( قوله : ومستحبه التيامن ) أي مستحب الوضوء ، وهو في اللغة الشيء المحبوب ضد المكروه وعند الفقهاء هو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مرة وتركه أخرى والمندوب ما فعله مرة أو مرتين وتركه تعليما للجواز كذا في شرح النقاية ويرد عليه ما رغب فيه ولم يفعله وما جعله تعريفا للمستحب جعله في المحيط تعريفا للمندوب ، فالأولى ما عليه الأصوليون من عدم الفرق بين المستحب والمندوب ، وأن ما واظب صلى الله عليه وسلم عليه مع ترك ما بلا عذر سنة وما لم يواظب عليه مندوب ومستحب ، وإن لم يفعله بعد ما رغب فيه كذا في التحرير وحكمه الثواب على الفعل وعدم اللوم على الترك ، وإنما كان التيامن مستحبا لما في الكتب الستة عن البداءة باليمين في غسل الأعضاء رضي الله عنها { عائشة } والمحبوبية لا تستلزم المواظبة ; لأن جميع المستحبات محبوبة له ومعلوم أنه لم يواظب على كلها وإلا لم تكن مستحبة بل مسنونة لكن أخرج كان صلى الله عليه وسلم يحب التيامن في كل شيء حتى في طهوره وتنعله وترجله وشأنه كله أبو داود عنه صلى الله عليه وسلم { وابن ماجه } وغير واحد من حكى وضوءه صلى الله عليه وسلم صرحوا بتقديم اليمنى على اليسرى وذلك يفيد المواظبة ; لأنهم إنما يحكون وضوءه الذي هو عادته فيكون سنة وبمثله تثبت سنية الاستيعاب ; لأنهم كذلك حكوا المسح كذا في فتح القدير لكن المواظبة لا تفيد السنية إلا إذا كانت على سبيل العبادة ، وأما إذا كانت على سبيل العادة فتفيد الاستحباب والندب لا السنية كلبس الثوب والأكل باليمين ومواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على التيامن كانت من قبيل الثاني فلا تفيد السنية كذا في شرح الوقاية وكذا قال في السراج الوهاج إن البداءة باليمنى فضيلة على الأصح وقيدنا بقولنا في غسل الأعضاء تبعا إذا توضأتم فابدءوا بميامنكم لصدر الشريعة وغيره احترازا عن الممسوح ، فإنه لا يستحب ; لأن مسحهما معا أسهل كالحدين ، وليس في أعضاء الوضوء عضوان لا يتسحب تقديم الأيمن منهما إلا تقديم اليمنى فيه كمسح الأذنين فإنه يبتدئ باليمنى وبالحد الأيمن كذا في السراج الوهاج . الأذنين ، فإن كان الرجل أقطع لا يمكنه مسحهما معا
[ ص: 29 ]