يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا [6]
الفعل من هذا وقى يقي عند جميع النحويين والأصل عندهم وقى يوقي ثم اختلفوا في العلة لحذف الواو ، فقال البصريون : حذفت الواو لوقوعها بين ياء وكسرة ، وهي ساكنة ولم تحذف في يؤجل ، لأن بعدها فتحة والفتحة لا تستثقل ، وقال الكوفيون : حذفت الواو للفعل المتعدي وأثبت في اللازم فرقا فقالوا في المتعدي وعد يعد وفي اللازم وجل يوجل ، وعارضوا البصريين بقول العرب وسع يسع فحذفت الواو بعدها فتحة [ ص: 463 ] وكذا ولغ يلغ والاحتجاج للبصريين أن الأصل وسع يوسع وحذفت الواو لما تقدم وفتحت السين؛ لأن فيه حرفا من حروف الحلق ، وقال الكوفيون : حذفت الواو لأنه فعل متعد ورد عليهم البصريون بقول العرب : ورم يرم فهذا لازم قد حذفت منه الواو وكذا يثق فقد انكسر قولهم أنه إنما يحذف من المتعدي . قال : وهذا رد بين ولو جاء "قوا" على الأصل لكان ايقيوا ( أنفسكم) منصوب بقوا ، كما يقال : أكرم نفسك ولا يجوز أكرمك فقول أبو جعفر : لأنهم استغنوا عنه بقولهم : أكرم نفسك ، وقال سيبويه : لم يجز هذا؛ لأنه لا يكون الشيء فاعلا مفعولا في حال . فأما الكوفيون فخلطوا في هذه فمرة يقولون : لا يجوز كما يقول البصريون ، ومرة يحكون عن العرب إجازته حكوا عدمتني ، ولا يجيز البصريون من هذا شيئا . "وأهليكم" في موضع نصب معطوف على أنفسكم . ومن مسائل محمد بن يزيد في "وأهليكم" لم صار مسكنا وهو في موضع النصب؟ فالجواب أن الياء علامة النصب كقولك : رأيت الزيدين وحذفت النون للإضافة وحكى الفراء أن من العرب من يقول : أهله في المؤنث "نارا" مفعول ثان ( الفراء وقودها الناس ) مبتدأ وخبره في موضع نصب نعت للنار ( والحجارة ) عطف على الناس ( عليها ملائكة غلاظ شداد ) أي غلاظ على العصاة أشداء [ ص: 464 ] عليهم ، وقيل : "شداد" أقوياء ( لا يعصون الله ما أمرهم ) مفعولان على حذف الحرف أي فيما أمرهم ( ويفعلون ما يؤمرون ) وحذف المضمر الذي يعود على "ما" وإن جعلتها مصدرا لم تحتج إلى عائد .