ذلك مما يدعى من دون الله تعالى أو يستغاث به أو يسجد له فكل هذا وأشباهه من الشرك الذي حرمه الله على لسان جميع رسله .
وقد حرم الله قتل النفس بغير حقها وأكل أموال الناس بالباطل إما
[ ص: 425 ] بالغصب وإما بالربا أو الميسر كالبيوع والمعاملات التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك قطيعة الرحم وعقوق الوالدين وتطفيف المكيال والميزان والإثم والبغي بغير الحق .
وكذلك مما حرمه الله تعالى أن يقول الرجل على الله ما لا يعلم مثل أن يروي عن الله ورسوله أحاديث يجزم بها وهو لا يعلم صحتها أو يصف الله بصفات لم ينزل بها كتاب من الله ولا أثارة من علم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء كانت من صفات النفي والتعطيل مثل قول الجهمية
: إنه ليس فوق العرش ولا فوق السموات ; وإنه لا يرى في الآخرة ; وإنه لا يتكلم ولا يحب ونحو ذلك مما كذبوا به الله ورسوله أو كانت من صفات الإثبات والتمثيل مثل من
nindex.php?page=treesubj&link=28725_28728_28729يزعم أنه يمشي في الأرض أو يجالس الخلق أو أنهم يرونه بأعينهم أو أن السموات تحويه وتحيط به أو أنه سار في مخلوقاته إلى غير ذلك من أنواع الفرية على الله .
وكذلك العبادات المبتدعة التي لم يشرعها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4335&ayano=42أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله } فإن الله شرع لعباده المؤمنين عبادات ; فأحدث لهم الشيطان عبادات ضاهاها بها مثل أنه شرع لهم عبادة الله وحده لا شريك له ; فشرع لهم شركاء ; وهي عبادة ما سواه والإشراك به .
وشرع لهم الصلوات الخمس وقراءة القرآن فيها والاستماع
[ ص: 426 ] له ; والاجتماع لسماع القرآن خارج الصلاة أيضا فأول سورة أنزلها على نبيه صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=tafseer&surano=6203&ayano=96اقرأ باسم ربك الذي خلق } أمر في أولها بالقراءة ; وفي آخرها بالسجود بقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6221&ayano=96واسجد واقترب } .
ولهذا كان أعظم الأذكار التي في الصلاة قراءة القرآن ; وأعظم الأفعال السجود لله وحده لا شريك له وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2124&ayano=17وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1165&ayano=7وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون } .
وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اجتمعوا أمروا واحدا منهم أن يقرأ والباقي يستمعون وكان
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب يقول
لأبي موسى رضي الله عنهما ذكرنا ربنا .
فيقرأ وهم يستمعون {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595514ومر النبي صلى الله عليه وسلم بأبي موسى رضي الله عنه وهو يقرأ ; فجعل يستمع لقراءته فقال : يا أبا موسى : مررت بك البارحة فجعلت أستمع لقراءتك فقال : لو علمت لحبرته لك تحبيرا وقال : لله أشد أذنا أي استماعا إلى الرجل يحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته } .
وهذا هو سماع المؤمنين
وسلف الأمة وأكابر المشايخ كمعروف
الكرخي nindex.php?page=showalam&ids=14919والفضيل بن عياض nindex.php?page=showalam&ids=12032وأبي سليمان الداراني ونحوهم .
وهو سماع المشايخ
[ ص: 427 ] المتأخرين الأكابر
كالشيخ عبد القادر والشيخ عدي بن مسافر والشيخ أبي مدين وغيرهم من المشايخ - رحمهم الله - .
وأما المشركون فكان سماعهم كما ذكره الله تعالى في كتابه ; بقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1203&ayano=8وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية } .
قال
السلف : المكاء الصفير .
والتصدية التصفيق باليد فكان المشركون يجتمعون في
المسجد الحرام يصفقون ويصوتون يتخذون ذلك عبادة وصلاة فذمهم الله على ذلك وجعل ذلك من الباطل الذي نهى عنه .
فمن اتخذ نظير هذا السماع عبادة وقربة يتقرب بها إلى الله فقد ضاهى هؤلاء في بعض أمورهم وكذلك لم تفعله القرون الثلاثة التي أثنى عليها النبي صلى الله عليه وسلم ولا فعله أكابر المشايخ .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=28373_19298_28356سماع الغناء على وجه اللعب فهذا من خصوصية الأفراح للنساء والصبيان كما جاءت به الآثار فإن دين الإسلام واسع لا حرج فيه .
nindex.php?page=treesubj&link=24589وعماد الدين الذي لا يقوم إلا به هو الصلوات الخمس المكتوبات ويجب على المسلمين من الاعتناء بها ما لا يجب من الاعتناء بغيرها .
كان
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب إلى عماله : إن أهم أمركم عندي الصلاة فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه ومن ضيعها كان لما سواها من عمله أشد إضاعة .
[ ص: 428 ] وهي أول ما أوجبه الله من العبادات
nindex.php?page=treesubj&link=25208_24589والصلوات الخمس تولى الله إيجابها بمخاطبة رسوله ليلة المعراج وهي آخر ما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم أمته وقت فراق الدنيا جعل يقول : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595515الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم } وهي أول ما يحاسب عليه العبد من عمله ; وآخر ما يفقد من الدين .
فإذا ذهبت ذهب الدين كله ; وهي عمود الدين فمتى ذهبت سقط الدين .
قال النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19005رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله } وقد قال الله في كتابه : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2328&ayano=19فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وغيره : إضاعتها تأخيرها عن وقتها ; ولو تركوها كانوا كفارا .
وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=247&ayano=2حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى } والمحافظة عليها : فعلها في أوقاتها وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6308&ayano=107فويل للمصلين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=6309&ayano=107الذين هم عن صلاتهم ساهون } وهم الذين يؤخرونها حتى يخرج الوقت .
وقد اتفق المسلمون على أنه لا يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=1406تأخير صلاة النهار إلى الليل ولا
nindex.php?page=treesubj&link=1406تأخير صلاة الليل إلى النهار ; لا لمسافر ولا لمريض ولا غيرهما .
لكن يجوز عند الحاجة أن .
nindex.php?page=treesubj&link=1811يجمع المسلم بين صلاتي النهار وهي الظهر والعصر في وقت إحداهما ويجمع بين صلاتي الليل وهي المغرب والعشاء في وقت إحداهما وذلك لمثل المسافر والمريض وعند المطر ونحو ذلك من الأعذار .
[ ص: 429 ] وقد أوجب الله على المسلمين أن يصلوا بحسب طاقتهم كما قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5279&ayano=64فاتقوا الله ما استطعتم } فعلى الرجل أن يصلي بطهارة كاملة وقراءة كاملة وركوع وسجود كامل فإن كان عادما للماء ; أو يتضرر باستعماله لمرض أو برد أو غير ذلك ; وهو محدث أو جنب يتيمم الصعيد الطيب ; وهو التراب .
يمسح به وجهه ويديه ويصلي ; ولا يؤخرها عن وقتها باتفاق العلماء .
وكذلك إذا كان محبوسا أو مقيدا أو زمنا أو غير ذلك صلى على حسب حاله ; وإذا كان بإزاء عدوه صلى أيضا صلاة الخوف قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=598&ayano=4وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=599&ayano=4وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=599&ayano=4وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=600&ayano=4فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } .
ويجب على أهل القدرة من المسلمين أن يأمروا بالصلاة كل أحد من الرجال والنساء حتى الصبيان .
قال النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595516مروهم بالصلاة لسبع ; واضربوهم على تركها لعشر ; وفرقوا بينهم في المضاجع } .
والرجل البالغ إذا
nindex.php?page=treesubj&link=23390امتنع من صلاة واحدة من الصلوات الخمس أو ترك بعض فرائضها المتفق عليها ، فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، فمن العلماء من
[ ص: 430 ] يقول : يكون مرتدا كافرا لا يصلى عليه ولا يدفن بين المسلمين .
ومنهم من يقول يكون كقاطع الطريق وقاتل النفس والزاني المحصن .
وأمر الصلاة عظيم شأنها أن تذكر ههنا فإنها قوام الدين وعماده وتعظيمه تعالى لها في كتابه فوق جميع العبادات ; فإنه سبحانه يخصها بالذكر تارة ويقرنها بالزكاة تارة وبالصبر تارة وبالنسك تارة كقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=119&ayano=2وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=2واستعينوا بالصبر والصلاة } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6314&ayano=108فصل لربك وانحر } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=957&ayano=6إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=958&ayano=6لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين } .
وتارة يفتتح بها أعمال البر ويختمها بها ; كما ذكره في سورة {
nindex.php?page=tafseer&surano=5446&ayano=70سأل سائل } وفي أول سورة " المؤمنون " .
قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2697&ayano=23قد أفلح المؤمنون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2698&ayano=23الذين هم في صلاتهم خاشعون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2699&ayano=23والذين هم عن اللغو معرضون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2700&ayano=23والذين هم للزكاة فاعلون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2701&ayano=23والذين هم لفروجهم حافظون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2702&ayano=23إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2703&ayano=23فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2704&ayano=23والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2705&ayano=23والذين هم على صلواتهم يحافظون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2706&ayano=23أولئك هم الوارثون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2707&ayano=23الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون } فنسأل الله العظيم أن يجعلنا وإياكم من الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته والحمد لله وحده ، وصلى الله على
محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
[ ص: 423 ] وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=29648_29644مَنْ كَفَّرَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ اسْتَحَلَّ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِبِدْعَةِ ابْتَدَعَهَا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ نَهْيُهُ عَنْ ذَلِكَ وَعُقُوبَتُهُ بِمَا يَزْجُرُهُ وَلَوْ بِالْقَتْلِ أَوْ الْقِتَالِ .
فَإِنَّهُ إذَا عُوقِبَ الْمُعْتَدُونَ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ ، وَأُكْرِمَ الْمُتَّقُونَ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ ; كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ الَّتِي تُرْضِي اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَتُصْلِحُ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ .
وَيَجِبُ عَلَى أُولِي الْأَمْرِ وَهُمْ عُلَمَاءُ كُلِّ طَائِفَةٍ وَأُمَرَاؤُهَا وَمَشَايِخُهَا أَنْ يَقُومُوا عَلَى عَامَّتِهِمْ وَيَأْمُرُوهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْهُمْ عَنْ الْمُنْكَرِ ; فَيَأْمُرُونَهُمْ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ وَيَنْهَوْنَهُمْ عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
( فَالْأَوَّلُ مِثْلُ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ : وَهِيَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ فِي مَوَاقِيتِهَا وَإِقَامَةُ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ وَالسُّنَنِ الرَّاتِبَاتِ : كَالْأَعْيَادِ وَصَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالتَّرَاوِيحِ وَصَلَاةِ الْجَنَائِزِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .
وَكَذَلِكَ الصَّدَقَاتُ الْمَشْرُوعَةُ وَالصَّوْمُ الْمَشْرُوعُ وَحَجُّ الْبَيْتِ الْحَرَامِ .
وَمِثْلُ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ ; وَمِثْلُ الْإِحْسَانِ وَهُوَ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّك تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاك .
وَمِثْلُ سَائِرِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ مِنْ الْأُمُورِ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ وَمِثْلُ إخْلَاصِ الدِّينِ لِلَّهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ وَأَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا
[ ص: 424 ] سِوَاهُمَا ، وَالرَّجَاءِ لِرَحْمَةِ اللَّهِ ، وَالْخَشْيَةِ مِنْ عَذَابِهِ وَالصَّبْرِ لِحُكْمِ اللَّهِ وَالتَّسْلِيمِ لِأَمْرِ اللَّهِ وَمِثْلُ : صِدْقِ الْحَدِيثِ وَالْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا ، وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ ، وَالتَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَالْإِحْسَانِ إلَى الْجَارِ وَالْيَتِيمِ وَالْمِسْكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالصَّاحِبِ وَالزَّوْجَةِ وَالْمَمْلُوكِ وَالْعَدْلِ فِي الْمَقَالِ وَالْفِعَالِ ; ثُمَّ النَّدْبِ إلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ ; مِثْلَ أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَك وَتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَك وَتَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَك ; قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4354&ayano=42وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4355&ayano=42وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4356&ayano=42إنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4357&ayano=42وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } .
وَأَمَّا " الْمُنْكَرُ " الَّذِي نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ فَأَعْظَمُهُ
nindex.php?page=treesubj&link=28675_28676الشِّرْكُ بِاَللَّهِ وَهُوَ أَنْ يَدْعُوَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ ; إمَّا الشَّمْسَ وَإِمَّا الْقَمَرَ أَوْ الْكَوَاكِبَ ; أَوْ مَلَكًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَوْ نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ; أَوْ رَجُلًا مِنْ الصَّالِحِينَ أَوْ أَحَدًا مِنْ الْجِنِّ أَوْ تَمَاثِيلَ هَؤُلَاءِ أَوْ قُبُورَهُمْ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُدْعَى مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ يُسْتَغَاثُ بِهِ أَوْ يُسْجَدُ لَهُ فَكُلُّ هَذَا وَأَشْبَاهُهُ مِنْ الشِّرْكِ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ جَمِيعِ رُسُلِهِ .
وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ قَتْلَ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقِّهَا وَأَكْلَ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ إمَّا
[ ص: 425 ] بِالْغَصْبِ وَإِمَّا بِالرِّبَا أَوْ الْمَيْسِرِ كَالْبُيُوعِ وَالْمُعَامَلَاتِ الَّتِي نَهَى عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ قَطِيعَةُ الرَّحِمِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَتَطْفِيفُ الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ وَالْإِثْمُ وَالْبَغْيُ بِغَيْرِ الْحَقِّ .
وَكَذَلِكَ مِمَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ عَلَى اللَّهِ مَا لَا يَعْلَمُ مِثْلَ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَحَادِيثَ يَجْزِمُ بِهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ صِحَّتَهَا أَوْ يَصِفَ اللَّهَ بِصِفَاتِ لَمْ يَنْزِلْ بِهَا كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ وَلَا أَثَارَةٌ مِنْ عِلْمٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ صِفَاتِ النَّفْيِ وَالتَّعْطِيلِ مِثْلَ قَوْلِ الجهمية
: إنَّهُ لَيْسَ فَوْقَ الْعَرْشِ وَلَا فَوْقَ السَّمَوَاتِ ; وَإِنَّهُ لَا يُرَى فِي الْآخِرَةِ ; وَإِنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يُحِبُّ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا كَذَّبُوا بِهِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أَوْ كَانَتْ مِنْ صِفَاتِ الْإِثْبَاتِ وَالتَّمْثِيلِ مِثْلَ مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28725_28728_28729يَزْعُمُ أَنَّهُ يَمْشِي فِي الْأَرْضِ أَوْ يُجَالِسُ الْخَلْقَ أَوْ أَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بِأَعْيُنِهِمْ أَوْ أَنَّ السَّمَوَاتِ تَحْوِيهِ وَتُحِيطُ بِهِ أَوْ أَنَّهُ سَارَ فِي مَخْلُوقَاتِهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْفِرْيَةِ عَلَى اللَّهِ .
وَكَذَلِكَ الْعِبَادَاتُ الْمُبْتَدَعَةُ الَّتِي لَمْ يَشْرَعْهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4335&ayano=42أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ } فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَاتٍ ; فَأَحْدَثَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ عِبَادَاتٍ ضَاهَاهَا بِهَا مِثْلَ أَنَّهُ شَرَعَ لَهُمْ عِبَادَةَ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ; فَشَرَعَ لَهُمْ شُرَكَاءَ ; وَهِيَ عِبَادَةُ مَا سِوَاهُ وَالْإِشْرَاكُ بِهِ .
وَشَرَعَ لَهُمْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِيهَا وَالِاسْتِمَاعَ
[ ص: 426 ] لَهُ ; وَالِاجْتِمَاعَ لِسَمَاعِ الْقُرْآنِ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَيْضًا فَأَوَّلُ سُورَةٍ أَنْزَلَهَا عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=6203&ayano=96اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } أَمَرَ فِي أَوَّلِهَا بِالْقِرَاءَةِ ; وَفِي آخِرِهَا بِالسُّجُودِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6221&ayano=96وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ } .
وَلِهَذَا كَانَ أَعْظَمُ الْأَذْكَارِ الَّتِي فِي الصَّلَاةِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ ; وَأَعْظَمُ الْأَفْعَالِ السُّجُودَ لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2124&ayano=17وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1165&ayano=7وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } .
وَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا اجْتَمَعُوا أَمَرُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ أَنْ يَقْرَأَ وَالْبَاقِي يَسْتَمِعُونَ وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ
لِأَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ذَكِّرْنَا رَبَّنَا .
فَيَقْرَأُ وَهُمْ يَسْتَمِعُونَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595514وَمَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ يَقْرَأُ ; فَجَعَلَ يَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِهِ فَقَالَ : يَا أَبَا مُوسَى : مَرَرْت بِك الْبَارِحَةَ فَجَعَلْت أَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِك فَقَالَ : لَوْ عَلِمْت لَحَبَّرْتُهُ لَك تَحْبِيرًا وَقَالَ : لَلَّهُ أَشَدُّ أُذُنًا أَيْ اسْتِمَاعًا إلَى الرَّجُلِ يُحْسِنُ الصَّوْتَ بِالْقُرْآنِ مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إلَى قَيْنَتِهِ } .
وَهَذَا هُوَ سَمَاعُ الْمُؤْمِنِينَ
وَسَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَكَابِرِ الْمَشَايِخِ كَمَعْرُوفِ
الكرخي nindex.php?page=showalam&ids=14919والفضيل بْنِ عِيَاضٍ nindex.php?page=showalam&ids=12032وَأَبِي سُلَيْمَانَ الداراني وَنَحْوِهِمْ .
وَهُوَ سَمَاعُ الْمَشَايِخِ
[ ص: 427 ] الْمُتَأَخِّرِينَ الْأَكَابِرِ
كَالشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ وَالشَّيْخِ عَدِيِّ بْنِ مُسَافِرٍ وَالشَّيْخِ أَبِي مَدْيَنَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - .
وَأَمَّا الْمُشْرِكُونَ فَكَانَ سَمَاعُهُمْ كَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ ; بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1203&ayano=8وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً } .
قَالَ
السَّلَفُ : الْمُكَاءُ الصَّفِيرُ .
وَالتَّصْدِيَةُ التَّصْفِيقُ بِالْيَدِ فَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَجْتَمِعُونَ فِي
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ يُصَفِّقُونَ وَيُصَوِّتُونَ يَتَّخِذُونَ ذَلِكَ عِبَادَةً وَصَلَاةً فَذَمَّهُمْ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ وَجَعَلَ ذَلِكَ مِنْ الْبَاطِلِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ .
فَمَنْ اتَّخَذَ نَظِيرَ هَذَا السَّمَاعِ عِبَادَةً وَقُرْبَةً يَتَقَرَّبُ بِهَا إلَى اللَّهِ فَقَدْ ضَاهَى هَؤُلَاءِ فِي بَعْضِ أُمُورِهِمْ وَكَذَلِكَ لَمْ تَفْعَلْهُ الْقُرُونُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي أَثْنَى عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا فَعَلَهُ أَكَابِرُ الْمَشَايِخِ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=28373_19298_28356سَمَاعُ الْغِنَاءِ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ فَهَذَا مِنْ خُصُوصِيَّةِ الْأَفْرَاحِ لِلنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ فَإِنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ وَاسِعٌ لَا حَرَجَ فِيهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=24589وَعِمَادُ الدِّينِ الَّذِي لَا يَقُومُ إلَّا بِهِ هُوَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ الْمَكْتُوبَاتُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ الِاعْتِنَاءِ بِهَا مَا لَا يَجِبُ مِنْ الِاعْتِنَاءِ بِغَيْرِهَا .
كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَكْتُبُ إلَى عُمَّالِهِ : إنَّ أَهَمَّ أَمْرِكُمْ عِنْدِي الصَّلَاةُ فَمَنْ حَفِظَهَا وَحَافَظَ عَلَيْهَا حَفِظَ دِينَهُ وَمَنْ ضَيَّعَهَا كَانَ لِمَا سِوَاهَا مِنْ عَمَلِهِ أَشَدَّ إضَاعَةً .
[ ص: 428 ] وَهِيَ أَوَّلُ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ
nindex.php?page=treesubj&link=25208_24589وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ تَوَلَّى اللَّهُ إيجَابَهَا بِمُخَاطَبَةِ رَسُولِهِ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ وَهِيَ آخِرُ مَا وَصَّى بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ وَقْتَ فِرَاقِ الدُّنْيَا جَعَلَ يَقُولُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595515الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } وَهِيَ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ مِنْ عَمَلِهِ ; وَآخِرُ مَا يُفْقَدُ مِنْ الدِّينِ .
فَإِذَا ذَهَبَتْ ذَهَبَ الدِّينُ كُلُّهُ ; وَهِيَ عَمُودُ الدِّينِ فَمَتَى ذَهَبَتْ سَقَطَ الدِّينُ .
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19005رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ وَذُرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } وَقَدْ قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2328&ayano=19فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا } .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَغَيْرُهُ : إضَاعَتُهَا تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا ; وَلَوْ تَرَكُوهَا كَانُوا كُفَّارًا .
وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=247&ayano=2حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى } وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا : فِعْلُهَا فِي أَوْقَاتِهَا وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6308&ayano=107فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=6309&ayano=107الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ } وَهُمْ الَّذِينَ يُؤَخِّرُونَهَا حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ .
وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=1406تَأْخِيرُ صَلَاةِ النَّهَارِ إلَى اللَّيْلِ وَلَا
nindex.php?page=treesubj&link=1406تَأْخِيرُ صَلَاةِ اللَّيْلِ إلَى النَّهَارِ ; لَا لِمُسَافِرِ وَلَا لِمَرِيضِ وَلَا غَيْرِهِمَا .
لَكِنْ يَجُوزُ عِنْدَ الْحَاجَةِ أَنْ .
nindex.php?page=treesubj&link=1811يَجْمَعَ الْمُسْلِمُ بَيْنَ صَلَاتَيْ النَّهَارِ وَهِيَ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ فِي وَقْتِ إحْدَاهُمَا وَيَجْمَعُ بَيْنَ صَلَاتَيْ اللَّيْلِ وَهِيَ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ فِي وَقْتِ إحْدَاهُمَا وَذَلِكَ لِمِثْلِ الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ وَعِنْدَ الْمَطَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْذَارِ .
[ ص: 429 ] وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُصَلُّوا بِحَسَبِ طَاقَتِهِمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5279&ayano=64فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } فَعَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُصَلِّيَ بِطَهَارَةِ كَامِلَةٍ وَقِرَاءَةٍ كَامِلَةٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ كَامِلٍ فَإِنْ كَانَ عَادِمًا لِلْمَاءِ ; أَوْ يَتَضَرَّرُ بِاسْتِعْمَالِهِ لِمَرَضِ أَوْ بَرْدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ; وَهُوَ مُحْدِثٌ أَوْ جُنُبٌ يَتَيَمَّمُ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ ; وَهُوَ التُّرَابُ .
يَمْسَحُ بِهِ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَيُصَلِّي ; وَلَا يُؤَخِّرُهَا عَنْ وَقْتِهَا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ .
وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَحْبُوسًا أَوْ مُقَيَّدًا أَوْ زَمِنًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ ; وَإِذَا كَانَ بِإِزَاءِ عَدُوِّهِ صَلَّى أَيْضًا صَلَاةَ الْخَوْفِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=598&ayano=4وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=599&ayano=4وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=599&ayano=4وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=600&ayano=4فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } .
وَيَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْقُدْرَةِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَأْمُرُوا بِالصَّلَاةِ كُلَّ أَحَدٍ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ حَتَّى الصِّبْيَانَ .
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595516مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ ; وَاضْرِبُوهُمْ عَلَى تَرْكِهَا لِعَشْرٍ ; وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ } .
وَالرَّجُلُ الْبَالِغُ إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=23390امْتَنَعَ مِنْ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَوْ تَرَكَ بَعْضَ فَرَائِضِهَا الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا ، فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ ، فَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ
[ ص: 430 ] يَقُولُ : يَكُونُ مُرْتَدًّا كَافِرًا لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يُدْفَنُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ .
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ يَكُونُ كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَقَاتِلِ النَّفْسِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ .
وَأَمْرُ الصَّلَاةِ عَظِيمٌ شَأْنُهَا أَنْ تُذْكَرَ هَهُنَا فَإِنَّهَا قِوَامُ الدِّينِ وَعِمَادُهُ وَتَعْظِيمُهُ تَعَالَى لَهَا فِي كِتَابِهِ فَوْقَ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ ; فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يَخُصُّهَا بِالذِّكْرِ تَارَةً وَيَقْرِنُهَا بِالزَّكَاةِ تَارَةً وَبِالصَّبْرِ تَارَةً وَبِالنُّسُكِ تَارَةً كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=119&ayano=2وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=2وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6314&ayano=108فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=957&ayano=6إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=958&ayano=6لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } .
وَتَارَةً يَفْتَتِحُ بِهَا أَعْمَالَ الْبِرِّ وَيَخْتِمُهَا بِهَا ; كَمَا ذَكَرَهُ فِي سُورَةِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5446&ayano=70سَأَلَ سَائِلٌ } وَفِي أَوَّلِ سُورَةِ " الْمُؤْمِنُونَ " .
قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2697&ayano=23قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2698&ayano=23الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2699&ayano=23وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2700&ayano=23وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2701&ayano=23وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2702&ayano=23إلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2703&ayano=23فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2704&ayano=23وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2705&ayano=23وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2706&ayano=23أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2707&ayano=23الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } فَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ أَنْ يَجْعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِنْ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى
مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا .