وبعد ذلك ذكر سبحانه نعيم الجنة المادي والنعيم الروحي وهو تسبيح وسلام وحمد لله رب العالمين، فقال تعالى:
دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين [ ص: 3524 ]
الدعوى هي مصدر دعا - يدعو، كالشكوى، في شكا - يشكو. والدعوى في الدنيا طلب الحق والطلب من الله تعالى.
ودعاؤهم لله تعالى هو تقديسه وتسبيحه وتنزيهه; لأنهم وصلوا إلى أقصى الغايات والمنى فلم يبق إلا أن يسبحوه ويقدسوه وينزهوه، و: اللهم هو نداء لفظ الجلالة، أي: سبحانك يا إله العالمين ويا رب هذا الوجود وخالقه.
وتحيتهم فيها سلام أي: أمن ودعة واطمئنان، وهذه التحية تتبادل بينهم بالأمن والسلام والاستقرار، وتحية الملائكة المقربين لهم سلام، كما قال تعالى: والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار وتحية من ربهم ورب هذا الوجود كما قال تعالى: سلام قولا من رب رحيم
فحياتهم في الجنة تقديس لله وتنزيه وتحيات مباركة وأمن دائم.
وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين أي: آخر دعائهم حمد الله سبحانه وتعالى; لأن ما سبق نعم; التقديس نعمة والتحيات نعمة وكلاهما يستحق الحمد.
يقول " أن " هي المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن. الزمخشري:
ويقول البيضاوي: لعل المعنى أنهم إذا دخلوا الجنة وعاينوا عظمة الله تعالى وكبرياءه مجدوه ونعتوه بنعوت الجلال ثم حياهم الملائكة بالسلامة من الآفات والفوز بأصناف الكرامات، فحمدوا الله وأثنوا عليه بصفات الإكرام. ابتدأوا بالتقديس وانتهوا بالحمد. فاللهم اجعلنا منهم وإن لم نعمل عملهم ولكنك غفور رحيم.