الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ولو أفسدها فأقام بمكة وقضى وحج لا إلا أن يعود إلى أهله ) أي لو أفسد الكوفي عمرته فأقام بمكة وقضى العمرة من عامه لا يكون متمتعا إلا أن يرجع إلى وطنه بعد الخروج عن إحرام الفاسدة ثم يعود محرما من الميقات بعمرة ثم يحج من عامه فإنه يكون متمتعا ، أما الأول فلأن سفره انتهى بالفساد فلما قضاها صارت عمرته مكية ولا تمتع لأهل مكة ، وأما الثاني فلأن عمرته ميقاتية وحجته مكية فصار متمتعا ولا يضره كون العمرة قضاء عما أفسده إن كانت قضاء وفي قوله إلا أن يعود إلى أهله دلالة على أن المراد بالإقامة بمكة الإقامة بمكان غير وطنه سواء كان مكة أو غيرها ولا خلاف فيما إذا أقام بمكة ، وأما إذا أقام بغيرها فهو مذهب الإمام وقالا يكون متمتعا ; لأنه إنشاء سفر فهو كالعود إلى وطنه ، وله أن سفره الأول باق ما لم يعد إلى وطنه ، وقد انتهى بالفاسد وهذه المسألة أيدت نقل الطحاوي ، وقيده في المبسوط بأن يجاوز المواقيت في أشهر الحج أما إذا جاوزها قبلها ثم أهل بعمرة فيها كان متمتعا عند الإمام أيضا ; لأنه بمجاوزة الميقات صار في حكم من لم يدخل مكة إن كان في أشهر الحج فلأنه لما دخلت وهو داخل المواقيت حرم عليه التمتع كما هو حرام على أهل مكة ، فلا تنقطع هذه الحرمة بخروجه من المواقيت بعد ذلك كالمكي .

                                                                                        ( قوله وأيهما أفسد مضى فيه ولا دم عليه ) يعني الكوفي إذا قدم بعمرة ثم حج من عامه ذلك فأي النسكين أفسده مضى فيه ; لأنه لا يمكنه الخروج عن عهدة الإحرام إلا بالأفعال ولا يجب عليه دم التمتع ; لأنه لم ينتفع بأداء نسكين صحيحين في سفر واحد وهو السبب في وجوبه ، وهذا هو المراد بنفي الدم في عبارته ، وإلا فمن أفسد حجه لزمه دم .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية