( باب ثبوت النسب ) .
[ ص: 169 ] لما كان من آثار الحمل ذكره عقيب العدة ( قوله ومن لزمه نسبه ومهرها ) أما النسب فلأنها فراشه ; لأنها لما جاءت بالولد لستة أشهر من وقت النكاح فقد جاءت به لأقل منها من وقت الطلاق فكان العلوق قبله في حالة النكاح والتصور ثابت بأن تزوجها وهو مخالطها فوافق الإنزال النكاح والنسب مما يحتاط في إثباته والتزوج في هذه الحالة إما بتكلمهما وسماع الشهود أو بأنهما وكلا في التزويج فزوجهما الوكيل وهما في هذه الحالة والثاني أحسن كما لا يخفى ولقائل أن يقول إن الحمل على ما إذا تزوجها وهو مخالط لها حمل المسلم على الحرام وهو لا يجوز ولذا فر بعض المشايخ عن إثبات هذا التصور ، وقال لا حاجة إلى هذا التكلف بل قيام الفراش كاف ولا يعتبر إمكان الدخول ; لأن النكاح قائم مقامه كما في قال إن نكحتها فهي طالق فولدت لستة أشهر منذ نكحها لكن في فتح القدير والحق أن التصور شرط ولذا لو تزوج المشرقي بمغربية بينهما مسيرة سنة فجاءت بولد لستة أشهر من يوم تزوجها لا يثبت نسبه والتصوير ثابت في المغربية لثبوت كرامات الأولياء والاستخدامات فيكون صاحب خطوة أو جني ا هـ . جاءت امرأة الصبي بولد
ولم يجب عما ذكرناه قيد بأن تلده لستة أشهر من غير زيادة ولا نقصان ; لأنها لو ولدته لأقل منها لم يثبت نسبه ; لأن العلوق حينئذ من زوج قبل النكاح ، ولو ولدته لأكثر منها لم يثبت أيضا لاحتمال حدوثه بعد الطلاق وقد حكمنا به حيث حكمنا بعدم وجوب العدة لكونه قبل الدخول والخلوة ولم يتبين بطلان هذا الحكم وتعقبه في فتح القدير بأن نفيهم النسب هنا في مدة يتصور أن يكون منه وهو سنتان ينافي الاحتياط في إثباته والاحتمال المذكور في غاية البعد فإن العادة المستمرة كون الحمل أكثر من ستة أشهر وربما يمضي دهور لم تسمع فيها الولادة لستة أشهر فكان الظاهر عدم حدوثه وحدوثه احتمال فأي احتياط في إثبات النسب إذا نفيناه لاحتمال ضعيف يقتضي نفيه وتركنا ظاهرا يقتضي ثبوته وليت شعري أي الاحتمالين أبعد الاحتمال الذي فرضوه لتصور العلوق منه ليثبتوا النسب وهو كونه تزوجها وهو يطؤها وسمع كلامهما الناس وهما على تلك الحالة ثم وافق الإنزال العقد أو احتمال كون الحمل إذا زاد على ستة أشهر بيوم يكون من غيره ا هـ .
وأما المهر فلأنه لما ثبت النسب منه جعل واطئا حكما فتأكد المهر به وقال في الإملاء القياس أنه يجب مهر ونصف بالوطء بعد وقوع الطلاق وقبله والجواب أنا إذا قدرنا أنه تزوجها حالة المواقعة لم تكن المواقعة بعد الطلاق فلا يلزمه إلا مهر واحد ذكره أبو يوسف ابن بندار في شرح الجامع الصغير وبه اندفع ما قيل لا يلزم من ثبوت النسب منه وطؤه ; لأن الحمل قد يكون بإدخال الماء الفرج بدون جماع مع أنه نادر والوجه الظاهر هو المعتاد ، وفي فتح القدير واعلم أنه إذا كان الأصح في ثبوت هذا النسب إمكان الدخول وتصوره ليس إلا بما ذكر من تزويجها حال وطئها المبتدأ به قبل التزوج وقد حكم فيه بمهر واحد في صريح الرواية يلزم كون ما ذكر مطلقا ومنسوبا وقدمناه في باب المهر من أنه لو كان عليه مهران [ ص: 170 ] مهر بالزنا لسقوط الحد بالتزوج قبل تمامه ومهر بالنكاح ; لأن هذا أكثر من الخلوة مشكلا لمخالفته لصريح المذهب وأيضا الفعل واحد وقد اتصف بشبهة الحل فيجب مهر واحد بخلاف ما لو تزوجها في حال ما يطؤها حيث يجب مهر ونصف ; لأن الطلاق قبل الوطء أما هنا الطلاق مع الوطء الحلال في فعل متحد فصار الفعل كله له شبهة الحل وقد وجب المهر فلا يجب مهر آخر ا هـ . قال إن تزوجتها فهي طالق ونسي فتزوجها ووطئها
وقد دل كلام المصنف على مسألتين إحداهما أن من أنه يلزمه لتيقننا بالعلوق حال قيام النكاح وإن جاءت به لستة أشهر أو أكثر لا يلزمه لعدم التيقن بذلك ويستوي في هذا الحكم ذوات الأقراء وذوات الأشهر ثانيهما أن من طلق امرأته قبل الدخول بها فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر منذ طلقها لا يثبت نسبه وستأتي صريحة وذكر في النهاية أنه لا يكون محصنا بالوطء في مسألة الكتاب . تزوج امرأة فولدت لأقل من ستة أشهر من وقت النكاح