الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ثم اعلم أنهم جعلوا المعلق هنا علة للعتق مع قولهم إن المعلق لا ينعقد سببا للحال وإنما ينعقد سببا عند وجود الشرط فينبغي على هذا الأصل أن لا تصح النية وقت التعليق وإنما تصح وقت وجود الشرط والحكم فيها بالعكس وجوابه في فتح القدير من كتاب الأيمان من باب اليمين في الطلاق والعتاق وقد ذكروا فيه أنه لو اشترى أم ولده أي : من استولدها بنكاح ناويا عن كفارته فإنه لا يجوز ; لأن العلة الاستيلاد ولم تقارنه النية وأما الثالث أعني ما إذا حرر نصف عبده ثم حرر باقيه قبل المسيس فلكونه أعتق رقبة كاملة بكلامين والنقصان متمكن على ملكه بسبب التحرير عنها ومثله غير مانع كمن أضجع شاة للأضحية فأصابت السكين عينها قيد بقوله حرر باقيه ; لأنه لو حرر نصفا آخر من رقبة أخرى لا يجوز فلا يجوز تكميل العتق بالعتق من شخص آخر عند أبي حنيفة .

                                                                                        وأما تكميله بالإطعام كما لو حرر عنها نصف عبد وأطعم عن الباقي لم يجز أيضا عند أبي حنيفة ; لأنها إنما تتأدى بإعتاق رقبة أو بإطعام مساكين مقدرة ولم [ ص: 113 ] يوجد واحد منهما وتكميل العتق بالعتق من شخص آخر لا يجوز فلأن لا يجوز تكميله بالتمليك من جنس آخر أولى وعندهما يجوز ; لأن العتق عندهما لا يتجزأ فصار معتقا للكل وكان متبرعا بالإطعام كذا في المحيط ، ولو حرر عبدين بينه وبين غيره لم يجزه عن الكفارة ; لأن الواجب تحرير رقبة واحدة وتخليصها عن الرق وهو ما حرر رقبة واحدة ولم يصرف العتق إلى شخص بل حرر نصفا من كل رقبة كما لو فرق طعام مسكين على اثنين ، ولو كان شاتان بين رجلين فذبحاهما عن نسكهما أجزأهما ; لأن الاشتراك في النسك جائز ألا ترى أنه يجزئ البدنة عن سبعة فكان المعتبر في باب النسك مقدار الشاة وقد وجد كذا في المحيط أيضا وخرج بقوله حرر باقيه ما إذا لم يحرر باقيه أصلا فإعتاق النصف لا يكفي عنها عنده وعندهما لما أعتق النصف عتق الكل بلا سعاية فأجزأ عن الكفارة كذا في الكافي

                                                                                        . ( قوله وإن حرر نصف عبد مشترك وضمن باقيه أو حرر نصف عبده ثم وطئ التي ظاهر منها ثم حرر باقيه لا ) أي : لا يجزيه عن الكفارة ، أما الأول فلأن نصيب صاحبه قد انتقص على ملكه لتعذر باقيه لاستدامة الرق فيه ثم يتحول إليه بالضمان ومثله يمنع الكفارة كالتدبير والمراد بضمان القيمة إعتاق النصف الآخر بعد التضمين وإلا فمجرد الضمان لا يكفي لوضع المسألة ودل كلامه على أنه لو كان معسرا وسعى العبد في بقية قيمته حتى عتق كله لا يجزيه عنها بالأولى ، وهذا عند الإمام ، وأما عندهما إن كان المعتق موسرا ضمن قيمة نصيب شريكه أجزأه عنها ; لأنه عتق كله بإعتاق البعض وإن كان معسرا لا يجزئه والخلاف مبني على تجزؤ الإعتاق وعدمه وبما قررناه على أن المعتق إذا كان معسرا لم يجز اتفاقا ; لأنه عتق بعوض وإن لم يكن البدل حاصلا للمعتق بل لشريكه ; لأنه المانع أن يلزم العبد بدل في مقابلة تحرير رقبته ، وفي الكافي فإن قيل المضمونات تملك عند أداء الضمان مستندا إلى وقت وجود السبب فصار نصيب الساكت ملكا للمعتق زمان الإعتاق فكان النقصان في ملكه لا في ملك شريكه قلنا الملك في المضمون يثبت بصفة الاستناد في حق الضامن والمضمون له لا في حق غيرهما فتمكن النقصان في نصيب الساكت في حق غيرهما والكفارة غيرهما فلم تجز ا هـ . .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله وجوابه في فتح القدير إلخ ) نقله المقدسي في شرحه وهو أنه لما كان قبل الشرط بعرضيته أن يصير علة اعتبر له حكم العلة حتى اعتبرت الأهلية عنده اتفاقا فلو كان مجنونا عند وقوع الشرط وقع الطلاق والعتاق ، ولو كان مجنونا عند التعليق لم يعتبر أصلا فلذا يجب أن تعتبر النية عنده .




                                                                                        الخدمات العلمية