وإن الله تعالى بعد أن خلق آدم ، قال الله سبحانه آمرا آدم ، وكان قد خلق معه زوجه :
* * *
وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين
* * *
لم يذكر الله سبحانه مكان هذه الجنة ، ولا حقيقتها ، أهي في السماء أم في الأرض ، أهي الجنة التي تكون جنة الخلد . أم هي حديقة في الأرض ، ومهما يكن فإنها جنة فيها رغد العيش وسعته .
ولم يذكر سبحانه وتعالى اسم زوجه ، ولكنا علمنا من مصادر أخرى أنها حواء ، وأنه خلقها من نفس آدم ، أو من جنس خلقه ، فقد قال تعالى في سورة النساء : يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها فحواء زوجة آدم من نفس خلقه أو خلقها الله تعالى من جنس نفسه .
أمر الله آدم أن يكون هو وزوجه في الجنة ساكنين ، وأن يأكلا منها موسعين على أنفسهما غير مضيقين ، يأكلان رغدا أي من غير انقطاع ، ولكنه نهاهما عن [ ص: 199 ] شجرة من أشجارها . . ما هي وما كنهها ; لم يذكر سبحانه وتعالى هذه الشجرة ، ولكنه وإن لم يبينها لنا كانت معلومة عند آدم وزوجه ، ولذلك كان إغراء آدم من شجرة معينة .
ابتدأ إبليس يتخذ طريق الغواية حاقدا حاسدا ، فجاءهما من هذه التي أمر الله سبحانه وتعالى بألا يقرباها ، وكان النهي عن القرب لا عن الأكل ، لأنه أبلغ في النهي عن الأكل ، فالنهي عن القرب مبالغة في عدم الأكل بالابتعاد عنها ، وهنا كان الاختبار بهذه الشجرة ، إذ حيث يكون الهوى فإنه يجر إلى العصيان .
جاءهما الشيطان من ناحية هذه الشجرة ، وجاء الإغراء من النهي عن الأكل منها ولذلك قال تعالى : * * *