nindex.php?page=treesubj&link=28652والذين ينفون عن الفاسق اسم الإيمان من أهل السنة متفقون على أنه لا يخلد في النار . فليس بين فقهاء الملة نزاع في أصحاب الذنوب إذا كانوا مقرين باطنا وظاهرا بما جاء به الرسول وما تواتر عنه أنهم من أهل الوعيد وأنه يدخل النار منهم من أخبر الله ورسوله بدخوله إليها ولا يخلد منهم فيها أحد ولا يكونون مرتدين مباحي الدماء ولكن " الأقوال المنحرفة " قول من يقول بتخليدهم في النار
كالخوارج والمعتزلة . وقول
غلاة المرجئة الذين يقولون : ما نعلم أن أحدا منهم يدخل النار ; بل نقف في هذا كله . وحكي عن بعض
غلاة المرجئة الجزم بالنفي العام .
[ ص: 298 ] ويقال
للخوارج : الذي نفى عن السارق والزاني والشارب وغيرهم الإيمان ; هو لم يجعلهم مرتدين عن الإسلام ; بل عاقب هذا بالجلد وهذا بالقطع ولم يقتل أحدا إلا الزاني المحصن ولم يقتله قتل المرتد ; فإن المرتد يقتل بالسيف بعد الاستتابة وهذا يرجم بالحجارة بلا استتابة . فدل ذلك على أنه وإن نفى عنهم الإيمان فليسوا عنده مرتدين عن الإسلام مع ظهور ذنوبهم وليسوا كالمنافقين الذين كانوا يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر فأولئك لم يعاقبهم إلا على ذنب ظاهر . وبسبب الكلام في " مسألة الإيمان " تنازع الناس هل في اللغة أسماء شرعية نقلها الشارع عن مسماها في اللغة أو أنها باقية في الشرع على ما كانت عليه في اللغة لكن الشارع زاد في أحكامها لا في معنى الأسماء ؟ . وهكذا قالوا في اسم " الصلاة " و " الزكاة " و " الصيام " " والحج " إنها باقية في كلام الشارع على معناها اللغوي لكن زاد في أحكامها . ومقصودهم أن الإيمان هو مجرد التصديق وذلك يحصل بالقلب واللسان . وذهبت طائفة ثالثة إلى أن الشارع تصرف فيها تصرف أهل العرف فهي بالنسبة إلى اللغة مجاز وبالنسبة إلى عرف الشارع حقيقة . والتحقيق أن الشارع لم ينقلها ولم يغيرها ولكن استعملها مقيدة لا مطلقة كما يستعمل نظائرها كقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=393&ayano=3ولله على الناس حج البيت } فذكر حجا خاصا وهو حج
البيت وكذلك قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=167&ayano=2فمن حج البيت أو اعتمر } فلم يكن
[ ص: 299 ] لفظ الحج متناولا لكل قصد بل لقصد مخصوص دل عليه اللفظ نفسه من غير تغيير اللغة والشاعر إذا قال :
واشهد من عوف حلولا كثيرة يحجون سب الزبرقان المزعفرا
كان متكلما باللغة وقد قيد : لفظه : بحج سب
الزبرقان المزعفر . ومعلوم أن ذلك الحج المخصوص دلت عليه الإضافة فكذلك الحج المخصوص الذي أمر الله به دلت عليه الإضافة أو التعريف باللام : فإذا قيل : الحج فرض عليك كانت لام العهد تبين أنه حج
البيت وكذلك " الزكاة " هي اسم لما تزكو به النفس ; وزكاة النفس زيادة خيرها وذهاب شرها والإحسان إلى الناس من أعظم ما تزكو به النفس ; كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1347&ayano=9خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } وكذلك ترك الفواحش مما تزكو به . قال تعالى . {
nindex.php?page=tafseer&surano=2836&ayano=24ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا } وأصل زكاتها بالتوحيد وإخلاص الدين لله ; قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4265&ayano=41وويل للمشركين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4266&ayano=41الذين لا يؤتون الزكاة } وهي عند
المفسرين التوحيد . وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم مقدار الواجب وسماها الزكاة المفروضة ; فصار لفظ الزكاة إذا عرف باللام ينصرف إليها لأجل العهد ومن الأسماء ما يكون أهل العرف نقلوه وينسبون ذلك إلى الشارع مثل لفظ " التيمم " فإن الله تعالى قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=680&ayano=5فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه } فلفظ " التيمم " استعمل في معناه المعروف في اللغة فإنه أمر بتيمم الصعيد ثم أمر بمسح الوجوه والأيدي منه ; فصار لفظ التيمم في عرف الفقهاء يدخل فيه هذا المسح ; وليس
[ ص: 300 ] هو لغة الشارع بل الشارع فرق بين تيمم الصعيد وبين المسح الذي يكون بعده ولفظ " الإيمان " أمر به مقيدا بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وكذلك لفظ " الإسلام " بالاستسلام لله رب العالمين ; وكذلك لفظ " الكفر " مقيدا ; ولكن لفظ " النفاق " قد قيل : إنه لم تكن
العرب تكلمت به لكنه مأخوذ من كلامهم فإن نفق يشبه خرج ومنه نفقت الدابة إذا ماتت : ومنه نافقاء اليربوع والنفق في الأرض قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=830&ayano=6فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض } فالمنافق هو الذي خرج من الإيمان باطنا بعد دخوله فيه ظاهرا ; وقيد النفاق بأنه نفاق من الإيمان . ومن الناس من يسمي من خرج عن طاعة الملك منافقا عليه ; لكن النفاق الذي في القرآن هو النفاق على الرسول . فخطاب الله ورسوله للناس بهذه الأسماء كخطاب الناس بغيرها ; وهو خطاب مقيد خاص لا مطلق يحتمل أنواعا . وقد بين الرسول تلك الخصائص ; والاسم دل عليها ; فلا يقال : إنها منقولة ولا إنه زيد في الحكم دون الاسم ; بل الاسم إنما استعمل على وجه يختص بمراد الشارع ; لم يستعمل مطلقا وهو إنما قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=2وأقيموا الصلاة } بعد أن عرفهم الصلاة المأمور بها ; فكان التعريف منصرفا إلى الصلاة التي يعرفونها ; لم يرد لفظ الصلاة وهم لا يعرفون معناه . ولهذا كل من قال في لفظ الصلاة : إنه عام للمعنى اللغوي ; أو إنه مجمل لتردده بين المعنى اللغوي والشرعي ونحو ذلك ; فأقوالهم ضعيفة فإن هذا اللفظ إنما ورد خبرا أو أمرا فالخبر كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6211&ayano=96أرأيت الذي ينهى } {
nindex.php?page=tafseer&surano=6212&ayano=96عبدا إذا صلى } وسورة {
nindex.php?page=tafseer&surano=6203&ayano=17اقرأ } من أول ما نزل من القرآن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596311وكان [ ص: 301 ] بعض الكفار إما أبو جهل أو غيره قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة وقال : لئن رأيته يصلي لأطأن عنقه . فلما رآه ساجدا رأى من الهول ما أوجب نكوصه على عقبيه } فإذا قيل : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6211&ayano=96أرأيت الذي ينهى } {
nindex.php?page=tafseer&surano=6212&ayano=96عبدا إذا صلى } فقد علمت تلك الصلاة الواقعة بلا إجمال في اللفظ ولا عموم . ثم إنه لما فرضت الصلوات الخمس ليلة المعراج أقام النبي صلى الله عليه وسلم لهم الصلوات بمواقيتها صبيحة ذلك اليوم وكان
جبرائيل يؤم النبي صلى الله عليه وسلم . والمسلمون يأتمون بالنبي صلى الله عليه وسلم . فإذا قيل لهم : {
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=2وأقيموا الصلاة } عرفوا أنها تلك الصلاة وقيل : إنه قبل ذلك كانت له صلاتان طرفي النهار فكانت أيضا معروفة فلم يخاطبوا باسم من هذه الأسماء إلا ومسماه معلوم عندهم . فلا إجمال في ذلك ولا يتناول كل ما يسمى حجا ودعاء وصوما فإن هذا إنما يكون إذا كان اللفظ مطلقا وذلك لم يرد . وكذلك " الإيمان " و " الإسلام " وقد كان معنى ذلك عندهم من أظهر الأمور وإنما سأل
جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وهم يسمعون وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596312هذا جبريل جاءكم يعلمكم دينكم } ليبين لهم كمال هذه الأسماء وحقائقها التي ينبغي أن تقصد لئلا يقتصروا على أدنى مسمياتها وهذا كما في الحديث الصحيح أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596313ليس المسكين هذا الطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه ولا يسأل الناس إلحافا } فهم كانوا يعرفون المسكين وأنه المحتاج وكان ذلك
[ ص: 302 ] مشهورا عندهم فيمن يظهر حاجته بالسؤال فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الذي يظهر حاجته بالسؤال والناس يعطونه تزول مسكنته بإعطاء الناس له والسؤال له بمنزلة الحرفة وهو وإن كان مسكينا يستحق من الزكاة إذا لم يعط من غيرها كفايته فهو إذا وجد من يعطيه كفايته لم يبق مسكينا وإنما المسكين المحتاج الذي لا يسأل ولا يعرف فيعطى . فهذا هو الذي يجب أن يقدم في العطاء فإنه مسكين قطعا وذاك مسكنته تندفع بعطاء من يسأله وكذلك قوله : " الإسلام هو الخمس " يريد أن هذا كله واجب داخل في الإسلام فليس للإنسان أن يكتفي بالإقرار بالشهادتين ; وكذلك الإيمان يجب أن يكون على هذا الوجه المفصل لا يكتفي فيه بالإيمان المجمل ولهذا وصف الإسلام بهذا . وقد اتفق المسلمون على أنه من لم يأت بالشهادتين فهو كافر وأما الأعمال الأربعة فاختلفوا في تكفير تاركها ونحن إذا قلنا :
nindex.php?page=treesubj&link=28652أهل السنة متفقون على أنه لا يكفر بالذنب فإنما نريد به المعاصي كالزنا والشرب وأما هذه المباني ففي تكفير تاركها نزاع مشهور . وعن
أحمد : في ذلك نزاع وإحدى الروايات عنه : إنه يكفر من ترك واحدة منها وهو اختيار
أبي بكر وطائفة من
أصحاب مالك Multitarajem.php?tid=13055,13056كابن حبيب . وعنه رواية ثانية : لا يكفر إلا بترك الصلاة والزكاة فقط ورواية ثالثة : لا يكفر إلا بترك الصلاة والزكاة إذا قاتل الإمام عليها ورابعة : لا يكفر إلا بترك الصلاة . وخامسة : لا يكفر بترك شيء منهن . وهذه أقوال معروفة
للسلف . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم بن عتيبة : من
nindex.php?page=treesubj&link=28652ترك الصلاة متعمدا فقد كفر ومن
nindex.php?page=treesubj&link=28652ترك الزكاة متعمدا فقد كفر . ومن
nindex.php?page=treesubj&link=3272_28652ترك الحج متعمدا فقد كفر . ومن
nindex.php?page=treesubj&link=28652ترك صوم [ ص: 303 ] رمضان متعمدا فقد كفر . وقال
سعيد بن جبير : من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر بالله . ومن ترك الزكاة متعمدا فقد كفر بالله . ومن ترك صوم رمضان متعمدا فقد كفر بالله . وقال
الضحاك : لا ترفع الصلاة إلا بالزكاة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : من
nindex.php?page=treesubj&link=28652أقام الصلاة ولم يؤت الزكاة فلا صلاة له . رواهن
أسد بن موسى . وقال
عبد الله بن عمرو : من شرب الخمر ممسيا أصبح مشركا ومن شربه مصبحا أمسى مشركا فقيل
لإبراهيم النخعي : كيف ذلك ؟ قال : لأنه يترك الصلاة قال
أبو عبد الله الأخنس في كتابه : من شرب المسكر فقد تعرض لترك الصلاة ومن ترك الصلاة فقد خرج من الإيمان . ومما يوضح ذلك أن
جبريل لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان كان في آخر الأمر بعد فرض الحج والحج إنما فرض سنة تسع أو عشر . وقد اتفق الناس على أنه لم يفرض قبل ست من الهجرة ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر الناس بالإيمان . ولم يبين لهم معناه إلى ذلك الوقت بل كانوا يعرفون أصل معناه وهذه المسائل لبسطها موضع آخر . و ( المقصود هنا أن من نفى عنه الرسول اسم " الإيمان " أو " الإسلام " فلا بد أن يكون قد ترك بعض الواجبات فيه وإن بقي بعضها ولهذا كان
الصحابة والسلف يقولون : إنه يكون في العبد إيمان ونفاق . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود السجستاني : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل حدثنا
وكيع عن
الأعمش عن
شقيق عن
أبي المقدام عن
[ ص: 304 ] أبي يحيى قال : سئل
حذيفة عن المنافق . قال : الذي يعرف الإسلام ولا يعمل به . وقال
أبو داود : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة حدثنا
جرير عن
الأعمش عن
nindex.php?page=showalam&ids=16718عمرو بن مرة عن
Multitarajem.php?tid=11827,11828,11829أبي البختري عن
حذيفة قال : القلوب أربعة : قلب أغلف فذلك قلب الكافر وقلب مصفح وذلك قلب المنافق وقلب أجرد فيه سراج يزهر فذلك قلب المؤمن ; وقلب فيه إيمان ونفاق ; فمثل الإيمان فيه كمثل شجرة يمدها ماء طيب ; ومثل النفاق مثل قرحة يمدها قيح ودم ; فأيهما غلب عليه غلب . وقد روي مرفوعا ; وهو في " المسند " مرفوعا . وهذا الذي قاله
حذيفة يدل عليه قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=463&ayano=3هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان } فقد كان قبل ذلك فيهم نفاق مغلوب فلما كان يوم أحد غلب نفاقهم فصاروا إلى الكفر أقرب . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك عن
عوف بن أبي جميلة عن
عبد الله بن عمرو بن هند عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب قال : إن الإيمان يبدو لمظة بيضاء في القلب فكلما ازداد العبد إيمانا ازداد القلب بياضا حتى إذا استكمل الإيمان ابيض القلب كله . وإن النفاق يبدو لمظة سوداء في القلب فكلما ازداد العبد نفاقا ازداد القلب سوادا حتى إذا استكمل العبد النفاق اسود القلب وأيم الله لو شققتم عن قلب المؤمن لوجدتموه أبيض ولو شققتم عن قلب المنافق والكافر لوجدتموه أسود . وقال
ابن مسعود : الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل . رواه
أحمد وغيره وهذا كثير في كلام
السلف يبينون أن القلب قد يكون فيه
[ ص: 305 ] إيمان ونفاق والكتاب والسنة يدلان على ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر شعب الإيمان وذكر شعب النفاق وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596314من كانت فيه شعبة منهن كانت فيه شعبة من النفاق حتى يدعها } وتلك الشعبة قد يكون معها كثير من شعب الإيمان ولهذا قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=70211ويخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان } فعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=28801من كان معه من الإيمان أقل القليل لم يخلد في النار وأن من كان معه كثير من النفاق فهو يعذب في النار على قدر ما معه من ذلك ثم يخرج من النار . وعلى هذا فقوله
للأعراب : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4675&ayano=49لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم } نفى حقيقة دخول الإيمان في قلوبهم وذلك لا يمنع أن يكون معهم شعبة منه كما نفاه عن الزاني والسارق ومن لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه ومن لا يأمن جاره بوائقه وغير ذلك كما تقدم ذكره فإن في القرآن والحديث ممن نفي عنه الإيمان لترك بعض الواجبات شيء كثير . وحينئذ فنقول : من قال من
السلف : أسلمنا أي استسلمنا خوف السيف وقول من قال : هو الإسلام . الجميع صحيح فإن هذا إنما أراد الدخول في الإسلام والإسلام الظاهر يدخل فيه المنافقون فيدخل فيه من كان في قلبه إيمان ونفاق وقد علم أنه يخرج من النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان بخلاف المنافق المحض الذي قلبه كله أسود فهذا هو الذي يكون في الدرك الأسفل من النار ولهذا كان
الصحابة يخشون النفاق على أنفسهم ولم يخافوا
[ ص: 306 ] التكذيب لله ورسوله فإن المؤمن يعلم من نفسه أنه لا يكذب الله ورسوله يقينا وهذا مستند من قال : أنا مؤمن حقا فإنه أراد بذلك ما يعلمه من من نفسه من التصديق الجازم ولكن الإيمان ليس مجرد التصديق بل لا بد من أعمال قلبية تستلزم أعمالا ظاهرة كما تقدم فحب الله ورسوله من الإيمان وحب ما أمر الله به وبغض ما نهى عنه هذا من أخص الأمور بالإيمان ولهذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث أن : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596315من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن } فهذا يحب الحسنة ويفرح بها ويبغض السيئة ويسوءه فعلها وإن فعلها بشهوة غالبة وهذا الحب والبغض من خصائص الإيمان . ومعلوم أن الزاني حين يزني إنما يزني لحب نفسه لذلك الفعل فلو قام بقلبه خشية الله التي تقهر الشهوة أو حب الله الذي يغلبها ; لم يزن ولهذا قال تعالى عن
يوسف عليه السلام {
nindex.php?page=tafseer&surano=1632&ayano=12كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين } فمن كان مخلصا لله حق الإخلاص لم يزن وإنما يزني لخلوه عن ذلك وهذا هو الإيمان الذي ينزع منه لم ينزع منه نفس التصديق ولهذا قيل : هو مسلم وليس بمؤمن ; فإن المسلم المستحق للثواب لا بد أن يكون مصدقا وإلا كان منافقا ; لكن ليس كل من صدق قام بقلبه من الأحوال الإيمانية الواجبة مثل كمال محبة الله ورسوله ومثل خشية الله والإخلاص له في الأعمال والتوكل عليه بل يكون الرجل مصدقا بما جاء به الرسول وهو
[ ص: 307 ] مع ذلك يرائي بأعماله ويكون أهله وماله أحب إليه من الله ورسوله والجهاد في سبيله وقد خوطب بهذا المؤمنون في آخر الأمر في سورة " براءة " فقيل لهم : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1268&ayano=9إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين } ومعلوم أن كثيرا من المسلمين أو أكثرهم بهذه الصفة . وقد ثبت أنه لا يكون الرجل مؤمنا حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ; وإنما المؤمن من لم يرتب وجاهد بماله ونفسه في سبيل الله فمن لم تقم بقلبه الأحوال الواجبة في الإيمان فهو الذي نفى عنه الرسول الإيمان وإن كان معه التصديق والتصديق من الإيمان ولا بد أن يكون مع التصديق شيء من حب الله وخشية الله وإلا فالتصديق الذي لا يكون معه شيء من ذلك ليس إيمانا ألبتة بل هو كتصديق
فرعون واليهود وإبليس وهذا هو الذي أنكره
السلف على
الجهمية . قال
الحميدي : سمعت
وكيعا يقول :
أهل السنة يقولون : الإيمان قول وعمل
والمرجئة يقولون : الإيمان قول .
والجهمية يقولون : الإيمان المعرفة وفي رواية أخرى عنه : وهذا كفر . قال
محمد بن عمر الكلابي : سمعت
وكيعا يقول :
الجهمية شر من
القدرية قال : وقال
وكيع :
المرجئة : الذين يقولون : الإقرار يجزئ عن العمل ; ومن قال هذا فقد هلك ; ومن قال : النية تجزئ عن العمل فهو كفر وهو قول
جهم وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل .
[ ص: 308 ] ولهذا كان القول : إن
nindex.php?page=treesubj&link=28801_28647الإيمان قول وعمل عند
أهل السنة من شعائر السنة وحكى غير واحد الإجماع على ذلك وقد ذكرنا عن
الشافعي رضي الله عنه ما ذكره من الإجماع على ذلك قوله في " الأم " : وكان الإجماع من
الصحابة والتابعين من بعدهم ومن أدركناهم يقولون : إن الإيمان قول وعمل ونية لا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر ; وذكر
ابن أبي حاتم - في " مناقبه " - : سمعت
حرملة يقول : اجتمع
حفص الفرد ومصلان الإباضي عند
الشافعي في
دار الجروي فتناظرا معه في الإيمان فاحتج
مصلان في الزيادة والنقصان وخالفه
حفص الفرد فحمي
الشافعي وتقلد المسألة على أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص فطحن
حفصا الفرد وقطعه . وروى
أبو عمرو الطلمنكي بإسناده المعروف عن
موسى بن هارون الحمال قال : أملى علينا
إسحاق بن راهويه أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص لا شك أن ذلك كما وصفنا وإنما عقلنا هذا بالروايات الصحيحة والآثار العامة المحكمة ; وآحاد
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
والتابعين وهلم جرا على ذلك وكذلك بعد
التابعين من أهل العلم على شيء واحد لا يختلفون فيه وكذلك في عهد
الأوزاعي بالشام وسفيان الثوري بالعراق ;
ومالك بن أنس بالحجاز ومعمر باليمن على ما فسرنا وبينا أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص . وقال
إسحاق : من
nindex.php?page=treesubj&link=28652ترك الصلاة متعمدا حتى ذهب وقت الظهر إلى المغرب [ ص: 309 ] والمغرب إلى نصف الليل فإنه كافر بالله العظيم يستتاب ثلاثة أيام فإن لم يرجع وقال تركها لا يكون كفرا ضربت عنقه - يعني تاركها . وقال ذلك - وأما إذا صلى وقال ذلك فهذه مسألة اجتهاد قال : واتبعهم على ما وصفنا من بعدهم من عصرنا هذا أهل العلم إلا من باين الجماعة واتبع الأهواء المختلفة فأولئك قوم لا يعبأ الله بهم لما باينوا الجماعة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد القاسم بن سلام الإمام - وله كتاب مصنف في الإيمان قال - : هذه تسمية من كان يقول : الإيمان قول وعمل يزيد وينقص .
من
أهل مكة :
عبيد بن عمير الليثي عطاء بن أبي رباح مجاهد بن جبر وابن أبي مليكة ;
عمرو بن دينار ;
ابن أبي نجيح nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر ;
عبد الله بن عمرو بن عثمان عبد الملك بن جريح نافع بن جبير داود بن عبد الرحمن العطار Multitarajem.php?tid=16432,16433عبد الله بن رجاء . ومن
أهل المدينة :
nindex.php?page=showalam&ids=12300محمد بن شهاب الزهري ربيعة بن أبي عبد الرحمن أبو حازم الأعرج سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف يحيى بن سعيد الأنصاري هشام بن عروة بن الزبير عبد الله بن عمر العمري مالك بن أنس محمد بن أبي ذئب سليمان بن بلال عبد العزيز بن عبد الله يعني الماجشون -
عبد العزيز بن أبي حازم .
ومن
أهل اليمن :
طاووس اليماني nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه معمر بن راشد nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق بن همام . ومن
أهل مصر والشام :
مكحول الأوزاعي سعيد بن عبد العزيز الوليد بن مسلم يونس بن يزيد الأيلي يزيد بن أبي حبيب يزيد بن شريح سعيد بن أبي أيوب الليث بن سعد عبد الله بن أبي جعفر معاوية بن أبي صالح حيوة ابن شريح nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب [ ص: 310 ] .
ومن سكن العواصم وغيرها من
الجزيرة :
ميمون بن مهران يحيى بن عبد الكريم nindex.php?page=showalam&ids=17119معقل بن عبيد الله nindex.php?page=showalam&ids=16525عبيد الله بن عمرو الرقي عبد الملك بن مالك nindex.php?page=showalam&ids=15265المعافي بن عمران محمد بن سلمة الحراني أبو إسحاق الفزاري nindex.php?page=showalam&ids=17056مخلد بن الحسين nindex.php?page=showalam&ids=16607علي بن بكار nindex.php?page=showalam&ids=17399يوسف بن أسباط عطاء بن مسلم Multitarajem.php?tid=17014,17015,17016محمد بن كثير nindex.php?page=showalam&ids=15459الهيثم بن جميل . ومن
أهل الكوفة :
علقمة الأسود بن يزيد أبو وائل وسعيد بن جبير الربيع بن خيثم nindex.php?page=showalam&ids=14577عامر الشعبي إبراهيم النخعي nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم بن عتيبة طلحة بن مصرف nindex.php?page=showalam&ids=17152منصور بن المعتمر سلمة بن كهيل مغيرة الضبي عطاء بن السائب إسماعيل بن أبي خالد أبو حيان يحيى بن سعيد سليمان بن مهران الأعمش يزيد بن أبي زياد سفيان بن سعيد الثوري سفيان بن عيينة nindex.php?page=showalam&ids=14919الفضيل بن عياض أبو المقدام ثابت بن العجلان ابن شبرمة nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى زهير شريك بن عبد الله الحسن بن صالح حفص بن غياث nindex.php?page=showalam&ids=11948أبو بكر بن عياش أبو الأحوص nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع بن الجراح عبد الله بن نمير nindex.php?page=showalam&ids=11804أبو أسامة nindex.php?page=showalam&ids=16410عبد الله بن إدريس زيد بن الحباب nindex.php?page=showalam&ids=14129الحسين بن علي الجعفي محمد بن بشر العبدي يحيى بن آدم ومحمد ويعلى وعمرو بنو عبيد . ومن
أهل البصرة :
الحسن بن أبي الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين قتادة ابن دعامة بكر بن عبد الله المزني nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني يونس بن عبيد Multitarajem.php?tid=16453,16454عبد الله بن عون سليمان التيمي هشام بن حسان الدستوائي شعبة ابن الحجاج nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد nindex.php?page=showalam&ids=11825أبو الأشهب nindex.php?page=showalam&ids=17353يزيد بن إبراهيم [ ص: 311 ] أبو عوانة وهيب بن خالد عبد الوارث بن سعيد nindex.php?page=showalam&ids=17116معتمر بن سليمان التيمي يحيى بن سعيد القطان nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي nindex.php?page=showalam&ids=15535بشر بن المفضل يزيد بن زريع المؤمل بن إسماعيل خالد بن الحارث nindex.php?page=showalam&ids=17104معاذ بن معاذ أبو عبد الرحمن المقري .
ومن
أهل واسط :
هشيم بن بشير nindex.php?page=showalam&ids=15800خالد بن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=16627علي بن عاصم يزيد بن هارون صالح بن عمر بن علي بن عاصم . ومن
أهل المشرق :
الضحاك بن مزاحم nindex.php?page=showalam&ids=11969أبو جمرة نصر بن عمران nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك النضر بن شميل جرير بن عبد الحميد الضبي . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد : هؤلاء جميعا يقولون : الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ; وهو قول
أهل السنة المعمول به عندنا . قلت : ذكر من
الكوفيين من قال ذلك أكثر مما ذكر من غيرهم لأن الإرجاء في
أهل الكوفة كان أولا فيهم أكثر وكان أول من قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد بن أبي سليمان فاحتاج علماؤها أن يظهروا إنكار ذلك فكثر منهم من قال ذلك ; كما أن التجهم وتعطيل الصفات لما كان ابتداء حدوثه من
خراسان كثر من
علماء خراسان ذلك الوقت من الإنكار على
الجهمية ما لم يوجد قط لمن لم تكن هذه البدعة في بلده ولا سمع بها كما جاء في حديث : {
إن لله عند كل بدعة يكاد بها الإسلام وأهله من يتكلم بعلامات الإسلام ; فاغتنموا تلك المجالس فإن الرحمة تنزل على أهلها } أو كما قال .
[ ص: 312 ] وإذا كان من قول
السلف : إن الإنسان يكون فيه إيمان ونفاق فكذلك في قولهم : إنه يكون فيه إيمان وكفر ليس هو الكفر الذي ينقل عن الملة ; كما قال
ابن عباس وأصحابه في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=718&ayano=5ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } قالوا : كفروا كفرا لا ينقل عن الملة وقد اتبعهم على ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة . قال
الإمام محمد بن نصر المروزي في كتاب " الصلاة " : اختلف الناس في تفسير حديث
جبرائيل هذا فقال طائفة من أصحابنا : قول النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87825الإيمان أن تؤمن بالله } وما ذكر معه كلام جامع مختصر له غور وقد وهمت
المرجئة في تفسيره فتأولوه على غير تأويله قلة معرفة منهم بلسان
العرب وغور كلام النبي صلى الله عليه وسلم الذي قد أعطي جوامع الكلم وفواتحه واختصر له الحديث اختصارا . أما قوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87825الإيمان أن تؤمن بالله } فأن توحده وتصدق به بالقلب واللسان وتخضع له ولأمره بإعطاء العزم للأداء لما أمر مجانبا للاستنكاف والاستكبار والمعاندة فإذا فعلت ذلك لزمت محابه واجتنبت مساخطه .
وأما قوله : " وملائكته " فأن تؤمن بمن سمى الله لك منهم في كتابه وتؤمن بأن لله ملائكة سواهم لا يعرف أسماءهم وعددهم إلا الذي خلقهم . وأما قوله : " وكتبه " فأن تؤمن بما سمى الله من كتبه في كتابه من التوراة والإنجيل والزبور خاصة ; وتؤمن بأن لله سوى ذلك كتبا أنزلها على أنبيائه لا يعرف أسماءها وعددها إلا الذي أنزلها وتؤمن بالفرقان وإيمانك به غير إيمانك بسائر الكتب .
[ ص: 313 ] إيمانك بغيره من الكتب إقرارك به بالقلب واللسان وإيمانك بالفرقان إقرارك به واتباعك ما فيه .
وأما قوله : " ورسله " فأن تؤمن بما سمى الله في كتابه من رسله وتؤمن بأن الله سواهم رسلا وأنبياء لا يعلم أسماءهم إلا الذي أرسلهم وتؤمن
بمحمد صلى الله عليه وسلم وإيمانك به غير إيمانك بسائر الرسل . إيمانك بسائر الرسل إقرارك بهم وإيمانك
بمحمد إقرارك به وتصديقك إياه دائبا على ما جاء به فإذا اتبعت ما جاء به أديت الفرائض وأحللت الحلال وحرمت الحرام ووقفت عند الشبهات وسارعت في الخيرات وأما قوله : " واليوم الآخر " فأن تؤمن بالبعث بعد الموت والحساب والميزان والثواب والعقاب والجنة والنار وبكل ما وصف الله به يوم القيامة . وأما قوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=97237وتؤمن بالقدر خيره وشره } فأن تؤمن بأن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ولا تقل : لو كان كذا لم يكن كذا ولولا كذا وكذا لم يكن كذا وكذا . قال : فهذا هو
nindex.php?page=treesubj&link=28647الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر .
nindex.php?page=treesubj&link=28652وَاَلَّذِينَ يَنْفُونَ عَنْ الْفَاسِقِ اسْمَ الْإِيمَانِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ . فَلَيْسَ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْمِلَّةِ نِزَاعٌ فِي أَصْحَابِ الذُّنُوبِ إذَا كَانُوا مُقِرِّينَ بَاطِنًا وَظَاهِرًا بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَمَا تَوَاتَرَ عَنْهُ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْوَعِيدِ وَأَنَّهُ يَدْخُلُ النَّارَ مِنْهُمْ مَنْ أَخْبَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِدُخُولِهِ إلَيْهَا وَلَا يُخَلَّدُ مِنْهُمْ فِيهَا أَحَدٌ وَلَا يَكُونُونَ مُرْتَدِّينَ مُبَاحِي الدِّمَاءِ وَلَكِنَّ " الْأَقْوَالَ الْمُنْحَرِفَةَ " قَوْلُ مَنْ يَقُولُ بِتَخْلِيدِهِمْ فِي النَّارِ
كَالْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ . وَقَوْلُ
غُلَاةِ الْمُرْجِئَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ : مَا نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ يَدْخُلُ النَّارَ ; بَلْ نَقِفُ فِي هَذَا كُلِّهِ . وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ
غُلَاةِ الْمُرْجِئَةِ الْجَزْمُ بِالنَّفْيِ الْعَامِّ .
[ ص: 298 ] وَيُقَالُ
لِلْخَوَارِجِ : الَّذِي نَفَى عَنْ السَّارِقِ وَالزَّانِي وَالشَّارِبِ وَغَيْرِهِمْ الْإِيمَانَ ; هُوَ لَمْ يَجْعَلْهُمْ مُرْتَدِّينَ عَنْ الْإِسْلَامِ ; بَلْ عَاقَبَ هَذَا بِالْجَلْدِ وَهَذَا بِالْقَطْعِ وَلَمْ يَقْتُلْ أَحَدًا إلَّا الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ وَلَمْ يَقْتُلْهُ قَتْلَ الْمُرْتَدِّ ; فَإِنَّ الْمُرْتَدَّ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ وَهَذَا يُرْجَمُ بِالْحِجَارَةِ بِلَا اسْتِتَابَةٍ . فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ نَفَى عَنْهُمْ الْإِيمَانَ فَلَيْسُوا عِنْدَهُ مُرْتَدِّينَ عَنْ الْإِسْلَامِ مَعَ ظُهُورِ ذُنُوبِهِمْ وَلَيْسُوا كَالْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ وَيُبْطِنُونَ الْكُفْرَ فَأُولَئِكَ لَمْ يُعَاقِبْهُمْ إلَّا عَلَى ذَنْبٍ ظَاهِرٍ . وَبِسَبَبِ الْكَلَامِ فِي " مَسْأَلَةِ الْإِيمَانِ " تَنَازَعَ النَّاسُ هَلْ فِي اللُّغَةِ أَسْمَاءٌ شَرْعِيَّةٌ نَقَلَهَا الشَّارِعُ عَنْ مُسَمَّاهَا فِي اللُّغَةِ أَوْ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي الشَّرْعِ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي اللُّغَةِ لَكِنَّ الشَّارِعَ زَادَ فِي أَحْكَامِهَا لَا فِي مَعْنَى الْأَسْمَاءِ ؟ . وَهَكَذَا قَالُوا فِي اسْمِ " الصَّلَاةِ " وَ " الزَّكَاةِ " وَ " الصِّيَامِ " " وَالْحَجِّ " إنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ عَلَى مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ لَكِنْ زَادَ فِي أَحْكَامِهَا . وَمَقْصُودُهُمْ أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ مُجَرَّدُ التَّصْدِيقِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ . وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ ثَالِثَةٌ إلَى أَنَّ الشَّارِعَ تَصَرَّفَ فِيهَا تَصَرُّفَ أَهْلِ الْعُرْفِ فَهِيَ بِالنِّسْبَةِ إلَى اللُّغَةِ مَجَازٌ وَبِالنِّسْبَةِ إلَى عُرْفِ الشَّارِعِ حَقِيقَةٌ . وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَنْقُلْهَا وَلَمْ يُغَيِّرْهَا وَلَكِنْ اسْتَعْمَلَهَا مُقَيَّدَةً لَا مُطْلَقَةً كَمَا يَسْتَعْمِلُ نَظَائِرَهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=393&ayano=3وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ } فَذَكَرَ حَجًّا خَاصًّا وَهُوَ حَجُّ
الْبَيْتِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=167&ayano=2فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ } فَلَمْ يَكُنْ
[ ص: 299 ] لَفْظُ الْحَجِّ مُتَنَاوِلًا لِكُلِّ قَصْدٍ بَلْ لِقَصْدِ مَخْصُوصٍ دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ نَفْسُهُ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرِ اللُّغَةِ وَالشَّاعِرُ إذَا قَالَ :
وَاشْهَدْ مِنْ عَوْفٍ حُلُولًا كَثِيرَةً يَحُجُّونَ سَبَّ الزِّبْرِقَانِ الْمُزَعْفَرَا
كَانَ مُتَكَلِّمًا بِاللُّغَةِ وَقَدْ قَيَّدَ : لَفْظَهُ : بِحَجِّ سَبِّ
الزِّبْرِقَانِ الْمُزَعْفَرَ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ الْحَجَّ الْمَخْصُوصَ دَلَّتْ عَلَيْهِ الْإِضَافَةُ فَكَذَلِكَ الْحَجُّ الْمَخْصُوصُ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ دَلَّتْ عَلَيْهِ الْإِضَافَةُ أَوْ التَّعْرِيفُ بِاللَّامِ : فَإِذَا قِيلَ : الْحَجُّ فَرْضٌ عَلَيْك كَانَتْ لَامُ الْعَهْدِ تُبَيِّنُ أَنَّهُ حِجُّ
الْبَيْتِ وَكَذَلِكَ " الزَّكَاةُ " هِيَ اسْمٌ لِمَا تَزْكُو بِهِ النَّفْسُ ; وَزَكَاةُ النَّفْسِ زِيَادَةُ خَيْرِهَا وَذَهَابُ شَرِّهَا وَالْإِحْسَانُ إلَى النَّاسِ مِنْ أَعْظَمِ مَا تَزْكُو بِهِ النَّفْسُ ; كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1347&ayano=9خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } وَكَذَلِكَ تَرْكُ الْفَوَاحِشِ مِمَّا تَزْكُو بِهِ . قَالَ تَعَالَى . {
nindex.php?page=tafseer&surano=2836&ayano=24وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا } وَأَصْلُ زَكَاتِهَا بِالتَّوْحِيدِ وَإِخْلَاصِ الدِّينِ لِلَّهِ ; قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4265&ayano=41وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4266&ayano=41الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ } وَهِيَ عِنْدُ
الْمُفَسِّرِينَ التَّوْحِيدُ . وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِقْدَارَ الْوَاجِبِ وَسَمَّاهَا الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ ; فَصَارَ لَفْظُ الزَّكَاةِ إذَا عُرِّفَ بِاللَّامِ يَنْصَرِفُ إلَيْهَا لِأَجْلِ الْعَهْدِ وَمِنْ الْأَسْمَاءِ مَا يَكُونُ أَهْلُ الْعُرْفِ نَقَلُوهُ وَيَنْسُبُونَ ذَلِكَ إلَى الشَّارِعِ مِثْلَ لَفْظِ " التَّيَمُّمِ " فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=680&ayano=5فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ } فَلَفْظُ " التَّيَمُّمِ " اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَاهُ الْمَعْرُوفِ فِي اللُّغَةِ فَإِنَّهُ أَمَرَ بِتَيَمُّمِ الصَّعِيدِ ثُمَّ أَمَرَ بِمَسْحِ الْوُجُوهِ وَالْأَيْدِي مِنْهُ ; فَصَارَ لَفْظُ التَّيَمُّمِ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ يَدْخُلُ فِيهِ هَذَا الْمَسْحُ ; وَلَيْسَ
[ ص: 300 ] هُوَ لُغَةُ الشَّارِعِ بَلْ الشَّارِعُ فَرَّقَ بَيْنَ تَيَمُّمِ الصَّعِيدِ وَبَيْنَ الْمَسْحِ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَهُ وَلَفْظُ " الْإِيمَانِ " أَمَرَ بِهِ مُقَيَّدًا بِالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَكَذَلِكَ لَفْظُ " الْإِسْلَامِ " بِالِاسْتِسْلَامِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ; وَكَذَلِكَ لَفْظُ " الْكُفْرِ " مُقَيَّدًا ; وَلَكِنْ لَفْظُ " النِّفَاقِ " قَدْ قِيلَ : إنَّهُ لَمْ تَكُنْ
الْعَرَبُ تَكَلَّمَتْ بِهِ لَكِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِمْ فَإِنَّ نَفَقَ يُشْبِهُ خَرَجَ وَمِنْهُ نَفَقَتْ الدَّابَّةُ إذَا مَاتَتْ : وَمِنْهُ نَافِقَاءُ الْيَرْبُوعِ وَالنَّفَقُ فِي الْأَرْضِ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=830&ayano=6فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ } فَالْمُنَافِقُ هُوَ الَّذِي خَرَجَ مِنْ الْإِيمَانِ بَاطِنًا بَعْدَ دُخُولِهِ فِيهِ ظَاهِرًا ; وَقَيَّدَ النِّفَاقَ بِأَنَّهُ نِفَاقٌ مِنْ الْإِيمَانِ . وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُسَمِّي مَنْ خَرَجَ عَنْ طَاعَةِ الْمَلِكِ مُنَافِقًا عَلَيْهِ ; لَكِنَّ النِّفَاقَ الَّذِي فِي الْقُرْآنِ هُوَ النِّفَاقُ عَلَى الرَّسُولِ . فَخِطَابُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِلنَّاسِ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ كَخِطَابِ النَّاسِ بِغَيْرِهَا ; وَهُوَ خِطَابٌ مُقَيَّدٌ خَاصٌّ لَا مُطْلَقٌ يَحْتَمِلُ أَنْوَاعًا . وَقَدْ بَيَّنَ الرَّسُولُ تِلْكَ الْخَصَائِصَ ; وَالِاسْمُ دَلَّ عَلَيْهَا ; فَلَا يُقَالُ : إنَّهَا مَنْقُولَةٌ وَلَا إنَّهُ زِيدَ فِي الْحُكْمِ دُونَ الِاسْمِ ; بَلْ الِاسْمُ إنَّمَا اُسْتُعْمِلَ عَلَى وَجْهٍ يَخْتَصُّ بِمُرَادِ الشَّارِعِ ; لَمْ يُسْتَعْمَلْ مُطْلَقًا وَهُوَ إنَّمَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=2وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ } بَعْدَ أَنْ عَرَّفَهُمْ الصَّلَاةَ الْمَأْمُورَ بِهَا ; فَكَانَ التَّعْرِيفُ مُنْصَرِفًا إلَى الصَّلَاةِ الَّتِي يَعْرِفُونَهَا ; لَمْ يَرِدْ لَفْظُ الصَّلَاةِ وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ مَعْنَاهُ . وَلِهَذَا كُلُّ مَنْ قَالَ فِي لَفْظِ الصَّلَاةِ : إنَّهُ عَامٌّ لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ ; أَوْ إنَّهُ مُجْمَلٌ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَالشَّرْعِيِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ ; فَأَقْوَالُهُمْ ضَعِيفَةٌ فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ إنَّمَا وَرَدَ خَبَرًا أَوْ أَمْرًا فَالْخَبَرُ كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6211&ayano=96أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى } {
nindex.php?page=tafseer&surano=6212&ayano=96عَبْدًا إذَا صَلَّى } وَسُورَةُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=6203&ayano=17اقْرَأْ } مِنْ أَوَّلِ مَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596311وَكَانَ [ ص: 301 ] بَعْضُ الْكُفَّارِ إمَّا أَبُو جَهْلٍ أَوْ غَيْرُهُ قَدْ نَهَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاةِ وَقَالَ : لَئِنْ رَأَيْته يُصَلِّي لَأَطَأَنَّ عُنُقَهُ . فَلَمَّا رَآهُ سَاجِدًا رَأَى مِنْ الْهَوْلِ مَا أَوْجَبَ نُكُوصَهُ عَلَى عَقِبَيْهِ } فَإِذَا قِيلَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6211&ayano=96أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى } {
nindex.php?page=tafseer&surano=6212&ayano=96عَبْدًا إذَا صَلَّى } فَقَدْ عَلِمْت تِلْكَ الصَّلَاةَ الْوَاقِعَةَ بِلَا إجْمَالٍ فِي اللَّفْظِ وَلَا عُمُومٍ . ثُمَّ إنَّهُ لَمَّا فُرِضَتْ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ الصَّلَوَاتِ بِمَوَاقِيتِهَا صَبِيحَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَكَانَ
جبرائيل يَؤُمُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَالْمُسْلِمُونَ يَأْتَمُّونَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَإِذَا قِيلَ لَهُمْ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=2وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ } عَرَفُوا أَنَّهَا تِلْكَ الصَّلَاةُ وَقِيلَ : إنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَتْ لَهُ صَلَاتَانِ طَرَفَيْ النَّهَارِ فَكَانَتْ أَيْضًا مَعْرُوفَةً فَلَمْ يُخَاطَبُوا بِاسْمِ مِنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ إلَّا وَمُسَمَّاهُ مَعْلُومٌ عِنْدَهُمْ . فَلَا إجْمَالَ فِي ذَلِكَ وَلَا يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَا يُسَمَّى حَجًّا وَدُعَاءً وَصَوْمًا فَإِنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَ اللَّفْظُ مُطْلَقًا وَذَلِكَ لَمْ يَرِدْ . وَكَذَلِكَ " الْإِيمَانُ " وَ " الْإِسْلَامُ " وَقَدْ كَانَ مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَظْهَرِ الْأُمُورِ وَإِنَّمَا سَأَلَ
جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ وَهُمْ يَسْمَعُونَ وَقَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596312هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ } لِيُبَيِّنَ لَهُمْ كَمَالَ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَحَقَائِقَهَا الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ تُقْصَدَ لِئَلَّا يَقْتَصِرُوا عَلَى أَدْنَى مُسَمَّيَاتِهَا وَهَذَا كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596313لَيْسَ الْمِسْكِينُ هَذَا الطَّوَّافَ الَّذِي تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَلَكِنَّ الْمِسْكِينَ الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ وَلَا يَسْأَلُ النَّاسَ إلْحَافًا } فَهُمْ كَانُوا يَعْرِفُونَ الْمِسْكِينَ وَأَنَّهُ الْمُحْتَاجُ وَكَانَ ذَلِكَ
[ ص: 302 ] مَشْهُورًا عِنْدَهُمْ فِيمَنْ يُظْهِرُ حَاجَتَهُ بِالسُّؤَالِ فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الَّذِي يُظْهِرُ حَاجَتَهُ بِالسُّؤَالِ وَالنَّاسُ يُعْطُونَهُ تَزُولُ مَسْكَنَتُهُ بِإِعْطَاءِ النَّاسِ لَهُ وَالسُّؤَالُ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الْحِرْفَةِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مِسْكِينًا يَسْتَحِقُّ مِنْ الزَّكَاةِ إذَا لَمْ يُعْطَ مَنْ غَيْرِهَا كِفَايَتُهُ فَهُوَ إذَا وَجَدَ مَنْ يُعْطِيهِ كِفَايَتَهُ لَمْ يَبْقَ مِسْكِينًا وَإِنَّمَا الْمِسْكِينُ الْمُحْتَاجُ الَّذِي لَا يَسْأَلُ وَلَا يُعْرَفُ فَيُعْطَى . فَهَذَا هُوَ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُقَدَّمَ فِي الْعَطَاءِ فَإِنَّهُ مِسْكِينٌ قَطْعًا وَذَاكَ مَسْكَنَتُهُ تَنْدَفِعُ بِعَطَاءِ مَنْ يَسْأَلُهُ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : " الْإِسْلَامُ هُوَ الْخَمْسُ " يُرِيدُ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ وَاجِبٌ دَاخِلٌ فِي الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَكْتَفِيَ بِالْإِقْرَارِ بِالشَّهَادَتَيْنِ ; وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمُفَصَّلِ لَا يَكْتَفِي فِيهِ بِالْإِيمَانِ الْمُجْمَلِ وَلِهَذَا وَصَفَ الْإِسْلَامَ بِهَذَا . وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَهُوَ كَافِرٌ وَأَمَّا الْأَعْمَالُ الْأَرْبَعَةُ فَاخْتَلَفُوا فِي تَكْفِيرِ تَارِكِهَا وَنَحْنُ إذَا قُلْنَا :
nindex.php?page=treesubj&link=28652أَهْلُ السُّنَّةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِالذَّنْبِ فَإِنَّمَا نُرِيدُ بِهِ الْمَعَاصِيَ كَالزِّنَا وَالشُّرْبِ وَأَمَّا هَذِهِ الْمَبَانِي فَفِي تَكْفِيرِ تَارِكِهَا نِزَاعٌ مَشْهُورٌ . وَعَنْ
أَحْمَد : فِي ذَلِكَ نِزَاعٌ وَإِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْهُ : إنَّهُ يَكْفُرُ مَنْ تَرَكَ وَاحِدَةً مِنْهَا وَهُوَ اخْتِيَارُ
أَبِي بَكْرٍ وَطَائِفَةٍ مِنْ
أَصْحَابِ مَالِكٍ Multitarajem.php?tid=13055,13056كَابْنِ حَبِيبٍ . وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ : لَا يَكْفُرُ إلَّا بِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَقَطْ وَرِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ : لَا يَكْفُرُ إلَّا بِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ إذَا قَاتَلَ الْإِمَامَ عَلَيْهَا وَرَابِعَةٌ : لَا يَكْفُرُ إلَّا بِتَرْكِ الصَّلَاةِ . وَخَامِسَةٌ : لَا يَكْفُرُ بِتَرْكِ شَيْءٍ مِنْهُنَّ . وَهَذِهِ أَقْوَالٌ مَعْرُوفَةٌ
لِلسَّلَفِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14152الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ : مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28652تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ كَفَرَ وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28652تَرَكَ الزَّكَاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ كَفَرَ . وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3272_28652تَرَكَ الْحَجَّ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ كَفَرَ . وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28652تَرَكَ صَوْمَ [ ص: 303 ] رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ كَفَرَ . وَقَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ كَفَرَ بِاَللَّهِ . وَمَنْ تَرَكَ الزَّكَاةَ مُتَعَمَّدًا فَقَدْ كَفَرَ بِاَللَّهِ . وَمَنْ تَرَكَ صَوْمَ رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ كَفَرَ بِاَللَّهِ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : لَا تُرْفَعُ الصَّلَاةُ إلَّا بِالزَّكَاةِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28652أَقَامَ الصَّلَاةَ وَلَمْ يُؤْتِ الزَّكَاةَ فَلَا صَلَاةَ لَهُ . رَوَاهُنَّ
أَسَدُ بْنُ مُوسَى . وَقَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو : مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ مُمْسِيًا أَصْبَحَ مُشْرِكًا وَمَنْ شَرِبَهُ مُصْبِحًا أَمْسَى مُشْرِكًا فَقِيلَ
لِإِبْرَاهِيمَ النخعي : كَيْفَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : لِأَنَّهُ يَتْرُكُ الصَّلَاةَ قَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَخْنَسُ فِي كِتَابِهِ : مَنْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ الْإِيمَانِ . وَمِمَّا يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ
جِبْرِيلَ لَمَّا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ كَانَ فِي آخِرِ الْأَمْرِ بَعْدَ فَرْضِ الْحَجِّ وَالْحَجُّ إنَّمَا فُرِضَ سَنَةَ تِسْعٍ أَوْ عَشْرٍ . وَقَدْ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُفْرَضْ قَبْلَ سِتٍّ مِنْ الْهِجْرَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْ النَّاسَ بِالْإِيمَانِ . وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ مَعْنَاهُ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ بَلْ كَانُوا يَعْرِفُونَ أَصْلَ مَعْنَاهُ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ لِبَسْطِهَا مَوْضِعٌ آخَرُ . وَ ( الْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ مَنْ نَفَى عَنْهُ الرَّسُولُ اسْمَ " الْإِيمَانِ " أَوْ " الْإِسْلَامِ " فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ تَرَكَ بَعْضَ الْوَاجِبَاتِ فِيهِ وَإِنْ بَقِيَ بَعْضُهَا وَلِهَذَا كَانَ
الصَّحَابَةُ وَالسَّلَفُ يَقُولُونَ : إنَّهُ يَكُونُ فِي الْعَبْدِ إيمَانٌ وَنِفَاقٌ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبُو داود السجستاني : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا
وَكِيعٌ عَنْ
الْأَعْمَشِ عَنْ
شَقِيقٍ عَنْ
أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ
[ ص: 304 ] أَبِي يَحْيَى قَالَ : سُئِلَ
حُذَيْفَةُ عَنْ الْمُنَافِقِ . قَالَ : الَّذِي يَعْرِفُ الْإِسْلَامَ وَلَا يَعْمَلُ بِهِ . وَقَالَ
أَبُو داود : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16544عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا
جَرِيرٌ عَنْ
الْأَعْمَشِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16718عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ
Multitarajem.php?tid=11827,11828,11829أَبِي البختري عَنْ
حُذَيْفَةَ قَالَ : الْقُلُوبُ أَرْبَعَةٌ : قَلْبٌ أَغْلَفُ فَذَلِكَ قَلْبُ الْكَافِرِ وَقَلْبٌ مُصَفَّحٌ وَذَلِكَ قَلْبُ الْمُنَافِقِ وَقَلْبٌ أَجْرَدُ فِيهِ سِرَاجٌ يُزْهِرُ فَذَلِكَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ ; وَقَلْبٌ فِيهِ إيمَانٌ وَنِفَاقٌ ; فَمَثَلُ الْإِيمَانِ فِيهِ كَمَثَلِ شَجَرَةٍ يَمُدُّهَا مَاءٌ طَيِّبٌ ; وَمَثَلُ النِّفَاقِ مَثَلُ قُرْحَةٍ يَمُدُّهَا قَيْحٌ وَدَمٌ ; فَأَيُّهُمَا غَلَبَ عَلَيْهِ غَلَبَ . وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا ; وَهُوَ فِي " الْمُسْنَدِ " مَرْفُوعًا . وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ
حُذَيْفَةُ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=463&ayano=3هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ } فَقَدْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فِيهِمْ نِفَاقٌ مَغْلُوبٌ فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ غَلَبَ نِفَاقُهُمْ فَصَارُوا إلَى الْكُفْرِ أَقْرَبَ . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16418عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ
عَوْفِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : إنَّ الْإِيمَانَ يَبْدُو لُمْظَةً بَيْضَاءَ فِي الْقَلْبِ فَكُلَّمَا ازْدَادَ الْعَبْدُ إيمَانًا ازْدَادَ الْقَلْبُ بَيَاضًا حَتَّى إذَا اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ ابْيَضَّ الْقَلْبُ كُلُّهُ . وَإِنَّ النِّفَاقَ يَبْدُو لُمْظَةً سَوْدَاءَ فِي الْقَلْبِ فَكُلَّمَا ازْدَادَ الْعَبْدُ نِفَاقًا ازْدَادَ الْقَلْبُ سَوَادًا حَتَّى إذَا اسْتَكْمَلَ الْعَبْدُ النِّفَاقَ اسْوَدَّ الْقَلْبُ وَأَيْمُ اللَّهِ لَوْ شَقَقْتُمْ عَنْ قَلْبِ الْمُؤْمِنِ لَوَجَدْتُمُوهُ أَبْيَضَ وَلَوْ شَقَقْتُمْ عَنْ قَلْبِ الْمُنَافِقِ وَالْكَافِرِ لَوَجَدْتُمُوهُ أَسْوَدَ . وَقَالَ
ابْنُ مَسْعُودٍ : الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الْبَقْلَ . رَوَاهُ
أَحْمَد وَغَيْرُهُ وَهَذَا كَثِيرٌ فِي كَلَامِ
السَّلَفِ يُبَيِّنُونَ أَنَّ الْقَلْبَ قَدْ يَكُونُ فِيهِ
[ ص: 305 ] إيمَانٌ وَنِفَاقٌ وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ يَدُلَّانِ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ شُعَبَ الْإِيمَانِ وَذَكَرَ شُعَبَ النِّفَاقِ وَقَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596314مَنْ كَانَتْ فِيهِ شُعْبَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ شُعْبَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا } وَتِلْكَ الشُّعْبَةُ قَدْ يَكُونُ مَعَهَا كَثِيرٌ مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ وَلِهَذَا قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=70211وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ } فَعُلِمَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28801مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ الْإِيمَانِ أَقَلُّ الْقَلِيلِ لَمْ يَخْلُدْ فِي النَّارِ وَأَنَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ كَثِيرٌ مِنْ النِّفَاقِ فَهُوَ يُعَذَّبُ فِي النَّارِ عَلَى قَدْرِ مَا مَعَهُ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ . وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ
لِلْأَعْرَابِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4675&ayano=49لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ } نَفَى حَقِيقَةَ دُخُولِ الْإِيمَانِ فِي قُلُوبِهِمْ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمْ شُعْبَةٌ مِنْهُ كَمَا نَفَاهُ عَنْ الزَّانِي وَالسَّارِقِ وَمَنْ لَا يُحِبُّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ وَمَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ وَغَيْرَ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَإِنَّ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ مِمَّنْ نُفِيَ عَنْهُ الْإِيمَانُ لِتَرْكِ بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ شَيْءٌ كَثِيرٌ . وَحِينَئِذٍ فَنَقُولُ : مَنْ قَالَ مِنْ
السَّلَفِ : أَسْلَمْنَا أَيْ اسْتَسْلَمْنَا خَوْفَ السَّيْفِ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ : هُوَ الْإِسْلَامُ . الْجَمِيعُ صَحِيحٌ فَإِنَّ هَذَا إنَّمَا أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ وَالْإِسْلَامُ الظَّاهِرُ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُنَافِقُونَ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ إيمَانٌ وَنِفَاقٌ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ بِخِلَافِ الْمُنَافِقِ الْمَحْضِ الَّذِي قَلْبُهُ كُلُّهُ أَسْوَدُ فَهَذَا هُوَ الَّذِي يَكُونُ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلِهَذَا كَانَ
الصَّحَابَةُ يَخْشَوْنَ النِّفَاقَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَمْ يَخَافُوا
[ ص: 306 ] التَّكْذِيبَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَا يَكْذِبُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَقِينًا وَهَذَا مُسْتَنَدُ مَنْ قَالَ : أَنَا مُؤْمِنٌ حَقًّا فَإِنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ مَا يَعْلَمُهُ مَنْ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ التَّصْدِيقِ الْجَازِمِ وَلَكِنْ الْإِيمَانُ لَيْسَ مُجَرَّدَ التَّصْدِيقِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَعْمَالٍ قَلْبِيَّةٍ تَسْتَلْزِمُ أَعْمَالًا ظَاهِرَةً كَمَا تَقَدَّمَ فَحُبُّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْ الْإِيمَانِ وَحُبُّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَبُغْضُ مَا نَهَى عَنْهُ هَذَا مِنْ أَخَصِّ الْأُمُورِ بِالْإِيمَانِ وَلِهَذَا ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ أَنَّ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596315مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ } فَهَذَا يُحِبُّ الْحَسَنَةَ وَيَفْرَحُ بِهَا وَيُبْغِضُ السَّيِّئَةَ وَيَسُوءُهُ فِعْلُهَا وَإِنْ فَعَلَهَا بِشَهْوَةِ غَالِبَةٍ وَهَذَا الْحُبُّ وَالْبُغْضُ مِنْ خَصَائِصِ الْإِيمَانِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ الزَّانِيَ حِينَ يَزْنِي إنَّمَا يَزْنِي لِحُبِّ نَفْسِهِ لِذَلِكَ الْفِعْلِ فَلَوْ قَامَ بِقَلْبِهِ خَشْيَةُ اللَّهِ الَّتِي تَقْهَرُ الشَّهْوَةَ أَوْ حُبُّ اللَّهِ الَّذِي يَغْلِبُهَا ; لَمْ يَزْنِ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى عَنْ
يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=1632&ayano=12كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ } فَمَنْ كَانَ مُخْلِصًا لِلَّهِ حَقَّ الْإِخْلَاصِ لَمْ يَزْنِ وَإِنَّمَا يَزْنِي لِخُلُوِّهِ عَنْ ذَلِكَ وَهَذَا هُوَ الْإِيمَانُ الَّذِي يُنْزَعُ مِنْهُ لَمْ يُنْزَعْ مِنْهُ نَفْسُ التَّصْدِيقِ وَلِهَذَا قِيلَ : هُوَ مُسْلِمٌ وَلَيْسَ بِمُؤْمِنِ ; فَإِنَّ الْمُسْلِمَ الْمُسْتَحِقَّ لِلثَّوَابِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُصَدِّقًا وَإِلَّا كَانَ مُنَافِقًا ; لَكِنْ لَيْسَ كُلُّ مَنْ صَدَقَ قَامَ بِقَلْبِهِ مِنْ الْأَحْوَالِ الْإِيمَانِيَّةِ الْوَاجِبَةِ مِثْلُ كَمَالِ مَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمِثْلُ خَشْيَةِ اللَّهِ وَالْإِخْلَاصِ لَهُ فِي الْأَعْمَالِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ بَلْ يَكُونُ الرَّجُلُ مُصَدِّقًا بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَهُوَ
[ ص: 307 ] مَعَ ذَلِكَ يُرَائِي بِأَعْمَالِهِ وَيَكُونُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ وَقَدْ خُوطِبَ بِهَذَا الْمُؤْمِنُونَ فِي آخِرِ الْأَمْرِ فِي سُورَةِ " بَرَاءَةٌ " فَقِيلَ لَهُمْ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1268&ayano=9إنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } وَمَعْلُومٌ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَكْثَرَهُمْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ . وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ; وَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ مَنْ لَمْ يَرْتَبْ وَجَاهَدَ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَنْ لَمْ تَقُمْ بِقَلْبِهِ الْأَحْوَالُ الْوَاجِبَةُ فِي الْإِيمَانِ فَهُوَ الَّذِي نَفَى عَنْهُ الرَّسُولُ الْإِيمَانَ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ التَّصْدِيقُ وَالتَّصْدِيقُ مِنْ الْإِيمَانِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعَ التَّصْدِيقِ شَيْءٌ مِنْ حُبِّ اللَّهِ وَخَشْيَةِ اللَّهِ وَإِلَّا فَالتَّصْدِيقُ الَّذِي لَا يَكُونُ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَيْسَ إيمَانًا أَلْبَتَّةَ بَلْ هُوَ كَتَصْدِيقِ
فِرْعَوْنَ وَالْيَهُودِ وَإِبْلِيسَ وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَنْكَرَهُ
السَّلَفُ عَلَى
الجهمية . قَالَ
الحميدي : سَمِعْت
وَكِيعًا يَقُولُ :
أَهْلُ السُّنَّةِ يَقُولُونَ : الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ
وَالْمُرْجِئَةُ يَقُولُونَ : الْإِيمَانُ قَوْلٌ .
والجهمية يَقُولُونَ : الْإِيمَانُ الْمَعْرِفَةُ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ : وَهَذَا كُفْرٌ . قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الكلابي : سَمِعْت
وَكِيعًا يَقُولُ :
الجهمية شَرٌّ مِنْ
الْقَدَرِيَّةِ قَالَ : وَقَالَ
وَكِيعٌ :
الْمُرْجِئَةُ : الَّذِينَ يَقُولُونَ : الْإِقْرَارُ يُجْزِئُ عَنْ الْعَمَلِ ; وَمَنْ قَالَ هَذَا فَقَدْ هَلَكَ ; وَمَنْ قَالَ : النِّيَّةُ تُجْزِئُ عَنْ الْعَمَلِ فَهُوَ كُفْرٌ وَهُوَ قَوْلُ
جَهْمٍ وَكَذَلِكَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ .
[ ص: 308 ] وَلِهَذَا كَانَ الْقَوْلُ : إنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28801_28647الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ عِنْدَ
أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ شَعَائِرِ السُّنَّةِ وَحَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ
الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي " الْأُمِّ " : وَكَانَ الْإِجْمَاعُ مِنْ
الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَنْ أَدْرَكْنَاهُمْ يَقُولُونَ : إنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَنِيَّةٌ لَا يُجْزِئُ وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ إلَّا بِالْآخَرِ ; وَذَكَرَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ - فِي " مَنَاقِبِهِ " - : سَمِعْت
حَرْمَلَةَ يَقُولُ : اجْتَمَعَ
حَفْصٌ الْفَرْدُ وَمَصْلَانِ الإباضي عِنْدَ
الشَّافِعِيِّ فِي
دَارِ الجروي فَتَنَاظَرَا مَعَهُ فِي الْإِيمَانِ فَاحْتَجَّ
مَصْلَانِ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَخَالَفَهُ
حَفْصٌ الْفَرْدُ فَحَمِيَ
الشَّافِعِيُّ وَتَقَلَّدَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ فَطَحَنَ
حَفْصًا الْفَرْدَ وَقَطَعَهُ . وَرَوَى
أَبُو عَمْرٍو الطلمنكي بِإِسْنَادِهِ الْمَعْرُوفِ عَنْ
مُوسَى بْنِ هَارُونَ الْحَمَّالِ قَالَ : أَمْلَى عَلَيْنَا
إسْحَاقُ بْنُ راهويه أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ لَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ كَمَا وَصَفْنَا وَإِنَّمَا عَقَلْنَا هَذَا بِالرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ وَالْآثَارِ الْعَامَّةِ الْمُحْكَمَةِ ; وَآحَادِ
أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَالتَّابِعِينَ وَهَلُمَّ جَرًّا عَلَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ بَعْدَ
التَّابِعِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَكَذَلِكَ فِي عَهْدِ
الأوزاعي بِالشَّامِ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ بِالْعِرَاقِ ;
وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ بِالْحِجَازِ وَمَعْمَرٍ بِالْيَمَنِ عَلَى مَا فَسَّرْنَا وَبَيَّنَّا أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ . وَقَالَ
إسْحَاقُ : مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28652تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا حَتَّى ذَهَبَ وَقْتُ الظُّهْرِ إلَى الْمَغْرِبِ [ ص: 309 ] وَالْمَغْرِبِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ كَافِرٌ بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ يُسْتَتَابُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَقَالَ تَرْكُهَا لَا يَكُونُ كُفْرًا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ - يَعْنِي تَارِكَهَا . وَقَالَ ذَلِكَ - وَأَمَّا إذَا صَلَّى وَقَالَ ذَلِكَ فَهَذِهِ مَسْأَلَةُ اجْتِهَادٍ قَالَ : وَاتَّبَعَهُمْ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ عَصْرِنَا هَذَا أَهْلُ الْعِلْمِ إلَّا مَنْ بَايَنَ الْجَمَاعَةَ وَاتَّبَعَ الْأَهْوَاءَ الْمُخْتَلِفَةَ فَأُولَئِكَ قَوْمٌ لَا يَعْبَأُ اللَّهُ بِهِمْ لَمَّا بَايَنُوا الْجَمَاعَةَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12074أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ الْإِمَامُ - وَلَهُ كِتَابٌ مُصَنَّفٌ فِي الْإِيمَانِ قَالَ - : هَذِهِ تَسْمِيَةُ مَنْ كَانَ يَقُولُ : الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ .
مِنْ
أَهْلِ مَكَّةَ :
عُبَيْدُ بْن عُمَيْرٍ الليثي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ مُجَاهِدُ بْنُ جَبْرِ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ;
عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ;
ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ nindex.php?page=showalam&ids=16524عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ;
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ جَرِيحٍ نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ داود بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ Multitarajem.php?tid=16432,16433عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ . وَمِنْ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ :
nindex.php?page=showalam&ids=12300مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ الزَّهْرِيُّ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو حَازِمٍ الْأَعْرَجُ سَعْدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمْرِيُّ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي ذِئْبٍ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الماجشون -
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ .
وَمِنْ
أَهْلِ الْيَمَنِ :
طَاوُوسٌ الْيَمَانِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ . وَمِنْ
أَهْل مِصْرَ وَالشَّامِ :
مَكْحُولٌ الأوزاعي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الأيلي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ يَزِيدُ بْنُ شريح سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ حيوة ابْنُ شريح nindex.php?page=showalam&ids=16472عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ [ ص: 310 ] .
وَمَنْ سَكَنَ الْعَوَاصِمَ وَغَيْرَهَا مِنْ
الْجَزِيرَةِ :
مَيْمُونُ بْنُ مهران يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ nindex.php?page=showalam&ids=17119مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ nindex.php?page=showalam&ids=16525عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرقي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=15265المعافي بْنُ عِمْرَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الحراني أَبُو إسْحَاقَ الفزاري nindex.php?page=showalam&ids=17056مخلد بْنُ الْحُسَيْنِ nindex.php?page=showalam&ids=16607عَلِيُّ بْنُ بكار nindex.php?page=showalam&ids=17399يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ Multitarajem.php?tid=17014,17015,17016مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=15459الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ . وَمِنْ
أَهْلِ الْكُوفَةِ :
عَلْقَمَةُ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو وَائِلٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ الرَّبِيعُ بْنُ خيثم nindex.php?page=showalam&ids=14577عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ إبْرَاهِيمُ النخعي nindex.php?page=showalam&ids=14152الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ nindex.php?page=showalam&ids=17152مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ سَلَمَةُ بْنُ كهيل مُغِيرَةُ الضبي عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ أَبُو حَيَّانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ سُلَيْمَانُ بْنُ مهران الْأَعْمَشُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ سُفْيَانُ بْنُ عيينة nindex.php?page=showalam&ids=14919الفضيل بْنُ عِيَاضٍ أَبُو الْمِقْدَامِ ثَابِتُ بْنُ الْعَجْلَانِ ابْنُ شبرمة nindex.php?page=showalam&ids=12526ابْنُ أَبِي لَيْلَى زُهَيْرٌ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ nindex.php?page=showalam&ids=11948أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ أَبُو الْأَحْوَصِ nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=11804أَبُو أُسَامَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16410عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ زَيْدُ بْنُ الحباب nindex.php?page=showalam&ids=14129الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الجعفي مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ العبدي يَحْيَى بْنُ آدَمَ وَمُحَمَّدٌ وَيَعْلَى وَعَمْرُو بَنُو عُبَيْدٍ . وَمِنْ
أَهْلِ الْبَصْرَةِ :
الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=16972مُحَمَّدُ بْنُ سيرين قتادة ابْنُ دِعَامَةَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ المزني nindex.php?page=showalam&ids=12341أَيُّوبُ السختياني يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ Multitarajem.php?tid=16453,16454عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ سُلَيْمَانُ التيمي هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ الدستوائي شُعْبَةُ ابْنُ الْحَجَّاجِ nindex.php?page=showalam&ids=15744حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ nindex.php?page=showalam&ids=15743حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ nindex.php?page=showalam&ids=11825أَبُو الْأَشْهَبِ nindex.php?page=showalam&ids=17353يَزِيدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ [ ص: 311 ] أَبُو عَوَانَةَ وهيب بْنُ خَالِدٍ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ nindex.php?page=showalam&ids=17116مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التيمي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ nindex.php?page=showalam&ids=16349عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=15535بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ يَزِيدُ بْنُ زريع الْمُؤَمِّلُ بْنُ إسْمَاعِيلَ خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ nindex.php?page=showalam&ids=17104مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِي .
وَمِنْ
أَهْلِ وَاسِطٍ :
هشيم بْنُ بَشِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=15800خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ nindex.php?page=showalam&ids=16627عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ صَالِحُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ . وَمِنْ
أَهْلِ الْمَشْرِقِ :
الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ nindex.php?page=showalam&ids=11969أَبُو جَمْرَةَ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ nindex.php?page=showalam&ids=16418عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ النَّضْرُ بْنُ شميل جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الضبي . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12074أَبُو عُبَيْدٍ : هَؤُلَاءِ جَمِيعًا يَقُولُونَ : الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ ; وَهُوَ قَوْلُ
أَهْلِ السُّنَّةِ الْمَعْمُولُ بِهِ عِنْدَنَا . قُلْت : ذَكَرَ مِنْ
الْكُوفِيِّينَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِمَّا ذَكَرَ مِنْ غَيْرِهِمْ لِأَنَّ الْإِرْجَاءَ فِي
أَهْلِ الْكُوفَةِ كَانَ أَوَّلًا فِيهِمْ أَكْثَرَ وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15741حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ فَاحْتَاجَ عُلَمَاؤُهَا أَنْ يُظْهِرُوا إنْكَارَ ذَلِكَ فَكَثُرَ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ ذَلِكَ ; كَمَا أَنَّ التَّجَهُّمَ وَتَعْطِيلَ الصِّفَاتِ لَمَّا كَانَ ابْتِدَاءَ حُدُوثِهِ مِنْ
خُرَاسَانَ كَثُرَ مِنْ
عُلَمَاءِ خُرَاسَانَ ذَلِكَ الْوَقْتُ مِنْ الْإِنْكَارِ عَلَى
الجهمية مَا لَمْ يُوجَدْ قَطُّ لِمَنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْبِدْعَةُ فِي بَلَدِهِ وَلَا سَمِعَ بِهَا كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ : {
إنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ بِدْعَةٍ يَكَادُ بِهَا الْإِسْلَامُ وَأَهْلُهُ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِعَلَامَاتِ الْإِسْلَامِ ; فَاغْتَنِمُوا تِلْكَ الْمَجَالِسَ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تَنْزِلُ عَلَى أَهْلِهَا } أَوْ كَمَا قَالَ .
[ ص: 312 ] وَإِذَا كَانَ مِنْ قَوْلِ
السَّلَفِ : إنَّ الْإِنْسَانَ يَكُونُ فِيهِ إيمَانٌ وَنِفَاقٌ فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِمْ : إنَّهُ يَكُونُ فِيهِ إيمَانٌ وَكُفْرٌ لَيْسَ هُوَ الْكُفْرُ الَّذِي يَنْقُلُ عَنْ الْمِلَّةِ ; كَمَا قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابُهُ فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=718&ayano=5وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } قَالُوا : كَفَرُوا كُفْرًا لَا يَنْقُلُ عَنْ الْمِلَّةِ وَقَدْ اتَّبَعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ . قَالَ
الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ المروزي فِي كِتَابِ " الصَّلَاةِ " : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَفْسِيرِ حَدِيثِ
جبرائيل هَذَا فَقَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا : قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87825الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاَللَّهِ } وَمَا ذَكَرَ مَعَهُ كَلَامٌ جَامِعٌ مُخْتَصَرٌ لَهُ غَوْرٌ وَقَدْ وَهَمَتْ
الْمُرْجِئَةُ فِي تَفْسِيرِهِ فَتَأَوَّلُوهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ قِلَّةٌ مَعْرِفَةً مِنْهُمْ بِلِسَانِ
الْعَرَبِ وَغَوْرُ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي قَدْ أُعْطِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَفَوَاتِحَهُ وَاخْتُصِرَ لَهُ الْحَدِيثُ اخْتِصَارًا . أَمَّا قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87825الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاَللَّهِ } فَأَنْ تُوَحِّدَهُ وَتُصَدِّقَ بِهِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَتَخْضَعَ لَهُ وَلِأَمْرِهِ بِإِعْطَاءِ الْعَزْمِ لِلْأَدَاءِ لِمَا أَمَرَ مُجَانِبًا لِلِاسْتِنْكَافِ وَالِاسْتِكْبَارِ وَالْمُعَانَدَةِ فَإِذَا فَعَلْت ذَلِكَ لَزِمْت مُحَابَّهُ وَاجْتَنَبْت مساخطه .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : " وَمَلَائِكَتِهِ " فَأَنْ تُؤْمِنَ بِمَنْ سَمَّى اللَّهُ لَك مِنْهُمْ فِي كِتَابِهِ وَتُؤْمِنَ بِأَنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سِوَاهُمْ لَا يَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ وَعَدَدَهُمْ إلَّا الَّذِي خَلَقَهُمْ . وَأَمَّا قَوْلُهُ : " وَكُتُبِهِ " فَأَنْ تُؤْمِنَ بِمَا سَمَّى اللَّهُ مِنْ كُتُبِهِ فِي كِتَابِهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ خَاصَّةً ; وَتُؤْمِنَ بِأَنَّ لِلَّهِ سِوَى ذَلِكَ كُتُبًا أَنْزَلَهَا عَلَى أَنْبِيَائِهِ لَا يَعْرِفُ أَسْمَاءَهَا وَعَدَدَهَا إلَّا الَّذِي أَنْزَلَهَا وَتُؤْمِنَ بِالْفُرْقَانِ وَإِيمَانُك بِهِ غَيْرُ إيمَانِك بِسَائِرِ الْكُتُبِ .
[ ص: 313 ] إيمَانُك بِغَيْرِهِ مِنْ الْكُتُبِ إقْرَارُك بِهِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَإِيمَانُك بِالْفُرْقَانِ إقْرَارُك بِهِ وَاتِّبَاعُك مَا فِيهِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : " وَرُسُلِهِ " فَأَنْ تُؤْمِنَ بِمَا سَمَّى اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ رُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِأَنَّ اللَّهَ سَوَّاهُمْ رُسُلًا وَأَنْبِيَاءَ لَا يَعْلَمُ أَسْمَاءَهُمْ إلَّا الَّذِي أَرْسَلَهُمْ وَتُؤْمِنَ
بِمُحَمَّدِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِيمَانُك بِهِ غَيْرُ إيمَانِك بِسَائِرِ الرُّسُلِ . إيمَانُك بِسَائِرِ الرُّسُلِ إقْرَارُك بِهِمْ وَإِيمَانُك
بِمُحَمَّدِ إقْرَارُك بِهِ وَتَصْدِيقُك إيَّاهُ دَائِبًا عَلَى مَا جَاءَ بِهِ فَإِذَا اتَّبَعْت مَا جَاءَ بِهِ أَدَّيْت الْفَرَائِضَ وَأَحْلَلْت الْحَلَالَ وَحَرَّمْت الْحَرَامَ وَوَقَفْت عِنْدَ الشُّبُهَاتِ وَسَارَعْت فِي الْخَيْرَاتِ وَأَمَّا قَوْلُهُ : " وَالْيَوْمِ الْآخِرِ " فَأَنْ تُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْحِسَابِ وَالْمِيزَانِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَبِكُلِّ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . وَأَمَّا قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=97237وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ } فَأَنْ تُؤْمِنَ بِأَنَّ مَا أَصَابَك لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَك وَأَنَّ مَا أَخْطَأَك لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَك وَلَا تَقُلْ : لَوْ كَانَ كَذَا لَمْ يَكُنْ كَذَا وَلَوْلَا كَذَا وَكَذَا لَمْ يَكُنْ كَذَا وَكَذَا . قَالَ : فَهَذَا هُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=28647الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ .