ويذهب غيظ قلوبهم الضمير في قوله (غيظ قلوبهم ) يعود إلى الذين تحتاج صدورهم إلى شفاء بنصر مؤزر يدفع الباطل ويزهقه، ويرفع الحق ويعليه، والغيظ انفعال النفس بالألم من رؤية الباطل عاليا والحق مستكينا أو مستخذيا، فإذا انتصر الحق وعلا ذهب ذلك الغيظ، واستقامت النفس على سواء الصراط، وارتاحت الضمائر المؤمنة.
وعبر الله في الغيظ بقوله تعالى: ويذهب غيظ قلوبهم لأن الغيظ ليس داء، ولكنه حال عارضة من أمر قابل للزوال، والنصر يزيله، وفيه إشارة إلى حصول الوعد.
أما التردد والحيرة، وبوادر الشك، فأمراض تلازم النفوس المريضة، فعبر عن زوالها بالشفاء; لأنها أمراض الإيمان، والله هو الذي يشفيها، ويودعها الاطمئنان.
وإن الحرب التي تختبر فيها النفوس، ويذهب فيها غرور الذين يغترون بأصنامهم، ويحسبون أنها تنصرهم في الشديدة وتغيثهم في الكريهة - من شأنها أن تجعل النفوس تفكر فيما هي عليه، وفيما عليه الذين يحاربونها، فيعرفون الغث [ ص: 3248 ] من السمين، والحق من الباطل، ويتعرفون ما عليه آلهتهم التي يزعمونها، وما نصر به الإله الحق أولياءه المؤمنين فيهتدون بعد ضلالة، ولذا قال الله: إن من آثار الحرب التي يدك فيها الشر أن فقال تعالى: يتوب الله على من يشاء من عباده، ويتوب الله على من يشاء أي أنهم يحسون بقوة الحق، وضعف ما هم عليه من كفر وضلال في الأوثان، فيتوبون، أي يرجعون إلى الله بعد أن بعدوا عن الإيمان، والآية تشير إلى أن هذه التوبة فيض من الله عليهم، وصلوا إليها بعد أن ذهب غرورهم بما هم عليه من عبادة الأصنام.
وختم الله سبحانه وتعالى الآية بقوله: والله عليم حكيم يعلم النفوس وما يهديها، وما يوجهها إلى الحق، حكيم يضع الأمور في مواضعها، ويدبرها بحكمته، وهو العزيز الحكيم.