والمرأة إذا أبغضت الرجل كان لها أن تفتدي نفسها منه كما قال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=238&ayano=2ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون } وهذا
nindex.php?page=treesubj&link=11645الخلع تبين به المرأة فلا يحل له أن يتزوجها بعده إلا برضاها وليس هو كالطلاق المجرد ; فإن ذلك يقع رجعيا له أن يرتجعها في العدة بدون رضاها ; لكن تنازع العلماء في هذا
nindex.php?page=treesubj&link=11485الخلع : هل يقع به طلقة بائنة محسوبة من الثلاث ؟ أو [ ص: 153 ] تقع به فرقة بائنة وليس من الطلاق الثلاث بل هو فسخ ؟ على قولين مشهورين .
و " الأول " مذهب
أبي حنيفة ومالك وكثير من
السلف ونقل عن طائفة من
الصحابة ; لكن لم يثبت عن واحد منهم بل ضعف
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل وابن خزيمة وابن المنذر وغيرهم جميع ما روي في ذلك عن
الصحابة . و " الثاني " أنه فرقة بائنة وليس من الثلاث وهذا ثابت عن
ابن عباس باتفاق أهل المعرفة بالحديث وهو قول أصحابه :
كطاوس وعكرمة وهو أحد قولي
الشافعي وهو ظاهر مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل وغيره من فقهاء الحديث
وإسحاق بن راهويه ;
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور وداود وابن المنذر وابن خزيمة وغيرهم .
واستدل
ابن عباس على ذلك بأن الله تعالى ذكر الخلع بعد طلقتين ثم قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=239&ayano=2فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } فلو كان الخلع طلاقا لكان الطلاق أربعا . ثم أصحاب هذا القول تنازعوا :
nindex.php?page=treesubj&link=11594هل يشترط أن يكون الخلع بغير لفظ الطلاق ؟ أو لا يكون إلا بلفظ الخلع والفسخ والمفاداة ويشترط مع ذلك أن لا ينوي الطلاق ؟ أو لا فرق بين أن ينويه أو لا ينويه وهو خلع بأي لفظ وقع بلفظ الطلاق أو غيره ؟ على أوجه في مذهب
أحمد وغيره : أصحها الذي دل عليه كلام
ابن عباس وأصحابه
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل وقدماء أصحابه وهو الوجه الأخير وهو : أن الخلع هو الفرقة بعوض فمتى فارقها بعوض فهي
[ ص: 154 ] مفتدية لنفسها به وهو خالع لها بأي لفظ كان ولم ينقل أحد قط لا عن
ابن عباس وأصحابه ولا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل أنهم فرقوا بين الخلع بلفظ الطلاق وبين غيره ; بل كلامهم لفظه ومعناه يتناول الجميع .
والشافعي رضي الله عنه لما ذكر القولين في
nindex.php?page=treesubj&link=11485الخلع هل هو طلاق أم لا ؟ قال : وأحسب الذين قالوا هو طلاق هو فيما إذا كان بغير لفظ الطلاق ؟ ولهذا ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=17032محمد بن نصر والطحاوي أن هذا لا نزاع فيه
والشافعي لم يحك عن أحد هذا ; بل ظن أنهم يفرقون . وهذا بناه
الشافعي على أن العقود وإن كان معناها واحدا فإن حكمها يختلف باختلاف الألفاظ . وفي مذهبه في نزاع في الأصل وأما
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل فإن أصوله ونصوصه وقول جمهور أصحابه أن الاعتبار في العقود بمعانيها لا بالألفاظ وفي مذهبه قول آخر : أنه تختلف الأحكام باختلاف الألفاظ وهذا يذكر في التكلم بلفظ البيع وفي المزارعة بلفظ الإجارة وغير ذلك . وقد ذكرنا ألفاظ
ابن عباس وأصحابه وألفاظ
أحمد وغيره وبينا أنها بينة في عدم التفريق . وأن أصول الشرع لا تحتمل التفريق وكذلك أصول
أحمد .
وسببه ظن
الشافعي أنهم يفرقون . وقد ذكرنا في غير هذا الموضع وبينا أن الآثار الثابتة في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم
وابن عباس وغيره تدل دلالة بينة أنه خلع ; وإن كان بلفظ الطلاق وهذه الفرقة توجب البينونة .
nindex.php?page=treesubj&link=11743والطلاق الذي ذكره الله تعالى في كتابه هو الطلاق الرجعي .
[ ص: 155 ] قال هؤلاء وليس في كتاب الله طلاق بائن محسوب من الثلاث أصلا بل كل طلاق ذكره الله تعالى في القرآن فهو الطلاق الرجعي . وقال هؤلاء : ولو
nindex.php?page=treesubj&link=11743قال لامرأته : أنت طالق طلقة بائنة لم يقع بها إلا طلقة رجعية ; كما هو مذهب أكثر العلماء ; وهو مذهب
مالك والشافعي وأحمد في ظاهر مذهبه .
قالوا : وتقسيم الطلاق إلى رجعي وبائن تقسيم مخالف لكتاب الله وهذا قول فقهاء الحديث وهو مذهب
الشافعي وظاهر مذهب
أحمد ; فإن كل طلاق بغير عوض لا يقع إلا رجعيا وإن قال : أنت طالق طلقة بائنة أو طلاقا بائنا : لم يقع به عندهما إلا طلقة رجعية . وأما الخلع ففيه نزاع في مذهبهما . فمن قال بالقول الصحيح طرد هذا الأصل واستقام قوله ولم يتناقض كما يتناقض غيره ; إلا من قال من أصحاب
الشافعي وأحمد : إن
nindex.php?page=treesubj&link=11594الخلع بلفظ الطلاق يقع طلاقا بائنا فهؤلاء أثبتوا في الجملة طلاقا بائنا محسوبا من الثلاث فنقضوا أصلهم الصحيح الذي دل عليه الكتاب والسنة .
وقال بعض
الظاهرية : إذا وقع بلفظ الطلاق كان طلاقا رجعيا ; لا بائنا ; لأنه لم يمكنه أن يجعله طلاقا بائنا لمخالفة القرآن ; وظن أنه بلفظ الطلاق يكون طلاقا فجعله رجعيا وهذا خطأ ; فإن مقصود الافتداء لا يحصل إلا مع البينونة ; ولهذا كان حصول البينونة بالخلع مما لم يعرف فيه خلاف بين المسلمين ; لكن بعضهم جعله جائزا ; فقال : للزوج أن يرد العوض ويراجعها ; والذي عليه الأئمة الأربعة والجمهور أنه لا يملك الزوج وحده أن يفسخه ولكن لو اتفقا على فسخه كالتقايل : فهذا فيه نزاع آخر كما بسط في موضعه .
[ ص: 156 ] والمقصود هنا أن كتاب الله يبين أن الطلاق بعد الدخول لا يكون إلا رجعيا وليس في كتاب الله طلاق بائن إلا قبل الدخول . وإذا انقضت العدة فإذا طلقها ثلاثا فقد حرمت عليه وهذه البينونة الكبرى وهي إنما تحصل بالثلاث لا بطلقة واحدة مطلقة ; لا يحصل بها لا بينونة كبرى ولا صغرى . وقد ثبت عن
ابن عباس أنه قيل له . إن
أهل اليمن عامة طلاقهم الفداء فقال
ابن عباس : ليس الفداء بطلاق . ورد المرأة على زوجها بعد طلقتين وخلع مرة . وبهذا أخذ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل في ظاهر مذهبه
والشافعي في أحد قوليه ; لكن تنازع أهل هذا القول : هل يختلف الحكم باختلاف الألفاظ ؟ والصحيح أن المعنى إذا كان واحدا فالاعتبار بأي لفظ وقع ; وذلك أن الاعتبار بمقاصد العقود وحقائقها لا باللفظ وحده فما كان خلعا فهو خلع بأي لفظ كان وما كان طلاقا فهو طلاق بأي لفظ كان وما كان يمينا فهو يمين بأي لفظ كان وما كان إيلاء فهو إيلاء بأي لفظ كان وما كان ظهارا فهو ظهار بأي لفظ كان .
والله تعالى ذكر في كتابه " الطلاق " و " اليمين " و " الظهار " و " الإيلاء " و " الافتداء " وهو الخلع وجعل لكل واحد حكما فيجب أن نعرف حدود ما أنزل الله على رسوله وندخل في الطلاق ما كان طلاقا وفي اليمين ما كان يمينا وفي الخلع ما كان خلعا وفي الظهار ما كان ظهارا ; وفي الإيلاء ما كان إيلاء . وهذا هو الثابت عن أئمة
الصحابة وفقهائهم والتابعين لهم بإحسان . ومن العلماء من اشتبه عليه بعض ذلك ببعض
[ ص: 157 ] فيجعل ما هو ظهار طلاقا : فيكثر بذلك وقوع الطلاق الذي يبغضه الله ورسوله ويحتاجون إما إلى دوام المكروه ; وإما إلى زواله بما هو أكره إلى الله ورسوله منه وهو " نكاح التحليل " .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=11743الطلاق الذي شرعه الله ورسوله فهو أن يطلق امرأته إذا أراد طلاقها طلقة واحدة في طهر لم يصبها فيه أو كانت حاملا قد استبان حملها ثم يدعها تتربص ثلاثة قروء فإن كان له غرض راجعها في العدة وإن لم يكن له فيها غرض : ؟ سرحها بإحسان . ثم إن بدا له بعد هذا إرجاعها يتزوجها بعقد جديد ثم إذا أراد ارتجاعها أو تزوجها وإن أراد أن يطلقها طلقها فهذا طلاق السنة المشروع . ومن لم يطلق إلا طلاق السنة لم يحتج إلى ما حرم الله ورسوله من نكاح التحليل وغيره ; بل إذا
nindex.php?page=treesubj&link=11739_11752_11753طلقها ثلاث تطليقات له في كل طلقة رجعة أو عقد جديد : فهنا قد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره ولا يجوز عودها إليه بنكاح تحليل أصلا ; بل قد {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11838لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له } واتفق على ذلك أصحابه وخلفاؤه الراشدون وغيرهم فلا يعرف في الإسلام أن النبي صلى الله عليه وسلم أو أحدا من خلفائه أو أصحابه أعاد المطلقة ثلاثا إلى زوجها بعد
nindex.php?page=treesubj&link=10935نكاح تحليل أبدا ولا كان نكاح التحليل ظاهرا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بل كان من يفعله سرا وقد لا تعرف المرأة ولا وليها وقد {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11838لعن النبي صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له } وفي الربا قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11838لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه } فلعن الكاتب والشهود لأنهم كانوا يشهدون على دين الربا ولم يكونوا يشهدون على نكاح التحليل .
[ ص: 158 ] و " أيضا " فإن النكاح لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يكتب فيه صداق كما تكتب الديون ولا كانوا يشهدون فيه لأجل الصداق ; بل كانوا يعقدونه بينهم وقد عرفوا به ويسوق الرجل المهر للمرأة فلا يبقى لها عليه دين ; فلهذا لم يذكر رسول الله في نكاح التحليل الكاتب والشهود كما ذكرهم في الربا . ولهذا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في
nindex.php?page=treesubj&link=11232الإشهاد على النكاح حديث . ونزاع العلماء في ذلك على أقوال في مذهب
أحمد وغيره . فقيل : يجب الإعلان أشهدوا أو لم يشهدوا فإذا أعلنوه ولم يشهدوا تم العقد وهو مذهب
مالك وأحمد في إحدى الروايات . وقيل : يجب الإشهاد : أعلنوه أو لم يعلنوه فمتى أشهدوا وتواصوا بكتمانه لم يبطل وهذا مذهب
أبي حنيفة والشافعي وأحمد في إحدى الروايات . وقيل : يجب الأمران الإشهاد والإعلان . وقيل : يجب أحدهما . وكلاهما يذكر في مذهب
أحمد .
وَالْمَرْأَةُ إذَا أَبْغَضَتْ الرَّجُلَ كَانَ لَهَا أَنْ تَفْتَدِيَ نَفْسَهَا مِنْهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=238&ayano=2وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } وَهَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=11645الْخُلْعُ تَبِينُ بِهِ الْمَرْأَةُ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ إلَّا بِرِضَاهَا وَلَيْسَ هُوَ كَالطَّلَاقِ الْمُجَرَّدِ ; فَإِنَّ ذَلِكَ يَقَعُ رَجْعِيًّا لَهُ أَنْ يَرْتَجِعَهَا فِي الْعِدَّةِ بِدُونِ رِضَاهَا ; لَكِنْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=11485الْخُلْعِ : هَلْ يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ مَحْسُوبَةٌ مِنْ الثَّلَاثِ ؟ أَوْ [ ص: 153 ] تَقَعُ بِهِ فُرْقَةٌ بَائِنَةٌ وَلَيْسَ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ بَلْ هُوَ فَسْخٌ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ .
و " الْأَوَّلُ " مَذْهَبُ
أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَكَثِيرٍ مِنْ
السَّلَفِ وَنُقِلَ عَنْ طَائِفَة مِنْ
الصَّحَابَةِ ; لَكِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَلْ ضَعَّفَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ خزيمة وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمْ جَمِيعَ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ
الصَّحَابَةِ . و " الثَّانِي " أَنَّهُ فُرْقَةٌ بَائِنَةٌ وَلَيْسَ مِنْ الثَّلَاثِ وَهَذَا ثَابِتٌ عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِهِ :
كطاوس وَعِكْرِمَةَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ
الشَّافِعِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ مِنْ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ
وَإِسْحَاقَ بْنِ راهويه ;
nindex.php?page=showalam&ids=11956وَأَبِي ثَوْرٍ وداود وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَابْنِ خزيمة وَغَيْرِهِمْ .
وَاسْتَدَلَّ
ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الْخُلْعَ بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=239&ayano=2فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } فَلَوْ كَانَ الْخُلْعُ طَلَاقًا لَكَانَ الطَّلَاقُ أَرْبَعًا . ثُمَّ أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ تَنَازَعُوا :
nindex.php?page=treesubj&link=11594هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْخُلْعُ بِغَيْرِ لَفْظِ الطَّلَاقِ ؟ أَوْ لَا يَكُونُ إلَّا بِلَفْظِ الْخُلْعِ وَالْفَسْخِ وَالْمُفَادَاةِ وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ لَا يَنْوِيَ الطَّلَاقَ ؟ أَوْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَهُ أَوْ لَا يَنْوِيَهُ وَهُوَ خُلْعٌ بِأَيِّ لَفْظٍ وَقَعَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ ؟ عَلَى أَوْجُهٍ فِي مَذْهَبِ
أَحْمَد وَغَيْرِهِ : أَصَحُّهَا الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَقُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ وَهُوَ الْوَجْهُ الْأَخِيرُ وَهُوَ : أَنَّ الْخُلْعَ هُوَ الْفُرْقَةُ بِعِوَضِ فَمَتَى فَارَقَهَا بِعِوَضِ فَهِيَ
[ ص: 154 ] مُفْتَدِيَةٌ لِنَفْسِهَا بِهِ وَهُوَ خَالِعٌ لَهَا بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ قَطُّ لَا عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابِهِ وَلَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ الْخُلْعِ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ; بَلْ كَلَامُهُمْ لَفْظُهُ وَمَعْنَاهُ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ .
وَالشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=11485الْخُلْعِ هَلْ هُوَ طَلَاقٌ أَمْ لَا ؟ قَالَ : وَأَحْسَبُ الَّذِينَ قَالُوا هُوَ طَلَاقٌ هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ بِغَيْرِ لَفْظِ الطَّلَاقِ ؟ وَلِهَذَا ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=17032مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ والطحاوي أَنَّ هَذَا لَا نِزَاعَ فِيهِ
وَالشَّافِعِيُّ لَمْ يَحْكِ عَنْ أَحَدٍ هَذَا ; بَلْ ظَنَّ أَنَّهُمْ يُفَرِّقُونَ . وَهَذَا بَنَاهُ
الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ الْعُقُودَ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهَا وَاحِدًا فَإِنَّ حُكْمَهَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَلْفَاظِ . وَفِي مَذْهَبِهِ فِي نِزَاعٍ فِي الْأَصْلِ وَأَمَّا
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ فَإِنَّ أُصُولَهُ وَنُصُوصَهُ وَقَوْلَ جُمْهُورِ أَصْحَابِهِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْعُقُودِ بِمَعَانِيهَا لَا بِالْأَلْفَاظِ وَفِي مَذْهَبِهِ قَوْلٌ آخَرَ : أَنَّهُ تَخْتَلِفُ الْأَحْكَامُ بِاخْتِلَافِ الْأَلْفَاظِ وَهَذَا يُذْكَرُ فِي التَّكَلُّمِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَفِي الْمُزَارَعَةِ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ . وَقَدْ ذَكَرْنَا أَلْفَاظَ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَلْفَاظَ
أَحْمَد وَغَيْرِهِ وَبَيَّنَّا أَنَّهَا بَيِّنَةٌ فِي عَدَمِ التَّفْرِيقِ . وَأَنَّ أُصُولَ الشَّرْعِ لَا تَحْتَمِلُ التَّفْرِيقَ وَكَذَلِكَ أَصُولُ
أَحْمَد .
وَسَبَبُهُ ظَنُّ
الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمْ يُفَرِّقُونَ . وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَبَيَّنَّا أَنَّ الْآثَارَ الثَّابِتَةَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ تَدُلُّ دَلَالَةً بَيِّنَةً أَنَّهُ خُلْعٌ ; وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ وَهَذِهِ الْفُرْقَةُ تُوجِبُ الْبَيْنُونَةَ .
nindex.php?page=treesubj&link=11743وَالطَّلَاقُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ هُوَ الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ .
[ ص: 155 ] قَالَ هَؤُلَاءِ وَلَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ طَلَاقٌ بَائِنٌ مَحْسُوبٌ مِنْ الثَّلَاثِ أَصْلًا بَلْ كُلُّ طَلَاقٍ ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ . وَقَالَ هَؤُلَاءِ : وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=11743قَالَ لِامْرَأَتِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَائِنَةً لَمْ يَقَعْ بِهَا إلَّا طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ ; كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ; وَهُوَ مَذْهَبُ
مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ .
قَالُوا : وَتَقْسِيمُ الطَّلَاقِ إلَى رَجْعِيٍّ وَبَائِنٍ تَقْسِيمٌ مُخَالِفٌ لِكِتَابِ اللَّهِ وَهَذَا قَوْلُ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ وَهُوَ مَذْهَبُ
الشَّافِعِيِّ وَظَاهِرُ مَذْهَبِ
أَحْمَد ; فَإِنَّ كُلَّ طَلَاقٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَا يَقَعُ إلَّا رَجْعِيًّا وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَائِنَةً أَوْ طَلَاقًا بَائِنًا : لَمْ يَقَعْ بِهِ عِنْدَهُمَا إلَّا طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ . وَأَمَّا الْخُلْعُ فَفِيهِ نِزَاعٌ فِي مَذْهَبِهِمَا . فَمَنْ قَالَ بِالْقَوْلِ الصَّحِيحِ طَرَدَ هَذَا الْأَصْلَ وَاسْتَقَامَ قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَنَاقَضْ كَمَا يَتَنَاقَضُ غَيْرُهُ ; إلَّا مَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِ
الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد : إنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=11594الْخُلْعَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ يَقَعُ طَلَاقًا بَائِنًا فَهَؤُلَاءِ أَثْبَتُوا فِي الْجُمْلَةِ طَلَاقًا بَائِنًا مَحْسُوبًا مِنْ الثَّلَاثِ فَنَقَضُوا أَصْلَهُمْ الصَّحِيحَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ .
وَقَالَ بَعْضُ
الظَّاهِرِيَّةِ : إذَا وَقَعَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ كَانَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ; لَا بَائِنًا ; لِأَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَجْعَلْهُ طَلَاقًا بَائِنًا لِمُخَالَفَةِ الْقُرْآنِ ; وَظَنَّ أَنَّهُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ يَكُونُ طَلَاقًا فَجَعَلَهُ رَجْعِيًّا وَهَذَا خَطَأٌ ; فَإِنَّ مَقْصُودَ الِافْتِدَاءِ لَا يَحْصُلُ إلَّا مَعَ الْبَيْنُونَةِ ; وَلِهَذَا كَانَ حُصُولُ الْبَيْنُونَةِ بِالْخُلْعِ مِمَّا لَمْ يُعْرَفْ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنِ الْمُسْلِمِينَ ; لَكِنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَهُ جَائِزًا ; فَقَالَ : لِلزَّوْجِ أَنْ يَرُدَّ الْعِوَضَ وَيُرَاجِعَهَا ; وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ وَالْجُمْهُورُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الزَّوْجَ وَحْدَهُ أَنْ يَفْسَخَهُ وَلَكِنْ لَوْ اتَّفَقَا عَلَى فَسْخِهِ كَالتَّقَايُلِ : فَهَذَا فِيهِ نِزَاعٌ آخَرُ كَمَا بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ .
[ ص: 156 ] وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ كِتَابَ اللَّهِ يُبَيِّنُ أَنَّ الطَّلَاقَ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا يَكُونُ إلَّا رَجْعِيًّا وَلَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ طَلَاقٌ بَائِنٌ إلَّا قَبْلَ الدُّخُولِ . وَإِذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ فَإِذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ وَهَذِهِ الْبَيْنُونَةُ الْكُبْرَى وَهِيَ إنَّمَا تَحْصُلُ بِالثَّلَاثِ لَا بِطَلْقَةِ وَاحِدَةٍ مُطْلَقَةٍ ; لَا يَحْصُلُ بِهَا لَا بَيْنُونَةٌ كُبْرَى وَلَا صُغْرَى . وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ . إنَّ
أَهْلَ الْيَمَنِ عَامَّةً طَلَاقُهُمْ الْفِدَاءُ فَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : لَيْسَ الْفِدَاءُ بِطَلَاقِ . وَرَدَّ الْمَرْأَةَ عَلَى زَوْجِهَا بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ وَخُلْعٍ مَرَّةً . وَبِهَذَا أَخَذَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ
وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ ; لَكِنْ تَنَازَعَ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ : هَلْ يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ بِاخْتِلَافِ الْأَلْفَاظِ ؟ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمَعْنَى إذَا كَانَ وَاحِدًا فَالِاعْتِبَارُ بِأَيِّ لَفْظٍ وَقَعَ ; وَذَلِكَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِمَقَاصِدِ الْعُقُودِ وَحَقَائِقِهَا لَا بِاللَّفْظِ وَحْدَهُ فَمَا كَانَ خُلْعًا فَهُوَ خُلْعٌ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ وَمَا كَانَ طَلَاقًا فَهُوَ طَلَاقٌ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ وَمَا كَانَ يَمِينًا فَهُوَ يَمِينٌ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ وَمَا كَانَ إيلَاءٌ فَهُوَ إيلَاءٌ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ وَمَا كَانَ ظِهَارًا فَهُوَ ظِهَارٌ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ .
وَاَللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ " الطَّلَاقُ " و " الْيَمِينُ " و " الظِّهَارُ " و " الْإِيلَاءُ " و " الِافْتِدَاءُ " وَهُوَ الْخُلْعُ وَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ حُكْمًا فَيَجِبُ أَنْ نَعْرِفَ حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَنَدْخُلَ فِي الطَّلَاقِ مَا كَانَ طَلَاقًا وَفِي الْيَمِينِ مَا كَانَ يَمِينًا وَفِي الْخُلْعِ مَا كَانَ خُلْعًا وَفِي الظِّهَارِ مَا كَانَ ظِهَارًا ; وَفِي الْإِيلَاءِ مَا كَانَ إيلَاءً . وَهَذَا هُوَ الثَّابِتُ عَنْ أَئِمَّةِ
الصَّحَابَةِ وَفُقَهَائِهِمْ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ . وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ بَعْضُ ذَلِكَ بِبَعْضِ
[ ص: 157 ] فَيَجْعَلُ مَا هُوَ ظِهَارٌ طَلَاقًا : فَيَكْثُرُ بِذَلِكَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ الَّذِي يُبْغِضُهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَيَحْتَاجُونَ إمَّا إلَى دَوَامِ الْمَكْرُوه ; وَإِمَّا إلَى زَوَالِهِ بِمَا هُوَ أَكْرَهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْهُ وَهُوَ " نِكَاحُ التَّحْلِيلِ " .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=11743الطَّلَاقُ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَهُوَ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ إذَا أَرَادَ طَلَاقَهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ أَوْ كَانَتْ حَامِلًا قَدْ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا ثُمَّ يَدَعُهَا تَتَرَبَّصُ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا غَرَضٌ : ؟ سَرَّحَهَا بِإِحْسَانِ . ثُمَّ إنْ بَدَا لَهُ بَعْدَ هَذَا إرْجَاعُهَا يَتَزَوَّجُهَا بِعَقْدِ جَدِيدٍ ثُمَّ إذَا أَرَادَ ارْتِجَاعَهَا أَوْ تَزَوَّجَهَا وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَلَّقَهَا فَهَذَا طَلَاقُ السُّنَّةِ الْمَشْرُوعِ . وَمَنْ لَمْ يُطَلِّقْ إلَّا طَلَاقَ السُّنَّةِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ نِكَاحِ التَّحْلِيلِ وَغَيْرِهِ ; بَلْ إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=11739_11752_11753طَلَّقَهَا ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ لَهُ فِي كُلِّ طَلْقَةٍ رَجْعَةٌ أَوْ عَقْدٌ جَدِيدٌ : فَهُنَا قَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَلَا يَجُوزُ عَوْدُهَا إلَيْهِ بِنِكَاحِ تَحْلِيلٍ أَصْلًا ; بَلْ قَدْ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11838لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ } وَاتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ أَصْحَابُهُ وَخُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ وَغَيْرُهُمْ فَلَا يُعْرَفُ فِي الْإِسْلَامِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَحَدًا مِنْ خُلَفَائِهِ أَوْ أَصْحَابِهِ أَعَادَ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا إلَى زَوْجِهَا بَعْدَ
nindex.php?page=treesubj&link=10935نِكَاحِ تَحْلِيلٍ أَبَدًا وَلَا كَانَ نِكَاحُ التَّحْلِيلِ ظَاهِرًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ كَانَ مَنْ يَفْعَلُهُ سِرًّا وَقَدْ لَا تَعْرِفُ الْمَرْأَةُ وَلَا وَلِيُّهَا وَقَدْ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11838لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ } وَفِي الرِّبَا قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11838لَعَنَ اللَّهُ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَكَاتِبَهُ } فَلَعَنَ الْكَاتِبَ وَالشُّهُودَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُشْهِدُونَ عَلَى دِينِ الرِّبَا وَلَمْ يَكُونُوا يُشْهِدُونَ عَلَى نِكَاحِ التَّحْلِيلِ .
[ ص: 158 ] و " أَيْضًا " فَإِنَّ النِّكَاحَ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْتَبُ فِيهِ صَدَاقٌ كَمَا تُكْتَبُ الدُّيُونُ وَلَا كَانُوا يَشْهَدُونَ فِيهِ لِأَجْلِ الصَّدَاقِ ; بَلْ كَانُوا يَعْقِدُونَهُ بَيْنَهُمْ وَقَدْ عَرَفُوا بِهِ وَيَسُوقُ الرَّجُلُ الْمَهْرَ لِلْمَرْأَةِ فَلَا يَبْقَى لَهَا عَلَيْهِ دِينٌ ; فَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ رَسُولُ اللَّهِ فِي نِكَاحِ التَّحْلِيلِ الْكَاتِبَ وَالشُّهُودَ كَمَا ذَكَرَهُمْ فِي الرِّبَا . وَلِهَذَا لَمْ يَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=11232الْإِشْهَادِ عَلَى النِّكَاحِ حَدِيثٌ . وَنِزَاعُ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ عَلَى أَقْوَالٍ فِي مَذْهَبِ
أَحْمَد وَغَيْرِهِ . فَقِيلَ : يَجِبُ الْإِعْلَانُ أَشْهَدُوا أَوْ لَمْ يُشْهِدُوا فَإِذَا أَعْلَنُوهُ وَلَمْ يَشْهَدُوا تَمَّ الْعَقْدُ وَهُوَ مَذْهَبُ
مَالِكٍ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَاتِ . وَقِيلَ : يَجِبُ الْإِشْهَادُ : أَعْلَنُوهُ أَوْ لَمْ يُعْلِنُوهُ فَمَتَى أَشْهَدُوا وَتَوَاصَوْا بِكِتْمَانِهِ لَمْ يَبْطُلْ وَهَذَا مَذْهَبُ
أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَاتِ . وَقِيلَ : يَجِبُ الْأَمْرَانِ الْإِشْهَادُ وَالْإِعْلَانُ . وَقِيلَ : يَجِبُ أَحَدُهُمَا . وَكِلَاهُمَا يُذْكَرُ فِي مَذْهَبِ
أَحْمَد .