ومن أحكام المهر أنه يصح كالحصاد والدياس وهو الصحيح ولو تأجيله إلى وقت مجهول كان الألف كله إلى سنة إلا أن تقيم المرأة البينة أنه تيسر له منها شيء أو كله فتأخذه كذا في الظهيرية . تزوجها بألف درهم على أن ينقد ما تيسر له والبقية إلى سنة
( قوله فإن سماها أو دونها فلها عشرة بالوطء أو بالموت ) ; لأن بالدخول يتحقق تسليم المبدل وبه يتأكد البدل وبالموت ينتهي النكاح نهايته والشيء بانتهائه يتقرر ويتأكد فيتقرر بجميع مواجبه وسيأتي أن الخلوة كالوطء فحاصله أن المهر يجب بالعقد ويتأكد بإحدى معان ثلاث وينبغي أن يزاد رابع وهو وجوب العدة عليها منه كما سيأتي في العدة لو وجب كمال المهر الثاني بدون الخلوة والدخول ; لأن وجوب العدة عليها فوق الخلوة وينبغي أن يزاد خامس وهو ما لو طلقها بائنا بعد الدخول ثم تزوجها ثانيا في العدة فإن لها [ ص: 154 ] كمال المهر كما صرحوا به بخلاف ما إذا أزالها بدفعة فإنه يجب النصف لو طلقها قبل الدخول ولو أزال بكارتها بحجر ونحوه وجب نصف المسمى على الزوج وعلى الأجنبي نصف صداق مثلها ، وإنما لم يجب مهر المثل إذا سمى دون العشرة كما قال دفعها أجنبي فزالت بكارتها وطلقت قبل الدخول ; لأن فساد هذه التسمية لحق الشرع ، وقد صار مقضيا بالعشرة ، فأما ما يرجع إلى حقها فقد رضيت بالعشرة لرضاها بما دونها ولا معتبر بانعدام التسمية ; لأنها قد ترضى بالتمليك من غير عوض تكرما ولا ترضى فيه بالعوض اليسير ، وقد علم حكم الأكثر بالأولى ; لأن التقدير في المهر يمنع النقصان فقط وفي المحيط والظهيرية لو زفر فالمهر ألف ; لأن هذا استئناء في كلام واحد وفي الظهيرية لو تزوجها على ألفين ألف منها لله تعالى أو للخاطب أو لولدي أو لفلان كان له الصوف استحسانا ولو تزوجها على جارية حبلى على أن ما في بطنها تكون له الجارية وما في بطنها لها ا هـ . وكله ; لأن الحمل كجزئها فلم يصح استثناؤه وفي الولوالجية والخانية لو تزوجها على غنم بعينها على أن أصوافها لي كان على الزوج قيمة تلك الدراهم يوم كسدت هو المختار ولو كان مكان النكاح بيعا فسد البيع ; لأن الكساد بمنزلة الهلاك وهلاك البدل يوجب فساد البيع بخلاف النكاح ا هـ . تزوجها على ألف درهم من نقد البلد فكسدت وصار النقد غيرها
( قوله وبالطلاق قبل الدخول يتنصف ) أي المسمى لقوله تعالى { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن } الآية والأقيسة متعارضة ففيه تفويت الزوج الملك على نفسه باختياره وفيه عود المعقود عليه إليها سالما فكان المرجع فيه النص كذا في الهداية وهو بيان للواقع ; لأنه جواب سؤال مقدر كما فهمه الشارحون وتمامه في فتح القدير وشمل الدخول الخلوة لما في المجتبى ولم يذكر الخلوة مع أنها شرط لما أن اسم الدخول يشملها ; لأنها دخول حكما ا هـ .
وظاهر قوله يتنصف أن النصف يعود إلى ملك الزوج وأطلقه وفيه تفصيل فإن كان المهر لم يسلمه إليها عاد إلى ملك الزوج نصفه بمجرد الطلاق وإن كان مقبوضا لها فإنه لا يبطل ملك المرأة في النصف إلا بقضاء أو رضا ; لأن الطلاق قبل الدخول أوجب فساد سبب ملكها في النصف وفساد السبب في الابتداء لا يمنع ثبوت ملكها بالقبض فأولى أن لا يمنع [ ص: 155 ] بقاءه فلو لم ينفذ في شيء منه ولو قضى القاضي بعد ذلك يعود نصفه إلى ملكه ; لأنه عتق سبق ملكه فلم ينفذ ونفذ عتق المرأة في الكل ، وكذا بيعها وهبتها لبقاء ملكها في الكل قبل القضاء والرضا وإذا نفذ تصرفها فقد تعذر عليها رد النصف بعد وجوبه فتضمن نصف قيمته للزوج يوم قبضت ولو وطئت الجارية بشبهة فحكم العقر حكم الزيادة المنفصلة المتولدة من الأصل كالأرش ; لأنه بدل من جزء من عينها فإن المستوفى بالوطء في حكم العين وفي الظهيرية أعتق الزوج العبد المهر المقبوض بعد الطلاق قبله
ولو زاد المهر زيادة منفصلة كالولد والثمر والأرش والعقر قبل القبض فكلها تتنصف بالطلاق قبل الدخول وبعد القبض لا تتنصف وعليها نصف قيمة الأصل يوم قبضت ، وكذلك لو ارتدت والعياذ بالله تعالى أو قبلت ابن الزوج وإن كانت بدل المنافع كالكسب والغلة والموهوب للمهر فهي للمرأة وليست بمهر عند وعندهما يتنصف مع الأصل ، وكذلك على هذا كسب المبيع قبل القبض ولو آجره الزوج فالأجرة له ولزمه التصدق بها والزيادة المتصلة قبل القبض تتنصف بالإجماع وبعد القبض تتنصف عند أبي حنيفة خلافا لهما والزيادة المنفصلة بعد القبض إذا هلكت يتنصف الأصل دون الزيادة ولو محمد تتنصف الجارية والولد ; لأن العلوق وجد في ملك الغير فلم تصح الدعوة وذكر في كتاب الدعوى أنه يثبت النسب وتصير الجارية أم ولد له ; لأنه عاد إليه قديم ملكه وعتق نصف الولد بإقراره ; لأنه جزء منه ويسعى الولد في نصف قيمته للمرأة على الروايتين جميعا ثم اعلم أن حاصل الزيادة في المهر أنها إذا حدثت بعد قبض المرأة ثم طلقها قبل الدخول فإنها لا تتنصف سواء كانت متصلة متولدة أو منفصلة متولدة أولا إلا متصلة متولدة عند استولد الزوج الجارية الممهورة قبل القبض وادعى نسب الولد ثم طلقها قبل الدخول محمد
وأما إذا حدثت قبل القبض فإن المتولدة تتنصف متصلة أو منفصلة وغير المتولدة لا تتنصف وفي خيار العيب الزيادة المتولدة متصلة أو منفصلة غير متولدة وأنها لا تمنع الرد به والمتصلة غير المتولدة والمنفصلة المتولدة يمنعان الرد به وفي البيع الفاسد كل زيادة فإنها لا تمنع الاسترداد والفسخ إلا زيادة متصلة غير متولدة وفي باب الرجوع في الهبة فإن الزيادة المتصلة متولدة أو غير متولدة مانعة من الرجوع والمنفصلة متولدة أولا غير مانعة وفي باب الغصب لا يمنع من رد العين إلا الزيادة المتصلة الغير المتولدة التي لا يمكن فصل المغصوب عنها فلتحفظ هذه المواضع فإنها نفيسة
وأما المتصلة الغير المتولدة كالصبغ في مسألة الزيادة في المهر فخارجة عن البحث واعلم بأن الأوصاف لا تفرد بالعقد ولا تفرد بضمان العقد والإتلاف يرد على الأوصاف فأمكن إظهار حكم الإتلاف فيها فنقول إذا حدث في المهر عيب سماوي إن شاءت أخذته ناقصا بلا غرمه النقصان وإن شاءت أخذت قيمته يوم العقد وإن حدث بفعل الزوج فإن شاءت أخذته وقيمة النقصان وإن شاءت أخذت قيمته يوم العقد وإن حدث بفعل الزوج صارت قابضة وإن حدث بفعل أجنبي فإن شاءت أخذته وقيمة النقصان من الأجنبي وإن شاءت أخذت قيمته من الزوج ولا حق لها في النقصان وإن حدث بفعل المهر فكالآفة السماوية في رواية وفي ظاهر الرواية هو كحكم جناية الزوج والحدوث بفعل المهر أن يكون المهر عبدا فقطع يده أو فقأ عينه وإذا فإن شاء الزوج أخذ نصفه ولا يضمنها النقصان وإن شاء ضمنها نصف قيمته صحيحا يوم القبض وإن كان ذلك بعد الطلاق والحكم بالرد فللزوج أن يأخذه ونصف الأرش وإن تعيب بفعل الأجنبي يضمنها نصف القيمة لا غير قبضت المهر فتغيب بفعلها أو بآفة سماوية أو بفعل المهر قبل الطلاق أو بعده قبل الحكم بالرد
وإن تعيب بفعل الزوج فهو بالخيار كما في الأجنبي كذا في الظهيرية فصار حاصل وجوه النقصان عشرين [ ص: 156 ] لأنه إما أن يكون بآفة سماوية أو بفعله أو بفعلها أو بفعل المهر أو بفعل الأجنبي وكل من الخمسة على أربعة ; لأنه إما أن يكون في يد الزوج أو في يدها قبل الطلاق أو في يدها بعده قبل الحكم بالرد أو بعده بعد الحكم وأحكامها مذكورة كما أن حاصل وجوه الزيادة ثمانية ; لأنها إما أن تكون متصلة متولدة أولا أو منفصلة متولدة أولا وكل منها إما أن تكون في يده أو في يدها والأحكام مذكورة إلا حكم المتصلة الغير المتولدة كالصبغ لظهور أنها لا تتنصف وينبغي أن تكون وجوه النقصان خمسة وعشرين فإن النقصان في يد الزوج أعم من أن يكون قبل الطلاق أو بعده فهي خمسة في خمسة وإذا أخذت نصف قيمة الأم لا غير وإن قتلهما الزوج فإن شاءت ضمنته نصف قيمة الأم يوم العقد وإن شاءت ضمنت عاقلته نصف قيمتها وتضمن العاقلة نصف قيمة الولد يوم القتل ولا يضمن الزوج نقصان الولادة إلا أن يكون فاحشا ولو ولدت الجارية الممهورة في يد الزوج فهلكا ثم طلقها قبل الدخول بها فلا سبيل للزوج على الزرع . تزوجها على زرع بقل فاستحصد الزرع في يدها ثم طلقها قبل الدخول بها