( قوله ) بدل من الضمير في تجب أي تجب صدقة الفطر ، وهي نصف صاع إلى آخره لحديث الصحيحين { نصف صاع من بر أو دقيقه أو سويقه أو زبيب أو صاع تمر أو شعير ، وهو ثمانية أرطال } فعدل الناس به مدين من حنطة ، والكلام مع المخالفين في المسألة طويل قد استوفاه المحقق في فتح القدير ، وفي جعله دقيق البر وسويقه كالبر إشارة إلى أن دقيق الشعير وسويقه كهو كما صرح به في الكافي وأفاد أنه لا اعتبار للقيمة في الدقيق والسويق كأصلهما ; لأن المنصوص عليه لا تعتبر فيه القيمة بخلاف غيره حتى لو أدى نصف صاع من تمر قيمته صاع من بر أو أكثر لا يجوز لكن صرح فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر على الذكر والأنثى والحر والمملوك صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير المصنف في الكافي بأن الأولى اعتبار القدر والقيمة في الدقيق والسويق
وإن نص على الدقيق في بعض الأخبار إلا أنه ليس بمشهور فالاحتياط فيما قلنا ، وهو أن يعطي نصف صاع دقيق حنطة أو صاع دقيق شعير يساويان نصف صاع بر وصاع شعير لا أقل من نصف يساوي نصف صاع من بر أو أقل من صاع يساوي صاع شعير ، ولا نصف لا يساوي نصف صاع بر أو صاع لا يساوي صاع شعير كذا في فتح القدير وقيد بالدقيق والسويق ; لأن الصحيح في الخبز أنه لا يجوز إلا باعتبار القيمة لعدم ورود النص به فكان كالزكاة وكالذرة وغيرها من الحبوب التي لم يرد بها النص ، وكالأقط ، وجعله الزبيب كالبر رواية الجامع الصغير وجعلاه كالتمر ، وهو رواية عن وصححها أبي حنيفة ورجحها المحقق في فتح القدير من جهة الدليل ، وفي شرح النقاية والأولى أن يراعي في الزبيب القدر [ ص: 274 ] والقيمة ، والضمير في قوله ، وهو عائد إلى الصاع وتقديره بما ذكر مذهب أبو اليسر أبي حنيفة ومحمد
وقال : خمسة أرطال وثلث ، وبه قال الأئمة الثلاثة ، ومنهم من رفع الخلاف بينهم فإن أبو يوسف لما حرره وجده خمسة وثلثا برطل أهل أبا يوسف المدينة ، وهو أكبر من رطل أهل بغداد ; لأنه ثلاثون إستارا ، والبغدادي عشرون وإذا قابلت ثمانية بالبغدادي بخمسة وثلث بالمدني وجدتها سواء .
وهو الأشبه ; لأن لم يذكر في المسألة خلاف محمدا ولو كان لذكره على المعتاد ، وهو أعرف بمذهبه ، ورده في الينابيع بأن الصحيح أن الاختلاف بينهم ثابت بالحقيقة ، والإستار بكسر الهمزة أربعة مثاقيل ونصف كذا في شرح الوقاية ، وفي تقديره الصاع بالأرطال دليل أنه يعتبر نصف صاع أو صاع من حيث الوزن لا من حيث الكيل ، وهو مذهب أبي يوسف . أبي حنيفة
وعن يعتبر كيلا ; لأن النص جاء بالصاع ، وهو اسم للمكيال حتى لو وزن أربعة أرطال فدفعها إلى الفقير لا يجزئه لجواز كون الحنطة ثقيلة لا تبلغ نصف صاع ، وإن وزنت أربعة أرطال كذا قالوا لكن قولهم في تقدير الصاع إنه يعتبر بما لا يختلف كيله ووزنه ، وهو بالعدس والماش فما وسع ثمانية أرطال أو خمسة وثلثا من ذلك فهو الصاع كما صرح به في الخانية يقتضي رفع الخلاف المذكور في تقدير الصاع كيلا ووزنا كذا في فتح القدير ، وفي الفتاوى الظهيرية : ولو أدى منوين من الحنطة بالوزن لا يجوز عند محمد إلا كيلا ، وهو قول أبي حنيفة إلا أن يتيقن أنه يبلغ نصف صاع ، وقال محمد : يجوز ا هـ . أبو يوسف
وهو مخالف لما نقل من الخلاف أولا ، وفيها أيضا ويجوز نصف صاع من تمر ومثله من شعير ، ولا يجوز نصف صاع من التمر ومد من الحنطة وجوزه في الكفارة وذكر الإمام الزندوستي في نظمه فإن أدى نصف صاع من شعير ونصف صاع من تمر أو نصف صاع تمر ومنا واحدا من الحنطة أو نصف صاع شعير وربع صاع حنطة جاز عندنا خلافا فإن عنده لا يجوز إلا إذا كان الكل من جنس واحد ا هـ . للشافعي
وأطلق المصنف نصف الصاع والصاع ، ولم يقيده بالجيد ; لأنه لو أدى نصف صاع رديء جاز ، وإن أدى عفينا أو به عيب أدى النقصان ، وإن أدى قيمة الرديء أدى الفضل كذا في الفتاوى الظهيرية ، ولم يتعرض المصنف لأفضلية العين أو القيمة فقيل بالأول وقيل بالثاني والفتوى عليه ; لأنه أدفع لحاجة الفقير كذا في الظهيرية واختار الأول في الخانية إذا كانوا في موضع يشترون الأشياء بالحنطة كالدراهم .
[ ص: 274 ]