قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري فاعل "قال "؛ هو الضمير العائد على الله - جلت قدرته -؛ والفاء للسببية؛ أي: بسبب غيبتك وعدم قيامك بحق الرقابة النفسية عليهم التي مكناك منها؛ قد فتنا قومك من بعدك أي: اختبرناهم لنتبين مقدار إراداتهم وعقولهم؛ ومداركهم؛ وأضاف [ ص: 4767 ] الاختبار الذي سماه "فتنة "؛ إلى نفسه؛ وهو العليم بكل شيء قبل وقوعه؛ وبعد وقوعه؛ فالأزمان تكون بالنسبة للناس؛ لا بالنسبة للذات العلية.
وعبر - سبحانه - فقال: قومك من بعدك أضاف القوم إليه؛ استحثاثا لهمته؛ وقوة في عتابه؛ أي أنهم قومه الذين جاء لإخراجهم من طغواء فرعون؛ ولكن لم يزل الأثر المسمى في عقولهم؛ فطغى بتعاليمه عليهم نفسيا؛ وإن خلعوا الربقة؛ وأزالوا رق الأجساد؛ فلم يزيلوا رق النفوس؛ ولقد قال (تعالى): وأضلهم السامري أي: أوقعهم في الضلال؛ و "السامري "؛ شخص انتقل معهم من مصر؛ كان يجيد النحت والتصوير؛ ولم ينص على أنه من الإسرائيليين؛ أو أهل مصر الأصليين؛ ويغلب على الظن أنه إسرائيلي اندمج مع المصريين؛ وعرف صناعاتهم؛ وقيل: إنه كان هنديا يعبد البقر؛ ثم اعتنق ديانة بني إسرائيل؛