إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا "؛ روى عن البخاري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أبي هريرة ولذا ما كان ينبغي أن يكون للرحمن ولد; لأنه تطاول على مقام الألوهية من قائليه؛ لأن العباد جميعا بالنسبة له على سواء؛ "قال الله: (كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك؛ وشتمني ولم يكن له ذلك؛ فأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني؛ وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته؛ وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولدا؛ وأنا الأحد الصمد؛ لم ألد؛ ولم أولد؛ ولم يكن لي كفوا أحد) "؛ وعيسى - عليه السلام - عبد الله ورسوله؛ وكما قال (تعالى): لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ؛ و "إن "؛ في قوله (تعالى): إن كل من في السماوات نافية؛ أي: ما كل من في السماوات والأرض إلا آتيه عبدا خاضعا خانعا لله - سبحانه وتعالى -؛ قائما بالعبودية؛ فالجميع خاضع له خضوع العبيد الأحياء؛ وغير الأحياء؛ ولله يسجد من في السماوات والأرض
وقوله (تعالى): إلا آتي الرحمن عبدا إلا آتيه مقبلا على الله (تعالى)؛ إقبال العبد في خضوع وخنوع؛ خضوع العابد للمعبود؛ وهو الله - جل جلاله -؛ ويقول الإمام - في تفسير هذه الآية -: والمعنى: ما من معبود لهم في السماوات [ ص: 4693 ] والأرض من الملائكة؛ ومن الناس؛ إلا وهو يأتي الرحمن - أي: يأوي إليه؛ ويلتجئ إلى ربوبيته - عبدا منقادا؛ مطيعا؛ خاضعا؛ خاشعا؛ راجيا؛ كما يفعل العبيد؛ وكما يجب عليهم؛ لا يدعي لنفسه ما يدعيه له هؤلاء الضلال؛ ونحوه قوله (تعالى): الزمخشري أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ؛ وكلهم متقلبون في ملكه؛ مقهورون بقهره؛ وهو مهيمن عليهم؛ محيط بهم؛ وبحمل أمورهم؛ وتفاصيلها؛ وكيفيتهم؛ وكميتهم؛ ومجيئهم؛ لا يفوته شيء من أحوالهم.
وقوله (تعالى):