ومن
nindex.php?page=treesubj&link=22267عدم مفتيا ( ببلده ) وغيره فحكمه ما قيل : الشرع . وقيل يفتي مستور الحال ، ويفتي الفاسق نفسه ،
nindex.php?page=treesubj&link=22328ويحرم تساهل مفت وتقليد معروف به : قال
المروذي : أنكر
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبو عبد الله على من يتهجم في المسائل والجوابات :
[ ص: 429 ] وقال : ليتق الله عبد ولينظر ما يقول ، فإنه مسئول : وقال : يتقلد أمرا عظيما : وقال عرضها لأمر عظيم ، إلا أنه قد تجيء ضرورة ، قال
الحسن : إن تركناهم وكلناهم إلى غير سديد : وقال
شيخنا :
nindex.php?page=treesubj&link=22323_22326لا يجوز استفتاء إلا ممن يفتي بعلم وعدل ، ونقل
ابن منصور : لا ينبغي أن يجيب في كل ما يستفتى . ونقل
محمد بن أبي طاهر عنه : لست أفتي في الطلاق بشيء . ونقل
محمد بن أبي حرب سئل عمن يفتي بغير علم قال : يروى عن
أبي موسى : يمرق من دينه . ونقل
أبو داود أنه ذكر {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=44ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه ليس بكفر ، ينقل عن الملة .
ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم : إذا هاب الرجل شيئا لا ينبغي أن يحمل على أن يقول . وسئل
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن مسألة في اللعان فقال : مثل رحمك الله عما تنتفع به .
وقال أيضا : دعنا من المسائل المحدثة خذ فيما فيه حديث : وقال
شيخنا : فيمن سأله عن
nindex.php?page=treesubj&link=4296رجل استولد أمة ثم وقفها في حياته هل يكون وقفا بعد موته ؟ قال : السائل لهذه المسألة يستحق التعزير البليغ الذي يزجره وأمثاله من الجهال عن مثل هذه الأغلوطات . فإن هذا السائل إنما قصد التغليط لا الاستفتاء ، وقد {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38279نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أغلوطات المسائل } ، إذ لو كان مستفتيا لكان حقه أن يقول هل يصح وقفها أم لا ؟ أما سؤاله عن الوقف بعد الموت فقط مع ظهور حكمه فتلبيس على المفتي ، وتغليط حتى أظن أن وقفها في الحياة صحيح .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13615ابن هبيرة عن قول
أبي موسى : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19978سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أشياء كرهها ، فلما أكثر [ ص: 430 ] عليه غضب } . الحديث متفق عليه قال : يدل على كراهية كثرة السؤال ، قال : ولا أرى ذلك مكروها إلا السؤال عما لا يعني ، أو تصوير أحداث لم تقع ، ولا يتصور وقوعها إلا نادرا ، فلا يشغل بها الوقت العزيز ، ولا يلتفت لأجلها عن أهم منها . وإن اعتدل عنده قولان وقلنا : يجوز أفتى بأيهما شاء ، وإلا تعين الأحوط . وله تخيير من أفتاه بين قوله وقول مخالفه ، روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وقيل : يأخذ به إن لم يجد غيره أو كان أرجح ، سأله
أبو داود عن الرجل يسأل عن المسألة ، أدله على إنسان يسأله ؟ قال : إذا كان الذي أرشد إليه يتبع ويفتي بالسنة ، فقيل له : إنه يريد الاتباع وليس كل قوله يصيب ، قال : ومن يصيب في كل شيء ؟ قلت : يفتي برأي
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ؟ قال : لا يتقلد من مثل هذا بشيء . ومراده أن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا رحمه الله تعالى عند
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد غاية ، ولهذا نقل
أبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وعنه :
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أتبع من
سفيان .
ونقل عنه أيضا : لا يعجبني رأي
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ولا رأي أحد .
وقال
ابن الجوزي في كتابه السر المكتوم : هذه الفصول هي أصول الأصول ( وهي ) ظاهرة البرهان ، لا يهولنك مخالفتها لقول معظم في النفس ولطعام وقد قال رجل
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي عليه السلام : أتظن أنا نظن أن
nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير على الخطإ وأنت على الصواب ؟ فقال : إنه ملبوس عليك ، اعرف الحق تعرف أهله .
وقال رجل
nindex.php?page=showalam&ids=12251للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله : إن
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك قال
[ ص: 431 ] كذا ، فقال : إن
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك لم ينزل من السماء .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : من ضيق على الرجل أن يقلد ، والله أعلم : وقال أيضا : لما بعث الله تعالى
محمدا صلى الله عليه وسلم بعثه على أقوم منهاج ، وأحسن الآداب ، فكان أصحابه على طريقه وجمهور التابعين ، ثم دخلت آفات وبدع ، فأكثر السلاطين يعملون بأهوائهم وآرائهم ، لا بالعلم ، ويسمون ذلك سياسة ، والسياسة هي الشريعة . والتجار يدخلون في الربا ولا يعلمون وقد يعلمون ولا يبالون ، وصار جمهور العلماء في تخليط ، منهم من يقتصر على صورة العلم ويترك العمل به ، ظنا منه أنه يسامح لكونه عالما ، وقد نسي أن العلم حجة عليه .
ومنهم من يطلب العلم للرياسة لا للعمل به ، فيناظر ، ومقصوده الغلبة لا بيان الحق ، فينصر الخطأ ، ومنهم من يجترئ على الفتيا وما حصل شروطها ، ومنهم من يداخل السلاطين فيتأذى هو مما يرى من الظلم ولا يمكنه الإنكار ، ويتأذى فيقول : لولا أني على صواب ما جالسني هذا ، ويتأذى ، العوام بذلك فيقولون : لولا أن أمر السلطان قريب ما خالطه هذا العالم ، ورأيت الأشراف يثقون بشفاعة آبائهم وينسون أن
اليهود بنو إسرائيل ، ورأيت القصاص لا ينظرون في الصحيح ، ويبيعون بسوق الوقت ورأيت أكثر العباد على غير الجادة ، فمنهم من صح قصده ، ولا ينظرون في سيرة الرسول وأصحابه ، ولا في
[ ص: 432 ] أخلاق الأئمة المقتدى بهم ، بل قد وضع جماعة من الناس لهم كتبا فيه رقائق قبيحة ، وأحاديث غير صحيحة ، وواقعات تخالف الشريعة ، مثل كتب
الحارث المحاسبي وأبي عبد الله الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=16161وأبي طالب المكي ، فيسمع المبتدئ ذم الدنيا ولا يدري ما المذموم ، فيتصور ذم ذات الدنيا ، فينقطع في الجبل ، ويقتصر على البلوط والكمثرى أو اللبن أو العدس ، وإنما ينبغي لقاصد الحج أن يرفق بالناقة ليصل . ثم ذكر بعض ما ننقل عن
أبي يزيد [
nindex.php?page=showalam&ids=15853وداود الطائي وبشر وغيرهم فحلف
أبو يزيد ] لا يشرب الماء سنة .
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=15854داود يشرب الماء الحار من دن ، ويقول
بشر : أشتهي منذ خمسين سنة الشواء فما صفا لي درهمه ، وتكلم عليه بمقتضى الشرع وقال : التقليد للأكابر أفسد العقائد ، ولا ينبغي أن يناظر بأسماء الرجال ، إنما ينبغي أن يتبع الدليل ، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل أخذ في الجد بقول
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت وخالف
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر الصديق رضي الله عنهم ، وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي عليه السلام : اعرف الحق تعرف أهله . وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد بن حنبل كلمات عن
nindex.php?page=showalam&ids=12358إبراهيم بن أدهم فقال : وقفنا في ثنيات الطريق ، عليك ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وتكلم
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في
الحارث المحاسبي ، وبلغه عن
nindex.php?page=showalam&ids=14479سري السقطي أنه قال : لما خلق الله تعالى الحروف وقف الألف وسجدت الباء . فقال : نفروا الناس عنه ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يرد على
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك . وهذه طريقة المتزهدين ، لم يكن عليها الرسول صلى الله عليه وسلم
[ ص: 433 ] ولا أصحابه ، ولا سلكوا ما رتبه
nindex.php?page=showalam&ids=16161أبو طالب المكي في الرياضة .
ثم ذكر أن هؤلاء المتزهدين إن رأوا عالما لبس ثوبا جميلا أو تزوج مستحسنة أو ضحك ، عابوه ، وهذا في أوائل الصوفية ، فأما في زماننا فلا يعرفون التعبد ولا التقلل ، وقنعوا في إظهار الزهد بالقميص المرقع ، فما العجب في نفاقهم ، إنما العجب نفاقهم ، ثم ذكر أنهم يدخلون في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=44سنستدرجهم من حيث لا يعلمون } وكيف لا يوصف بالاستدراج من يعمل لثبوت الجاه بين الخلق ويمضي عمره في تربية رياسته ليقال هذا فلان ، أو في تحصيل شهواته الفانية مع سوء القصد ، وقال : طلب الرياسة والتقدم بالعلم مهلكة لطالبي ذلك ، فترى أكثر المتفقهين يتشاغلون بالجدل ويكثر منهم رفع الأصوات في المساجد بذلك ، وإنما المقصود الغلبة والرفعة ، فهم داخلون في قوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36077من تعلم علما ليباهي به العلماء ، أو ليماري به السفهاء ، أو ليصرف وجه الناس إليه لم يرح رائحة الجنة } ومنهم من يفتي ولا يبلغ درجة الفتوى ، ويري الناس صورة تقدمه فيستفتونه ولو نظر حق النظر وخاف الله تعالى علم أنه لا يحل له أن يفتي .
وإن حدث ما لا قول فيه تكلم فيه حاكم ومجتهد ومضت ، وقيل : لا يجوز ، وقيل : في الأصول ، وله رد الفتيا إن كان بالبلد قائم مقامه ،
[ ص: 434 ] وإلا لم تجز ، وإن كان معروف عند العامة بالفتيا ، وهو جاهل ، تعين الجواب .
وقال
شيخنا : الأظهر : لا يجب في التي قبلها ، كسؤال عامي عما لم يقع ، ويتوجه مثله حاكم في البلد غيره لا يلزمه الحكم ، وإلا لزمه .
وفي عيون المسائل في شهادة العبد : الحكم يتعين بولايته حتى لا يمكنه رد محتكمين إليه ، ويمكنه رد من يستشهده وإن كان متحملا لشهادة فنادر أن لا يكون سواه ، وفي الحكم لا ينوب البعض عن البعض ، ولا يقول لمن ارتفع إليه : امض إلى غيري من الحكام .
ويتوجه في المفتي والحاكم تخريج من الوجه في إثم من دعي إلى شهادة ، قالوا : لأنه تعين عليه بدعائه ، لكن يلزم عليه إثم كل من عين في كل فرض كفاية فامتنع ، وكلامهم في الحاكم ودعوة الوليمة وصلاة الجنازة خلافه ، وإن توجه تخريج في الكل ، وإلا قيل : الأصل عدم التعيين بالتعيين ، وفي الكل خولف في الشهادة على وجه ، لقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا } فيقتصر عليه ، وقوله كسؤال عما لم يقع ، ومن قوي عنده مذهب غير إمامه أفتى به وأعلم السائل ، ومن أراد كتابة في فتيا أو شهادة لم يجز أن يكبر خطه لتصرفه في ملك غيره بغير إذنه ، ولا حاجة ، كما لو أباحه قميصه فاستعمله فيما يخرج عن العادة بلا حاجة ، ذكره في المنثور وغيره ، وكذا في عيون المسائل : إذا أراد أن يفتي أو يكتب شهادة لم يجز له أن يوسع الأسطر ، ولا يكثر إذا
[ ص: 435 ] أمكن الاختصار ، لأنه تصرف في ملك غيره بلا إذنه ، ولم تدع الحاجة إليه .
وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=22267عَدِمَ مُفْتِيًا ( بِبَلَدِهِ ) وَغَيْرِهِ فَحُكْمُهُ مَا قِيلَ : الشَّرْعُ . وَقِيلَ يُفْتِي مَسْتُورُ الْحَالِ ، وَيُفْتِي الْفَاسِقُ نَفْسَهُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=22328وَيَحْرُمُ تَسَاهُلُ مُفْتٍ وَتَقْلِيدُ مَعْرُوفٍ بِهِ : قَالَ
الْمَرُّوذِيُّ : أَنْكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَى مَنْ يَتَهَجَّمُ فِي الْمَسَائِلِ وَالْجَوَابَاتِ :
[ ص: 429 ] وَقَالَ : لِيَتَّقِ اللَّهَ عَبْدٌ وَلْيَنْظُرْ مَا يَقُولُ ، فَإِنَّهُ مَسْئُولٌ : وَقَالَ : يَتَقَلَّدُ أَمْرًا عَظِيمًا : وَقَالَ عَرَّضَهَا لِأَمْرٍ عَظِيمٍ ، إلَّا أَنَّهُ قَدْ تَجِيءُ ضَرُورَةٌ ، قَالَ
الْحَسَنُ : إنْ تَرَكْنَاهُمْ وَكَّلْنَاهُمْ إلَى غَيْرِ سَدِيدٍ : وَقَالَ
شَيْخُنَا :
nindex.php?page=treesubj&link=22323_22326لَا يَجُوزُ اسْتِفْتَاءٌ إلَّا مِمَّنْ يُفْتِي بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ ، وَنَقَلَ
ابْنُ مَنْصُورٍ : لَا يَنْبَغِي أَنْ يُجِيبَ فِي كُلِّ مَا يُسْتَفْتَى . وَنَقَلَ
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ عَنْهُ : لَسْت أُفْتِي فِي الطَّلَاقِ بِشَيْءٍ . وَنَقَلَ
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَرْبٍ سُئِلَ عَمَّنْ يُفْتِي بِغَيْرِ عِلْمٍ قَالَ : يُرْوَى عَنْ
أَبِي مُوسَى : يَمْرُقُ مِنْ دِينِهِ . وَنَقَلَ
أَبُو دَاوُد أَنَّهُ ذَكَرَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=44وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ } ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْرٍ ، يُنْقِلُ عَنْ الْمِلَّةِ .
وَنَقَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=13665الْأَثْرَمُ : إذَا هَابَ الرَّجُلُ شَيْئًا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنْ يَقُولَ . وَسُئِلَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي اللِّعَانِ فَقَالَ : مَثِّلْ رَحِمَك اللَّهُ عَمَّا تَنْتَفِعُ بِهِ .
وَقَالَ أَيْضًا : دَعْنَا مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُحْدَثَةِ خُذْ فِيمَا فِيهِ حَدِيثٌ : وَقَالَ
شَيْخُنَا : فِيمَنْ سَأَلَهُ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=4296رَجُلٍ اسْتَوْلَدَ أَمَةً ثُمَّ وَقَفَهَا فِي حَيَاتِهِ هَلْ يَكُونُ وَقْفًا بَعْدَ مَوْتِهِ ؟ قَالَ : السَّائِلُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَسْتَحِقُّ التَّعْزِيرَ الْبَلِيغَ الَّذِي يَزْجُرُهُ وَأَمْثَالُهُ مِنْ الْجُهَّالِ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْأُغْلُوطَاتِ . فَإِنَّ هَذَا السَّائِلَ إنَّمَا قَصَدَ التَّغْلِيطَ لَا الِاسْتِفْتَاءَ ، وَقَدْ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38279نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أُغْلُوطَاتِ الْمَسَائِلِ } ، إذْ لَوْ كَانَ مُسْتَفْتِيًا لَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ هَلْ يَصِحُّ وَقْفُهَا أَمْ لَا ؟ أَمَّا سُؤَالُهُ عَنْ الْوَقْفِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَقَطْ مَعَ ظُهُورِ حُكْمِهِ فَتَلْبِيسٌ عَلَى الْمُفْتِي ، وَتَغْلِيطُ حَتَّى أَظُنَّ أَنَّ وَقْفَهَا فِي الْحَيَاةِ صَحِيحٌ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13615ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ قَوْلِ
أَبِي مُوسَى : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19978سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا ، فَلَمَّا أُكْثِرَ [ ص: 430 ] عَلَيْهِ غَضِبَ } . الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَالَ : يَدُلُّ عَلَى كَرَاهِيَةِ كَثْرَةِ السُّؤَالِ ، قَالَ : وَلَا أَرَى ذَلِكَ مَكْرُوهًا إلَّا السُّؤَالَ عَمَّا لَا يَعْنِي ، أَوْ تَصْوِيرَ أَحْدَاثٍ لَمْ تَقَعْ ، وَلَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهَا إلَّا نَادِرًا ، فَلَا يُشْغَلُ بِهَا الْوَقْتُ الْعَزِيزُ ، وَلَا يُلْتَفَتُ لِأَجْلِهَا عَنْ أَهَمَّ مِنْهَا . وَإِنْ اعْتَدَلَ عِنْدَهُ قَوْلَانِ وَقُلْنَا : يَجُوزُ أَفْتَى بِأَيِّهِمَا شَاءَ ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْأَحْوَطُ . وَلَهُ تَخْيِيرُ مَنْ أَفْتَاهُ بَيْنَ قَوْلِهِ وَقَوْلِ مُخَالِفِهِ ، رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ ، وَقِيلَ : يَأْخُذُ بِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ أَوْ كَانَ أَرْجَحَ ، سَأَلَهُ
أَبُو دَاوُد عَنْ الرَّجُلِ يَسْأَلُ عَنْ الْمَسْأَلَةِ ، أَدُلُّهُ عَلَى إنْسَانٍ يَسْأَلُهُ ؟ قَالَ : إذَا كَانَ الَّذِي أَرْشَدَ إلَيْهِ يَتَّبِعُ وَيُفْتِي بِالسُّنَّةِ ، فَقِيلَ لَهُ : إنَّهُ يُرِيدُ الِاتِّبَاعَ وَلَيْسَ كُلُّ قَوْلِهِ يُصِيبُ ، قَالَ : وَمَنْ يُصِيبُ فِي كُلِّ شَيْءٍ ؟ قُلْت : يُفْتِي بِرَأْيِ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ ؟ قَالَ : لَا يُتَقَلَّدْ مِنْ مِثْلِ هَذَا بِشَيْءٍ . وَمُرَادُهُ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ غَايَةٌ ، وَلِهَذَا نَقَلَ
أَبُو دَاوُد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَعَنْهُ :
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ أَتْبَعُ مِنْ
سُفْيَانَ .
وَنُقِلَ عَنْهُ أَيْضًا : لَا يُعْجِبُنِي رَأْيُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ وَلَا رَأْيُ أَحَدٍ .
وَقَالَ
ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ السِّرُّ الْمَكْتُومُ : هَذِهِ الْفُصُولُ هِيَ أُصُولُ الْأُصُولِ ( وَهِيَ ) ظَاهِرَةُ الْبُرْهَانِ ، لَا يَهُولَنك مُخَالَفَتُهَا لِقَوْلٍ مُعَظَّمٍ فِي النَّفْسِ وَلِطَعَامٍ وَقَدْ قَالَ رَجُلٌ
nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ : أَتَظُنُّ أَنَّا نَظُنُّ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=55طَلْحَةَ nindex.php?page=showalam&ids=15وَالزُّبَيْرَ عَلَى الْخَطَإِ وَأَنْتَ عَلَى الصَّوَابِ ؟ فَقَالَ : إنَّهُ مَلْبُوسٌ عَلَيْك ، اعْرَفْ الْحَقَّ تَعْرِفْ أَهْلَهُ .
وَقَالَ رَجُلٌ
nindex.php?page=showalam&ids=12251لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : إنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابْنَ الْمُبَارَكِ قَالَ
[ ص: 431 ] كَذَا ، فَقَالَ : إنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابْنَ الْمُبَارَكِ لَمْ يَنْزِلْ مِنْ السَّمَاءِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ : مِنْ ضِيقٍ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُقَلِّدَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ : وَقَالَ أَيْضًا : لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ عَلَى أَقْوَمِ مِنْهَاجٍ ، وَأَحْسَنِ الْآدَابِ ، فَكَانَ أَصْحَابُهُ عَلَى طَرِيقِهِ وَجُمْهُورُ التَّابِعِينَ ، ثُمَّ دَخَلَتْ آفَاتٌ وَبِدَعٌ ، فَأَكْثَرُ السَّلَاطِينِ يَعْمَلُونَ بِأَهْوَائِهِمْ وَآرَائِهِمْ ، لَا بِالْعِلْمِ ، وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ سِيَاسَةً ، وَالسِّيَاسَةُ هِيَ الشَّرِيعَةُ . وَالتُّجَّارُ يَدْخُلُونَ فِي الرِّبَا وَلَا يَعْلَمُونَ وَقَدْ يَعْلَمُونَ وَلَا يُبَالُونَ ، وَصَارَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ فِي تَخْلِيطٍ ، مِنْهُمْ مَنْ يَقْتَصِرُ عَلَى صُورَةِ الْعِلْمِ وَيَتْرُكُ الْعَمَلَ بِهِ ، ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ يُسَامَحُ لِكَوْنِهِ عَالِمًا ، وَقَدْ نَسِيَ أَنَّ الْعِلْمَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ .
وَمِنْهُمْ مَنْ يَطْلُبُ الْعِلْمَ لِلرِّيَاسَةِ لَا لِلْعَمَلِ بِهِ ، فَيُنَاظِرُ ، وَمَقْصُودُهُ الْغَلَبَةُ لَا بَيَانُ الْحَقِّ ، فَيَنْصُرُ الْخَطَأَ ، وَمِنْهُمْ مِنْ يَجْتَرِئُ عَلَى الْفُتْيَا وَمَا حَصَّلَ شُرُوطَهَا ، وَمِنْهُمْ مِنْ يُدَاخِلُ السَّلَاطِينَ فَيَتَأَذَّى هُوَ مِمَّا يَرَى مِنْ الظُّلْمِ وَلَا يُمْكِنُهُ الْإِنْكَارُ ، وَيَتَأَذَّى فَيَقُولُ : لَوْلَا أَنِّي عَلَى صَوَابٍ مَا جَالَسَنِي هَذَا ، وَيَتَأَذَّى ، الْعَوَامُّ بِذَلِكَ فَيَقُولُونَ : لَوْلَا أَنَّ أَمْرَ السُّلْطَانِ قَرِيبٌ مَا خَالَطَهُ هَذَا الْعَالِمُ ، وَرَأَيْت الْأَشْرَافَ يَثِقُونَ بِشَفَاعَةِ آبَائِهِمْ وَيَنْسَوْنَ أَنَّ
الْيَهُودَ بَنُو إسْرَائِيلَ ، وَرَأَيْت الْقُصَّاصَ لَا يَنْظُرُونَ فِي الصَّحِيحِ ، وَيَبِيعُونَ بِسُوقِ الْوَقْتِ وَرَأَيْت أَكْثَرَ الْعِبَادِ عَلَى غَيْرِ الْجَادَّةِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ صَحَّ قَصْدُهُ ، وَلَا يَنْظُرُونَ فِي سِيرَةِ الرَّسُولِ وَأَصْحَابِهِ ، وَلَا فِي
[ ص: 432 ] أَخْلَاقِ الْأَئِمَّةِ الْمُقْتَدَى بِهِمْ ، بَلْ قَدْ وَضَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ النَّاسِ لَهُمْ كُتُبًا فِيهِ رَقَائِقُ قَبِيحَةٌ ، وَأَحَادِيثُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ ، وَوَاقِعَاتٌ تُخَالِفُ الشَّرِيعَةَ ، مِثْلُ كُتُبِ
الْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=16161وَأَبِي طَالِبٍ الْمَكِّيِّ ، فَيَسْمَعُ الْمُبْتَدِئُ ذَمَّ الدُّنْيَا وَلَا يَدْرِي مَا الْمَذْمُومُ ، فَيَتَصَوَّرُ ذَمَّ ذَاتِ الدُّنْيَا ، فَيَنْقَطِعُ فِي الْجَبَلِ ، وَيَقْتَصِرُ عَلَى الْبَلُّوطِ وَالْكُمَّثْرَى أَوْ اللَّبَنِ أَوْ الْعَدَسِ ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي لِقَاصِدِ الْحَجِّ أَنْ يُرْفِقَ بِالنَّاقَةِ لِيَصِلَ . ثُمَّ ذَكَرَ بَعْضَ مَا نَنْقُلُ عَنْ
أَبِي يَزِيدَ [
nindex.php?page=showalam&ids=15853وَدَاوُد الطَّائِيِّ وَبِشْرٌ وَغَيْرُهُمْ فَحَلَفَ
أَبُو يَزِيدَ ] لَا يَشْرَبُ الْمَاءَ سَنَةً .
وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=15854دَاوُد يَشْرَبُ الْمَاءَ الْحَارَّ مِنْ دَنٍّ ، وَيَقُولُ
بِشْرٌ : أَشْتَهِي مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً الشِّوَاءَ فَمَا صَفَا لِي دِرْهَمَهُ ، وَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ بِمُقْتَضَى الشَّرْعِ وَقَالَ : التَّقْلِيدُ لِلْأَكَابِرِ أَفْسَدَ الْعَقَائِدَ ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُنَاظَرَ بِأَسْمَاءِ الرِّجَالِ ، إنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَّبِعَ الدَّلِيلَ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ أَخَذَ فِي الْجَدِّ بِقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَخَالَفَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ : اعْرَفْ الْحَقَّ تَعْرِفْ أَهْلَهُ . وَقَدْ ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ كَلِمَاتٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12358إبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ فَقَالَ : وَقَفْنَا فِي ثَنِيَّاتِ الطَّرِيقِ ، عَلَيْك مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ ، وَتَكَلَّمَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ فِي
الْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ ، وَبَلَغَهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14479سَرِيٍّ السَّقَطِيِّ أَنَّهُ قَالَ : لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْحُرُوفَ وَقَفَ الْأَلِفُ وَسَجَدَتْ الْبَاءُ . فَقَالَ : نُفِّرُوا النَّاسَ عَنْهُ ، وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ يَرُدُّ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ . وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْمُتَزَهِّدِينَ ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[ ص: 433 ] وَلَا أَصْحَابُهُ ، وَلَا سَلَكُوا مَا رَتَّبَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16161أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ فِي الرِّيَاضَةِ .
ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُتَزَهِّدِينَ إنْ رَأَوْا عَالِمًا لَبِسَ ثَوْبًا جَمِيلًا أَوْ تَزَوَّجَ مُسْتَحْسَنَةً أَوْ ضَحِكَ ، عَابُوهُ ، وَهَذَا فِي أَوَائِلِ الصُّوفِيَّةِ ، فَأَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلَا يَعْرِفُونَ التَّعَبُّدَ وَلَا التَّقَلُّلَ ، وَقَنَعُوا فِي إظْهَارِ الزُّهْدِ بِالْقَمِيصِ الْمُرَقَّعِ ، فَمَا الْعَجَبُ فِي نِفَاقِهِمْ ، إنَّمَا الْعَجَبُ نِفَاقُهُمْ ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=44سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ } وَكَيْفَ لَا يُوصَفُ بِالِاسْتِدْرَاجِ مَنْ يَعْمَلُ لِثُبُوتِ الْجَاهِ بَيْنَ الْخَلْقِ وَيُمْضِي عُمُرَهُ فِي تَرْبِيَةِ رِيَاسَتِهِ لِيُقَالَ هَذَا فُلَانٌ ، أَوْ فِي تَحْصِيلِ شَهَوَاتِهِ الْفَانِيَةِ مَعَ سُوءِ الْقَصْدِ ، وَقَالَ : طَلَبُ الرِّيَاسَةِ وَالتَّقَدُّمِ بِالْعِلْمِ مَهْلَكَةٌ لِطَالِبِي ذَلِكَ ، فَتَرَى أَكْثَرَ الْمُتَفَقِّهِينَ يَتَشَاغَلُونَ بِالْجَدَلِ وَيَكْثُرُ مِنْهُمْ رَفْعُ الْأَصْوَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ بِذَلِكَ ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْغَلَبَةُ وَالرِّفْعَةُ ، فَهُمْ دَاخِلُونَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36077مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ ، أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ ، أَوْ لِيَصْرِفَ وَجْهَ النَّاسِ إلَيْهِ لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ } وَمِنْهُمْ مَنْ يُفْتِي وَلَا يَبْلُغُ دَرَجَةَ الْفَتْوَى ، وَيُرِي النَّاسَ صُورَةَ تَقَدُّمِهِ فَيَسْتَفْتُونَهُ وَلَوْ نَظَرَ حَقَّ النَّظَرِ وَخَافَ اللَّهَ تَعَالَى عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ .
وَإِنْ حَدَثَ مَا لَا قَوْلَ فِيهِ تَكَلَّمَ فِيهِ حَاكِمٌ وَمُجْتَهِدٌ وَمَضَتْ ، وَقِيلَ : لَا يَجُوزُ ، وَقِيلَ : فِي الْأُصُولِ ، وَلَهُ رَدُّ الْفُتْيَا إنْ كَانَ بِالْبَلَدِ قَائِمٌ مَقَامَهُ ،
[ ص: 434 ] وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ ، وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْعَامَّةِ بِالْفُتْيَا ، وَهُوَ جَاهِلٌ ، تَعَيَّنَ الْجَوَابُ .
وَقَالَ
شَيْخُنَا : الْأَظْهَرُ : لَا يَجِبُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا ، كَسُؤَالِ عَامِّيٍّ عَمَّا لَمْ يَقَعْ ، وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ حَاكِمٌ فِي الْبَلَدِ غَيْرُهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحُكْمُ ، وَإِلَّا لَزِمَهُ .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي شَهَادَةِ الْعَبْدِ : الْحُكْمُ يَتَعَيَّنُ بِوِلَايَتِهِ حَتَّى لَا يُمْكِنَهُ رَدُّ مُحْتَكِمِينَ إلَيْهِ ، وَيُمْكِنُهُ رَدُّ مَنْ يَسْتَشْهِدُهُ وَإِنْ كَانَ مُتَحَمِّلًا لِشَهَادَةٍ فَنَادِرٌ أَنْ لَا يَكُونَ سِوَاهُ ، وَفِي الْحُكْمِ لَا يَنُوبُ الْبَعْضُ عَنْ الْبَعْضِ ، وَلَا يَقُولُ لِمَنْ ارْتَفَعَ إلَيْهِ : امْضِ إلَى غَيْرِي مِنْ الْحُكَّامِ .
وَيَتَوَجَّهُ فِي الْمُفْتِي وَالْحَاكِمِ تَخْرِيجٌ مِنْ الْوَجْهِ فِي إثْمِ مَنْ دُعِيَ إلَى شَهَادَةٍ ، قَالُوا : لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ بِدُعَائِهِ ، لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ إثْمُ كُلِّ مَنْ عَيَّنَ فِي كُلِّ فَرْضِ كِفَايَةٍ فَامْتَنَعَ ، وَكَلَامُهُمْ فِي الْحَاكِمِ وَدَعْوَةُ الْوَلِيمَةِ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ خِلَافُهُ ، وَإِنْ تَوَجَّهَ تَخْرِيجٌ فِي الْكُلِّ ، وَإِلَّا قِيلَ : الْأَصْلُ عَدَمُ التَّعْيِينِ بِالتَّعْيِينِ ، وَفِي الْكُلِّ خُولِفَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهٍ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إذَا مَا دُعُوا } فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ ، وَقَوْلُهُ كَسُؤَالٍ عَمَّا لَمْ يَقَعْ ، وَمِنْ قَوِيٍّ عِنْدَهُ مَذْهَبُ غَيْرِ إمَامِهِ أَفْتَى بِهِ وَأَعْلَمَ السَّائِلَ ، وَمَنْ أَرَادَ كِتَابَةً فِي فُتْيَا أَوْ شَهَادَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُكَبِّرَ خَطَّهُ لِتَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ، وَلَا حَاجَةَ ، كَمَا لَوْ أَبَاحَهُ قَمِيصَهُ فَاسْتَعْمَلَهُ فِيمَا يَخْرُجُ عَنْ الْعَادَةِ بِلَا حَاجَةٍ ، ذَكَرَهُ فِي الْمَنْثُورِ وَغَيْرِهِ ، وَكَذَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : إذَا أَرَادَ أَنْ يُفْتِيَ أَوْ يَكْتُبَ شَهَادَةً لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُوَسِّعَ الْأَسْطُرَ ، وَلَا يُكْثِرَ إذَا
[ ص: 435 ] أَمْكَنَ الِاخْتِصَارُ ، لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ ، وَلَمْ تَدْعُ الْحَاجَةُ إلَيْهِ .