[ ص: 21 ] ( قوله : ; لأنه اسم للخشبة كذا في الشروح ولا حاجة إليه ; لأن السواك يأتي بمعنى المصدر أيضا كما ذكره والسواك ) أي استعماله ابن فارس في كتابه المسمى بمقاييس اللغة ; ولهذا قال في فتح القدير أي الاستياك والجميع سوك ككتاب وكتب ويجوز رفعه وجره ، وهو الأظهر ليفيد أن الابتداء به سنة أيضا واستدل في الكافي للسنية { بأنه عليه السلام واظب عليه مع الترك } وتعقبه في فتح القدير بأنه لم تعلم المواظبة منه على الوضوء ، وأما ما ورد من أفضلية الصلاة بسواك على غيرها فيدل على الاستحباب ، وهو الحق ; ولذا صحح الشارح وغيره الاستحباب واختلف في ففي النهاية وفتح القدير أنه عند المضمضة وفي البدائع والمجتبى قبل الوضوء الأكثر على الأول ، وهو الأولى ; لأنه الأكمل في الإنقاء ليس هو من خصائص الوضوء بل يستحب في مواضع : لاصفرار السن وتغير الرائحة والقيام من النوم والقيام إلى الصلاة وأول ما يدخل البيت وعند اجتماع الناس وعند قراءة القرآن كذا في فتح القدير وغيره لكن قولهم يستحب عند القيام إلى الصلاة ينافي ما نقلوه من أنه عندنا للوضوء لا للصلاة خلافا وقته وعلله للشافعي السراج الهندي في شرح الهداية بأنه إذا استاك للصلاة ربما يخرج منه دم ، وهو نجس بالإجماع ، وإن لم يكن ناقضا عند الشافعي
وقالوا فائدة الخلاف تظهر فيمن صلى بوضوء واحد صلوات يكفيه السواك للوضوء عندنا ، وعند يستاك لكل صلاة الشافعي أن يستاك أعالي الأسنان وأسافلها والحنك ويبتدئ من الجانب الأيمن وأقله ثلاث في الأعالي وثلاث في الأسافل بثلاث مياه واستحب أن يكون لينا من غير عقد في غلظ الأصبع ، وطول شبر من الأشجار المرة المعروفة ويستاك عرضا لا طولا ; لأنه يخرج لحم الأسنان وقال وكيفيته الغزنوي يستاك طولا وعرضا والأكثر على الأول ويستحب إمساكه باليد اليمنى أن تجعل الخنصر من يمينك أسفل السواك تحته والبنصر والوسطى والسبابة فوقه واجعل الإبهام أسفل رأسه تحته كما رواه والسنة في كيفية أخذه ولا يقبض القبضة على السواك ، فإن ذلك يورث الباسور ويبدأ بالأسنان العليا من الجانب الأيمن ثم الأيسر ثم السفلى كذلك كذا في شرح منية المصلي وتقوم الأصبع أو الخرقة الخشنة مقامه عند فقده أو عدم أسنانه في تحصيل الثواب لا عند وجوده والأفضل أن يبدأ بالسبابة اليسرى ثم باليمنى والعلك يقوم مقامه للمرأة لكون المواظبة عليه تضعف أسنانها فيستحب لها فعله . ابن مسعود
ومنافعه كثيرة منها أنه يرضي الرب ويسخط الشيطان ومن خشي من السواك القيء تركه ويكره أن ، فإنه يورث كبر الطحال كذا في السراج الوهاج ( قوله : يستاك مضطجعا عدل عن المضمضة والاستنشاق المذكورين في أصله الوافي للاختصار وما في الشرح من أن الغسل يشعر بالاستيعاب فكان أولى ، فيه نظر فإن المضمضة كذلك ، فإنها اصطلاحا استيعاب الماء جميع الفم كما في الخلاصة وفي اللغة التحريك ، والاستنشاق [ ص: 22 ] لغة من النشق : وهو جذب الماء ونحوه بريح الأنف إلى داخله واصطلاحا : إيصال الماء إلى مارن الأنف كذا في الخلاصة والمارن ما لان من الأنف والمبالغة سنة فيهما أيضا كذا في الوافي لحديث أصحاب السنن الأربعة { وغسل فمه وأنفه ) } ، وهي في المضمضة بالغرغرة وفي الاستنشاق بالاستنثار كذا في الكافي والاستنثار دفع الماء ونحوه للخروج من الأنف وقد وافقه في فتح القدير على الأول وقال في الثاني : كما في الخلاصة إلى ما اشتد من الأنف بالغ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائما
وفي الخلاصة هي في المضمضة أن يصل إلى رأس الحلق وقال شمس الأئمة : هي في المضمضة أن يدير الماء في فيه من جانب إلى جانب والأولى ما في فتح القدير ذكره بعضهم ، ولو تمضمض وابتلع الماء ولم يمجه أجزأه ; لأن المج ليس من حقيقتها والأفضل أن يلقيه ; لأنه ماء مستعمل وفي الظهيرية وإذا جاز وبخلاف ذلك لا يجوز وفي المجتبى لو رفع الماء من كف واحدة للمضمضة جاز وللاستنشاق لا يجوز لصيرورة الماء مستعملا ولا يخفى أن نفي الجواز في المسألتين بمعنى نفي الإجزاء في تحصيل السنة لا بمعنى الحرمة لما أن أصلهما سنة أو تحمل على المضمضة والاستنشاق في الغسل الواجب وقالوا المضمضة والاستنشاق سنتان مشتملتان على سنن منها تقديم المضمضة على الاستنشاق بالإجماع ومنها التثليث في حق كل واحد بالإجماع وأخذ ماء جديد في التثليث سنة عندنا وعند أخذ الماء بكفه فمضمض ببعضه واستنشق بالباقي بماء واحد وأخذ ماء جديد لكل واحد منهما سنة عندنا وعند الشافعي لهما ماء واحد وإزالة المخاط باليد اليسرى كذا في المعراج وفي البدائع والمبسوط وفعلهما باليمين سنة وفي المنية أنه يستنشق باليسرى وفي المعراج ترك التكرار لا يكره مع الإمكان قال أستاذنا يتبين من هذا أن من عنده ماء يكفي للغسل مرة مع المضمضة والاستنشاق أو ثلاثا بدونهما يغسل مرة معهما وفي السراج أنهما سنتان مؤكدتان ، فإن ترك المضمضة والاستنشاق أثم على الصحيح ا هـ . الشافعي
ولا يخفى أن الإثم منوط بترك الواجب ويمكن الجواب مما قالوه من أن السنة المؤكدة في قوة الواجب ودليل سنيتهما المواظبة كما في الهداية وفي غاية البيان يعني مع الترك أحيانا ، وإلا كانتا واجبتين وقد علمت مما قدمناه أن المواظبة من غير ترك لا تفيد الوجوب وجميع من حكى وضوءه عليه السلام اثنان وعشرون صحابيا كلهم ذكروهما فيه كما في فتح القدير وفي نسخة شرح عليها مسكين غسل فمه وأنفه بمياه وقال قوله بمياه متعلق بكل واحد والذي في الوافي غسل فمه بمياه وأنفه بمياه ، وهو أولى مما في الكنز ليدل على تجديد الماء في كل منهما وقد جاء مصرحا به في حديث الطبراني من قوله { } و رواه فمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا يأخذ لكل مرة ماء جديدا أبو داود وسكت فكان حجة وما ورد مما ظاهره المخالفة فمحمول على الموافقة كما في فتح القدير
وفي السراج الوهاج ولو لم يصر آتيا بالسنة وذكر الصيرفي أنه يصير آتيا بالسنة ا هـ . تمضمض ثلاثا من غرفة واحدة
ولا يخفى أنه يكون آتيا بسنة المضمضة لا بسنة كونها ثلاثا بمياه فالنفي والإثبات في القولين بالاعتبارين فلا اختلاف ( قوله : أما تخليل اللحية ، وهو تفريق الشعر من جهة الأسفل إلى فوق لغير المحرم فسنة على الأصح وقيده في السراج الوهاج بأن يكون بماء متقاطر في تخليل الأصابع ولم يقيده في تخليل اللحية وهل هو قول وتخليل لحيته وأصابعه ) وحده أو معه أبي يوسف قولان ذكرهما في المعراج وصحح في خير مطلوب أن محمد مع محمدا وعند أبي يوسف مستحب لعدم ثبوت [ ص: 23 ] المواظبة ; ولأن السنة إكمال الفرض في محله وداخل اللحية ليس بمحل الفرض لعدم وجوب إيصال الماء إلى باطن الشعر وجه الأصح ما رواه أبي حنيفة أبو داود عن { أنس } وسكت عنه وكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا توضأ أخذ كفا من ماء تحت حنكه فخلل به لحيته وقال بهذا أمرني ربي بعده ، وهو مغن عن نقل صريح المواظبة ; لأن أمره حامل عليها وقولهم داخل اللحية ليس بمحل الفرض ممنوع بعد ثبوت الحديث الصحيح بخلافه المنذري
وما أورد عليه من أن المضمضة والاستنشاق سنتان مع أنهما ليستا في محل الفرض أجيب عنه بأنهما في الوجه ، وهو محل الفرض إذ لهما حكم الخارج من وجه ; ولأن الكلام في سنة تكون تبعا للفرض بقرينة المقام ، وإلا يخرج عنه بعض السنن كالنية والتسمية كما لا يخفى ، وإنما لم يكن التخليل واجبا بالأمر في { } الآتي لوجود الصارف ، وهو تعليم الأعرابي والأخبار التي حكي فيها وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن التخليل لم يذكر فيها وما في النهاية من أنا لو قلنا بالوجوب لزم الزيادة على النص بخبر الواحد فيه كلام إذ لا يلزم إلا لو قلنا بالافتراض وما في الكافي من أنا لو قلنا بالوجوب في الوضوء لساوى التبع الأصل ضعيف ; لأنه مانع منه إذا اقتضاه الدليل لأن ثبوت الحكم بقدر دليله ; ولأنه قد ظهر عدم المساواة في حكم آخر ، وهو كونه لا يلزم بالنذر بخلاف الصلاة ، وأما تخليل الأصابع ، فهو إدخال بعضها في بعض بماء متقاطر ويقوم مقامه الإدخال في الماء ، ولو لم يكن جاريا فسنة اتفاقا أعني أصابع اليدين والرجلين لما في السنن الأربعة من حديث أمرني ربي وخللوا أصابعكم لقيط بن صبرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { } قال إذا توضأت فأسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع الترمذي : حديث حسن صحيح وتقدم الصارف له عن الوجوب
وكذا ما رواه { الدارقطني } ; لأنه ليس فيه الوعيد على الترك حتى يفيد الوجوب ; لأن منطوقه أن تخليل الأصابع في الوضوء يراد لعدم تخللها نار جهنم ، وهو لا يستلزم أن عدم التخليل في الوضوء يستلزم تخلل النار إلا لو كان تخليل الأصابع في الوضوء علة مساوية لعدم تخليلها بالنار وهو منتف بأنه قد يوجد التخليل بالنار مع تخليل الأصابع فحينئذ لا حاجة إلى ما ذكر في شروح الهداية من أن الوعيد مصروف إلى ما إذا لم يصل إلى ما بين الأصابع إذا قد علمت أنه لا وعيد في الحديث هذا مع أن ما قالوه لا يتم ; لأنه إذا لم يصل يكون الغسل فرضا وليس التخليل غسلا كما لا يخفى هذا مع أن حديث خللوا أصابعكم لا يتخللها الله بالنار يوم القيامة ضعيف كما في فتح القدير وفي الظهيرية والتخليل إنما يكون بعد التثليث ; لأنه سنة التثليث ثم قيل الأولى في أصابع اليدين أن يكون تخليلها بالتشبيك وصفته في الرجلين أن يخلل بخنصر يده اليسرى خنصر رجله اليمنى ويختم بخنصر رجله اليسرى كذلك ورد الخبر كذا في معراج الدراية وغيره وتعقبه في فتح القدير بقوله والله أعلم به ومثله فيما يظهر أمر اتفاقي لا سنة مقصودة ا هـ . الدارقطني
لكن ورد بعض هذه الكيفية فيما رواه عن ابن ماجه المستورد بن شداد قال { } رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فخلل أصابع رجليه بخنصره
وأما كونه بخنصر يده اليسرى وبكونه من أسفل فالله أعلم به ويشكل كونه بخنصر اليسرى أن هذا من الطهارة المستحب في فعلها أن تكون باليمين ولعل الحكمة في كونها بالخنصر كونها أدق الأصابع فهي بالتخليل أنسب كذا في شرح المنية وقولهم من أسفل إلى فوق يحتمل شيئين أحدهما أنه يبدأ من أسفل الأصابع إلى فوق من ظهر القدم ثانيهما أن يكون المراد من أسفل الأصبع من باطن القدم كما جزم به في السراج الوهاج والأول أقرب ، وفي المعراج عن شيخه العلامة في قوله عليه السلام { } الحديث دليل على أن وظيفة الرجل الغسل لا المسح فكان حجة على خللوا الروافض ا هـ .
[ ص: 21 ]