الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المكتبة الإسلامية

الرئيسية
مجموع فتاوى ابن تيمية
الفقه
الحج
فصل في صفة الحج وأحكامه
أكل المحرم لحم الصيد الذي صاده الحلال وذكاه

فهرس الكتاب

العقيدة

المنطق

الآداب والتصوف

التفسير

الحديث

أصول الفقه

الفقه

مجموع فتاوى ابن تيمية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة

جزء

واختلف الناس في أكل المحرم لحم الصيد الذي صاده الحلال وذكاه على ثلاثة أقوال : فقالت طائفة من السلف : هو حرام اتباعا لما فهموه من قوله تعالى { وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما } . ولما ثبت { عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنه رد لحم الصيد لما أهدي إليه } .

وقال آخرون منهم أبو حنيفة : بل هو مباح مطلقا عملا بحديث { أبي قتادة لما صاد الحمار الوحشي وأهدى لحمه للنبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بأنه لم يصده له } كما جاء في الأحاديث الصحيحة .

وقالت الطائفة الثالثة التي فيها فقهاء الحديث : بل هو مباح للمحرم إذا لم يصده له المحرم ولا ذبحه من أجله ; توفيقا بين الأحاديث كما روى جابر { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ ص: 175 ] لحم صيد البر لكم حلال وأنتم حرم ما لم تصيدوه أو يصاد لكم } قال الشافعي : هذا أحسن حديث في هذا الباب وأقيس . وهذا مذهب مالك وأحمد والشافعي وغيرهم .

وإنما اختلفوا إذا صيد لمحرم بعينه . فهل يباح لغيره من المحرمين ؟ على قولين هما وجهان في مذهب أحمد رحمه الله تعالى .

وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي أَكْلِ الْمُحْرِمِ لَحْمَ الصَّيْدِ الَّذِي صَادَهُ الْحَلَالُ وَذَكَّاهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ : فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ : هُوَ حَرَامٌ اتِّبَاعًا لِمَا فَهِمُوهُ مِنْ قَوْله تَعَالَى { وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا } . وَلِمَا ثَبَتَ { عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنَّهُ رَدَّ لَحْمَ الصَّيْدِ لَمَّا أُهْدِيَ إلَيْهِ } .

وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ : بَلْ هُوَ مُبَاحٌ مُطْلَقًا عَمَلًا بِحَدِيثِ { أبي قتادة لَمَّا صَادَ الْحِمَارَ الْوَحْشِيَّ وَأَهْدَى لَحْمَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَصِدْهُ لَهُ } كَمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ .

وَقَالَتْ الطَّائِفَةُ الثَّالِثَةُ الَّتِي فِيهَا فُقَهَاءُ الْحَدِيثِ : بَلْ هُوَ مُبَاحٌ لِلْمُحْرِمِ إذَا لَمْ يَصِدْهُ لَهُ الْمُحْرِمُ وَلَا ذَبَحَهُ مِنْ أَجْلِهِ ; تَوْفِيقًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ كَمَا رَوَى جَابِرٌ { عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : [ ص: 175 ] لَحْمُ صَيْدِ الْبَرِّ لَكُمْ حَلَالٌ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ مَا لَمْ تَصِيدُوهُ أَوْ يُصَادُ لَكُمْ } قَالَ الشَّافِعِيِّ : هَذَا أَحْسَنُ حَدِيثٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَقْيَسُ . وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ .

وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا إذَا صِيدَ لِمُحْرِمِ بِعَيْنِهِ . فَهَلْ يُبَاحُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْمُحْرِمِينَ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ هُمَا وَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى .