لعلي إن مالت بي الريح ميلة ... على ابن أبي ذبان أن يتقدما
المعنى: لعل ابن أبي ذبان أن يتقدم إلي؛ مالت بي الريح ميلة عليه؛ وهذا القول غير جائز؛ لا يجوز أن يبدأ اسم ولا يحدث عنه؛ لأن الكلام إنما وضع للفائدة؛ فما لا يفيد فليس بصحيح؛ وهو أيضا من قولهم محال؛ لأن الاسم إنما يرفعه اسم إذا ابتدئ مثله أو ذكر عائد عليه؛ فهذا على قولهم باطل؛ لأنه لم يأت اسم يرفعه؛ ولا ذكر عائد عليه؛ والذي هو الحق في هذه المسألة عندي أن ذكر " الذين " ؛ قد جرى ابتداء؛ وذكر الأزواج قد جرى متصلا بصلة " الذين " ؛ فصار الضمير الذي في " يتربصن " ؛ يعود على الأزواج؛ مضافات إلى " الذين " ؛ كأنك قلت: " يتربص أزواجهم " ؛ ومثل [ ص: 316 ] هذا من الكلام قولك: " الذي يموت ويخلف ابنتين ترثان الثلثين " ؛ المعنى: " ترث ابنتاه الثلثين " ؛ ومعنى قوله - عز وجل -: وعشرا ؛ يدخل فيها الأيام؛ زعم أنك إذا قلت: " لخمس بقين " ؛ فقد علم المخاطب أن الأيام داخلة مع الليالي؛ وزعم غيره أن لفظ التأنيث مغلب في هذا الباب؛ وحكى سيبويه : " صمنا عشرا من شهر رمضان " ؛ فالصوم إنما يكون في الأيام؛ ولكن التأنيث مغلب في الليالي؛ لإجماع أهل اللغة: " سرنا خمسا؛ بين يوم وليلة " ؛ أنشد الفراء : سيبويه
فطافت ثلاثا بين يوم وليلة ... يكون النكير أن تصيح وتجأرا
قال : هذا باب المؤنث الذي استعمل للتأنيث والتذكير؛ والتأنيث أصله؛ قال: تقول: " عندي ثلاث بطات ذكور؛ وثلاث من الإبل ذكور " ؛ قال: لأنك تقول: " هذه إبل " ؛ وكذلك: " ثلاث من الغنم ذكور " ؛ قال: فإن قلت: " عندي ثلاثة ذكور من الإبل " ؛ لم يكن إلا التذكير؛ لأنك إنما ذكرت ذكورا؛ ثم جئت تقول: " من الإبل " ؛ بعد أن مضى الكلام على التذكير؛ وليس بين النحويين البصريين والكوفيين خلاف في الذي ذكرنا من باب تأنيث هذه الأشياء؛ فإن قلت: " عندي خمسة بين رجل وامرأة " ؛ غلبت التذكير لا غير. وقوله - عز وجل -: سيبويه فإذا بلغن أجلهن ؛ [ ص: 317 ] أي: غاية هذه الأشهر والعشر؛ فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف ؛ أي: لا جناح عليكم في أن تتركوهن؛ إذا انقضت هذه المدة؛ أن يتزوجن؛ وأن يتزين زينة لا ينكر مثلها؛ وهذا معنى " بالمعروف " .