الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله وتصح الإباحة في الكفارات ) أي : في إطعام الكفارات ( والفدية دون الصدقات والعشر ) لورود الإطعام في الكفارات والفدية هو حقيقة في التمكين من الطعم وإنما جاز التمليك باعتبار أنه تمكين أما الواجب في الزكاة الإيتاء ، وفي صدقة الفطر الأداء وهما للتمليك حقيقة ، فإن قلت : هل يجوز الجمع بين الإباحة والتمليك لرجل واحد أو لبعض المساكين دون البعض أو أن يعطي نوعا للبعض ونوعا للبعض قلت : أما الأول ففي التتارخانية إذا غداه وأعطاه مدا ففيه روايتان واقتصر في البدائع على الجواز ; لأنه جمع بين شيئين جائزين على الانفراد وإن غداهم وأعطاهم قيمة العشاء أو عشاهم وأعطاهم قيمة الغداء يجوز ، وأما الثانية : كما إذا ملك ثلاثين وأطعم ثلاثين غداء وعشاء فهو جائز ، وأما الثالثة : فقال في الكافي ويجوز تكميل أحدهما بالآخر .

                                                                                        فإن قلت : هل المباح له الطعام يستهلكه على ملك المبيح أو على ملك نفسه ؟ قلت : إذا صار مأكولا زال ملك المبيح عنه ولم يدخل في ملك أحد ذكره في البدائع قيدنا بالإطعام ; لأن الإباحة في الكسوة في كفارة اليمين لا تجوز كما لو أعار عشرة مساكين كل مسكين ثوبا كذا في المحيط وجعل الفدية كالكفارة ظاهر الرواية وروى الحسن عن الإمام أنه لا بد من التمليك ; لأنها تنبئ عنه كفدية العبد الجاني لا بد فيها من تمليك الأرش ( قوله والشرط غداءان وعشاءان مشبعان أو غداء وعشاء ) أي : الشرط في طعام الإباحة أكلتان مشبعتان لكل مسكين والسحور كالغداء .

                                                                                        فلو غداهم يومين أو عشاهم كذلك أو غداهم وسحرهم أو سحرهم يومين أجزأه ، ولو غدى ستين مسكينا وعشى ستين غيرهم لم يجزه إلا أن يعيد على أحد النوعين منهم غداء أو عشاء ، ولو غدى واحدا وعشى آخر لم يجز وقيد بالشبع ; لأنه لو كان فيهم من هو شبعان قبل الأكل أو صبي ليس بمراهق لا يجزئه واختلف المشايخ فيه ومال الحلواني إلى عدم الجواز ، وفي المصباح الأكل معروف والأكل بضمتين وإسكان الثاني للتخفيف المأكول والأكلة بالفتح المرة وبالضم اللقمة والغداء بالمد طعام الغداة والعشاء بالفتح وبالمد طعام [ ص: 119 ] العشاء بالكسر والسحور بفتح السين ما يؤكل في السحر ما قبل الصبح وبالضم الأكل وقته وأشار به إلى أنه لا معتبر بعد الشبع إلى مقدار الطعام حتى روي عن أبي حنيفة في كفارة اليمين لو قدم أربعة أرغفة إلى عشرة مساكين وشبعوا أجزأه وإن لم يبلغ ذلك صاعا أو نصف صاع كذا في التتارخانية وإلى أنه لا بد من الإدام في خبز الشعير والذرة ليمكنهم الاستيفاء إلى الشبع بخلاف خبز البر وقد اختلف المشايخ في جواز إطعام خبز الشعير بالإدام بناء على أن محمدا نص على خبز البر في الزيادات فقال البعض : لا يجوز بخبز الشعير وبعضهم جوزه مع الإدام وإليه مال الكرخي كما في التتارخانية ، وفي الينابيع لو أطعم مائة وعشرين مسكينا في يوم واحد أكلة واحدة مشبعة لم يجز إلا عن نصف الإطعام فإن أعاده على ستين مسكينا أجزأه ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : وأما الثالثة إلخ ) أقول : ذكر في كافي الحاكم الشهيد وإن أعطى كل مسكين نصف صاع من تمر ومدا من حنطة أجزأه ذلك ( قوله : وفي المصباح الأكل معروف إلخ ) [ ص: 119 ] يوجد في بعض النسخ ( قوله فإن أعاده على ستين مسكينا جاز ) أي : ستين من المائة والعشرين .




                                                                                        الخدمات العلمية