الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ومن طاف أقل أشواط العمرة قبل أشهر الحج وأتمها فيها كان متمتعا وبعكسه لا ) أي لو طاف أكثر أشواطها قبلها وأتمها فيها لا يكون متمتعا ; لأن للأكثر حكم الكل قال الإمام الأقطع فصار ذلك أصلا في أن كل ما يتعلق بالإحرام من الأفعال فحكم أكثره حكم جميعه في باب الجواز ومنع ورود الفساد عليه .

                                                                                        وأشار إلى أنه لا يشترط وجود إحرامها في أشهر الحج ; لأن المعتبر إنما هو الطواف وفي المحيط ولو طاف كله في رمضان جنب أو محدث ثم أعاده في شوال لم يكن متمتعا ; لأن طواف المحدث لا يرتفض بالإعادة فلم تقع العمرة والحج في أشهر الحج ، وكذلك طواف الجنب على رواية الكرخي فكان الفرض هو الأول ولم يوجد في أشهر الحج وعلى قول غيره يرتفع الأول بالإعادة لكن تعلق بهذا الطواف في رمضان المنع عن العمرة لهذا السفر بدليل أنه لو أتم هذه العمرة ثم ابتدأ إحرام العمرة في أشهر الحج ثم اعتمر عمرة جديدة وحج من عامه لم يكن متمتعا فلا يرتفض هذا الطواف الأول بالإعادة بخلاف طواف الزيارة ; لأنه لا يتعلق به منع عن شيء حتى ينتقض بالإعادة ا هـ .

                                                                                        وعلم من هذا أن الاعتمار في سنة قبل أشهر الحج مانع من التمتع في سنته سواء أتى بعمرة أخرى في أشهر الحج أو لا ، وإنما اختصت المتعة بأفعال العمرة في أشهر الحج ; لأن أشهر الحج كان متعينا للحج قبل الإسلام فأدخل الله العمرة فيها إسقاطا للسفر الجديد عن الغرباء فكان اجتماعهما في وقت واحد في سفر واحد رخصة وتمتعا ، وفي فتح القدير وهل يشترط في القران أيضا [ ص: 396 ] أن يفعل أكثر أشواط العمرة في أشهر الحج ذكر في المحيط أنه لا يشترط وكأنه مستند في ذلك إلى ما قدمناه عن محمد وقدمنا جوابه في باب القران . .

                                                                                        [ ص: 395 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 395 ] ( قوله قال الإمام الأقطع ) هو من شراح القدوري ( قوله وعلم من هذا إلخ ) قال في شرح اللباب والحيلة لمن دخل مكة بعمرة قبل أشهر الحج يريد التمتع أو القران أن لا يطوف بل يصبر إلى أن تدخل أشهر الحج ثم يطوف ، فإنه متى طاف طوافا ما وقع عن العمرة ولو طاف الكل أو أكثره ثم دخلت أشهر الحج فأحرم بعمرة أخرى داخل الميقات ثم حج من عامه لم يكن متمتعا عند الكل ; لأنه صار حكمه حكم أهل مكة بدليل أنه صار ميقاته ميقاتهم . قال الكرماني إلا أن يخرج إلى أهله أو ميقات نفسه على ما ذكره الطحاوي ثم يرجع محرما بالعمرة . ا هـ .

                                                                                        والظاهر أن هذا الحكم بالنسبة إلى الآفاقي الذي صار في حكم المكي بخلاف المكي الحقيقي فإنه ولو خرج إلى الآفاق في الأشهر لا يصير متمتعا مسنونا لما سبق من اشتراط عدم الإلمام في التمتع هذا ، والظاهر أن المتمتع بعد فراغه من العمرة لا يكون ممتنعا من إتيان العمرة فإنه [ ص: 396 ] زيادة عبادة وهو وإن كان في حكم المكي إلا أن المكي ليس ممنوعا عن العمرة فقط على الصحيح ، وإنما يكون ممنوعا عن التمتع كما تقدم ا هـ . ما في اللباب .




                                                                                        الخدمات العلمية