( قوله : مستوعبا وجهه ويديه مع مرفقيه ) أي فهو صفة لمصدر محذوف وجوز يتيمم تيمما مستوعبا الزيلعي أن يكون حالا من الضمير الذي في تيمم فيكون حالا منتظرة قال والأول أوجه ولم يبين وجهه ولعل وجهه أن الاستيعاب فيه ركن لا يتحقق التيمم إلا به ، وعلى جعله حالا يصير شرطا خارجا عن ماهيته ; لأن الأحوال شروط على ما عرف .
اعلم أن الاستيعاب فرض لازم في ظاهر الرواية عن أصحابنا حتى لو لا يجوز ونص غير واحد على أن هذا هو الصحيح منهم ترك شيئا قليلا من مواضع التيمم قاضي خان ونص صاحب المجمع وصاحب الاختيار على أنه الأصح وصاحب الخلاصة والولوالجي على أنه المختار وشارح الوقاية أن عليه الفتوى وروى الحسن عن أن الأكثر يقوم مقام الكل لوجه غير لازم ، وهو إما لكثرة البلوى أو ; لأنه مسح فلا يجب فيه الاستيعاب كمسح الرأس وفي تفصيل عقد الفوائد بتكميل قيد الشرائد معزيا إلى [ ص: 152 ] الخلاصة أن المتروك لو كان أقل من الربع يجزئه ، وهو الأصح والظاهر أن ليس المراد بها خلاصة الفتاوى المشهورة ، فإن فيها أن المختار افتراض الاستيعاب ووجه ظاهر الرواية أن الأمر بالمسح في باب التيمم تعلق باسم الوجه واليدين وأنه يعم الكل ; ولأن التيمم بدل بعد الوضوء والاستيعاب في الأصل من تمام الركن فكذا في البدل فيلزمه تخليل الأصابع ونزع الخاتم أو تحريكه ولو ترك لم يجز و على رواية أبي حنيفة الحسن لا يلزمه ويمسح المرفقين مع الذراعين عند أصحابنا الثلاثة خلافا حتى لو كان مقطوع اليدين من المرفقين يمسح موضع القطع عندنا خلافا لزفر والكلام فيه كالكلام في الوضوء وقدر كذا في البدائع وفي المحيط لزفر
وإن كان القطع فوق المرفق لا يجب المسح يعني اتفاقا ويمسح تحت الحاجبين وفوق العينين وفي فتح القدير معزيا إلى الحلية تبعا للدراية يمسح من وجهه ظاهر البشرة والشعر على الصحيح ا هـ .
لكن في السراج الوهاج لا يجب عليه ولا مسح الجبيرة ولو مسح اللحية في التيمم أجزأه في الوجه واليد الأولى ويعيد الضرب لليد الأخرى ا هـ . مسح بإحدى يديه وجهه وبالأخرى يديه
وفي تعبيره بالواو في قوله ويديه دون ثم إشارة إلى أن الترتيب ليس بشرط فيه كأصله ويشترط المسح بجميع اليد أو بأكثرها حتى لو مسح بأصبع واحدة أو إصبعين لا يجوز ولو كرر المسح حتى استوعب بخلاف مسح الرأس كذا في السراج الوهاج معزيا إلى الإيضاح وفي المجتبى ومسح العذار شرط على ما حكى عن أصحابنا والناس عنه غافلون وفي المحيط عن في محمد لا يعيد ما صلى ; لأنه مجتهد فيه ، وإن فعل ذلك من غير أن يسأل أحدا ثم سأل فأمر بثلاث يعيد ما صلى ; لأنه غير مجتهد ا هـ . رجل يرى التيمم إلى الرسغ والوتر ركعة ثم رأى التيمم إلى المرفق والوتر ثلاثا
وفي معراج الدراية ولو جاز وقال أمر غيره أن ييممه ونوى هو ابن القاضي لا يجزئه ا هـ والناوي هو الآمر كما لا يخفى وفي شرح المجمع ، وأما فليس مستفادا من الإلصاق بل ; لأنه خلف عن الغسل فلزم الاستيعاب في الخلف حسب لزومه في الأصل . ا هـ . استيعاب الوجه في التيمم
وقد قدمناه في مسح الرأس ( قوله : بضربتين ) الباء متعلقة بتيمم أي يتيمم بضربتين وقد وقع ذكر الضرب في كثير من الكتب والمذكور في الأصل الوضع دون الضرب وفي بعض الروايات الضرب فاختلف المشايخ فيه فمنهم كالمصنف في المستصفى من قال بأنهم إنما اختاروه ، وإن كان الوضع جائزا لما أن الآثار جاءت بلفظ الضرب وفي غاية البيان والمقصود من الضرب أن يدخل الغبار في خلال الأصابع تحقيقا لمعنى الاستيعاب وتعقب ما في المستصفى بأن الضرب لم يذكر في الآية ولا في سائر الآثار ، وإنما جاء في بعضها ومنهم من ذهب إلى أن المقصود بذكر الضربتين الرد على ومن تبعه أنه لا بد من ثلاث ضربات ضربة للوجه وضربة للكفين وضربة للذراعين ، وأما ما روي عن ابن سيرين من الاحتياج إلى ثلاث ضربات فليس افتراضا للثالثة لذاتها بل لتخليل الأصابع إذا لم يدخل الغبار بينهما ، وهو خلاف النص والمقصود ، وهو التخليل لا يتوقف عليه ومنهم من ذهب إلى أن الضربتين ركن للخبر الوارد التيمم ضربتان فهما من ماهية التيمم ومن ثم قال محمد السيد أبو شجاع أنه لو أحدث بعد الضربة أعادها ولا يجزئه المسح بما في يده من التراب وصححه في الخلاصة ، وهو مختار شمس الأئمة ولكن قال القاضي الإسبيجابي إن الضربة تجزئه كما في الوضوء حيث يتوضأ بذلك الماء وفرق السيد أبو شجاع بينهما بأن الشرط في الوضوء الحصول وفي التيمم التحصيل .
وأجيب عنه بأن التحصيل شرط فلا ينافي الحدث كما لو أحرم مجامعا وفي فتح القدير بعد ما ذكر الخلاف وعلى هذا فما صرحوا به من أنه لو أجزأه ألقت الريح الغبار على وجهه ويديه فمسح بنية التيمم
وإن لم يمسح لا يجوز يلزم فيه أما كونه قول من أخرج الضربة لا قول الكل ، وأما اعتبار [ ص: 153 ] الضربة أعم من كونها على الأرض أو على العضو مسحا والذي يقتضيه النظر عدم اعتبار ضربة الأرض من مسمى التيمم شرعا ، فإن المأمور به المسح في الكتاب ليس غير قال تعالى { فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم } ويحمل قوله عليه السلام { } أما على إرادة الأعم من المسحتين كما قلنا أو أنه أخرج مخرج الغالب والله سبحانه أعلم ا هـ . التيمم ضربتان
ثم اعلم أن الشرط وجود الفعل منه أعم من أن يكون مسحا أو ضربا أو غيره فقد قال في الخلاصة ولو يجوز ولو أدخل رأسه في موضع الغبار بنية التيمم جاز والشرط وجود الفعل منه . ا هـ . انهدم الحائط وظهر الغبار فحرك رأسه ونوى التيمم
وهذا يعين أن هذه الفروع مبنية على قول من أخرج الضربة من مسمى التيمم ، وأما من أدخلها فلا يمكنه القول بها فيما نقلناه عن الخلاصة إذا ليس فيها ضرب أصلا لا على الأرض ولا على العضو إلا أن يقال مراده بالضرب الفعل منه أعم من كونه ضربا أو غيره ، وهو بعيد كما لا يخفى وتظهر ثمرة الخلاف أيضا فيما إذا نوى بعد الضرب فمن جعله ركنا لم يعتبر النية بعده ومن لم يجعله ركنا اعتبرها بعده كذا في السراج الوهاج وفي الخلاصة ولو شلت كلا يديه يمسح وجهه وذراعيه على الحائط ا هـ .
وقد قدمنا أنه لو أمر غيره بأن ييممه جاز بشرط أن ينوي الآمر فلو ضرب المأمور يده على الأرض بعد نية الآمر ثم أحدث الآمر قال في التوشيح ينبغي أن يبطل بحدث الآمر على قول أبي شجاع ا هـ .
وظاهره أنه لا يبطل بحدث المأمور لما أن المأمور آلة وضربه ضرب للآمر فالعبرة للآمر ; ولهذا اشترطنا نيته لا نية المأمور .