( قوله : ) لأنه قد يثق بإحداهما في السفر وبالأخرى في الحضر ، والقرار في المنزل لحفظ الأمتعة أو لخوف الفتنة أو يمنع من سفر إحداهما كثرة سمنها فتعيين من يخاف صحبتها في السفر لخروج قرعتها إلزام للضرر الشديد وهو مندفع بالمنافي للحرج ، وأما ما رواه الجماعة من قرعته صلى الله عليه وسلم بينهن إذا أراد سفرا فكان للاستحباب تطييبا لقلوبهن لأن مطلق الفعل لا يقتضي الوجوب فكيف وهو محفوف بما يدل على الاستحباب من عدم وجوب القسم عليه صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى { ويسافر بما شاء منهن ، والقرعة أحب ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء } وكان ممن أرجاهن سودة وجويرية وأم حبيبة وصفية وميمونة وممن آوى ، والباقيات - رضي الله عنهن أجمعين - قال القاضي في تفسيره : { عائشة ترجي من تشاء منهن } تؤخرها وتترك مضاجعتها { وتؤوي إليك من تشاء } تضم إليك وتضاجعها أو تطلق من تشاء وتمسك من تشاء { ومن ابتغيت } أي طلبت { ممن عزلت } طلقت بالرجعة { فلا جناح عليك } في شيء من ذلك ا هـ .
قيد بالسفر لأن مرضه لا يسقط القسم عنه ، وقد صح { رضي الله عنها فأذن له عائشة } ولم أر كيفية قسمه في مرضه إذا كان لا يستطيع التحول إلى بيت الأخرى ، والظاهر أن المراد بقسمه في مرضه أنه إذا صح ذهب إلى الأخرى بقدر ما أقام عند الأولى بخلاف ما إذا سافر بواحدة فإنه إذا أقام لا يقضي للمقيمة ( قوله : ولها أن ترجع إذا وهبت قسمها لأخرى ) فأفاد جواز الهبة ، والرجوع أما الأول فلأن أنه عليه السلام لما مرض استأذن نساءه أن يمرض في بيت وهبت يومها سودة بنت زمعة رضي الله عنها وأما صحة الرجوع في المستقبل فلأنها أسقطت حقا لم يجب بعد فلا يسقط ، وقد فرع الشافعية هنا تفاريع لم أر أحدا من مشايخنا ذكرها ، منها أنها إذا لعائشة بات عند الموهوب ليلتين ، وإن كرهت ما دامت الواهبة في نكاحه ولو كانا متفرقين لم يوال بينهما ، وإن وهبته للجميع جعلها كالمعدومة ولو وهبته له فخص به واحدة جاز كذا في الروض ولعل مشايخنا إنما لم يعتبروا هذا التفصيل لأن هذه الهبة إنما هي إسقاط عنه فكان الحق له سواء وهبت له أو لصاحبتها فله أن يجعل حصة الواهبة لمن شاء . وهبت حقها لمعينة ورضي
( تتمة )
في حقوق الزوجين ذكر في البدائع أن للآية واختلف فيها فقيل التفصيل ، والإحسان إليها قولا وفعلا وخلقا وقيل أن يعمل معها كما يجب أن يعمل مع نفسه وهي مستحبة من الجانبين ومنها إذا حصل نشوز أن يبدأها بالوعظ ثم بالهجر ثم بالضرب للآية لأنها للترتيب على التوزيع واختلف في الهجر فقيل يترك مضاجعتها وقيل يترك جماعها ، والأظهر ترك كلامها مع المضاجعة ، والجماع إن احتاج إليه ، وفي المعراج إذا كان له امرأة واحدة يؤمر أن يبيت معها ولا يعطلها ، وفي رواية من أحكام النكاح : المعاشرة بالمعروف الحسن لها ليلة من كل أربع إن كانت حرة ومن كل سبع إن كانت أمة ، وفي ظاهر الرواية لا يتعين [ ص: 237 ] حقها في يوم من أربعة أيام لأن القسم عند المزاحمة فالصحيح أنه يؤمر استحباب أن يصحبها أحيانا من غير أن يكون في ذلك شيء مؤقت
ولو كان له مستولدات وإماء فلا يقسم لهن لأنه من خصائص النكاح ولكن يستحب له أن لا يعطلهن وأن يسوي بينهن في المضاجعة ولو فهو حرام وهو رشوة وترجع بمالها وكذا لو حطت لزوجها جعلا على أن يزيدها في القسم فالكل باطل ولا يجوز أن جعلت من مهرها شيئا ليزيدها في القسم أو زادها في مهرها أو جعل لها شيئا لتجعل يومها لصاحبتها إلا برضاهن للزوم الوحشة ولو اجتمعت الضرائر في مسكن واحد بالرضا يكره أن يطأ إحداهما بحضرة الأخرى حتى لو طلب وطأها لم تلزمها الإجابة ولا تصير بالامتناع ناشزة ولا خلاف في هذه المسائل وله أن يجبرها على الغسل من الجنابة ، والحيض ، والنفاس إلا أن تكون ذمية وله جبرها على التنظيف ، والاستحداد وله أن يمنعها من كل ما يتأذى من رائحته وله أن يمنعها من الغزل ا هـ . يجمع بين الضرتين أو الضرائر في مسكن واحد
وفي فتح القدير : وعلى هذا له أن يمنعها من التزين بما يتأذى بريحه كأن يتأذى برائحة الحناء المخضب ا هـ . وسيأتي في فصل التعزير المواضع التي يضربها فيها
وفي باب النفقات ما يجوز لها من الخروج وما لا يجوز قالوا ولو كان أبوها زمنا وليس له من يقوم عليه مؤمنا كان أو كافرا فإن عليها أن تعصي الزوج في المنع ، وفي البزازية من الحظر ، والإباحة أن تطيعه في كل مباح يأمرها به ا هـ . وحق الزوج على الزوجة
وفيها من آخر الجنايات يعزر الزوج ا هـ . : ادعت على زوجها ضربا فاحشا وثبت ذلك عليه
وظاهره أنه لو لم يكن فاحشا وهو غير المبرح فإنه لا يعزر فيه وذكر البقاعي في المناسبات حديثا { } وحديثا آخر { لا يسأل الرجل فيم ضرب زوجته } والله تعالى أعلم . أنه نهى المرأة أن تشكو زوجها