[ ص: 62 ] فصل ومن هذا الباب "
nindex.php?page=treesubj&link=19939_25985_25986ظلم النفس " : فإنه إذا أطلق تناول جميع الذنوب فإنها ظلم العبد نفسه قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1584&ayano=11ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1585&ayano=11وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب } . وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=2وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم } . وقال في قتل النفس : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3296&ayano=28رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي } . وقالت
بلقيس : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3230&ayano=27رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين } . وقال
آدم عليه السلام {
nindex.php?page=tafseer&surano=984&ayano=7ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } . ثم قد يقرن ببعض الذنوب كقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=431&ayano=3والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم } . وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=607&ayano=4ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما } .
nindex.php?page=treesubj&link=25985وأما لفظ " الظلم المطلق " فيدخل فيه الكفر وسائر الذنوب قال تعالى : {
nindex.php?page=treesubj&link=29008nindex.php?page=tafseer&surano=3847&ayano=37احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون } { nindex.php?page=tafseer&surano=3848&ayano=37من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3849&ayano=37وقفوهم إنهم مسئولون } . قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : ونظراؤهم . وهذا ثابت عن
عمر وروي ذلك عنه مرفوعا . وكذلك قال
ابن عباس : وأشباههم . وكذلك قال
قتادة والكلبي : كل من عمل بمثل عملهم ; فأهل الخمر مع أهل الخمر وأهل الزنا مع أهل الزنا . وعن
الضحاك ومقاتل : قرناؤهم من الشياطين ; كل كافر معه شيطانه في سلسلة وهذا كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5888&ayano=81وإذا النفوس زوجت } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه الفاجر مع الفاجر والصالح مع الصالح . قال
ابن عباس : وذلك حين يكون الناس أزواجا ثلاثة . وقال
الحسن وقتادة : ألحق كل امرئ بشيعته ; اليهودي مع
اليهود والنصراني مع
النصارى . وقال
الربيع بن خيثم : يحشر المرء مع صاحب عمله وهذا كما ثبت في " الصحيح " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596198عن النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له : الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم قال : المرء مع من أحب } . وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13783الأرواح جنود مجندة ; فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف } . وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15146المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل } . وزوج الشيء نظيره وسمي الصنف زوجا ; لتشابه أفراده كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3510&ayano=31فأنبتنا فيها من كل زوج كريم } . وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4775&ayano=51ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون } . قال غير واحد من المفسرين : صنفين ونوعين مختلفين : السماء والأرض والشمس والقمر والليل والنهار ; والبر والبحر والسهل والجبل والشتاء والصيف والجن والإنس ; والكفر والإيمان والسعادة والشقاوة والحق والباطل والذكر والأنثى والنور والظلمة والحلو والمر وأشباه ذلك
[ ص: 64 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=4775&ayano=6لعلكم تذكرون } فتعلمون أن خالق الأزواج واحد . وليس المراد أنه يحشر معهم زوجاتهم مطلقا ; فإن المرأة الصالحة قد يكون زوجها فاجرا ; بل كافرا
كامرأة فرعون . وكذلك الرجل الصالح قد تكون امرأته فاجرة بل كافرة كامرأة
نوح ولوط . لكن إذا كانت المرأة على دين زوجها ; دخلت في عموم الأزواج ولهذا قال
الحسن البصري : وأزواجهم المشركات . فلا ريب أن هذه الآية تناولت الكفار كما دل عليه سياق الآية . وقد تقدم كلام المفسرين : أنه يدخل فيها الزناة مع الزناة ، وأهل الخمر مع أهل الخمر . وكذلك الأثر المروي : {
إذا كان يوم القيامة قيل : أين الظلمة وأعوانهم ؟ - أو قال : وأشباههم - فيجمعون في توابيت من نار ثم يقذف بهم في النار } . وقد قال غير واحد من
السلف : أعوان الظلمة من أعانهم ولو أنه لاق لهم دواة أو برى لهم قلما ومنهم من كان يقول : بل من يغسل ثيابهم من أعوانهم . وأعوانهم : هم من أزواجهم المذكورين في الآية . فإن المعين على البر والتقوى من أهل ذلك ، والمعين على الإثم والعدوان من أهل ذلك .
قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=582&ayano=4من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها } والشافع الذي يعين غيره فيصير معه شفعا بعد أن كان وترا ; ولهذا فسرت " الشفاعة الحسنة " بإعانة المؤمنين على الجهاد و " الشفاعة السيئة " بإعانة الكفار على قتال المؤمنين كما ذكر ذلك
ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=12032وأبو سليمان . وفسرت " الشفاعة الحسنة " بشفاعة الإنسان للإنسان ليجتلب له نفعا
[ ص: 65 ] أو يخلصه من بلاء كما قال
الحسن ومجاهد وقتادة وابن زيد ;
nindex.php?page=treesubj&link=18082_25775فالشفاعة الحسنة إعانة على خير يحبه الله ورسوله ; من نفع من يستحق النفع ودفع الضر عمن يستحق دفع الضرر عنه . و " الشفاعة السيئة " إعانته على ما يكرهه الله ورسوله كالشفاعة التي فيها ظلم الإنسان أو منع الإحسان الذي يستحقه . وفسرت الشفاعة الحسنة بالدعاء للمؤمنين والسيئة بالدعاء عليهم ، وفسرت الشفاعة الحسنة بالإصلاح بين اثنين وكل هذا صحيح . فالشافع زوج المشفوع له إذ المشفوع عنده من الخلق إما أن يعينه على بر وتقوى وإما أن يعينه على إثم وعدوان . وكان {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596200النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه طالب حاجة قال لأصحابه : اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء } . وتمام الكلام يبين أن الآية - وإن تناولت الظالم الذي ظلم بكفره - فهي أيضا متناولة ما دون ذلك وإن قيل فيها : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3847&ayano=37وما كانوا يعبدون } فقد ثبت في " الصحيح " عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596201تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد القطيفة تعس عبد الخميصة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش } . وثبت عنه في " الصحيح " أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34686ما من صاحب كنز إلا جعل له كنزه يوم القيامة شجاعا أقرع يأخذ بلهزمته أنا مالك أنا كنزك . وفي لفظ : إلا مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع يفر منه وهو يتبعه حتى يطوقه في عنقه وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : { nindex.php?page=tafseer&surano=476&ayano=3سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة } } .
وفي حديث آخر : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34686مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع يتبع صاحبه حيثما ذهب وهو يفر منه : هذا مالك الذي كنت تبخل به [ ص: 66 ] فإذا رأى أنه لا بد له منه أدخل يده في فيه فيقضمها كما يقضم الفحل } . وفي رواية : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596202فلا يزال يتبعه فيلقمه يده فيقضمها ثم يلقمه سائر جسده } . وقد قال تعالى في الآية الأخرى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1278&ayano=9والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1279&ayano=9يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون } وقد ثبت في " الصحيح " وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34686ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أحمي عليها في نار جهنم فيجعل صفائح فيكوى بها جبينه وجنباه حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار } . وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596203بشر الكانزين برضف يحمى عليها في نار جهنم فتوضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نغض كتفيه ، ويوضع على نغض كتفيه حتى يخرج من حلمة ثدييه يتزلزل وتكوي الجباه والجنوب والظهور حتى يلتقي الحر في أجوافهم } . وهذا كما في القرآن ويدل على أنه بعد دخول النار فيكون هذا لمن دخل النار ممن فعل به ذلك أولا في الموقف . فهذا الظالم لما منع الزكاة يحشر مع أشباهه وماله الذي صار عبدا له من دون الله فيعذب به وإن لم يكن هذا من أهل الشرك الأكبر الذين يخلدون في النار . ولهذا قال في آخر الحديث : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596204ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار } . فهذا بعد تعذيبه خمسين ألف سنة مما تعدون ثم يدخل الجنة .
وقد {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596205قال النبي صلى الله عليه وسلم الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب [ ص: 67 ] النمل } قال
ابن عباس وأصحابه : كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق . وكذلك قال
أهل السنة nindex.php?page=showalam&ids=12251كأحمد بن حنبل وغيره كما سنذكره - إن شاء الله - وقد قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1275&ayano=9اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون } . وفي حديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596206عدي بن حاتم - وهو حديث حسن طويل رواه أحمد والترمذي وغيرهما - وكان قد قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو نصراني فسمعه يقرأ هذه الآية قال : فقلت له إنا لسنا نعبدهم ; قال : أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتحلونه قال : فقلت : بلى . قال : فتلك عبادتهم } وكذلك قال
Multitarajem.php?tid=11827,11828,11829أبو البختري : أما إنهم لم يصلوا لهم ، ولو أمروهم أن يعبدوهم من دون الله ما أطاعوهم ، ولكن أمروهم فجعلوا حلال الله حرامه وحرامه حلاله ; فأطاعوهم فكانت تلك الربوبية .
وقال
الربيع بن أنس : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=11873لأبي العالية : كيف كانت تلك الربوبية في
بني إسرائيل ؟ قال : كانت الربوبية أنهم وجدوا في كتاب الله ما أمروا به ونهوا عنه فقالوا : لن نسبق أحبارنا بشيء ; فما أمرونا به ائتمرنا وما نهونا عنه انتهينا لقولهم فاستنصحوا الرجال ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ، فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن عبادتهم إياهم كانت في تحليل الحرام وتحريم الحلال لا أنهم صلوا لهم وصاموا لهم ودعوهم من دون الله فهذه عبادة للرجال وتلك عبادة للأموال وقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكر الله أن ذلك شرك بقوله : { nindex.php?page=tafseer&surano=1275&ayano=9لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون } . فهذا من الظلم الذي [ ص: 68 ] يدخل في قوله : { nindex.php?page=tafseer&surano=3847&ayano=37احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون } { nindex.php?page=tafseer&surano=3848&ayano=2من دون الله } . فإن هؤلاء والذين أمروهم بهذا هم جميعا معذبون وقال : { nindex.php?page=tafseer&surano=2602&ayano=21إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون } . وإنما يخرج من هذا من عبد مع كراهته لأن يعبد ويطاع في معصية الله . فهم الذين سبقت لهم الحسنى كالمسيح والعزير وغيرهما فأولئك ( مبعدون ) . وأما من رضي بأن يعبد ويطاع في معصية الله فهو مستحق للوعيد ولو لم يأمر بذلك فكيف إذا أمر وكذلك من أمر غيره بأن يعبد غير الله وهذا من " أزواجهم " فإن " أزواجهم " قد يكونون رؤساء لهم وقد يكونون أتباعا وهم أزواج وأشباه لتشابههم في الدين ، وسياق الآية يدل على ذلك فإنه سبحانه قال : { nindex.php?page=treesubj&link=29008nindex.php?page=tafseer&surano=3847&ayano=37احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون } { nindex.php?page=tafseer&surano=3848&ayano=37من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم } قال ابن عباس : دلوهم .
وقال الضحاك مثله . وقال ابن كيسان : قدموهم . والمعنى : قودوهم كما يقود الهادي لمن يهديه ، ولهذا تسمى الأعناق الهوادي لأنها تقود سائر البدن ، وتسمى أوائل الوحش الهوادي . { nindex.php?page=tafseer&surano=3849&ayano=37وقفوهم إنهم مسئولون } { nindex.php?page=tafseer&surano=3850&ayano=37ما لكم لا تناصرون } . أي : كما كنتم تتناصرون في الدنيا على الباطل . { nindex.php?page=tafseer&surano=3851&ayano=37بل هم اليوم مستسلمون } { nindex.php?page=tafseer&surano=3852&ayano=37وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون } { nindex.php?page=tafseer&surano=3853&ayano=37قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين } { nindex.php?page=tafseer&surano=3854&ayano=37قالوا بل لم تكونوا مؤمنين } { nindex.php?page=tafseer&surano=3855&ayano=37وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين } { nindex.php?page=tafseer&surano=3856&ayano=37فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون } { nindex.php?page=tafseer&surano=3857&ayano=37فأغويناكم إنا كنا غاوين } { nindex.php?page=tafseer&surano=3858&ayano=37فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون } { nindex.php?page=tafseer&surano=3859&ayano=37إنا كذلك نفعل بالمجرمين } { nindex.php?page=tafseer&surano=3860&ayano=37إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون } { nindex.php?page=tafseer&surano=3861&ayano=37ويقولون أئنا لتاركو آلهتنا لشاعر مجنون } . وقال تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=999&ayano=7قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=1000&ayano=7وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون } . وقال تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=4220&ayano=40وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار } { nindex.php?page=tafseer&surano=4221&ayano=40قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد } . وقال تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=3671&ayano=34ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين } { nindex.php?page=tafseer&surano=3672&ayano=34قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين } { nindex.php?page=tafseer&surano=3673&ayano=34وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون } .
وقوله في سياق الآية : { nindex.php?page=tafseer&surano=3860&ayano=37إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون } [ ص: 70 ] ولا ريب أنها تتناول " الشركين " : الأصغر والأكبر وتتناول أيضا من استكبر عما أمره الله به من طاعته ; فإن ذلك من تحقيق قول لا إله إلا الله ; فإن الإله هو المستحق للعبادة فكل ما يعبد به الله فهو من تمام تأله العباد له فمن استكبر عن بعض عبادته سامعا مطيعا في ذلك لغيره ; لم يحقق قول : لا إله إلا الله في هذا المقام . وهؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا - حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله يكونون على وجهين : ( أحدهما ) : أن يعلموا أنهم بدلوا دين الله فيتبعونهم على التبديل فيعتقدون تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله اتباعا لرؤسائهم مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل فهذا كفر وقد جعله الله ورسوله شركا - وإن لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون لهم - فكان من اتبع غيره في خلاف الدين مع علمه أنه خلاف الدين واعتقد ما قاله ذلك دون ما قاله الله ورسوله ; مشركا مثل هؤلاء .
و ( الثاني ) : أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحريم الحلال وتحليل الحرام ثابتا لكنهم أطاعوهم في معصية الله كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاص ; فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب كما ثبت في " الصحيح " عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12444إنما الطاعة في المعروف } وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=104317على المسلم السمع والطاعة فيما أحب أو كره ما لم يؤمر بمعصية } .
[ ص: 71 ] وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596207لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق } . وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596208من أمركم بمعصية الله فلا تطيعوه } . ثم ذلك
nindex.php?page=treesubj&link=22291المحرم للحلال والمحلل للحرام إن كان مجتهدا قصده اتباع الرسول لكن خفي عليه الحق في نفس الأمر وقد اتقى الله ما استطاع ; فهذا لا يؤاخذه الله بخطئه بل يثيبه على اجتهاده الذي أطاع به ربه . ولكن من علم أن هذا خطأ فيما جاء به الرسول ثم اتبعه على خطئه وعدل عن قول الرسول فهذا له نصيب من هذا الشرك الذي ذمه الله لا سيما إن اتبع في ذلك هواه ونصره باللسان واليد مع علمه بأنه مخالف للرسول ; فهذا شرك يستحق صاحبه العقوبة عليه . ولهذا اتفق العلماء على أنه إذا عرف الحق لا يجوز له تقليد أحد في خلافه وإنما تنازعوا في جواز التقليد للقادر على الاستدلال وإن كان عاجزا عن إظهار الحق الذي يعلمه ; فهذا يكون كمن عرف أن دين الإسلام حق وهو بين النصارى فإذا فعل ما يقدر عليه من الحق ; لا يؤاخذ بما عجز عنه وهؤلاء
كالنجاشي وغيره . وقد أنزل الله في هؤلاء آيات من كتابه كقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=495&ayano=3وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم } . وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1120&ayano=7ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون } . وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=757&ayano=5وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق } .
وأما إن كان المتبع للمجتهد عاجزا عن معرفة الحق على التفصيل وقد فعل
[ ص: 72 ] ما يقدر عليه مثله من الاجتهاد في التقليد ; فهذا لا يؤاخذ إن أخطأ كما في القبلة . وأما إن قلد شخصا دون نظيره بمجرد هواه ونصره بيده ولسانه من غير علم أن معه الحق ; فهذا من أهل الجاهلية . وإن كان متبوعه مصيبا ; لم يكن عمله صالحا . وإن كان متبوعه مخطئا ; كان آثما . كمن قال في القرآن برأيه ; فإن أصاب فقد أخطأ وإن أخطأ فليتبوأ مقعده من النار . وهؤلاء من جنس مانع الزكاة الذي تقدم فيه الوعيد ومن جنس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة فإن ذلك لما أحب المال حبا منعه عن عبادة الله وطاعته صار عبدا له . وكذلك هؤلاء ; فيكون فيه شرك أصغر ولهم من الوعيد بحسب ذلك . وفي الحديث : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12282إن يسير الرياء شرك } . وهذا مبسوط عند النصوص التي فيها إطلاق الكفر والشرك على كثير من الذنوب . ( والمقصود هنا ) أن الظلم المطلق يتناول الكفر
nindex.php?page=treesubj&link=29483_29645_28674ولا يختص بالكفر ; بل يتناول ما دونه أيضا وكل بحسبه كلفظ " الذنب " و " الخطيئة " " والمعصية " . فإن هذا يتناول الكفر والفسوق والعصيان كما في " الصحيحين " عن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=61410 nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود قال : قلت يا رسول الله أي الذنب أعظم ؟ قال : أن تجعل لله ندا وهو خلقك . قلت : ثم أي ؟ قال : ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك . قلت : ثم أي ؟ قال : ثم أن تزاني بحليلة جارك فأنزل الله تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=2948&ayano=25والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما } { nindex.php?page=tafseer&surano=2949&ayano=25يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا } [ ص: 73 ] { nindex.php?page=tafseer&surano=2950&ayano=25إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما } { nindex.php?page=tafseer&surano=2951&ayano=25ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا } . } فهذا الوعيد بتمامه على الثلاثة ولكل عمل قسط منه ; فلو أشرك ولم يقتل ولم يزن ; كان عذابه دون ذلك . ولو زنى وقتل ولم يشرك ; كان له من هذا العذاب نصيب كما في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=590&ayano=4ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما } . ولم يذكر : ( أبدا ) .
وقد قيل : إن لفظ " التأبيد " لم يجئ إلا مع الكفر وقال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2907&ayano=25ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2908&ayano=25يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2909&ayano=25لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا } . فلا ريب أن هذا يتناول الكافر الذي لم يؤمن بالرسول . وسبب نزول الآية كان في ذلك فإن " الظلم المطلق " يتناول ذلك ويتناول ما دونه بحسبه . فمن خال مخلوقا في خلاف أمر الله ورسوله ; كان له من هذا الوعيد نصيب كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4435&ayano=43الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } . وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=175&ayano=2إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب } . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14919الفضيل بن عياض : حدثنا
الليث عن
مجاهد : هي المودات التي كانت بينهم لغير الله . فإن " المخالة " تحاب وتواد ; ولهذا قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15146المرء على دين خليله } فإن المتحابين يحب أحدهما ما يحب الآخر بحسب الحب فإذا اتبع أحدهما صاحبه على محبته ما يبغضه الله ورسوله ; نقص من دينهما بحسب ذلك إلى أن ينتهي
[ ص: 74 ] إلى الشرك الأكبر قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=174&ayano=2ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله } . والذين قدموا محبة المال الذي كنزوه والمخلوق الذي اتبعوه على محبة الله ورسوله كان فيهم من الظلم والشرك بحسب ذلك فلهذا ألزمهم محبوبهم كما في الحديث يقول الله تعالى : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596209أليس عدلا مني أن أولي كل رجل منكم ما كان يتولاه في الدنيا } . وقد ثبت في " الصحيح " يقول : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596210ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون ; فمن كان يعبد الشمس الشمس ومن كان يعبد القمر القمر ومن كان يعبد الطواغيت الطواغيت ويمثل للنصارى المسيح ولليهود عزير . فيتبع كل قوم ما كانوا يعبدون وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها } كما سيأتي هذا الحديث - إن شاء الله - فهؤلاء " أهل الشرك الأكبر " .
وأما " عبيد المال " الذين كنزوه وعبيد الرجال الذين أطاعوهم في معاصي الله فأولئك يعذبون عذابا دون عذاب أولئك المشركين ; إما في عرصات القيامة وإما في جهنم ومن أحب شيئا دون الله عذب به . وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=263&ayano=2يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون } . " فالكفر المطلق " هو الظلم المطلق ; ولهذا لا شفيع لأهله يوم القيامة كما نفى الشفاعة في هذه الآية وفي قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4191&ayano=40وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4192&ayano=40يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور } . وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3052&ayano=26فكبكبوا فيها هم والغاوون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3053&ayano=26وجنود إبليس أجمعون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3054&ayano=26قالوا وهم فيها يختصمون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3055&ayano=26تالله إن كنا لفي ضلال مبين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3056&ayano=26إذ نسويكم برب العالمين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3057&ayano=26وما أضلنا إلا المجرمون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3058&ayano=26فما لنا من شافعين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3059&ayano=26ولا صديق حميم } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3060&ayano=26فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين } . وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3056&ayano=26إذ نسويكم } لم يريدوا به أنهم جعلوهم مساوين لله من كل وجه ; فإن هذا لم يقله أحد من بني
آدم ولا نقل عن قوم قط من الكفار أنهم قالوا : إن هذا العالم له خالقان متماثلان حتى المجوس القائلين " بالأصلين : النور والظلمة " متفقون على أن " النور " خير يستحق أن يعبد ويحمد وأن " الظلمة " شريرة تستحق أن تذم وتلعن واختلفوا هل الظلمة محدثة أو قديمة ؟ على قولين وبكل حال لم يجعلوها مثل النور من كل وجه .
وكذلك " مشركو
العرب " كانوا متفقين على أن أربابهم لم تشارك الله في خلق السموات والأرض ; بل كانوا مقرين بأن الله وحده خلق السموات والأرض وما بينهما كما أخبر الله عنهم بذلك في غير آية كقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3430&ayano=29ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3431&ayano=29الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له إن الله بكل شيء عليم } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3432&ayano=29ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون } . وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4377&ayano=43ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4378&ayano=43الذي جعل لكم الأرض مهدا وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون }
[ ص: 76 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=4379&ayano=43والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4380&ayano=43والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4381&ayano=43لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين nindex.php?page=tafseer&surano=4382&ayano=43وإنا إلى ربنا لمنقلبون } . وهذه الصفات من كلام الله تعالى ; ليست من تمام جوابهم . وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2780&ayano=23قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2781&ayano=23سيقولون لله قل أفلا تذكرون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2782&ayano=23قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2783&ayano=23سيقولون لله } الآيات . وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=835&ayano=6قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=836&ayano=6بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون } . وكذلك قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3245&ayano=27آلله خير أم ما يشركون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3246&ayano=27أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3247&ayano=27أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله } . أي : أإله مع الله فعل هذا ؟ وهذا استفهام إنكار وهم مقرون بأنه لم يفعل هذا إله آخر مع الله .
ومن قال من المفسرين إن المراد : هل مع الله إله آخر ؟ فقد غلط ; فإنهم كانوا يجعلون مع الله آلهة أخرى كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=814&ayano=6أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد } . وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1585&ayano=11فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء } . وقال تعالى عنهم : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4013&ayano=38أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب } . وكانوا معترفين بأن آلهتهم لم تشارك الله في خلق السموات والأرض ولا خلق شيء ; بل كانوا يتخذونهم شفعاء ووسائط كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1392&ayano=10ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله } . وقال عن صاحب يس : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3763&ayano=36وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3764&ayano=36أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون } . وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=846&ayano=6وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع } . وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3539&ayano=32الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون } . وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3662&ayano=34قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3663&ayano=34ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له } فنفى عما سواه كل ما يتعلق به المشركون فنفى أن يكون لغيره ملك أو قسط من الملك أو يكون عونا لله ولم يبق إلا الشفاعة ; فبين أنها لا تنفع إلا لمن أذن له الرب كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=264&ayano=2من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه } وقال تعالى عن الملائكة : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2532&ayano=21ولا يشفعون إلا لمن ارتضى } . وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4863&ayano=53وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى } . فهذه
nindex.php?page=treesubj&link=28705_28753_28768 " الشفاعة " التي يظنها المشركون ; هي منتفية يوم القيامة كما نفاها
[ ص: 78 ] القرآن . وأما ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم أنه يكون . فأخبر : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596211أنه يأتي فيسجد لربه ويحمده لا يبدأ بالشفاعة أولا . فإذا سجد وحمد ربه بمحامد يفتحها عليه ; يقال له : أي محمد ارفع رأسك وقل تسمع وسل تعط واشفع تشفع . فيقول : أي رب أمتي فيحد له حدا فيدخلهم الجنة .
وكذلك في الثانية وكذلك في الثالثة وقال له nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة ؟ قال : من قال : لا إله إلا الله خالصا من قلبه } . فتلك " الشفاعة " هي لأهل الإخلاص بإذن الله ليست لمن أشرك بالله ولا تكون إلا بإذن الله . وحقيقته أن الله هو الذي يتفضل على أهل الإخلاص والتوحيد فيغفر لهم بواسطة دعاء الشافع الذي أذن له أن يشفع ليكرمه بذلك وينال به المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون صلى الله عليه وسلم كما كان في الدنيا يستسقي لهم ويدعو لهم وتلك شفاعة منه لهم فكان الله يجيب دعاءه وشفاعته . وإذا كان كذلك " فالظلم ثلاثة أنواع " : فالظلم الذي هو شرك لا شفاعة فيه . وظلم الناس بعضهم بعضا لا بد فيه من إعطاء المظلوم حقه ; لا يسقط حق المظلوم لا بشفاعة ولا غيرها ولكن قد يعطى المظلوم من الظالم كما قد يغفر لظالم نفسه بالشفاعة . فالظالم المطلق ما له من شفيع مطاع وأما الموحد فلم يكن ظالما مطلقا بل هو موحد مع ظلمه لنفسه . وهذا إنما نفعه في الحقيقة إخلاصه لله فبه صار من أهل الشفاعة .
ومقصود القرآن ينفي الشفاعة نفي الشرك وهو : أن أحدا لا يعبد إلا الله
[ ص: 79 ] ولا يدعو غيره ولا يسأل غيره ولا يتوكل على غيره لا في شفاعة ولا غيرها ; فليس له أن يتوكل على أحد في أن يرزقه وإن كان الله يأتيه برزقه بأسباب . كذلك ليس له أن يتوكل على غير الله في أن يغفر له ويرحمه في الآخرة وإن كان الله يغفر له ويرحمه بأسباب من شفاعة وغيرها فالشفاعة التي نفاها القرآن مطلقا ; ما كان فيها شرك وتلك منتفية مطلقا ; ولهذا أثبت الشفاعة بإذنه في مواضع وتلك قد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أنها لا تكون إلا لأهل التوحيد والإخلاص فهي من التوحيد ، ومستحقها أهل التوحيد .
[ ص: 62 ] فَصْلٌ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ "
nindex.php?page=treesubj&link=19939_25985_25986ظُلْمُ النَّفْسِ " : فَإِنَّهُ إذَا أُطْلِقَ تَنَاوُلُ جَمِيعِ الذُّنُوبِ فَإِنَّهَا ظُلْمُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1584&ayano=11ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1585&ayano=11وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ } . وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=2وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إلَى بَارِئِكُمْ } . وَقَالَ فِي قَتْلِ النَّفْسِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3296&ayano=28رَبِّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي } . وَقَالَتْ
بلقيس : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3230&ayano=27رَبِّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } . وَقَالَ
آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=984&ayano=7رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } . ثُمَّ قَدْ يُقْرَنُ بِبَعْضِ الذُّنُوبِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=431&ayano=3وَالَّذِينَ إذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ } . وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=607&ayano=4وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا } .
nindex.php?page=treesubj&link=25985وَأَمَّا لَفْظُ " الظُّلْمِ الْمُطْلَقِ " فَيَدْخُلُ فِيهِ الْكُفْرُ وَسَائِرُ الذُّنُوبِ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=treesubj&link=29008nindex.php?page=tafseer&surano=3847&ayano=37احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ } { nindex.php?page=tafseer&surano=3848&ayano=37مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3849&ayano=37وَقِفُوهُمْ إنَّهُمْ مَسْئُولُونَ } . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : وَنُظَرَاؤُهُمْ . وَهَذَا ثَابِتٌ عَنْ
عُمَرَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ مَرْفُوعًا . وَكَذَلِكَ قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : وَأَشْبَاهُهُمْ . وَكَذَلِكَ قَالَ
قتادة وَالْكَلْبِيُّ : كُلُّ مَنْ عَمِلَ بِمِثْلِ عَمَلِهِمْ ; فَأَهْلُ الْخَمْرِ مَعَ أَهْلِ الْخَمْرِ وَأَهْلُ الزِّنَا مَعَ أَهْلِ الزِّنَا . وَعَنْ
الضَّحَّاكِ وَمُقَاتِلٍ : قُرَنَاؤُهُمْ مِنْ الشَّيَاطِينِ ; كُلُّ كَافِرٍ مَعَهُ شَيْطَانُهُ فِي سِلْسِلَةٍ وَهَذَا كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5888&ayano=81وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْفَاجِرُ مَعَ الْفَاجِرِ وَالصَّالِحُ مَعَ الصَّالِحِ . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : وَذَلِكَ حِين يَكُونُ النَّاسُ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً . وَقَالَ
الْحَسَنُ وقتادة : أُلْحِقَ كُلُّ امْرِئٍ بِشِيعَتِهِ ; الْيَهُودِيُّ مَعَ
الْيَهُودِ وَالنَّصْرَانِيُّ مَعَ
النَّصَارَى . وَقَالَ
الرَّبِيعُ بْنُ خيثم : يُحْشَرُ الْمَرْءُ مَعَ صَاحِبِ عَمَلِهِ وَهَذَا كَمَا ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحِ " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596198عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قِيلَ لَهُ : الرَّجُلُ يُحِبُّ الْقَوْمَ وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ قَالَ : الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ } . وَقَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13783الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ ; فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ } . وَقَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15146الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ } . وَزَوْجُ الشَّيْءِ نَظِيرُهُ وَسُمِّيَ الصِّنْفُ زَوْجًا ; لِتَشَابُهِ أَفْرَادِهِ كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3510&ayano=31فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ } . وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4775&ayano=51وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } . قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ : صِنْفَيْنِ وَنَوْعَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ : السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَاللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ; وَالْبَرُّ وَالْبَحْرُ وَالسَّهْلُ وَالْجَبَلُ وَالشِّتَاءُ وَالصَّيْفُ وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ ; وَالْكُفْرُ وَالْإِيمَانُ وَالسَّعَادَةُ وَالشَّقَاوَةُ وَالْحَقُّ وَالْبَاطِلُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالنُّورُ وَالظُّلْمَةُ وَالْحُلْوُ وَالْمُرُّ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ
[ ص: 64 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=4775&ayano=6لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } فَتَعْلَمُونَ أَنَّ خَالِقَ الْأَزْوَاجِ وَاحِدٌ . وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْشُرُ مَعَهُمْ زَوْجَاتِهِمْ مُطْلَقًا ; فَإِنَّ الْمَرْأَةَ الصَّالِحَةَ قَدْ يَكُونُ زَوْجُهَا فَاجِرًا ; بَلْ كَافِرًا
كَامْرَأَةِ فِرْعَوْنَ . وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ قَدْ تَكُونُ امْرَأَتُهُ فَاجِرَةً بَلْ كَافِرَةً كَامْرَأَةِ
نُوحٍ وَلُوطٍ . لَكِنْ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى دِينِ زَوْجِهَا ; دَخَلَتْ فِي عُمُومِ الْأَزْوَاجِ وَلِهَذَا قَالَ
الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : وَأَزْوَاجُهُمْ الْمُشْرِكَاتُ . فَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تَنَاوَلَتْ الْكُفَّارَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْآيَةِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُ الْمُفَسِّرِينَ : أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهَا الزُّنَاةُ مَعَ الزُّنَاةِ ، وَأَهْلُ الْخَمْرِ مَعَ أَهْلِ الْخَمْرِ . وَكَذَلِكَ الْأَثَرُ الْمَرْوِيُّ : {
إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قِيلَ : أَيْنَ الظَّلَمَةُ وَأَعْوَانُهُمْ ؟ - أَوْ قَالَ : وَأَشْبَاهُهُمْ - فَيُجْمَعُونَ فِي تَوَابِيتَ مِنْ نَارٍ ثُمَّ يُقْذَفُ بِهِمْ فِي النَّارِ } . وَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ
السَّلَفِ : أَعْوَانُ الظَّلَمَةِ مَنْ أَعَانَهُمْ وَلَوْ أَنَّهُ لَاقَ لَهُمْ دَوَاةً أَوْ بَرَى لَهُمْ قَلَمًا وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَقُولُ : بَلْ مَنْ يَغْسِلُ ثِيَابَهُمْ مِنْ أَعْوَانِهِمْ . وَأَعْوَانُهُمْ : هُمْ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ الْمَذْكُورِينَ فِي الْآيَةِ . فَإِنَّ الْمُعِينَ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ ، وَالْمُعِينَ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ .
قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=582&ayano=4مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا } وَالشَّافِعُ الَّذِي يُعِينُ غَيْرَهُ فَيَصِيرُ مَعَهُ شَفْعًا بَعْدَ أَنْ كَانَ وِتْرًا ; وَلِهَذَا فُسِّرَتْ " الشَّفَاعَةُ الْحَسَنَةُ " بِإِعَانَةِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْجِهَادِ وَ " الشَّفَاعَةُ السَّيِّئَةُ " بِإِعَانَةِ الْكُفَّارِ عَلَى قِتَالِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ
ابْنُ جَرِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=12032وَأَبُو سُلَيْمَانَ . وَفُسِّرَتْ " الشَّفَاعَةُ الْحَسَنَةُ " بِشَفَاعَةِ الْإِنْسَانِ لِلْإِنْسَانِ لِيَجْتَلِبَ لَهُ نَفْعًا
[ ص: 65 ] أَوْ يُخَلِّصَهُ مِنْ بَلَاءٍ كَمَا قَالَ
الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وقتادة وَابْنُ زَيْدٍ ;
nindex.php?page=treesubj&link=18082_25775فَالشَّفَاعَةُ الْحَسَنَةُ إعَانَةٌ عَلَى خَيْرٍ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ; مِنْ نَفْعِ مَنْ يَسْتَحِقُّ النَّفْعَ وَدَفْعِ الضُّرِّ عَمَّنْ يَسْتَحِقُّ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْهُ . وَ " الشَّفَاعَةُ السَّيِّئَةُ " إعَانَتُهُ عَلَى مَا يَكْرَهُهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ كَالشَّفَاعَةِ الَّتِي فِيهَا ظُلْمُ الْإِنْسَانِ أَوْ مَنْعُ الْإِحْسَانِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ . وَفُسِّرَتْ الشَّفَاعَةُ الْحَسَنَةُ بِالدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالسَّيِّئَةُ بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ ، وَفُسِّرَتْ الشَّفَاعَةُ الْحَسَنَةُ بِالْإِصْلَاحِ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَكُلُّ هَذَا صَحِيحٌ . فَالشَّافِعُ زَوْجُ الْمَشْفُوعِ لَهُ إذْ الْمَشْفُوعُ عِنْدَهُ مِنْ الْخُلُقِ إمَّا أَنْ يُعِينَهُ عَلَى بِرٍّ وَتَقْوَى وَإِمَّا أَنْ يُعِينَهُ عَلَى إثْمٍ وَعُدْوَانٍ . وَكَانَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596200النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَتَاهُ طَالِبُ حَاجَةٍ قَالَ لِأَصْحَابِهِ : اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا شَاءَ } . وَتَمَامُ الْكَلَامِ يُبَيِّنُ أَنَّ الْآيَةَ - وَإِنْ تَنَاوَلَتْ الظَّالِمَ الَّذِي ظَلَمَ بِكُفْرِهِ - فَهِيَ أَيْضًا مُتَنَاوِلَةٌ مَا دُونَ ذَلِكَ وَإِنْ قِيلَ فِيهَا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3847&ayano=37وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ } فَقَدْ ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحِ " عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596201تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ تَعِسَ عَبْدُ الْقَطِيفَةِ تَعِسَ عَبْدُ الْخَمِيصَةِ تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ } . وَثَبَتَ عَنْهُ فِي " الصَّحِيحِ " أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34686مَا مِنْ صَاحِبِ كَنْزٍ إلَّا جُعِلَ لَهُ كَنْزُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتِهِ أَنَا مَالُك أَنَا كَنْزُك . وَفِي لَفْظٍ : إلَّا مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ يَفِرُّ مِنْهُ وَهُوَ يَتْبَعُهُ حَتَّى يُطَوِّقَهُ فِي عُنُقِهِ وَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ : { nindex.php?page=tafseer&surano=476&ayano=3سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } } .
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34686مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ يَتْبَعُ صَاحِبَهُ حَيْثُمَا ذَهَبَ وَهُوَ يَفِرُّ مِنْهُ : هَذَا مَالُك الَّذِي كُنْت تَبْخَلُ بِهِ [ ص: 66 ] فَإِذَا رَأَى أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي فِيهِ فَيَقْضِمُهَا كَمَا يَقْضِمُ الْفَحْلُ } . وَفِي رِوَايَةٍ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596202فَلَا يَزَالُ يَتْبَعُهُ فَيُلْقِمُهُ يَدَهُ فَيَقْضِمُهَا ثُمَّ يُلْقِمُهُ سَائِرَ جَسَدِهِ } . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1278&ayano=9وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1279&ayano=9يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ } وَقَدْ ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحِ " وَغَيْرِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34686مَا مِنْ صَاحِبِ كَنْزٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهُ إلَّا أُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُجْعَلُ صَفَائِحَ فَيُكْوَى بِهَا جَبِينُهُ وَجَنْبَاهُ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إمَّا إلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إلَى النَّارِ } . وَفِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=1584أَبِي ذَرٍّ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596203بَشِّرْ الْكَانِزِينَ بِرَضْفِ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُوضَعُ عَلَى حَلَمَةِ ثَدْيِ أَحَدِهِمْ حَتَّى يَخْرُجَ مَنْ نُغْضِ كَتِفَيْهِ ، وَيُوضَعُ عَلَى نُغْضِ كَتِفَيْهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَلَمَةِ ثَدْيَيْهِ يَتَزَلْزَلُ وَتَكْوِي الْجِبَاهَ وَالْجُنُوبَ وَالظُّهُورَ حَتَّى يَلْتَقِيَ الْحَرُّ فِي أَجْوَافِهِمْ } . وَهَذَا كَمَا فِي الْقُرْآنِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ دُخُولِ النَّارِ فَيَكُونُ هَذَا لِمَنْ دَخَلَ النَّارَ مِمَّنْ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ أَوَّلًا فِي الْمَوْقِفِ . فَهَذَا الظَّالِمُ لَمَّا مَنَعَ الزَّكَاةَ يُحْشَرُ مَعَ أَشْبَاهِهِ وَمَالِهِ الَّذِي صَارَ عَبْدًا لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيُعَذَّبُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ الَّذِينَ يُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ . وَلِهَذَا قَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596204ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إمَّا إلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إلَى النَّارِ } . فَهَذَا بَعْدَ تَعْذِيبِهِ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ثُمَّ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ .
وَقَدْ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596205قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشِّرْكُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ [ ص: 67 ] النَّمْلِ } قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابُهُ : كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ وَظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ وَفِسْقٌ دُونَ فِسْقٍ . وَكَذَلِكَ قَالَ
أَهْلُ السُّنَّةِ nindex.php?page=showalam&ids=12251كَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ - وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1275&ayano=9اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا إلَهًا وَاحِدًا لَا إلَهَ إلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } . وَفِي حَدِيثِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596206عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ - وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ طَوِيلٌ رَوَاهُ أَحْمَد وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا - وَكَانَ قَدْ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ فَسَمِعَهُ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ قَالَ : فَقُلْت لَهُ إنَّا لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ ; قَالَ : أَلَيْسَ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فَتُحَرِّمُونَهُ وَيُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَتُحِلُّونَهُ قَالَ : فَقُلْت : بَلَى . قَالَ : فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ } وَكَذَلِكَ قَالَ
Multitarajem.php?tid=11827,11828,11829أَبُو البختري : أَمَا إنَّهُمْ لَمْ يُصَلُّوا لَهُمْ ، وَلَوْ أَمَرُوهُمْ أَنْ يَعْبُدُوهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا أَطَاعُوهُمْ ، وَلَكِنْ أَمَرُوهُمْ فَجَعَلُوا حَلَالَ اللَّهِ حَرَامَهُ وَحَرَامَهُ حَلَالَهُ ; فَأَطَاعُوهُمْ فَكَانَتْ تِلْكَ الرُّبُوبِيَّةَ .
وَقَالَ
الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ : قُلْت
nindex.php?page=showalam&ids=11873لِأَبِي الْعَالِيَةِ : كَيْفَ كَانَتْ تِلْكَ الرُّبُوبِيَّةُ فِي
بَنِي إسْرَائِيلَ ؟ قَالَ : كَانَتْ الرُّبُوبِيَّةُ أَنَّهُمْ وَجَدُوا فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا أُمِرُوا بِهِ وَنُهُوا عَنْهُ فَقَالُوا : لَنْ نَسْبِقَ أَحْبَارَنَا بِشَيْءِ ; فَمَا أَمَرُونَا بِهِ ائْتَمَرْنَا وَمَا نَهَوْنَا عَنْهُ انْتَهَيْنَا لِقَوْلِهِمْ فَاسْتَنْصَحُوا الرِّجَالَ وَنَبَذُوا كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ ، فَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عِبَادَتَهُمْ إيَّاهُمْ كَانَتْ فِي تَحْلِيلِ الْحَرَامِ وَتَحْرِيمِ الْحَلَالِ لَا أَنَّهُمْ صَلَّوْا لَهُمْ وَصَامُوا لَهُمْ وَدَعَوْهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَهَذِهِ عِبَادَةٌ لِلرِّجَالِ وَتِلْكَ عِبَادَةٌ لِلْأَمْوَالِ وَقَدْ بَيَّنَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ أَنَّ ذَلِكَ شِرْكٌ بِقَوْلِهِ : { nindex.php?page=tafseer&surano=1275&ayano=9لَا إلَهَ إلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } . فَهَذَا مِنْ الظُّلْمِ الَّذِي [ ص: 68 ] يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ : { nindex.php?page=tafseer&surano=3847&ayano=37احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ } { nindex.php?page=tafseer&surano=3848&ayano=2مِنْ دُونِ اللَّهِ } . فَإِنَّ هَؤُلَاءِ وَاَلَّذِينَ أَمَرُوهُمْ بِهَذَا هُمْ جَمِيعًا مُعَذَّبُونَ وَقَالَ : { nindex.php?page=tafseer&surano=2602&ayano=21إنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } . وَإِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ هَذَا مَنْ عُبِدَ مَعَ كَرَاهَتِهِ لِأَنْ يُعْبَدَ وَيُطَاعَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ . فَهُمْ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ الْحُسْنَى كَالْمَسِيحِ وَالْعُزَيْرِ وَغَيْرِهِمَا فَأُولَئِكَ ( مُبْعَدُونَ ) . وَأَمَّا مَنْ رَضِيَ بِأَنْ يُعْبَدَ وَيُطَاعَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلْوَعِيدِ وَلَوْ لَمْ يَأْمُرْ بِذَلِكَ فَكَيْفَ إذَا أَمَرَ وَكَذَلِكَ مَنْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِأَنْ يَعْبُدَ غَيْرَ اللَّهِ وَهَذَا مِنْ " أَزْوَاجِهِمْ " فَإِنَّ " أَزْوَاجَهُمْ " قَدْ يَكُونُونَ رُؤَسَاءَ لَهُمْ وَقَدْ يَكُونُونَ أَتْبَاعًا وَهُمْ أَزْوَاجٌ وَأَشْبَاهٌ لِتَشَابُهِهِمْ فِي الدِّينِ ، وَسِيَاقُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ : { nindex.php?page=treesubj&link=29008nindex.php?page=tafseer&surano=3847&ayano=37احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ } { nindex.php?page=tafseer&surano=3848&ayano=37مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ } قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : دُلُّوهُمْ .
وَقَالَ الضَّحَّاكُ مِثْلَهُ . وَقَالَ ابْنُ كيسان : قَدِّمُوهُمْ . وَالْمَعْنَى : قُودُوهُمْ كَمَا يَقُودُ الْهَادِي لِمَنْ يَهْدِيهِ ، وَلِهَذَا تُسَمَّى الْأَعْنَاقُ الْهَوَادِيَ لِأَنَّهَا تَقُودُ سَائِرَ الْبَدَنِ ، وَتُسَمَّى أَوَائِلُ الْوَحْشِ الْهَوَادِيَ . { nindex.php?page=tafseer&surano=3849&ayano=37وَقِفُوهُمْ إنَّهُمْ مَسْئُولُونَ } { nindex.php?page=tafseer&surano=3850&ayano=37مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ } . أَيْ : كَمَا كُنْتُمْ تَتَنَاصَرُونَ فِي الدُّنْيَا عَلَى الْبَاطِلِ . { nindex.php?page=tafseer&surano=3851&ayano=37بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ } { nindex.php?page=tafseer&surano=3852&ayano=37وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ } { nindex.php?page=tafseer&surano=3853&ayano=37قَالُوا إنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ } { nindex.php?page=tafseer&surano=3854&ayano=37قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ } { nindex.php?page=tafseer&surano=3855&ayano=37وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ } { nindex.php?page=tafseer&surano=3856&ayano=37فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إنَّا لَذَائِقُونَ } { nindex.php?page=tafseer&surano=3857&ayano=37فَأَغْوَيْنَاكُمْ إنَّا كُنَّا غَاوِينَ } { nindex.php?page=tafseer&surano=3858&ayano=37فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } { nindex.php?page=tafseer&surano=3859&ayano=37إنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ } { nindex.php?page=tafseer&surano=3860&ayano=37إنَّهُمْ كَانُوا إذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ } { nindex.php?page=tafseer&surano=3861&ayano=37وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ } . وَقَالَ تَعَالَى : { nindex.php?page=tafseer&surano=999&ayano=7قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=1000&ayano=7وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ } . وَقَالَ تَعَالَى : { nindex.php?page=tafseer&surano=4220&ayano=40وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ } { nindex.php?page=tafseer&surano=4221&ayano=40قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إنَّا كُلٌّ فِيهَا إنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ } . وَقَالَ تَعَالَى : { nindex.php?page=tafseer&surano=3671&ayano=34وَلَوْ تَرَى إذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ } { nindex.php?page=tafseer&surano=3672&ayano=34قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ } { nindex.php?page=tafseer&surano=3673&ayano=34وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } .
وَقَوْلُهُ فِي سِيَاقِ الْآيَةِ : { nindex.php?page=tafseer&surano=3860&ayano=37إنَّهُمْ كَانُوا إذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ } [ ص: 70 ] وَلَا رَيْبَ أَنَّهَا تَتَنَاوَلُ " الشِّرْكَيْنِ " : الْأَصْغَرَ وَالْأَكْبَرَ وَتَتَنَاوَلُ أَيْضًا مَنْ اسْتَكْبَرَ عَمَّا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ طَاعَتِهِ ; فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ تَحْقِيقِ قَوْلِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ; فَإِنَّ الْإِلَهَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ فَكُلُّ مَا يُعْبَدُ بِهِ اللَّهُ فَهُوَ مِنْ تَمَامِ تَأَلُّهِ الْعِبَادِ لَهُ فَمَنْ اسْتَكْبَرَ عَنْ بَعْضِ عِبَادَتِهِ سَامِعًا مُطِيعًا فِي ذَلِكَ لِغَيْرِهِ ; لَمْ يُحَقِّقْ قَوْلَ : لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ . وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا - حَيْثُ أَطَاعُوهُمْ فِي تَحْلِيلِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَتَحْرِيمِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ يَكُونُونَ عَلَى وَجْهَيْنِ : ( أَحَدُهُمَا ) : أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّهُمْ بَدَّلُوا دِينَ اللَّهِ فَيَتْبَعُونَهُمْ عَلَى التَّبْدِيلِ فَيَعْتَقِدُونَ تَحْلِيلَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَتَحْرِيمَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ اتِّبَاعًا لِرُؤَسَائِهِمْ مَعَ عِلْمِهِمْ أَنَّهُمْ خَالَفُوا دِينَ الرُّسُلِ فَهَذَا كُفْرٌ وَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ شِرْكًا - وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَ لَهُمْ وَيَسْجُدُونَ لَهُمْ - فَكَانَ مَنْ اتَّبَعَ غَيْرَهُ فِي خِلَافِ الدِّينِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ خِلَافُ الدِّينِ وَاعْتَقَدَ مَا قَالَهُ ذَلِكَ دُونَ مَا قَالَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ; مُشْرِكًا مِثْلَ هَؤُلَاءِ .
وَ ( الثَّانِي ) : أَنْ يَكُونَ اعْتِقَادُهُمْ وَإِيمَانُهُمْ بِتَحْرِيمِ الْحَلَالِ وَتَحْلِيلِ الْحَرَامِ ثَابِتًا لَكِنَّهُمْ أَطَاعُوهُمْ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ كَمَا يَفْعَلُ الْمُسْلِمُ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ الْمَعَاصِي الَّتِي يَعْتَقِدُ أَنَّهَا مَعَاصٍ ; فَهَؤُلَاءِ لَهُمْ حُكْمُ أَمْثَالِهِمْ مِنْ أَهْلِ الذُّنُوبِ كَمَا ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحِ " عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12444إنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=104317عَلَى الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةِ } .
[ ص: 71 ] وَقَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596207لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقِ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ } . وَقَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596208مَنْ أَمَرَكُمْ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلَا تُطِيعُوهُ } . ثُمَّ ذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=22291الْمُحَرِّمُ لِلْحَلَالِ وَالْمُحَلِّلُ لِلْحَرَامِ إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا قَصْدُهُ اتِّبَاعُ الرَّسُولِ لَكِنْ خَفِيَ عَلَيْهِ الْحَقُّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَدْ اتَّقَى اللَّهَ مَا اسْتَطَاعَ ; فَهَذَا لَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ بِخَطَئِهِ بَلْ يُثِيبُهُ عَلَى اجْتِهَادِهِ الَّذِي أَطَاعَ بِهِ رَبَّهُ . وَلَكِنْ مَنْ عَلِمَ أَنَّ هَذَا خَطَأٌ فِيمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ثُمَّ اتَّبَعَهُ عَلَى خَطَئِهِ وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ الرَّسُولِ فَهَذَا لَهُ نَصِيبٌ مِنْ هَذَا الشِّرْكِ الَّذِي ذَمَّهُ اللَّهُ لَا سِيَّمَا إنْ اتَّبَعَ فِي ذَلِكَ هَوَاهُ وَنَصَرَهُ بِاللِّسَانِ وَالْيَدِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلرَّسُولِ ; فَهَذَا شِرْكٌ يَسْتَحِقُّ صَاحِبُهُ الْعُقُوبَةَ عَلَيْهِ . وَلِهَذَا اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ إذَا عَرَفَ الْحَقَّ لَا يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُ أَحَدٍ فِي خِلَافِهِ وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِي جَوَازِ التَّقْلِيدِ لِلْقَادِرِ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ إظْهَارِ الْحَقِّ الَّذِي يَعْلَمُهُ ; فَهَذَا يَكُونُ كَمَنْ عَرَفَ أَنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ حَقٌّ وَهُوَ بَيْنَ النَّصَارَى فَإِذَا فَعَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ الْحَقِّ ; لَا يُؤَاخَذُ بِمَا عَجَزَ عَنْهُ وَهَؤُلَاءِ
كَالنَّجَاشِيِّ وَغَيْرِهِ . وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي هَؤُلَاءِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=495&ayano=3وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إلَيْهِمْ } . وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1120&ayano=7وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } . وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=757&ayano=5وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ } .
وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُتَّبِعُ لِلْمُجْتَهِدِ عَاجِزًا عَنْ مَعْرِفَةِ الْحَقِّ عَلَى التَّفْصِيلِ وَقَدْ فَعَلَ
[ ص: 72 ] مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ مِنْ الِاجْتِهَادِ فِي التَّقْلِيدِ ; فَهَذَا لَا يُؤَاخَذُ إنْ أَخْطَأَ كَمَا فِي الْقِبْلَةِ . وَأَمَّا إنْ قَلَّدَ شَخْصًا دُونَ نَظِيرِهِ بِمُجَرَّدِ هَوَاهُ وَنَصَرَهُ بِيَدِهِ وَلِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ أَنَّ مَعَهُ الْحَقَّ ; فَهَذَا مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ . وَإِنْ كَانَ مَتْبُوعُهُ مُصِيبًا ; لَمْ يَكُنْ عَمَلُهُ صَالِحًا . وَإِنْ كَانَ مَتْبُوعُهُ مُخْطِئًا ; كَانَ آثِمًا . كَمَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ ; فَإِنْ أَصَابَ فَقَدْ أَخْطَأَ وَإِنْ أَخْطَأَ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ . وَهَؤُلَاءِ مَنْ جِنْسِ مَانِعِ الزَّكَاةِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِيهِ الْوَعِيدُ وَمِنْ جِنْسِ عَبْدِ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَمَّا أَحَبَّ الْمَالَ حُبًّا مَنَعَهُ عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ صَارَ عَبْدًا لَهُ . وَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ ; فَيَكُونُ فِيهِ شِرْكٌ أَصْغَرُ وَلَهُمْ مِنْ الْوَعِيدِ بِحَسَبِ ذَلِكَ . وَفِي الْحَدِيثِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12282إنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ } . وَهَذَا مَبْسُوطٌ عِنْدَ النُّصُوصِ الَّتِي فِيهَا إطْلَاقُ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الذُّنُوبِ . ( وَالْمَقْصُودُ هُنَا ) أَنَّ الظُّلْمَ الْمُطْلَقَ يَتَنَاوَلُ الْكُفْرَ
nindex.php?page=treesubj&link=29483_29645_28674وَلَا يَخْتَصُّ بِالْكُفْرِ ; بَلْ يَتَنَاوَلُ مَا دُونَهُ أَيْضًا وَكُلٌّ بِحَسَبِهِ كَلَفْظِ " الذَّنْبِ " وَ " الْخَطِيئَةِ " " وَالْمَعْصِيَةِ " . فَإِنَّ هَذَا يَتَنَاوَلُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ كَمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=61410 nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ ؟ قَالَ : أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك . قُلْت : ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ : ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَك . قُلْت : ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ : ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِك فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : { nindex.php?page=tafseer&surano=2948&ayano=25وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا } { nindex.php?page=tafseer&surano=2949&ayano=25يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا } [ ص: 73 ] { nindex.php?page=tafseer&surano=2950&ayano=25إلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } { nindex.php?page=tafseer&surano=2951&ayano=25وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إلَى اللَّهِ مَتَابًا } . } فَهَذَا الْوَعِيدُ بِتَمَامِهِ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَلِكُلِّ عَمَلٍ قِسْطٌ مِنْهُ ; فَلَوْ أَشْرَكَ وَلَمْ يَقْتُلْ وَلَمْ يَزِنْ ; كَانَ عَذَابُهُ دُونَ ذَلِكَ . وَلَوْ زَنَى وَقَتَلَ وَلَمْ يُشْرِكْ ; كَانَ لَهُ مِنْ هَذَا الْعَذَابِ نَصِيبٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=590&ayano=4وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } . وَلَمْ يَذْكُرْ : ( أَبَدًا ) .
وَقَدْ قِيلَ : إنَّ لَفْظَ " التَّأْبِيدِ " لَمْ يَجِئْ إلَّا مَعَ الْكُفْرِ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2907&ayano=25وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2908&ayano=25يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2909&ayano=25لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا } . فَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا يَتَنَاوَلُ الْكَافِرَ الَّذِي لَمْ يُؤْمِنْ بِالرَّسُولِ . وَسَبَبُ نُزُولِ الْآيَةِ كَانَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ " الظُّلْمَ الْمُطْلَقَ " يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ وَيَتَنَاوَلُ مَا دُونَهُ بِحَسَبِهِ . فَمَنْ خَالَّ مَخْلُوقًا فِي خِلَافِ أَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ; كَانَ لَهُ مِنْ هَذَا الْوَعِيدِ نَصِيبٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4435&ayano=43الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إلَّا الْمُتَّقِينَ } . وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=175&ayano=2إذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ } . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14919الفضيل بْنُ عِيَاضٍ : حَدَّثَنَا
اللَّيْثُ عَنْ
مُجَاهِدٍ : هِيَ الْمَوَدَّاتُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ لِغَيْرِ اللَّهِ . فَإِنَّ " الْمُخَالَّةَ " تَحَابٌّ وَتَوَادٌّ ; وَلِهَذَا قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15146الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ } فَإِنَّ الْمُتَحَابَّيْنِ يُحِبُّ أَحَدُهُمَا مَا يُحِبُّ الْآخَرُ بِحَسَبِ الْحُبِّ فَإِذَا اتَّبَعَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى مَحَبَّتِهِ مَا يُبْغِضُهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ; نَقَصَ مِنْ دِينِهِمَا بِحَسَبِ ذَلِكَ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ
[ ص: 74 ] إلَى الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=174&ayano=2وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ } . وَاَلَّذِينَ قَدَّمُوا مَحَبَّةَ الْمَالِ الَّذِي كَنَزُوهُ وَالْمَخْلُوقَ الَّذِي اتَّبَعُوهُ عَلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ كَانَ فِيهِمْ مِنْ الظُّلْمِ وَالشِّرْكِ بِحَسَبِ ذَلِكَ فَلِهَذَا أَلْزَمَهُمْ مَحْبُوبَهُمْ كَمَا فِي الْحَدِيثِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596209أَلَيْسَ عَدْلًا مِنِّي أَنْ أُوَلِّيَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مَا كَانَ يَتَوَلَّاهُ فِي الدُّنْيَا } . وَقَدْ ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحِ " يَقُولُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596210لِيَذْهَبْ كُلُّ قَوْمٍ إلَى مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ; فَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ الشَّمْسَ وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ الْقَمَرَ وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ الطَّوَاغِيتَ وَيُمَثَّلُ لِلنَّصَارَى الْمَسِيحُ وَلِلْيَهُودِ عُزَيْرٌ . فَيَتَّبِعُ كُلُّ قَوْمٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا } كَمَا سَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ - فَهَؤُلَاءِ " أَهْلُ الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ " .
وَأَمَّا " عَبِيدُ الْمَالِ " الَّذِينَ كَنَزُوهُ وَعَبِيدُ الرِّجَالِ الَّذِينَ أَطَاعُوهُمْ فِي مَعَاصِي اللَّهِ فَأُولَئِكَ يُعَذَّبُونَ عَذَابًا دُونَ عَذَابِ أُولَئِكَ الْمُشْرِكِينَ ; إمَّا فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ وَإِمَّا فِي جَهَنَّمَ وَمَنْ أَحَبَّ شَيْئًا دُونَ اللَّهِ عُذِّبَ بِهِ . وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=263&ayano=2يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ } . " فَالْكُفْرُ الْمُطْلَقُ " هُوَ الظُّلْمُ الْمُطْلَقُ ; وَلِهَذَا لَا شَفِيعَ لِأَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا نَفَى الشَّفَاعَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَفِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4191&ayano=40وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4192&ayano=40يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ } . وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3052&ayano=26فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3053&ayano=26وَجُنُودُ إبْلِيسَ أَجْمَعُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3054&ayano=26قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3055&ayano=26تَاللَّهِ إنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3056&ayano=26إذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3057&ayano=26وَمَا أَضَلَّنَا إلَّا الْمُجْرِمُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3058&ayano=26فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3059&ayano=26وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3060&ayano=26فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } . وَقَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3056&ayano=26إذْ نُسَوِّيكُمْ } لَمْ يُرِيدُوا بِهِ أَنَّهُمْ جَعَلُوهُمْ مُسَاوِينَ لِلَّهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ; فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ بَنِي
آدَمَ وَلَا نُقِلَ عَنْ قَوْمٍ قَطُّ مِنْ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ قَالُوا : إنَّ هَذَا الْعَالَمَ لَهُ خَالِقَانِ مُتَمَاثِلَانِ حَتَّى الْمَجُوسِ الْقَائِلِينَ " بِالْأَصْلَيْنِ : النُّورِ وَالظُّلْمَةِ " مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ " النُّورَ " خَيْرٌ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ وَيُحْمَدَ وَأَنَّ " الظُّلْمَةَ " شِرِّيرَةٌ تَسْتَحِقُّ أَنْ تُذَمَّ وَتُلْعَنَ وَاخْتَلَفُوا هَلْ الظُّلْمَةُ مُحْدَثَةٌ أَوْ قَدِيمَةٌ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ وَبِكُلِّ حَالٍ لَمْ يَجْعَلُوهَا مِثْلَ النُّورِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ .
وَكَذَلِكَ " مُشْرِكُو
الْعَرَبِ " كَانُوا مُتَّفِقِينَ عَلَى أَنَّ أَرْبَابَهُمْ لَمْ تُشَارِكْ اللَّهَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ; بَلْ كَانُوا مُقِرِّينَ بِأَنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ آيَةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3430&ayano=29وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3431&ayano=29اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3432&ayano=29وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ } . وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4377&ayano=43وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4378&ayano=43الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }
[ ص: 76 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=4379&ayano=43وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4380&ayano=43وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4381&ayano=43لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=4382&ayano=43وَإِنَّا إلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ } . وَهَذِهِ الصِّفَاتُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى ; لَيْسَتْ مِنْ تَمَامِ جَوَابِهِمْ . وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2780&ayano=23قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2781&ayano=23سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2782&ayano=23قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2783&ayano=23سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } الْآيَاتِ . وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=835&ayano=6قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=836&ayano=6بَلْ إيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إلَيْهِ إنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ } . وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3245&ayano=27آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا يُشْرِكُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3246&ayano=27أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3247&ayano=27أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ } . أَيْ : أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ فَعَلَ هَذَا ؟ وَهَذَا اسْتِفْهَامُ إنْكَارٍ وَهُمْ مُقِرُّونَ بِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ هَذَا إلَهٌ آخَرُ مَعَ اللَّهِ .
وَمَنْ قَالَ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ إنَّ الْمُرَادَ : هَلْ مَعَ اللَّهِ إلَهٌ آخَرُ ؟ فَقَدْ غَلِطَ ; فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=814&ayano=6أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ } . وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1585&ayano=11فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ } . وَقَالَ تَعَالَى عَنْهُمْ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4013&ayano=38أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إلَهًا وَاحِدًا إنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ } . وَكَانُوا مُعْتَرِفِينَ بِأَنَّ آلِهَتَهُمْ لَمْ تُشَارِكْ اللَّهَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقِ شَيْءٍ ; بَلْ كَانُوا يَتَّخِذُونَهُمْ شُفَعَاءَ وَوَسَائِطَ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1392&ayano=10وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ } . وَقَالَ عَنْ صَاحِبِ يس : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3763&ayano=36وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3764&ayano=36أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ } . وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=846&ayano=6وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ } . وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3539&ayano=32اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ } . وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3662&ayano=34قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3663&ayano=34وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } فَنَفَى عَمَّا سِوَاهُ كُلَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمُشْرِكُونَ فَنَفَى أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِهِ مُلْكٌ أَوْ قِسْطٌ مِنْ الْمُلْكِ أَوْ يَكُونَ عَوْنًا لِلَّهِ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الشَّفَاعَةُ ; فَبَيَّنَ أَنَّهَا لَا تَنْفَعُ إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّبُّ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=264&ayano=2مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلَّا بِإِذْنِهِ } وَقَالَ تَعَالَى عَنْ الْمَلَائِكَةِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2532&ayano=21وَلَا يَشْفَعُونَ إلَّا لِمَنِ ارْتَضَى } . وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4863&ayano=53وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى } . فَهَذِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=28705_28753_28768 " الشَّفَاعَةُ " الَّتِي يَظُنُّهَا الْمُشْرِكُونَ ; هِيَ مُنْتَفِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا نَفَاهَا
[ ص: 78 ] الْقُرْآنُ . وَأَمَّا مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَكُونُ . فَأَخْبَرَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596211أَنَّهُ يَأْتِي فَيَسْجُدُ لِرَبِّهِ وَيَحْمَدُهُ لَا يَبْدَأُ بِالشَّفَاعَةِ أَوَّلًا . فَإِذَا سَجَدَ وَحَمِدَ رَبَّهُ بِمَحَامِدَ يَفْتَحُهَا عَلَيْهِ ; يُقَالُ لَهُ : أَيْ مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَك وَقُلْ تُسْمَعْ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ . فَيَقُولُ : أَيْ رَبِّ أُمَّتِي فَيَحُدُّ لَهُ حَدًّا فَيُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ .
وَكَذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ وَكَذَلِكَ فِي الثَّالِثَةِ وَقَالَ لَهُ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ : مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِك يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ قَالَ : مَنْ قَالَ : لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ } . فَتِلْكَ " الشَّفَاعَةُ " هِيَ لِأَهْلِ الْإِخْلَاصِ بِإِذْنِ اللَّهِ لَيْسَتْ لِمَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ وَلَا تَكُونُ إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ . وَحَقِيقَتُهُ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي يَتَفَضَّلُ عَلَى أَهْلِ الْإِخْلَاصِ وَالتَّوْحِيدِ فَيَغْفِرُ لَهُمْ بِوَاسِطَةِ دُعَاءِ الشَّافِعِ الَّذِي أَذِنَ لَهُ أَنْ يَشْفَعَ لِيُكْرِمَهُ بِذَلِكَ وَيَنَالَ بِهِ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ والآخرون صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا كَانَ فِي الدُّنْيَا يَسْتَسْقِي لَهُمْ وَيَدْعُو لَهُمْ وَتِلْكَ شَفَاعَةٌ مِنْهُ لَهُمْ فَكَانَ اللَّهُ يُجِيبُ دُعَاءَهُ وَشَفَاعَتَهُ . وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ " فَالظُّلْمُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ " : فَالظُّلْمُ الَّذِي هُوَ شِرْكٌ لَا شَفَاعَةَ فِيهِ . وَظُلْمُ النَّاسِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ إعْطَاءِ الْمَظْلُومِ حَقَّهُ ; لَا يَسْقُطُ حَقُّ الْمَظْلُومِ لَا بِشَفَاعَةِ وَلَا غَيْرِهَا وَلَكِنْ قَدْ يُعْطَى الْمَظْلُومُ مِنْ الظَّالِمِ كَمَا قَدْ يُغْفَرُ لِظَالِمِ نَفْسِهِ بِالشَّفَاعَةِ . فَالظَّالِمُ الْمُطْلَقُ مَا لَهُ مِنْ شَفِيعٍ مُطَاعٍ وَأَمَّا الْمُوَحِّدُ فَلَمْ يَكُنْ ظَالِمًا مُطْلَقًا بَلْ هُوَ مُوَحِّدٌ مَعَ ظُلْمِهِ لِنَفْسِهِ . وَهَذَا إنَّمَا نَفَعَهُ فِي الْحَقِيقَةِ إخْلَاصُهُ لِلَّهِ فَبِهِ صَارَ مِنْ أَهْل الشَّفَاعَةِ .
وَمَقْصُودُ الْقُرْآنِ يَنْفِي الشَّفَاعَةَ نَفْيَ الشِّرْكِ وَهُوَ : أَنَّ أَحَدًا لَا يَعْبُدُ إلَّا اللَّهَ
[ ص: 79 ] وَلَا يَدْعُو غَيْرَهُ وَلَا يَسْأَلُ غَيْرَهُ وَلَا يَتَوَكَّلُ عَلَى غَيْرِهِ لَا فِي شَفَاعَةٍ وَلَا غَيْرِهَا ; فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ عَلَى أَحَدٍ فِي أَنْ يَرْزُقَهُ وَإِنْ كَانَ اللَّهُ يَأْتِيهِ بِرِزْقِهِ بِأَسْبَابِ . كَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ فِي أَنْ يَغْفِرَ لَهُ وَيَرْحَمَهُ فِي الْآخِرَةِ وَإِنْ كَانَ اللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ وَيَرْحَمُهُ بِأَسْبَابِ مِنْ شَفَاعَةٍ وَغَيْرِهَا فَالشَّفَاعَةُ الَّتِي نَفَاهَا الْقُرْآنُ مُطْلَقًا ; مَا كَانَ فِيهَا شِرْكٌ وَتِلْكَ مُنْتَفِيَةٌ مُطْلَقًا ; وَلِهَذَا أَثْبَتَ الشَّفَاعَةَ بِإِذْنِهِ فِي مَوَاضِعَ وَتِلْكَ قَدْ بَيَّنَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا لِأَهْلِ التَّوْحِيدِ وَالْإِخْلَاصِ فَهِيَ مِنْ التَّوْحِيدِ ، وَمُسْتَحِقُّهَا أَهْلُ التَّوْحِيدِ .