الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ويثبت النسب ) أي نسب المولود في النكاح الفاسد ; لأن [ ص: 184 ] النسب مما يحتاط في إثباته إحياء للولد فيترتب على الثابت من وجه أطلقه فأفاد أنه يثبت بغير دعوة كما في القنية وتعتبر مدة النسب وهي ستة أشهر من وقت الدخول عند محمد وعليه الفتوى ; لأن النكاح الفاسد ليس بداع إليه والإقامة باعتباره كذا في الهداية وعند أبي حنيفة وأبي يوسف ابتداء المدة من وقت العقد قياسا على الصحيح والمشايخ أفتوا بقول محمد لبعد قولهما لعدم صحة القياس المذكور وفائدة الاختلاف تظهر فيما إذا أتت بولد لستة أشهر من وقت العقد ولأقل منها من وقت الدخول فإنه لا يثبت نسبه على المفتى به فتقدير مدة النسب بالمدة المذكورة إنما هو للاحتراز عن الأقل لا عن ما زاد عن أكثر مدة الحمل ; لأنها لو جاءت بالولد لأكثر من سنتين من وقت العقد أو الدخول ولم يفارقها فإنه يثبت نسبه اتفاقا وبهذا اندفع ما في التبيين من أنه لا يمكن اعتبار وقت العقد فقط لما ذكرنا من أن اعتبار وقت العقد أو الدخول إنما هو لنفي الأقل فقط واندفع ما في الغاية من قياس النسب على العدة وأن الأحوط أن يكون ابتداء مدة النسب من وقت التفريق كالعدة لما علمت من المسألة التي يثبت فيها النسب قبل التفريق فكيف يعتبر به واندفع به ما في فتح القدير من أنه يعتبر ابتداؤها من وقت التفريق إذا وقعت فرقة وما لم تقع فمن وقت النكاح أو الدخول على الخلاف ; لأنه يرد عليه ما إذا أتت به بعد التفريق لأكثر من ستة أشهر من وقت العقد أو الدخول ولأقل منها من وقت التفريق فإنه يثبت نسبه ومقتضى ما في الفتح خلافه والدليل على ما حققناه أنهم جعلوا مدة النسب ستة أشهر في النكاح الصحيح من وقت العقد أيضا وليس هو قطعا إلا للاحتراز عن الأقل لا عن الأكثر فكذلك هنا ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قول المصنف ويثبت النسب والعدة ) قال الرملي سيأتي في الحدود في شرح قوله وبمحرم نكحها ما هو صريح في أن نكاح المحارم لا يثبت النسب ولا العدة وهو من النكاح الفاسد فيكون هذا مستثنى لكن قدم في المقولة السابقة أن المراد من الفاسد النكاح الذي لم تجتمع شرائطه كتزوج الأختين معا إلى آخر ما ذكره فلعل هذا من النكاح الباطل فلم يدخل في كلامه ، وقد رأينا كثيرا في كلامهم ما يوجب الفرق بين الفاسد والباطل ففي البزازية نكاح المحارم فاسد أم باطل قيل باطل وسقوط الحد بشبهة الاشتباه ، وقيل فاسد وسقوط الحد بشبهة العقد . ا هـ .

                                                                                        وفي فتح القدير قبل التكلم على نكاح المتعة ما صورته قوله فالنكاح باطل ذكر الفاسد فيما تقدم ولا فرق بينهما في النكاح بخلاف البيع ا هـ .

                                                                                        أقول : والذي ظهر لي أن المراد بالباطل في كلام البزازية [ ص: 184 ] في قوله نكاح المحارم فاسد أم باطل إلخ الذي وجوده كعدمه لا أن النكاح ينقسم إلى باطل وفاسد تأمل ا هـ . كلام الرملي .

                                                                                        قلت : والصحيح أن سقوط الحد لشبهة العقد كما نص عليه في حدود المعراج ; لأنهم ذكروا في الحدود في مبنى الخلاف بين الإمام وصاحبيه حيث يحد عندهما لا عنده أن العقد هل يوجب شبهة أو لا ومداره أنه هل ورد على ما هو محله أو لا . ( قوله لعدم صحة القياس المذكور ) ; لأن النكاح الفاسد ليس بداع إلى الوطء لحرمته ولهذا لا تثبت به حرمة المصاهرة بمجرد العقد بدون الوطء أو اللمس أو التقبيل ورجح في النهر قولهما حيث قال ولا يخفى أن النسب حيث كان يحتاط في إثباته فالاعتبار بوقت العقد به أمس .

                                                                                        ( قوله لما ذكرنا ) تعليل للاندفاع .

                                                                                        ( قوله لما علمت من المسألة ) وهي ما لو جاءت بالولد لأكثر من سنتين من وقت العقد أو الدخول ولم يفارقها ( قوله واندفع به ما في فتح القدير ) قال في النهر أقول : اعتبار ابتداء المدة من وقت النكاح أو الدخول معناه نفي الأقل حتى لو جاءت به لأقل من ستة من هذا الابتداء لا يثبت نسبه واعتبارها من وقت التفريق معناه أنها لو جاءت به لأكثر من سنتين من وقت التفريق لا يثبت النسب فهي للأكثر لا للأقل فلا يرد ما ذكر فتدبر ا هـ ومثله في الرمز .




                                                                                        الخدمات العلمية