( قوله : ولو شهد كل بعتق نصيب صاحبه سعى لهما ) أي لو سعى العبد لهما في قيمته لكل واحد منهما في نصيبه عند شهد كل واحد من الشريكين أن شريكه أعتق نصيب نفسه موسرين كانا أو معسرين أو كان أحدهما موسرا والآخر معسرا ; لأن كل واحد منهما يزعم أن صاحبه أعتق نصيبه فصار مكاتبا في زعمه عنده وحرم عليه الاسترقاق فيصدق في حق نفسه فيمنع من استرقاقه ويستسعيه ; لأنا تيقنا بحق الاستسعاء كاذبا كان أو صادقا ; لأنه مكاتبه أو مملوكه فلهذا يستسعيانه ولا يختلف ذلك باليسار والإعسار ; لأن حقه في الحالين في أحد الشيئين ; لأن يسار المعتق لا يمنع السعاية عنده ، وقد تعذر التضمين لإنكار الشريك فتعين الآخر وهو السعاية والولاء لهما ; لأن كلا منهما يقول عتق نصيب صاحبي عليه بإعتاقه وولاؤه له وعتق نصيبي بالسعاية وولاؤه لي وهو عبد ما دام يسعى لهما بمنزلة المكاتب ، وقالا إن كانا موسرين فلا سعاية عليه ; لأن كل واحد منهما يتبرأ عن سعايته بدعوى الضمان على صاحبه ; لأن يسار المعتق يمنع السعاية عندهما إلا أن الدعوى لم تثبت لإنكار الآخر والبراءة قد ثبتت لإقراره على نفسه وإن كانا معسرين سعى لهما . أبي حنيفة
لأن كل واحد منهما يدعي السعاية عليه صادقا كان أو كاذبا على ما بيناه إذ المعتق معسر وإن كان أحدهما موسرا والآخر معسرا سعى للموسر منهما ; لأنه لا يدعي الضمان على صاحبه لإعساره وإنما يدعي عليه السعاية فلا يبرأ عنه ولا يسعى للمعسر ; لأنه يدعي الضمان على صاحبه ليساره فيكون مبرئا للعبد عن السعاية والولاء موقوف في جميع ذلك عندهما ; لأن كل واحد منهما يحيله على صاحبه ويتبرأ عنه فيبقى موقوفا إلى أن يتفقا على إعتاق أحدهما كذا في الهداية ، فلو مات قبل أن يتفقا وجب أن يأخذه بيت المال كما في فتح القدير ، ولم يذكر المصنف تحليف كل منهما هنا وذكره في المستصفى فقال والسعاية لهما بعد أن يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه ; لأن كل واحد منهما مدع ومنكر وصرح في البدائع والمحيط بأنه يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه وفي فتح القدير وهو أوجه فيجب في الجواب المذكور وهو لزوم استسعاء كل منهما للعبد أنه فيما إذا لم يترافعا إلى قاض بل خاطب كل منهما الآخر إنك أعتقت نصيبك وهو ينكر فإن هذه ليس حكمها إلا الاستسعاء إذ لو أراد أحدهما التضمين أو أراداه ونصيبهما متفاوت فترافعا أو رفعهما ذو حسبة فيما لو استرقاه بعد قولهما فإن القاضي لو سألهما فأجابا بالإنكار فحلفا لا يسترق ; لأن كلا يقول إن صاحبه حلف كاذبا واعتقاده أن العبد يحرم استرقاقه ولكل استسعاؤه .
ولو اعترفا أنهما أعتقا معا أو على التعاقب وجب أن لا يضمن كل الآخر إن كانا موسرين ولا يستسعى العبد ; لأنه عتق كله من [ ص: 258 ] جهتهما ، ولو اعترف أحدهما وأنكر الآخر فإن المنكر يجب أن يحلف ; لأن فيه فائدة فإنه إن نكل صار معترفا أو باذلا وصارا معترفين فلا يجب على العبد سعاية كما قلنا ا هـ .
وتقييد المصنف بشهادة كل منهما قيد اتفاقي إذ لو فالحكم كذلك قال في البدائع لا تقبل شهادته على صاحبه وإن كانا اثنين ; لأنهما يجران إلى أنفسهما مغنما ولا يعتق نصيب الشاهد ولا يضمن لصاحبه ويسعى العبد في قيمته بينهما موسرين كانا أو معسرين في قول شهد أحدهما على صاحبه أنه أعتقه وأنكره الآخر ، وعندهما إن كان المشهود عليه موسرا فلا سعاية للشاهد على العبد وإن كان معسرا فله السعاية عليه وهكذا في المحيط أبي حنيفة