الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : لا بعلمه وغضبه وسخطه ورحمته ) أي لا يكون اليمين بعلم الله ونحوه ; لأن الحلف بهذه الألفاظ غير متعارف ، والعرف معتبر في الحلف بالصفات ولأن العلم يذكر ويراد به المعلوم ويقال : اللهم اغفر علمك فينا أي معلومك ولأن الرحمة يراد بها أثرها وهو المطر والجنة ، والغضب والسخط يراد بهما العقوبة ، وفي البدائع : وأما الصفة فصفات الله تعالى مع أنها كلها لذاته على ثلاثة أقسام منها ما لا يستعمل في عرف الناس وعاداتهم إلا في الصفة نفسها فالحلف بها يكون يمينا ومنها ما يستعمل في الصفة وفي غيرها استعمالا على السواء والحلف بها يكون يمينا أيضا ومنها ما يستعمل في الصفة وفي غيرها لكن استعمالها في غير الصفة هو الغالب فالحلف بها لا يكون يمينا ومن مشايخنا من قال ما تعارفه الناس يمينا يكون يمينا إلا ما ورد الشرع بالنهي عنه وما لم يتعارفوه لا يكون يمينا وبيان هذه الجملة إذا قال : وعزة الله وعظمته وجلاله وكبريائه يكون حالفا وكذا وقدرة الله ما لم ينو المقدور وكذا وقوته ، وإرادته ومشيئته ورضاه ومحبته وإرادته وكلامه بخلاف الرحمة والغضب والسخط والعلم إلا إذا أراد به الصفة ، وأما وسلطان الله فقال القدوري إن أراد به القدرة كان حالفا ، وإلا فلا ولو قال وأمانة الله ذكر في الأصل أنه يكون يمينا خلافا للطحاوي ; لأنها طاعته ، ووجه ما في الأصل أن الأمانة المضافة إلى الله تعالى عند القسم يراد بها صفته .

                                                                                        ولو قال : ووجه الله فهو يمين ; لأن الوجه المضاف إلى الله تعالى يراد به الذات ولو قال : لا إله إلا الله لا أفعل كذا لا يكون يمينا إلا أن ينوي وكذا قوله : سبحان الله والله أكبر لا أفعل كذا لعدم العادة وملكوت الله وجبروته يمين لأنه من صفاته تعالى التي لا تستعمل إلا في الصفة ا هـ .

                                                                                        ومن الغريب ما في الظهيرية لو قال وقدرة الله لا يكون يمينا ، وإن كان الله تعالى [ ص: 311 ] لا يوصف بضدها ; لأن المراد بالقدرة المذكورة التقدير عرفا على ما عرف في الزيادات والله عز وجل قد يقدر وقد لا يقدر ا هـ .

                                                                                        وهو مردود لما في الولوالجية وغيرها لو قال : وقدرة الله كان يمينا ; لأن استعمال القدرة على المقدور به لم يكثر ككثرة استعمال العلم على المعلوم حتى لو نوى المقدور لا يكون يمينا ا هـ .

                                                                                        وأشار المصنف إلى إنه لو قال : وعذاب الله وثوابه ورضاه ولعنة الله وأمانته أنه لا يكون يمينا ، وفي الخانية لو قال : بصفة الله لا أفعل كذا لا يكون يمينا لأن من صفاته ما يذكر في غيره فلا يكون ذكر الصفة كذكر الاسم .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : وأمانته ) مخالف لما قدمه قريبا عن الأصل من أنه يكون يمينا خلافا للطحاوي .




                                                                                        الخدمات العلمية