هذه القراءة مروية عن رحمة الله عليه ، وهي قراءة عمر بن الخطاب نافع وأبي عمرو وعاصم وابن أبي إسحاق وحمزة . وقرأ والكسائي ( أاذهبتم) وهذه القراءة مروية عن يزيد بن القعقاع والقراءتان عند الحسن بمعنى واحد . قال الفراء : العرب تستفهم في التوبيخ ولا نستفهم ، فيقولون : ذهبت ففعلت وفعلت ، ويقولون : أذهبت ففعلت وفعلت ، وكل [ ص: 167 ] صواب . قال الفراء : فأما ما روي عن أبو جعفر فتحقيق هذا ، وهو أن الصواب عنده ترك الاستفهام فيقرأ "أذهبتم" وفيه معنى التقريع ، وإن كان خبرا . والمعنى عنده أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا فذوقوا العذاب . والاستفهام إذا قرأ "أذهبتم" فهو على التوبيخ والتقرير ، وإنما اختار أذهبتم بغير استفهام لأن الاستفهام إذا كان فيه معنى التقرير صار نفيا إذا كان موجبا ، كما قال جل وعز ( محمد بن يزيد أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه ) وإن كان نفيا صار موجبا؛ لأن نفي النفي إيجاب كما قال :
ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح
إلا أنه من قرأ "أذهبتم" فليس يحمل معناه عنده على هذا ، ولكن تقديره أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا وتطلبون النجاة في الآخرة ( فاليوم تجزون عذاب الهون ) العامل في اليوم تجزون ينوى به التأخير ( بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون ) أي استكباركم وفسقكم وإذا كانت "ما" هكذا مصدرا لم تحتج إلى عائد .