وأيضا فلفظ " العبادة " متضمن للمحبة مع الذل كما تقدم ولهذا كانت
nindex.php?page=treesubj&link=28683محبة القلب للبشر على طبقات . أحدها : " العلاقة " وهو تعلق القلب بالمحبوب . ثم " الصبابة " وهو انصباب القلب إليه . ثم " الغرام " وهو الحب اللازم . ثم " العشق " وآخر
[ ص: 71 ] المراتب هو " التتيم " وهو التعبد للمحبوب والمتيم المعبود وتيم الله عبد الله فإن المحب يبقى ذاكرا معبدا مذللا لمحبوبه . و ( أيضا فاسم الإنابة إليه يقتضي المحبة أيضا وما أشبه ذلك من الأسماء كما تقدم . و ( أيضا فلو كان هذا الذي قالوه حقا من كون ذلك مجازا لما فيه من الحذف والإضمار ; فالمجاز لا يطلق إلا بقرينة تبين المراد .
ومعلوم أن
nindex.php?page=treesubj&link=28683ليس في كتاب الله وسنة رسوله ما ينفي أن يكون الله محبوبا وأن لا يكون المحبوب إلا الأعمال لا في الدلالة المتصلة ولا المنفصلة بل ولا في العقل أيضا و ( أيضا فمن علامات المجاز صحة إطلاق نفيه فيجب أن يصح إطلاق القول بأن الله لا يحب ولا يحب كما أطلق إمامهم
nindex.php?page=showalam&ids=14005الجعد بن درهم أن الله لم يتخذ
إبراهيم خليلا ولم يكلم
موسى تكليما ومعلوم أن هذا ممتنع بإجماع المسلمين فعلم دلالة الإجماع على أن هذا ليس مجازا بل هي حقيقة . و ( أيضا فقد فرق بين محبته ومحبة العمل له في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=1268&ayano=9أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله } كما فرق بين محبته ومحبة رسوله في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=1268&ayano=9أحب إليكم من الله ورسوله } فلو كان المراد بمحبته ليس إلا محبة العمل لكان هذا تكريرا أو من باب عطف الخاص على العام وكلاهما على خلاف ظاهر الكلام الذي لا يجوز المصير إليه إلا بدلالة تبين المراد . وكما أن
[ ص: 72 ] محبته لا يجوز أن تفسر بمجرد محبة رسوله فكذلك لا يجوز تفسيرها بمجرد محبة العمل له وإن كانت محبته تستلزم محبة رسوله ومحبة العمل له .
و ( أيضا فالتعبير بمحبة الشيء عن مجرد محبة طاعته لا عن محبة نفسه أمر لا يعرف في اللغة لا حقيقة ولا مجازا ; فحمل الكلام عليه تحريف محض أيضا . وقد قررنا في مواضع من القواعد الكبار أنه لا يجوز أن يكون غير الله محبوبا مرادا لذاته كما لا يجوز أن يكون غير الله موجودا بذاته بل لا رب إلا الله ولا إله إلا هو المعبود الذي يستحق أن يحب لذاته ويعظم لذاته كمال المحبة والتعظيم . وكل مولود يولد على الفطرة فإنه سبحانه فطر القلوب على أنه ليس في محبوباتها ومراداتها ما تطمئن إليه وتنتهي إليه إلا الله وحده وأن كل ما أحبه المحبوب من مطعوم وملبوس ومنظور ومسموع وملموس يجد من نفسه أن قلبه يطلب شيئا سواه ويحب أمرا غيره يتألهه ويصمد إليه ويطمئن إليه ويرى ما يشبهه من هذه الأجناس .
ولهذا قال الله تعالى في كتابه : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1748&ayano=13ألا بذكر الله تطمئن القلوب } وفي الحديث الصحيح عن
عياض بن حمار عن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596740النبي صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى أنه قال : إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا } كما في الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21715كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج [ ص: 73 ] البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ثم يقول nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : اقرءوا إن شئتم { nindex.php?page=tafseer&surano=3469&ayano=30فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم } } . و ( أيضا فكل
nindex.php?page=treesubj&link=28683ما فطرت القلوب على محبته من نعوت الكمال فالله هو المستحق له على الكمال وكل ما في غيره من محبوب فهو منه سبحانه وتعالى فهو المستحق لأن يحب على الحقيقة والكمال . وإنكار محبة العبد لربه هو في الحقيقة إنكار لكونه إلها معبودا كما أن إنكار محبته لعبده يستلزم إنكار مشيئته وهو يستلزم إنكار كونه ربا خالقا فصار إنكارها مستلزما لإنكار كونه رب العالمين . ولكونه إله العالمين .
وهذا هو قول أهل التعطيل والجحود . ولهذا اتفقت الأمتان قبلنا على ما عندهم من مأثور وحكم عن
موسى وعيسى صلوات الله عليهما وسلامه أن
nindex.php?page=treesubj&link=28683أعظم الوصايا أن تحب الله بكل قلبك وعقلك وقصدك وهذا هو حقيقة الحنيفية ملة
إبراهيم التي هي أصل شريعة التوراة والإنجيل والقرآن . وإنكار ذلك هو مأخوذ عن المشركين
والصابئين أعداء
إبراهيم الخليل ومن وافقهم على ذلك من متفلسف ومتكلم ومتفقه ومبتدع أخذه عن هؤلاء ; وظهر ذلك في
القرامطة الباطنية من
الإسماعيلية ولهذا قال
الخليل إمام الحنفاء صلوات الله وسلامه عليه {
nindex.php?page=tafseer&surano=3033&ayano=26أفرأيتم ما كنتم تعبدون }
{
nindex.php?page=tafseer&surano=3034&ayano=26أنتم وآباؤكم الأقدمون }
{
nindex.php?page=tafseer&surano=3035&ayano=26فإنهم عدو لي إلا رب العالمين } وقال أيضا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=871&ayano=6لا أحب الآفلين } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3046&ayano=26يوم لا ينفع مال ولا بنون }
{
nindex.php?page=tafseer&surano=3047&ayano=26إلا من أتى الله بقلب سليم } وهو السليم من الشرك . وأما قولهم : " إنه لا مناسبة بين المحدث والقديم توجب محبته له وتمتعه بالنظر إليه " . فهذا الكلام مجمل فإن أرادوا بالمناسبة أنه ليس بينهما توالد فهذا حق وإن أرادوا أنه ليس بينهما من المناسبة ما بين الناكح والمنكوح والآكل والمأكول أو نحو ذلك فهذا أيضا حق وإن أرادوا أنه لا مناسبة بينهما توجب أن يكون أحدهما محبا عابدا والآخر معبودا محبوبا فهذا هو رأس المسألة فالاحتجاج به مصادرة على المطلوب ويكفي في ذلك المنع .
ثم يقال بل لا مناسبة تقتضي المحبة الكاملة إلا المناسبة التي بين المخلوق والخالق الذي لا إله غيره . الذي هو في السماء إله وفي الأرض إله وله المثل الأعلى في السموات والأرض . وحقيقة قول هؤلاء جحد كون الله معبودا في الحقيقة ولهذا وافق على هذه المسألة طوائف من
الصوفية المتكلمين الذين ينكرون أن يكون الله محبا في الحقيقة فأقروا بكونه محبوبا ومنعوا كونه محبا ; لأنهم تصوفوا مع ما كانوا عليه من قول أولئك
المتكلمة فأخذوا عن
الصوفية مذهبهم في المحبة وإن كانوا قد يخلطون فيه وأصل إنكارها إنما هو قول
المعتزلة ونحوهم من
الجهمية فأما محبة الرب عبده فهم لها أشد إنكارا . ومنكروها قسمان :
[ ص: 75 ] ( قسم يتأولونها بنفس المفعولات التي يحبها العبد فيجعلون محبته نفس خلقه . و ( قسم يجعلونها نفس إرادته لتلك المفعولات . وقد بسطنا الكلام في ذلك في " قواعد الصفات والقدر " وليس هذا موضعها .
ومن المعلوم أنه قد دل الكتاب والسنة واتفاق
سلف الأمة على أن الله يحب ويرضى ما أمر بفعله من واجب ومستحب وإن لم يكن ذلك موجودا وعلى أنه قد يريد وجود أمور يبغضها ويسخطها من الأعيان والأفعال كالفسق والكفر وقد قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=214&ayano=2والله لا يحب الفساد } وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4104&ayano=39ولا يرضى لعباده الكفر } .
والمقصود هنا إنما هو ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=28683محبة العباد لإلههم . وقد تبين أن ذلك هو أصل أعمال الإيمان ولم يتبين بين أحد من
سلف الأمة من
الصحابة والتابعين لهم بإحسان نزاع في ذلك وكانوا يحركون هذه المحبة بما شرع الله أن تحرك به من أنواع العبادات الشرعية كالعرفان الإيماني والسماع الفرقاني قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4366&ayano=42وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان } إلى آخر السورة .
[ ص: 76 ] ثم إنه لما طال الأمد صار في طوائف
المتكلمة من
المعتزلة وغيرهم من ينكر هذه المحبة .
وصار في بعض المتصوفة من يطلب تحريكها بأنواع من سماع الحديث كالتغيير وسماع المكاء والتصدية فيسمعون من الأقوال والأشعار ما فيه تحريك جنس الحب الذي يحرك من كل قلب ما فيه من الحب بحيث يصلح لمحب الأوثان والصلبان والإخوان والأوطان والمردان والنسوان كما يصلح لمحب الرحمن ولكن كان الذين يحضرونه من الشيوخ يشترطون له المكان والإمكان والخلان . وربما اشترطوا له الشيخ الذي يحرس من الشيطان ثم توسع في ذلك غيرهم حتى خرجوا فيه إلى أنواع من المعاصي بل إلى أنواع من الفسوق ; بل خرج فيه طوائف إلى الكفر الصريح بحيث يتواجدون على أنواع من الأشعار التي فيها الكفر والإلحاد مما هو من أعظم أنواع الفساد وينتج ذلك لهم من الأحوال بحسبه كما تنتج لعباد
المشركين وأهل الكتاب عباداتهم بحسبها . والذي عليه محققوا المشايخ أنه كما قال
الجنيد رحمه الله من تكلف السماع فتن به ومن صادفه السماع استراح به .
ومعنى ذلك أنه لا يشرع الاجتماع لهذا السماع المحدث ولا يؤمر به ولا يتخذ ذلك دينا وقربة فإن القرب والعبادات إنما تؤخذ عن الرسل صلوات الله وسلامه عليهم فكما أنه لا حرام إلا ما حرمه الله ولا دين إلا ما شرعه الله . قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4335&ayano=42أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله } ولهذا قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=327&ayano=3قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم } فجعل محبتهم لله موجبة لمتابعة رسوله وجعل
nindex.php?page=treesubj&link=28750متابعة رسوله موجبة لمحبة الله لهم قال
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب رضي الله عنه عليكم بالسبيل والسنة فإنه ما من عبد على السبيل والسنة ذكر الله فاقشعر جلده من مخافة الله إلا تحاتت عنه خطاياه كما يتحات الورق اليابس عن الشجرة وما من عبد على السبيل والسنة ذكر الله خاليا ففاضت عيناه من خشية الله إلا لم تمسه النار أبدا وإن اقتصادا في سبيل وسنة خير من اجتهاد في خلاف سبيل وسنة ; فاحرصوا أن تكون أعمالكم اقتصادا واجتهادا على منهاج الأنبياء وسنتهم .
وهذا مبسوط في غير هذا الموضع . فلو كان هذا مما يؤمر به ويستحب وتصلح به القلوب للمعبود المحبوب لكان ذلك مما دلت الأدلة الشرعية عليه ومن المعلوم أنه لم يكن في القرون الثلاثة المفضلة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18601خير القرون قرني الذي بعثت فيه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم } لا في
الحجاز ولا في
الشام ولا في
اليمن ولا في
العراق ولا في
مصر ولا في
خراسان أحد من أهل الخير والدين يجتمع على السماع المبتدع لصلاح القلوب ولهذا كرهه الأئمة كالإمام
أحمد وغيره حتى عده
الشافعي من إحداث الزنادقة حين قال : خلفت
ببغداد شيئا أحدثه الزنادقة يسمونه التغبير يصدون به الناس عن القرآن .
[ ص: 78 ] وأما
nindex.php?page=treesubj&link=29514_29514ما لم يقصده الإنسان من الاستماع فلا يترتب عليه لا نهي ولا ذم باتفاق الأئمة ; ولهذا إنما يترتب الذم والمدح على الاستماع لا على السماع
nindex.php?page=treesubj&link=29514فالمستمع للقرآن يثاب عليه والسامع له من غير قصد وإرادة لا يثاب على ذلك إذ الأعمال بالنيات . وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=29514ما ينهى عن استماعه من الملاهي لو سمعه السامع بدون قصده لم يضره ذلك فلو
nindex.php?page=treesubj&link=29514_29514سمع السامع بيتا يناسب بعض حاله فحرك ساكنه المحمود وأزعج قاطنه المحبوب أو تمثل بذلك ونحو ذلك لم يكن هذا مما ينهى عنه وكان المحمود الحسن حركة قلبه التي يحبها الله ورسوله إلى محبته التي تتضمن فعل ما يحبه الله وترك ما يكرهه الله كالذي اجتاز بيتا فسمع قائلا يقول :
كل يوم تتلون غير هذا بك أجمل
فأخذ منه إشارة تناسب حاله ; فإن الإشارات من باب القياس والاعتبار وضرب الأمثال . ومسألة " السماع " كبيرة منتشرة قد تكلمنا عليها في غير هذا الموضع .
والمقصود هنا أن المقاصد المطلوبة للمريدين تحصل بالسماع الإيماني القرآني النبوي الديني الشرعي الذي هو سماع النبيين وسماع العالمين وسماع العارفين وسماع المؤمنين . قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2327&ayano=19أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2327&ayano=19إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2153&ayano=17إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا } إلى قوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=2155&ayano=17ويزيدهم خشوعا } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=757&ayano=5وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1170&ayano=8إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون } .
وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4120&ayano=39الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم } الآية . وكما مدح المقبلين على هذا السماع فقد ذم المعرضين عنه في مثل قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3506&ayano=31ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا } إلى قوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=3507&ayano=31وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2953&ayano=25والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5618&ayano=74فما لهم عن التذكرة معرضين }
{
nindex.php?page=tafseer&surano=5619&ayano=74كأنهم حمر مستنفرة }
{
nindex.php?page=tafseer&surano=5620&ayano=74فرت من قسورة } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1190&ayano=8إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون nindex.php?page=tafseer&surano=1191&ayano=8ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم } الآية وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4285&ayano=41وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5618&ayano=74فما لهم عن التذكرة معرضين nindex.php?page=tafseer&surano=5619&ayano=74كأنهم حمر مستنفرة nindex.php?page=tafseer&surano=5620&ayano=74فرت من قسورة } ومثل هذا كثير في القرآن . وهذا كان سماع
سلف الأمة وأكابر مشايخها وأئمتها
كالصحابة والتابعين ومن بعدهم من المشايخ
كإبراهيم بن أدهم nindex.php?page=showalam&ids=14919والفضيل بن عياض nindex.php?page=showalam&ids=12032وأبي سليمان الداراني nindex.php?page=showalam&ids=17117ومعروف الكرخي nindex.php?page=showalam&ids=17399ويوسف بن أسباط وحذيفة المرعشي وأمثال هؤلاء .
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول
لأبي موسى الأشعري : يا
أبا موسى ذكرنا ربنا فيقرأ وهم يسمعون ويبكون . وكان أصحاب
محمد صلى الله عليه وسلم إذا اجتمعوا أمروا واحدا منهم أن يقرأ القرآن والباقي يستمعون وقد ثبت في الصحيح : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596741أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بأبي موسى الأشعري وهو يقرأ فجعل يستمع لقراءته وقال لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل داود وقال : مررت بك البارحة وأنت تقرأ فجعلت أستمع لقراءتك فقال : لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيرا } أي لحسنته لك تحسينا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596742وقال صلى الله عليه وسلم زينوا القرآن بأصواتكم } وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596743الله أشد أذنا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته } - أذنا أي استماعا - كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5970&ayano=84وأذنت لربها وحقت } أي استمعت {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596744وقال صلى الله عليه وسلم ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به } وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33998ليس منا من لم يتغن بالقرآن } .
[ ص: 81 ] ولهذا السماع من المواجيد العظيمة والأذواق الكريمة ومزيد المعارف والأحوال الجسيمة ما لا يتسع له خطاب ولا يحويه كتاب كما أن في تدبر القرآن وتفهمه من مزيد العلم والإيمان ما لا يحيط به بيان .
وَأَيْضًا فَلَفْظُ " الْعِبَادَةِ " مُتَضَمِّنٌ لِلْمَحَبَّةِ مَعَ الذُّلِّ كَمَا تَقَدَّمَ وَلِهَذَا كَانَتْ
nindex.php?page=treesubj&link=28683مَحَبَّةُ الْقَلْبِ لِلْبَشَرِ عَلَى طَبَقَاتٍ . أَحَدُهَا : " الْعَلَاقَةُ " وَهُوَ تَعَلُّقُ الْقَلْبِ بِالْمَحْبُوبِ . ثُمَّ " الصَّبَابَةُ " وَهُوَ انْصِبَابُ الْقَلْبِ إلَيْهِ . ثُمَّ " الْغَرَامُ " وَهُوَ الْحُبُّ اللَّازِمُ . ثُمَّ " الْعِشْقُ " وَآخِرُ
[ ص: 71 ] الْمَرَاتِبِ هُوَ " التتيم " وَهُوَ التَّعَبُّدُ لِلْمَحْبُوبِ وَالْمُتَيَّمُ الْمَعْبُودُ وَتَيْمُ اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ فَإِنَّ الْمُحِبَّ يَبْقَى ذَاكِرًا مُعَبَّدًا مُذَلَّلًا لِمَحْبُوبِهِ . وَ ( أَيْضًا فَاسْمُ الْإِنَابَةِ إلَيْهِ يَقْتَضِي الْمَحَبَّةَ أَيْضًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْمَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ . وَ ( أَيْضًا فَلَوْ كَانَ هَذَا الَّذِي قَالُوهُ حَقًّا مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ مَجَازًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَذْفِ وَالْإِضْمَارِ ; فَالْمَجَازُ لَا يُطْلَقُ إلَّا بِقَرِينَةٍ تُبَيِّنُ الْمُرَادَ .
وَمَعْلُومٌ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28683لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ مَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ اللَّهُ مَحْبُوبًا وَأَنْ لَا يَكُونَ الْمَحْبُوبُ إلَّا الْأَعْمَالَ لَا فِي الدَّلَالَةِ الْمُتَّصِلَةِ وَلَا الْمُنْفَصِلَةِ بَلْ وَلَا فِي الْعَقْلِ أَيْضًا وَ ( أَيْضًا فَمِنْ عَلَامَاتِ الْمَجَازِ صِحَّةُ إطْلَاقِ نَفْيِهِ فَيَجِبُ أَنْ يَصِحَّ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ وَلَا يُحَبُّ كَمَا أَطْلَقَ إمَامُهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=14005الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَّخِذْ
إبْرَاهِيمَ خَلِيلًا وَلَمْ يُكَلِّمْ
مُوسَى تَكْلِيمًا وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا مُمْتَنِعٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ فَعَلِمَ دَلَالَةَ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ مَجَازًا بَلْ هِيَ حَقِيقَةٌ . وَ ( أَيْضًا فَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَ مَحَبَّتِهِ وَمَحَبَّةِ الْعَمَلِ لَهُ فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=1268&ayano=9أَحَبَّ إلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ } كَمَا فَرَّقَ بَيْنَ مَحَبَّتِهِ وَمَحَبَّةِ رَسُولِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=1268&ayano=9أَحَبَّ إلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِمَحَبَّتِهِ لَيْسَ إلَّا مَحَبَّةَ الْعَمَلِ لَكَانَ هَذَا تَكْرِيرًا أَوْ مِنْ بَابِ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَكِلَاهُمَا عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ الْكَلَامِ الَّذِي لَا يَجُوزُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ إلَّا بِدَلَالَةِ تُبَيِّنُ الْمُرَادَ . وَكَمَا أَنَّ
[ ص: 72 ] مَحَبَّتَهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تُفَسَّرَ بِمُجَرَّدِ مَحَبَّةِ رَسُولِهِ فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَفْسِيرُهَا بِمُجَرَّدِ مَحَبَّةِ الْعَمَلِ لَهُ وَإِنْ كَانَتْ مَحَبَّتُهُ تَسْتَلْزِمُ مَحَبَّةَ رَسُولِهِ وَمَحَبَّةَ الْعَمَلِ لَهُ .
وَ ( أَيْضًا فَالتَّعْبِيرُ بِمَحَبَّةِ الشَّيْءِ عَنْ مُجَرَّدِ مَحَبَّةِ طَاعَتِهِ لَا عَنْ مَحَبَّةِ نَفْسِهِ أَمْرٌ لَا يُعْرَفُ فِي اللُّغَةِ لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا ; فَحَمْلُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ تَحْرِيفٌ مَحْضٌ أَيْضًا . وَقَدْ قَرَّرْنَا فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْقَوَاعِدِ الْكِبَارِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُ اللَّهِ مَحْبُوبًا مُرَادًا لِذَاتِهِ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُ اللَّهِ مَوْجُودًا بِذَاتِهِ بَلْ لَا رَبَّ إلَّا اللَّهُ وَلَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْمَعْبُودُ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يُحَبَّ لِذَاتِهِ وَيُعَظَّمَ لِذَاتِهِ كَمَالَ الْمَحَبَّةِ وَالتَّعْظِيمِ . وَكُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ فَطَرَ الْقُلُوبَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي مَحْبُوبَاتِهَا وَمُرَادَاتِهَا مَا تَطْمَئِنُّ إلَيْهِ وَتَنْتَهِي إلَيْهِ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ وَأَنَّ كُلَّ مَا أَحَبَّهُ الْمَحْبُوبُ مِنْ مَطْعُومٍ وَمَلْبُوسٍ وَمَنْظُورٍ وَمَسْمُوعٍ وَمَلْمُوسٍ يَجِدُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّ قَلْبَهُ يَطْلُبُ شَيْئًا سِوَاهُ وَيُحِبُّ أَمْرًا غَيْرَهُ يتألهه وَيَصْمُدُ إلَيْهِ وَيَطْمَئِنُّ إلَيْهِ وَيَرَى مَا يُشْبِهُهُ مِنْ هَذِهِ الْأَجْنَاسِ .
وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1748&ayano=13أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ
عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ عَنْ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596740النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ قَالَ : إنِّي خَلَقْت عِبَادِي حُنَفَاءَ فَاجْتَالَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْت لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا } كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21715كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتِجُ [ ص: 73 ] الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ثُمَّ يَقُولُ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ : اقْرَءُوا إنْ شِئْتُمْ { nindex.php?page=tafseer&surano=3469&ayano=30فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ } } . وَ ( أَيْضًا فَكُلُّ
nindex.php?page=treesubj&link=28683مَا فُطِرَتْ الْقُلُوبُ عَلَى مَحَبَّتِهِ مِنْ نُعُوتِ الْكَمَالِ فَاَللَّهُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لَهُ عَلَى الْكَمَالِ وَكُلُّ مَا فِي غَيْرِهِ مِنْ مَحْبُوبٍ فَهُوَ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِأَنْ يُحَبَّ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَالْكَمَالِ . وَإِنْكَارُ مَحَبَّةِ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ إنْكَارٌ لِكَوْنِهِ إلَهًا مَعْبُودًا كَمَا أَنَّ إنْكَارَ مَحَبَّتِهِ لِعَبْدِهِ يَسْتَلْزِمُ إنْكَارَ مَشِيئَتِهِ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ إنْكَارَ كَوْنِهِ رَبًّا خَالِقًا فَصَارَ إنْكَارُهَا مُسْتَلْزِمًا لِإِنْكَارِ كَوْنِهِ رَبَّ الْعَالَمِينَ . وَلِكَوْنِهِ إلَهَ الْعَالَمِينَ .
وَهَذَا هُوَ قَوْلُ أَهْلِ التَّعْطِيلِ وَالْجُحُودِ . وَلِهَذَا اتَّفَقَتْ الْأُمَّتَانِ قَبْلَنَا عَلَى مَا عِنْدَهُمْ مِنْ مَأْثُورٍ وَحِكَمٍ عَنْ
مُوسَى وَعِيسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا وَسَلَامُهُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28683أَعْظَمَ الْوَصَايَا أَنْ تُحِبَّ اللَّهَ بِكُلِّ قَلْبِك وَعَقْلِك وَقَصْدِك وَهَذَا هُوَ حَقِيقَةُ الْحَنِيفِيَّةِ مِلَّةِ
إبْرَاهِيمَ الَّتِي هِيَ أَصْلُ شَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ . وَإِنْكَارُ ذَلِكَ هُوَ مَأْخُوذٌ عَنْ الْمُشْرِكِينَ
وَالصَّابِئِينَ أَعْدَاءِ
إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ مِنْ مُتَفَلْسِفٍ وَمُتَكَلِّمٍ وَمُتَفَقِّهٍ وَمُبْتَدِعٍ أَخَذَهُ عَنْ هَؤُلَاءِ ; وَظَهَرَ ذَلِكَ فِي
الْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ مِنْ
الإسْماعيليَّة وَلِهَذَا قَالَ
الْخَلِيلُ إمَامُ الْحُنَفَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=3033&ayano=26أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ }
{
nindex.php?page=tafseer&surano=3034&ayano=26أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ }
{
nindex.php?page=tafseer&surano=3035&ayano=26فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ } وَقَالَ أَيْضًا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=871&ayano=6لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3046&ayano=26يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ }
{
nindex.php?page=tafseer&surano=3047&ayano=26إلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } وَهُوَ السَّلِيمُ مِنْ الشِّرْكِ . وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : " إنَّهُ لَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَ الْمُحْدَثِ وَالْقَدِيمِ تُوجِبُ مَحَبَّتَهُ لَهُ وَتَمَتُّعَهُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ " . فَهَذَا الْكَلَامُ مُجْمَلٌ فَإِنْ أَرَادُوا بِالْمُنَاسَبَةِ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا تَوَالُدٌ فَهَذَا حَقٌّ وَإِنْ أَرَادُوا أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا مِنْ الْمُنَاسَبَةِ مَا بَيْنَ النَّاكِحِ وَالْمَنْكُوحِ وَالْآكِلِ وَالْمَأْكُولِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا أَيْضًا حَقٌّ وَإِنْ أَرَادُوا أَنَّهُ لَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَهُمَا تُوجِبُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُحِبًّا عَابِدًا وَالْآخَرُ مَعْبُودًا مَحْبُوبًا فَهَذَا هُوَ رَأْسُ الْمَسْأَلَةِ فَالِاحْتِجَاجُ بِهِ مُصَادَرَةٌ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ الْمَنْعُ .
ثُمَّ يُقَالُ بَلْ لَا مُنَاسَبَةَ تَقْتَضِي الْمَحَبَّةَ الْكَامِلَةَ إلَّا الْمُنَاسَبَةُ الَّتِي بَيْنَ الْمَخْلُوقِ وَالْخَالِقِ الَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ . الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ إلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إلَهٌ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ . وَحَقِيقَةُ قَوْلِ هَؤُلَاءِ جَحْدُ كَوْنِ اللَّهِ مَعْبُودًا فِي الْحَقِيقَةِ وَلِهَذَا وَافَقَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ طَوَائِفُ مِنْ
الصُّوفِيَّةِ الْمُتَكَلِّمِينَ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ مُحِبًّا فِي الْحَقِيقَةِ فَأَقَرُّوا بِكَوْنِهِ مَحْبُوبًا وَمَنَعُوا كَوْنَهُ مُحِبًّا ; لِأَنَّهُمْ تَصَوَّفُوا مَعَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِ أُولَئِكَ
الْمُتَكَلِّمَةِ فَأَخَذُوا عَنْ
الصُّوفِيَّةِ مَذْهَبَهُمْ فِي الْمَحَبَّةِ وَإِنْ كَانُوا قَدْ يَخْلِطُونَ فِيهِ وَأَصْلُ إنْكَارِهَا إنَّمَا هُوَ قَوْلُ
الْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ
الجهمية فَأَمَّا مَحَبَّةُ الرَّبِّ عَبْدَهُ فَهُمْ لَهَا أَشَدُّ إنْكَارًا . وَمُنْكِرُوهَا قِسْمَانِ :
[ ص: 75 ] ( قِسْمٌ يَتَأَوَّلُونَهَا بِنَفْسِ الْمَفْعُولَاتِ الَّتِي يُحِبُّهَا الْعَبْدُ فَيَجْعَلُونَ مَحَبَّتَهُ نَفْسَ خَلْقِهِ . وَ ( قِسْمٌ يَجْعَلُونَهَا نَفْسَ إرَادَتِهِ لِتِلْكَ الْمَفْعُولَاتِ . وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ فِي " قَوَاعِدِ الصِّفَاتِ وَالْقَدَرِ " وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهَا .
وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ قَدْ دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَاتِّفَاقُ
سَلَفِ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ وَيَرْضَى مَا أَمَرَ بِفِعْلِهِ مِنْ وَاجِبٍ وَمُسْتَحَبٍّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَوْجُودًا وَعَلَى أَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ وُجُودَ أُمُورٍ يُبْغِضُهَا وَيَسْخَطُهَا مِنْ الْأَعْيَانِ وَالْأَفْعَالِ كَالْفِسْقِ وَالْكُفْرِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=214&ayano=2وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ } وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4104&ayano=39وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ } .
وَالْمَقْصُودُ هُنَا إنَّمَا هُوَ ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=28683مَحَبَّةِ الْعِبَادِ لِإِلَهِهِمْ . وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ أَصْلُ أَعْمَالِ الْإِيمَانِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ
سَلَفِ الْأُمَّةِ مِنْ
الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ نِزَاعٌ فِي ذَلِكَ وَكَانُوا يُحَرِّكُونَ هَذِهِ الْمَحَبَّةَ بِمَا شَرَعَ اللَّهُ أَنْ تُحَرَّكَ بِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ الشَّرْعِيَّةِ كَالْعِرْفَانِ الْإِيمَانِيِّ وَالسَّمَاعِ الْفُرْقَانِيِّ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4366&ayano=42وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ } إلَى آخِرِ السُّورَةِ .
[ ص: 76 ] ثُمَّ إنَّهُ لَمَّا طَالَ الْأَمَدُ صَارَ فِي طَوَائِفِ
الْمُتَكَلِّمَةِ مِنْ
الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ مَنْ يُنْكِرُ هَذِهِ الْمَحَبَّةَ .
وَصَارَ فِي بَعْضِ الْمُتَصَوِّفَةِ مَنْ يَطْلُبُ تَحْرِيكَهَا بِأَنْوَاعِ مِنْ سَمَاعِ الْحَدِيثِ كَالتَّغْيِيرِ وَسَمَاعِ الْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَةِ فَيَسْمَعُونَ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَشْعَارِ مَا فِيهِ تَحْرِيكُ جِنْسِ الْحُبِّ الَّذِي يُحَرِّكُ مِنْ كُلِّ قَلْبٍ مَا فِيهِ مِنْ الْحُبِّ بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِمُحِبِّ الْأَوْثَانِ وَالصُّلْبَانِ وَالْإِخْوَانِ وَالْأَوْطَانِ والمردان وَالنِّسْوَانِ كَمَا يَصْلُحُ لِمُحِبِّ الرَّحْمَنِ وَلَكِنْ كَانَ الَّذِينَ يَحْضُرُونَهُ مِنْ الشُّيُوخِ يَشْتَرِطُونَ لَهُ الْمَكَانَ وَالْإِمْكَانَ وَالْخُلَّانَ . وَرُبَّمَا اشْتَرَطُوا لَهُ الشَّيْخَ الَّذِي يَحْرُسُ مِنْ الشَّيْطَانِ ثُمَّ تَوَسَّعَ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُمْ حَتَّى خَرَجُوا فِيهِ إلَى أَنْوَاعٍ مِنْ الْمَعَاصِي بَلْ إلَى أَنْوَاعٍ مِنْ الْفُسُوقِ ; بَلْ خَرَجَ فِيهِ طَوَائِفُ إلَى الْكُفْرِ الصَّرِيحِ بِحَيْثُ يَتَوَاجَدُونَ عَلَى أَنْوَاعٍ مِنْ الْأَشْعَارِ الَّتِي فِيهَا الْكُفْرُ وَالْإِلْحَادُ مِمَّا هُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ وَيُنْتِجُ ذَلِكَ لَهُمْ مِنْ الْأَحْوَالِ بِحَسْبِهِ كَمَا تُنْتِجُ لِعُبَّادِ
الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ عِبَادَاتِهِمْ بِحَسَبِهَا . وَاَلَّذِي عَلَيْهِ محققوا الْمَشَايِخِ أَنَّهُ كَمَا قَالَ
الجنيد رَحِمَهُ اللَّهُ مَنْ تَكَلَّفَ السَّمَاعَ فُتِنَ بِهِ وَمَنْ صَادَفَهُ السَّمَاعُ اسْتَرَاحَ بِهِ .
وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ الِاجْتِمَاعُ لِهَذَا السَّمَاعِ الْمُحْدَثِ وَلَا يُؤْمَرُ بِهِ وَلَا يُتَّخَذُ ذَلِكَ دِينًا وَقُرْبَةً فَإِنَّ الْقُرَبَ وَالْعِبَادَاتِ إنَّمَا تُؤْخَذُ عَنْ الرُّسُلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ فَكَمَا أَنَّهُ لَا حَرَامَ إلَّا مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَلَا دِينَ إلَّا مَا شَرَعَهُ اللَّهُ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4335&ayano=42أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ } وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=327&ayano=3قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } فَجَعَلَ مَحَبَّتَهُمْ لِلَّهِ مُوجِبَةً لِمُتَابَعَةِ رَسُولِهِ وَجَعَلَ
nindex.php?page=treesubj&link=28750مُتَابَعَةَ رَسُولِهِ مُوجِبَةً لِمَحَبَّةِ اللَّهِ لَهُمْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بْنُ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَيْكُمْ بِالسَّبِيلِ وَالسُّنَّةِ فَإِنَّهُ مَا مِنْ عَبْدٍ عَلَى السَّبِيلِ وَالسُّنَّةِ ذَكَرَ اللَّهَ فَاقْشَعَرَّ جِلْدُهُ مِنْ مَخَافَةِ اللَّهِ إلَّا تَحَاتَّتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ كَمَا يتحات الْوَرَقُ الْيَابِسُ عَنْ الشَّجَرَةِ وَمَا مِنْ عَبْدٍ عَلَى السَّبِيلِ وَالسُّنَّةِ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ إلَّا لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ أَبَدًا وَإِنَّ اقْتِصَادًا فِي سَبِيلٍ وَسُنَّةٍ خَيْرٌ مِنْ اجْتِهَادٍ فِي خِلَافِ سَبِيلٍ وَسُنَّةٍ ; فَاحْرِصُوا أَنْ تَكُونَ أَعْمَالُكُمْ اقْتِصَادًا وَاجْتِهَادًا عَلَى مِنْهَاجِ الْأَنْبِيَاءِ وَسُنَّتِهِمْ .
وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ . فَلَوْ كَانَ هَذَا مِمَّا يُؤْمَرُ بِهِ وَيُسْتَحَبُّ وَتَصْلُحُ بِهِ الْقُلُوبُ لِلْمَعْبُودِ الْمَحْبُوبِ لَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا دَلَّتْ الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ عَلَيْهِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ الْمُفَضَّلَةِ الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18601خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي الَّذِي بُعِثْت فِيهِ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ } لَا فِي
الْحِجَازِ وَلَا فِي
الشَّامِ وَلَا فِي
الْيَمَنِ وَلَا فِي
الْعِرَاقِ وَلَا فِي
مِصْرَ وَلَا فِي
خُرَاسَانَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالدِّينِ يَجْتَمِعُ عَلَى السَّمَاعِ الْمُبْتَدَعِ لِصَلَاحِ الْقُلُوبِ وَلِهَذَا كَرِهَهُ الْأَئِمَّةُ كَالْإِمَامِ
أَحْمَد وَغَيْرِهِ حَتَّى عَدَّهُ
الشَّافِعِيُّ مِنْ إحْدَاثِ الزَّنَادِقَةِ حِينَ قَالَ : خَلَّفْت
بِبَغْدَادَ شَيْئًا أَحْدَثَهُ الزَّنَادِقَةُ يُسَمُّونَهُ التَّغْبِيرَ يَصُدُّونَ بِهِ النَّاسَ عَنْ الْقُرْآنِ .
[ ص: 78 ] وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=29514_29514مَا لَمْ يَقْصِدْهُ الْإِنْسَانُ مِنْ الِاسْتِمَاعِ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ لَا نَهْيٌ وَلَا ذَمٌّ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ ; وَلِهَذَا إنَّمَا يَتَرَتَّبُ الذَّمُّ وَالْمَدْحُ عَلَى الِاسْتِمَاعِ لَا عَلَى السَّمَاعِ
nindex.php?page=treesubj&link=29514فَالْمُسْتَمِعُ لِلْقُرْآنِ يُثَابُ عَلَيْهِ وَالسَّامِعُ لَهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَإِرَادَةٍ لَا يُثَابُ عَلَى ذَلِكَ إذْ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ . وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=29514مَا يُنْهَى عَنْ اسْتِمَاعِهِ مِنْ الْمَلَاهِي لَوْ سَمِعَهُ السَّامِعُ بِدُونِ قَصْدِهِ لَمْ يَضُرّهُ ذَلِكَ فَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=29514_29514سَمِعَ السَّامِعُ بَيْتًا يُنَاسِبُ بَعْضَ حَالِهِ فَحَرَّكَ سَاكِنَهُ الْمَحْمُودَ وَأَزْعَجَ قَاطِنَهُ الْمَحْبُوبَ أَوْ تَمَثَّلَ بِذَلِكَ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ هَذَا مِمَّا يُنْهَى عَنْهُ وَكَانَ الْمَحْمُودُ الْحَسَنُ حَرَكَةَ قَلْبِهِ الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إلَى مَحَبَّتِهِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ فِعْلَ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَتَرْكَ مَا يَكْرَهُهُ اللَّهُ كَاَلَّذِي اجْتَازَ بَيْتًا فَسَمِعَ قَائِلًا يَقُولُ :
كُلَّ يَوْمٍ تَتْلُونَ غَيْرَ هَذَا بِك أَجْمَلُ
فَأَخَذَ مِنْهُ إشَارَةً تُنَاسِبُ حَالَهُ ; فَإِنَّ الْإِشَارَاتِ مِنْ بَابِ الْقِيَاسِ وَالِاعْتِبَارِ وَضَرْبِ الْأَمْثَالِ . وَمَسْأَلَةُ " السَّمَاعِ " كَبِيرَةٌ مُنْتَشِرَةٌ قَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ .
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ الْمَقَاصِدَ الْمَطْلُوبَةَ لِلْمُرِيدِينَ تَحْصُلُ بِالسَّمَاعِ الْإِيمَانِيِّ الْقُرْآنِيِّ النَّبَوِيِّ الدِّينِيِّ الشَّرْعِيِّ الَّذِي هُوَ سَمَاعُ النَّبِيِّينَ وَسَمَاعُ الْعَالَمِينَ وَسَمَاعُ الْعَارِفِينَ وَسَمَاعُ الْمُؤْمِنِينَ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2327&ayano=19أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2327&ayano=19إذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2153&ayano=17إنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا } إلَى قَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2155&ayano=17وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=757&ayano=5وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1170&ayano=8إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } .
وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4120&ayano=39اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ } الْآيَةَ . وَكَمَا مَدَحَ الْمُقْبِلِينَ عَلَى هَذَا السَّمَاعِ فَقَدْ ذَمَّ الْمُعْرِضِينَ عَنْهُ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3506&ayano=31وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا } إلَى قَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=3507&ayano=31وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2953&ayano=25وَالَّذِينَ إذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5618&ayano=74فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ }
{
nindex.php?page=tafseer&surano=5619&ayano=74كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ }
{
nindex.php?page=tafseer&surano=5620&ayano=74فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1190&ayano=8إنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=1191&ayano=8وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ } الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4285&ayano=41وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5618&ayano=74فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=5619&ayano=74كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=5620&ayano=74فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ } وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ . وَهَذَا كَانَ سَمَاعُ
سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَكَابِرِ مَشَايِخِهَا وَأَئِمَّتِهَا
كَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْمَشَايِخِ
كَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ nindex.php?page=showalam&ids=14919والفضيل بْنِ عِيَاضٍ nindex.php?page=showalam&ids=12032وَأَبِي سُلَيْمَانَ الداراني nindex.php?page=showalam&ids=17117وَمَعْرُوفٍ الكرخي nindex.php?page=showalam&ids=17399وَيُوسُفَ بْنِ أَسْبَاطٍ وَحُذَيْفَةَ المرعشي وَأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ .
وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ
لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ : يَا
أَبَا مُوسَى ذَكِّرْنَا رَبَّنَا فَيَقْرَأُ وَهُمْ يَسْمَعُونَ وَيَبْكُونَ . وَكَانَ أَصْحَابُ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا اجْتَمَعُوا أَمَرُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَالْبَاقِي يَسْتَمِعُونَ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596741أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَهُوَ يَقْرَأُ فَجَعَلَ يَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِهِ وَقَالَ لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ داود وَقَالَ : مَرَرْت بِك الْبَارِحَةَ وَأَنْتَ تَقْرَأُ فَجَعَلْت أَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِك فَقَالَ : لَوْ عَلِمْت أَنَّك تَسْمَعُ لَحَبَّرْتُهُ لَك تَحْبِيرًا } أَيْ لَحَسَّنْته لَك تَحْسِينًا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596742وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596743اللَّهُ أَشَدُّ أَذَنًا إلَى الرَّجُلِ الْحَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إلَى قَيْنَتِهِ } - أَذَنًا أَيْ اسْتِمَاعًا - كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5970&ayano=84وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ } أَيْ اسْتَمَعَتْ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596744وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءِ مَا أَذِنَ لِنَبِيِّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33998لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ } .
[ ص: 81 ] وَلِهَذَا السَّمَاعُ مِنْ الْمَوَاجِيدِ الْعَظِيمَةِ وَالْأَذْوَاقِ الْكَرِيمَةِ وَمَزِيدِ الْمَعَارِفِ وَالْأَحْوَالِ الْجَسِيمَةِ مَا لَا يَتَّسِعُ لَهُ خِطَابٌ وَلَا يَحْوِيهِ كِتَابٌ كَمَا أَنَّ فِي تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وَتَفَهُّمِهِ مِنْ مَزِيدِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ مَا لَا يُحِيطُ بِهِ بَيَانٌ .