( قوله : ما لم يكن حدثا ) عطف على لا يكون نجسا ، وهذا عند بول أي ما لا يكون حدثا فالدم الذي لم يسل كما إذا أخذ بقطنة ، ولو كان كثيرا في نفسه أبي يوسف لا ينجسه وكذا إذا أصاب شيئا وقال والقيء القليل إذا وقع في الماء أنه نجس كذا في كثير من الكتب وظاهر ما في شرح الوقاية أن ظاهر الرواية عن محمد أصحابنا الثلاثة أنه ليس بنجس وعند في غير رواية الأصول أنه نجس ; لأنه لا أثر للسيلان في النجاسة فإذا كان السائل نجسا فغير السائل يكون كذلك ولنا قوله تعالى { محمد قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه } إلى قوله { أو دما مسفوحا } فغير المسفوح لا يكون محرما فلا يكون نجسا والدم الذي لم يسل عن رأس الجرح دم غير مسفوح فلا يكون نجسا فإن قيل هذا فيما يؤكل لحمه أما فيما لا يؤكل كالآدمي فغير المسفوح حرام أيضا فلا يمكن الاستدلال بحله على طهارته قلت لما حكم بحرمة المسفوح بقي غير المسفوح على أصله ، وهو الحل ويلزم منه الطهارة سواء كان فيما يؤكل لحمه أو لإطلاق النص ثم حرمة غير المسفوح في الآدمي بناء على حرمة لحمه وحرمة لحمه لا توجب نجاسته إذ هذه الحرمة للكرامة لا للنجاسة فغير المسفوح في الآدمي يكون على طهارته الأصلية مع كونه محرما والفرق بين المسفوح وغيره مبني على حكمة غامضة ، وهي أن غير المسفوح دم انتقل عن العروق وانفصل عن النجاسات وحصل له هضم آخر في الأعضاء وصار مستعدا لأن يصير عضوا فأخذ طبيعة العضو فأعطاه الشرع حكمه بخلاف دم العروق فإذا سأل عن رأس الجرح علم أنه دم انتقل من العروق في هذه الساعة ، وهو الدم النجس أما إذا لم يسل علم أنه دم العضو هذا في الدم أما في القيء فالقليل هو الماء الذي كان في أعالي المعدة ، وهي ليست محل النجاسة فحكمه حكم الريق كذا في شرح الوقاية ، وكان الإسكاف والهندواني يفتيان بقول وصحح صاحب الهداية وغيره قول محمد أبي يوسف
وقال في العناية قول أرفق خصوصا في حق أصحاب القروح وفي فتح القدير أن الوجه يساعده ; لأنه ثبت أن الخارج بوصف النجاسة حدث وأن هذا الوصف قبل الخروج لا يثبت شرعا وإلا لم يحصل للإنسان طهارة فلزم أن ما ليس حدثا لم يعتبر خارجا شرعا وما لم يعتبر خارجا شرعا لم يعتبر نجسا ا هـ . أبي يوسف
وذكر في السراج الوهاج أن الفتوى على قول فيما إذا أصاب الجامدات كالثياب والأبدان وعلى قول أبي يوسف فيما إذا أصاب المائعات كالماء وغيره ا هـ . محمد
وفي معراج الدراية ثم قوله ما لا يكون حدثا إلى آخره لا ينعكس فلا يقال ما لا يكون نجسا لا يكون حدثا ، فإن النوم والجنون والإغماء وغيرها حدث وليست بنجسة ا هـ .
لكن قد يقال إنه مطرد منعكس ; لأن المراد ما يخرج من بدن الإنسان وليس بحدث لا يكون نجسا وكذا ما يخرج من البدن وليس بنجس لا يكون حدثا ، وأما النوم ونحوه فلم يدخل في العكس في قولنا ما لا يكون نجسا لا يكون حدثا ; لأنه ليس بخارج من بدن الإنسان .
[ ص: 121 ]