قوله تعالى: فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض
[قال ] : باب قول الله عز وجل: البخاري فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض
حدثنا سعيد بن أبي مريم: ثنا أبو غسان: حدثني ، عن أبو حازم ، قال: كانت فينا امرأة تجعل على أربعاء في مزرعة لها سلقا، فكانت إذا كان يوم الجمعة تنزع أصول السلق، فتجعله في قدر، ثم تجعل عليه قبضة من شعير تطحنها، فتكون أصول السلق عرقه، وكنا ننصرف من صلاة الجمعة فنسلم عليها، فتقرب ذلك الطعام إلينا، فنلعقه، فكنا نتمنى يوم الجمعة لطعامها ذلك . سهل بن سعد
حدثنا عبد الله بن مسلمة: نا ابن أبي حازم، عن أبيه، عن - بهذا، وقال: ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة . سهل بن سعد
المقصود من هذا الحديث هاهنا: أن الصحابة لم يكونوا يجلسون بعد صلاة الجمعة في المسجد إلى العصر لانتظار الصلاة - كما ورد في الحديث المرفوع أنه يعدل عمرة، وقد خرجه بإسناد ضعيف، وقد سبق ذكره [ ص: 470 ] وإنما كانوا يخرجون من المسجد ينتشرون في الأرض، فمنهم من كان ينصرف لتجارة، ومنهم من كان يزور أصحابه وإخوانه، وكانوا يجتمعون على ضيافة هذه المرأة . البيهقي
وقد ذهب بعضهم إلى أن الأمر بالانتشار بعد الصلاة للاستحباب .
كان عراك بن مالك إذا خرج من المسجد يوم الجمعة قال: اللهم، أجبت دعوتك، وقضيت فريضتك، وانتشرت كما أمرتني، فارزقني من فضلك . وأنت خير الرازقين .
خرجه وغيره ابن أبي حاتم
. وهذا يدل على أنه رأى قوله تعالى: فانتشروا في الأرض أمرا على ظاهره .
وخرج - أيضا - بإسناده، عن عمران بن قيس، قال: من باع واشترى يوم الجمعة بارك الله له سبعين مرة .
قال بعض رواته: وذلك بعد صلاة الجمعة; لهذه الآية .
وذهب الأكثرون إلى أنه ليس بأمر حقيقة، وإنما هو إذن وإباحة، حيث كان بعد النهي عن البيع، فهو إطلاق من محظور، فيفيد الإباحة خاصة .
وكذا قال عطاء ومجاهد والضحاك ومقاتل بن حيان وابن زيد وغيرهم .
وروى أبو بكر عبد العزيز بن جعفر في كتاب "الشافي " بإسناد لا يصح . عن - مرفوعا - في قوله تعالى: أنس فانتشروا في الأرض قال: "ليس [ ص: 471 ] بطلب دنيا، ولكن عيادة مريض، وتشييع جنازة، وزيارة أخ في الله " .
وفي حديث سهل: دليل على زيارة الرجال للمرأة، وإجابتهم لدعوتها . وعلى فإطعام الفقراء فيه حسن مرغب فيه . استحباب الضيافة يوم الجمعة خصوصا لفقراء المسلمين،
وفيه: أن فرح الفقير بوجود ما يأكل وتمنيه لذلك غير قادح في فقره . مناف لصبره، بل ولا لرضاه .
وفي الحديث ألفاظ تستغرب:
فـ "الأربعاء": جداول الماء في الأرض، واحدها: "ربيع " . وقوله: "فيكون أصول السلق عرقه " - وفي رواية: "عراقه " -، وهو بالعين المهملة والقاف، والعرق والعراق: اللحم . والمعنى: أن أصول السلق تصير في هذا الطعام كاللحم لما يطبخ باللحم الأطعمة .
ورواه بعضهم: "غرفه " - بالغين المعجمة والفاء -، وفسر بـ "المرقة" فإنها تغرف باليد .
وهذا بعيد، فإن أصول السلق لا تصير بغرف .
وقوله: "فنلعقه " أي: نلحسه، وهذا يدل على أنه كان قد ثخن .
وقيل: الفرق بين اللحس واللعق: أن اللحس يختص بالأصبع، واللعق يكون بالأصبع وبآلة يلعق بها كالملعقة .