وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا [ 283 ]
وقرأ ، ابن عباس ، ومجاهد وعكرمة ، والضحاك ، : ( ولم تجدوا كتابا ) ، وروي عن وأبو العالية : ( ولم تجدوا كتابا ) . قال ابن عباس : هذه القراءة شاذة ، والعامة على خلافها ، وقل ما يخرج شيء عن قراءة العامة إلا كان فيه مطعن . نسق الكلام يدل على " كاتب " ، قال - تعالى - قبل هذا : " وليكتب بينكم كاتب بالعدل " ، و " كتاب " يقضي جماعة . أبو جعفر فرهان مقبوضة هذه قراءة رضي الله [ ص: 349 ] عنه ، وأهل علي بن أبي طالب الكوفة ، وأهل المدينة . وقرأ : ( فرهن ) بضمتين ، وهي قراءة ابن عباس . وقرأ أبي عمرو : ( فرهن ) بإسكان الهاء ، وتروى عن أهل عاصم بن أبي النجود مكة . قال : الباب في هذا رهان ، كما تقول : بغل وبغال ، وكبش وكباش . و " رهن " سبيله أن يكون جمع رهان ، مثل كتاب وكتب . وقيل : هو جمع رهن ، مثل سقف وسقف ، وليس هذا الباب . و " رهن " بإسكان الهاء سبيله أن تكون الضمة حذفت منه لثقلها . وقيل : هو جمع رهن مثل سهم حشر أي دقيق ، وسهام حشر ، والأول أولى لأن الأول ليس بنعت وهذا نعت . ( فليؤد ) من الأداء مهموز ، ويجوز تخفيف همزه فتقلب الهمزة واوا ولا تقلب ألفا ولا تجعل بين بين ؛ لأن الألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحا . ( الذي اؤتمن ) مهموز في الأصل لأنه من الأمانة ، ففاء الفعل همزة ، والأصل في " اؤتمن " : " أأتمن " كرهوا الجمع بين همزتين ، فلما زالت إحداهما همزت ، فإن خفت الهمزة التقى ساكنان : الياء التي في " الذي " ، والهمزة المخففة ؛ فحذفت ، فقلت : الذي تمن ، وإذا همزت فقد كان التقى ساكنان أيضا إلا أنك حذفت الياء ؛ لأن قبلها ما يدل عليها ، وإذا خففت الهمزة لم يجز أن تأتي بواو بعد كسرة والابتداء أؤتمن . وقرأ أبو جعفر أبو عبد الرحمن : ( ولا يكتموا الشهادة ) جعله نهيا لغيب ومن يكتمها فإنه آثم قلبه فيه وجوه : إن شئت رفعت " آثما " على أنه خبر إن ، و " قلبه " فاعل سد مسد الخبر . وإن شئت رفعت " آثما " على الابتداء ، و " قلبه " فاعل ، وهما في موضع خبر إن . وإن شئت رفعت " آثما " على أنه خبر الابتداء ينوى [ ص: 350 ] به التأخير . وإن شئت كان " قلبه " بدلا من " آثم " كما تقول : هو قلب الآثم . وإن شئت كان بدلا من المضمر الذي في آثم ، وأجاز أبو حاتم : " فإنه آثم قلبه " قال : كما تقول : " هو آثم قلب الإثم " ، قال : ومثله " أنت عربي قلبا " على المصدر . قال : وقد خطئ أبو جعفر أبو حاتم في هذا ؛ لأن قلبه معرفة ، ولا يجوز ما قال في المعرفة ، لا يقال : أنت عربي قلبه .