قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم
[قال ] : "باب: دخول المشرك المسجد": حدثنا البخاري : ثنا قتيبة ، عن الليث سعيد بن أبي سعيد ، أنه سمع يقول: أبا هريرة نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال له; ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد . بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيل قبل
قد سبق هذا الحديث بأتم من هذا السياق في "باب: الأسير يربط في المسجد"، وفيه: أن ثمامة حين ربط كان مشركا، وأنه إنما أسلم بعد إطلاقه . وفي هذا دليل على جواز لكن بإذن المسلمين . وقد إدخال المشرك إلى المسجد، ثقيف في المسجد، ليكون أرق لقلوبهم . أنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - وفد
خرجه من رواية أبو داود عن الحسن، عثمان بن أبي العاص . [ ص: 509 ] وروى ، عن وكيع ، عن سفيان يونس، عن قال: الحسن، ثقيف، فدخلوا عليه المسجد، فقيل له: إنهم مشركون؟ قال: "الأرض لا ينجسها شيء" .
وخرجه إن وفدا قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - من في "المراسيل " من رواية أبو داود أشعث، عن الحسن، ثقيف قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضرب لهم قبة في مؤخر المسجد، لينظروا إلى صلاة المسلمين، إلى ركوعهم، وسجودهم، فقيل: يا رسول الله، أتنزلهم المسجد وهم مشركون؟ قال: "إن الأرض لا تنجس، إنما ينجس ابن آدم " . أن وفد
وكذلك سائر وفود العرب ونصارى نجران، كلهم كانوا يدخلون المسجد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ويجلسون فيه عنده .
ولما قدم مشركو قريش في فداء أسارى بدر كانوا يبيتون في المسجد وقد روى ذلك بإسناد له . الشافعي
وقد خرج حديث البخاري جبير بن مطعم - وكان ممن قدم في فداء الأسارى - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بـ: "الطور"; قال: وكان ذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي .
وخرج فيما سبق في "كتاب: العلم " حديث دخول البخاري ضمام بن ثعلبة المسجد، وعقله بعيره فيه، وسؤاله النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإسلام، ثم أسلم عقب ذلك . [ ص: 510 ] وروى في "المراسيل " بإسناده عن أبو داود ، قال: أخبرني الزهري ، أن سعيد ابن المسيب أبا سفيان كان يدخل المسجد بالمدينة وهو كافر، غير أن ذلك لا يصلح في المسجد الحرام، لما قال الله عز وجل: إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا
وقد اختلف أهل العلم في ذلك: فرخص طائفة منهم في دخول الكافر المسجد، وهو قول أبي حنيفة ، وحكي رواية عن والشافعي ، رجحها طائفة من أصحابنا . قال أصحاب أحمد : وليس له أن يدخل المسجد إلا بإذن المسلم ووافقهم طائفة من أصحابنا على ذلك . الشافعي
وقال بعضهم: لا يجوز للمسلم أن يأذن فيه إلا لمصلحة من سماع قرآن . أو رجاء إسلام، أو إصلاح شيء ونحو ذلك، فأما لمجرد الأكل واللبث والاستراحة فلا .
ومن أصحابنا: من أطلق الجواز، ولم يقيده بإذن المسلم .
وهذا كله في مساجد الحل، فأما المسجد الحرام فلا يجوز للمسلمين الإذن في دخوله للكافر، بل الحرم بالكلية عند لا يمكن الكافر من دخول الشافعي وأصحابهما . وأحمد
واستدلوا بقول الله تعالى: إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا [ ص: 511 ] وأجازه وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر مناديا ينادي: "لا يحج بعد العام مشرك" . وأصحابه . أبو حنيفة
فأما مسجد المدينة، فالمشهور عندنا وعند الشافعية أن حكمه حكم مساجد الحل .
ولأصحابنا وجه: أنه ملحق بالمسجد الحرام; لأن المدينة حرم، وحكي عن ابن حامد، وقاله في بعض كتبه . وهذا بعيد، فإن الأحاديث الدالة على الجواز إنما وردت في القاضي أبو يعلى مسجد المدينة بخصوصه، فكيف يمنع منه ويخص الجواز بغيره؟
وقالت طائفة: لا يجوز تمكين الكافر من دخول المساجد بحال، وهذا هو المروي عن الصحابة، منهم: ، عمر وعلي، ، وعن وأبو موسى الأشعري وهو قول عمر بن عبد العزيز، ، والمنصوص عن مالك ، قال: لا يدخلون المسجد ولا ينبغي لهم أن يدخلوهم . واستدلوا بقول الله تعالى: أحمد ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين وظاهره: يدل على أن الكفار لا يمكنون من دخول المساجد، فإن دخلوا أخيفوا وعوقبوا، فيكونون في حال دخولهم خائفين من عقوبة المسلمين لهم . وقد روي عن أنه كان على المنبر فبصر بمجوسي، فنزل وضربه وأخرجه . علي،
خرجه . الأثرم
وعلى هذا القول، فأحاديث الرخصة قد تحمل على أن ذلك قبل النهي عنه، أو أن ذلك كان جائزا حيث كان يحتاج إلى تألف قلوبهم، [ ص: 512 ] وقد زال ذلك .
وفرقت طائفة بين فقالوا: يجوز إدخال أهل الذمة دون أهل الحرب، وروي عن أهل الذمة وأهل الحرب، جابر بن عبد الله . وروى وقتادة ، عن عبد الرزاق : أخبرني ابن جريج ، أنه سمع أبو الزبير يقول في قوله تعالى: جابر بن عبد الله إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا قال: إلا أن يكون عبدا أو أحدا من أهل الذمة .
وقد روي مرفوعا من رواية ثنا شريك: عن أشعث بن سوار، عن الحسن، ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: جابر "لا يدخل مسجدنا هذا مشرك بعد عامنا هذا، غير أهل الكتاب وخدمهم " .
خرجه . الإمام أحمد
وفي رواية له: "غير أهل العهد وخدمهم " .
وأشعث بن سوار، ضعيف الحديث .
وقد خص بعض أصحابنا حكاية الخلاف المحكي عن فى المسألة بأهل الذمة . أحمد