قوله تعالى: وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا (11) إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا (12)
قال الله تعالى: إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون (101 لا يسمعون حسيسها وقال تعالى: وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا (12(، وقال تعالى: وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور تكاد تميز من الغيظ والشهيق الصوت الذي يخرج من الجوف بشدة كصوت الحمار . قال : الشهيق في الصدر . وقال الربيع بن أنس في قوله: مجاهد وهي تفور قال: تغلي بهم كما يغلي القدر . وقال : تميز: تفرق، وعنه قال: يكاد يفارق بعضها بعضا وتتفطر . وعن ابن عباس : تميز . وقال الضحاك ابن زيد : التميز: التفرق من شدة الغيظ على أهل معاصي الله عز وجل، غضبا له عز وجل وانتقاما له .
وخرج من حديث ابن أبي حاتم خالد بن دريك عن رجل من الصحابة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا "من تقول علي ما لم أقل فليتبوء بين عيني جهنم مقعدا" قيل: يا رسول الله، وهل لها عينان؟ قال: "نعم، أو لم تسمع قول الله عز وجل: [ ص: 39 ]
وروى أبو يحيى القتات عن عن مجاهد قال: إن العبد ليجر إلى النار، فتشهق إليه شهقة البغلة إلى الشعير، ثم تزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف . خرجه ابن عباس . ابن أبي حاتم
وقال : ما خلق الله من شيء، إلا وهو يسمع زفير جهنم غدوة وعشية، إلا الثقلين اللذين عليهما الحساب والعذاب . خرجه كعب الجوزجاني .
وفي "كتاب الزهد" لهناد بن السري عن مغيث بن سمي، قال: إن لجهنم كل يوم زفرتين يسمعهما كل شيء، إلا الثقلين اللذين عليهما الحساب والعذاب .
وعن قال: إن لجهنم زفرة يوم القيامة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خر ساجدا يقول: رب نفسي نفسي . الضحاك
وعن قال: تزفر جهنم زفرة لا يبقى ملك ولا نبي إلا وقع لركبتيه، ترعد فرائسه يقول: رب نفسي نفسي . عبيد بن عمير
وروى وغيره عن ابن أبي الدنيا قال: ينزل الملك الأعلى في بهائه وملكه، مجنبته اليسرى جهنم، فيسمعون شهيقها وزفيرها فيندون . الضحاك
وعن قال: إذا سيرت الجبال فسمعت حسيس النار وتغيظها وزفيرها وشهيقها، صرخت الجبال كما تصرخ النساء، ثم يرجع أوائلها على أواخرها، يدق بعضها بعضا . خرجه وهب بن منبه . الإمام أحمد
[ ص: 40 ] وفي "تفسير " عن محمد بن الفضل عن آدم بن أبي إياس علي بن زيد بن جدعان ، عن أبي الضحى ، عن قال: ابن عباس فيقول الله عز وجل: ماذا أجبتم المرسلين؟ قالوا: لا علم لنا، ثم ترد عليهم عقولهم فينطقون بحجتهم وينطقون بعذرهم . تزفر جهنم زفرة، لا يبقى ملك ولا نبي مرسل إلا جثا على ركبتيه حول جهنم، فتطيش عقولهم محمد بن الفضل هو ابن عطية متروك .
قال آدم: وحدثنا أبو صفوان عن عاصم بن سليمان الكوزي عن عن ابن جريج عن عطاء ابن عباس إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا المكان البعيد، مسيرة مائة عام، وذلك أنه إذا أتي بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام يشد بكل زمام سبعون ألف ملك، ولو تركت لأتت على كل بر وفاجر، ثم تزفر زفرة لا يبقى قطرة من دمع إلا بدرت . ثم تزفر الثانية فتتقطع القلوب من أماكنها تبلغ اللهوات والحناجر وهو قوله: وبلغت القلوب الحناجر . وعاصم الكوزي ضعيف جدا .
وقال عن الليث بن سعد عبيد الله بن أبي جعفر : إن جهنم لتزفر زفرة تنشق منها قلوب الظلمة، ثم تزفر أخرى فيطيرون في الأرض حتى يقعوا على رؤوسهم . خرجه . عبد الله ابن الإمام أحمد
وروى عن أسد بن موسى إبراهيم بن محمد عن عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار - مثله . عبد الله بن عمرو بن العاص
وخرج وغيره من رواية أبو نعيم عبد الرحمن بن حاطب ، قال: قال - رضي الله عنه - عمر : خوفنا، قال: والذي نفسي بيده; إن النار لتقرب يوم القيامة لها زفير وشهيق، حتى إذا دنت وقربت زفرت زفرة، ما خلق الله من نبي [ ص: 41 ] ولا شهيد إلا وجب لركبتيه ساقطا، حتى يقول كل نبي وكل صديق وكل شهيد: اللهم لا أكلفك اليوم إلا نفسي، ولو كان لك يا لكعب عمل سبعين نبيا لظننت أن لا تنجو، قال ابن الخطاب : والله، إن الأمر لشديد . عمر
ومن رواية شريح بن عبيد قال: قال عمر : خوفنا، قال: والله لتزفرن جهنم زفرة، لا يبقى ملك مقرب ولا غيره إلا خر جاثيا على ركبتيه، يقول: رب نفسي نفسي، وحتى نبينا محمد وإبراهيم وإسحاق - عليهم السلام -، قال: فأبكى القوم حتى نشجوا . لكعب
وفي رواية مطرف بن الشخير عن ، قال: كنت عند كعب ، فقال: يا عمر خوفنا، فقلت: يا أمير المؤمنين ، إن جهنم لتزفر يوم القيامة زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خر ساجدا على ركبتيه، حتى إن إبراهيم خليله - عليه السلام - ليخر جاثيا ويقول: نفسي نفسي، لا أسألك اليوم إلا نفسي، قال: فأطرق كعب مليا، قال: قلت: يا أمير المؤمنين ، أولستم تجدون هذا في كتاب الله عز وجل؟! قال عمر : كيف; قلت: يقول الله عز وجل في هذه الآية: عمر يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون
وكان سعيد الجرمي يقول في موعظته إذا وصف الخائفين: كأن زفير النار في آذانهم .
وعن أنه قال في وصفهم: إذا مروا بآية فيها ذكر الجنة بكوا شوقا . وإذا مروا بآية فيها ذكر النار ضجوا صراخا، كأن زفير جهنم عند أصول آذانهم . الحسن
[ ص: 42 ] وروى وغيره عن ابن أبي الدنيا قال: خرجنا مع أبي وائل ومعنا ابن مسعود ، فأتينا على تنور على شاطئ الفرات، فلما رآه الربيع بن خثيم والنار تلتهب في جوفه قرأ هذه الآية عبد الله إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا إلى قوله: ثبورا فصعق فاحتملناه إلى أهله، فرابطه الربيع بن خثيم حتى صلى الناس الظهر فلم يفق، ثم رابطه إلى العصر فلم يفق، ثم رابطه إلى المغرب فأفاق، فرجع عبد الله إلى أهله . عبد الله
ومن رواية مسمع بن عاصم قال: بت أنا وعبد العزيز بن سليمان وكلاب بن جري وسلمان الأعرج على ساحل من بعض السواحل، فبكى كلاب حتى خشيت أن يموت، ثم بكى عبد العزيز لبكائه ثم بكى لبكائهما . وبكيت - والله - لبكائهم لا أدري ما أبكاهم، فلما كان بعد سألت سلمان عبد العزيز فقلت: يا أبا محمد ما الذي أبكاك ليلتئذ؟ قال: إني - والله - نظرت إلى أمواج البحر تموج وتجيل، فذكرت أطباق النيران وزفراتها، فذلك الذي أبكاني . ثم سألت كلابا أيضا نحوا مما سألت عبد العزيز، فوالله; لكأنما سمع قصته، فقال لي مثل ذلك، ثم سألت سلمان الأعرج نحوا مما سألتهما . فقال لي: ما كان في القوم شر مني، ما كان بكائي إلا لبكائهم رحمة لهم مما كانوا يصنعون بأنفسهم - رحمهم الله تعالى .