الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : ، والولد يتبع خير الأبوين دينا ) لأنه أنظر له فإن كان الزوج مسلما فالولد على دينه وكذا إن أسلم أحدهما وله ولد صغير صار ولده مسلما بإسلامه [ ص: 225 ] سواء كان الأب أو الأم وتتصور تبعيته لأمه المسلمة وأبوه كافر بأن كانا كافرين فأسلمت فقبل عرض الإسلام عليه ولدت كما في المعراج ، وفي التبيين وهذا إذا لم تختلف الدار بأن كانا في دار الإسلام أو في دار الحرب أو كان الصغير في دار الإسلام وأسلم الوالد في دار الحرب لأنه من أهل دار الإسلام حكما فأما إذا كان الولد في دار الحرب ، والوالد في دار الإسلام فأسلم لا يتبعه ولده ولا يكون مسلما بإسلامه لأنه لا يمكن أن يجعل الوالد من أهل دار الحرب بخلاف العكس ا هـ .

                                                                                        وفي فتح القدير : أما لو تباينت دارهما بأن كان الوالد في دار الإسلام ، والولد في دار الحرب أو على العكس فإنه لا يصير مسلما بإسلام الأب ا هـ .

                                                                                        وهو سهو فاجتنبه ثم اعلم أنه إذا صار مسلما بالتبعية ثم بلغ فإنه لا يلزمه تجديد الإيمان لوقوعه فرضا أما على قول الماتريدي فظاهر لأنه قائل بوجوب أداء الأيمان على الصبي العاقل كما في التحرير وأما على قول فخر الإسلام فظاهر أيضا لأنه قائل بأصل الوجوب عليه ، وإن لم يجب أداؤها فإذا أداه وقع فرضا كتعجيل الزكاة قبل الحول وأما على قول شمس الأئمة فكذلك ، وإن قال بعدم أصل الوجوب عليه لأنه إنما قال به للترفيه عليه فإذا وجد منه وجد الوجوب كالمسافر إذا صلى الجمعة ولا خلاف لأحد في عدم وجوب نية الفرض عليه بعد بلوغه وتمامه في فتح القدير من باب المرتدين .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : صار ولده مسلما بإسلامه ) قال الرملي أطلقه فشمل المميز وغيره ، وقد قال في التتارخانية نقلا عن الذخيرة بعض المشايخ قالوا إنما يصير مسلما تبعا لأحد أبويه إذا كان لا يعبر عن نفسه فأما إذا كان يعبر عن نفسه لا يصير مسلما بإسلام أحد أبويه وإليه أشار محمد وبعضهم قالوا يصير مسلما بإسلام أحد أبويه ، وإن كان يعبر عن نفسه واستدل هذا القائل بما ذكر محمد أن المستأمن في دارنا إذا أسلم وله ولد صغير في دار الحرب فخرج إلى دار الإسلام لزيارة أبيه بأمان وهو ممن يعبر عن نفسه ثم أراد أن يرجع إلى دار الحرب لا يكون له ذلك لأنه صار مسلما تبعا لأبيه وبه كان يفتي شمس الأئمة السرخسي ا هـ .

                                                                                        وسئل شيخ شيوخنا الحلبي عن نصرانية أسلمت ولها بنت صغيرة تركتها عند أمها فلما كبرت زوجتها جدتها بنصراني هل يحكم بإسلامها تبعا لأمها فلا يصح نكاحها له أم لا ؟ أجاب إذا ثبت أن البنت المذكورة حين إسلام أمها كانت لا تعقل الأديان فهي مسلمة تبعا لأمها فلا يصح وإذا كانت تعقل الأديان انقطعت تبعيتها لأمها ا هـ .

                                                                                        كلام الرملي : أقول وقد صرح المؤلف في الجنائز بأنه تابع لأحد أبويه إلى البلوغ وهو الموافق لإطلاق المتون الولد وبه صرح [ ص: 225 ] الأسروشني في سر أحكام الصغار وعزاه ابن أمير حاج في شرح التحرير إلى شرح الجامع الصغير لفخر الإسلام وذكر أنه نص عليه محمد في الجامع الكبير قلت وكذا نص عليه محمد في السير الكبير وقال شمس الأئمة السرخسي في شرحه عليه ما نصه : وبهذا تبين خطأ من يقول من أصحابنا إن الذي يعبر عن نفسه لا يصير مسلما تبعا لأبويه ا هـ .

                                                                                        ( قوله : وتتصور تبعيته لأمه ) إشارة إلى الجواب عن الاعتراض على قول القدوري فإن كان أحد الزوجين مسلما فالولد على دينه بأن عمومه غير صحيح إذ لا وجود لنكاح المسلمة مع كافر فالمراد وتتصور التبعية مع بقاء الزوجية وهذا غير الصورة السابقة وبه اندفع قول الرملي قدم تصويرها أيضا بقوله أو الأم وهما في العارض فما محله وكان ينبغي إردافه ب أيضا أو يقول وبينهما ولد أو حمل ا هـ . تأمل .




                                                                                        الخدمات العلمية