وقد أيد الله (تعالى) تنزل الشياطين عليهم بقوله (تعالى): [ ص: 5420 ] ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون ؛ الاستفهام هنا لإنكار الوقوع؛ فنفي النفي إثبات؛ والمعنى: قد رأيتهم في كل واد من أودية القول يهيمون؛ أي: يقولون؛ فقالوا في الغزل؛ والتشبب بالنساء؛ وذكرهن؛ وما يخفى من أجسامهن؛ وما يكون بينها وبين الرجل مما يجب ستره؛ والكلام فيه موقوف؛ فيقول؛ كما ترى في معلقة امرئ القيس؛ وكما ترى في قصائد الذي كان يحاكي منهاجه؛ ويتفحش في القول؛ ولقد كانوا يتخيلون المآثم؛ ولا يفعلونها؛ كما كنت ترى من بعد في شعر الفرزدق؛ من غزل؛ وهكذا؛ وإن ذلك كله من تنزل الشيطان على الشعراء. عمر بن أبي ربيعة
وإذا كان من كبار التابعين من كان يذكر في درسه بالمسجد الحرام شيئا من هذا الشعر؛ فيما يروى عنه - رضي الله عنهما - فإنما كان ذلك لكي تستمر رواية شعر كابن عباس؛ العرب.
وإن الشعر العربي فيه خير كثير؛ وفيه شر كبير؛ فلا يذم كله؛ ولا يمدح كله؛ وإنه ككل كلام عربي جيد في مبناه؛ بليغ في ذاته؛ يحمد لسنه؛ ويذم واسده في المعنى.
ويلاحظ أن ذكر الشعر بأنه تنزل به الشياطين؛ لإبعاده عن القرآن؛ فالقرآن وحي الله (تعالى) الذي نزل به الروح الأمين على قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - بلسان عربي مبين.