( قوله : ومن ينبغي أن يحنث ) بيان لبعض أحكام اليمين وحاصلها أن حلف على معصية : فعل معصية ، أو ترك فرض فالحنث واجب وهو المراد بقوله ينبغي أن يحنث أي يجب عليه الحنث لحديث المحلوف عليه أنواع عن البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم { عائشة } . من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه
وحديث أيضا { البخاري } ، ثم اليمين في الحديث بمعنى المقسم عليه ; لأن حقيقة اليمين جملتان إحداهما مقسم به والأخرى مقسم عليه فذكر الكل وأريد البعض وقيل ذكر اسم الحال وأريد المحل ; لأن المحلوف عليه محل اليمين ولأن فيما قلناه تفويت البر إلى جابر وهو الكفارة ولا جابر للمعصية في ضده . وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك
وأطلق في المعصية فشمل النفي والإثبات فالأول مثل أن لا يصلي ، أو لا يكلم أباه فيجب الحنث بالصلاة وكلام الأب ، والثاني نحو ليقتلن فلانا كما في الهداية ولا بد أن تكون اليمين موقتة بوقت كاليوم وغدا لأنها لو كانت مطلقة لم يتصور الحنث باختياره لأنه لا يحنث إلا في آخر جزء من أجزاء حياته فيوصي بالكفارة حينئذ إذا هلك الحالف ويكفر عن يمينه إذا هلك المحلوف عليه كذا في غاية البيان الثاني أن يكون المحلوف عليه شيئا غيره أولى منه [ ص: 317 ] كالحلف على ترك وطء زوجته شهرا ، أو نحوه فالحنث أفضل لأن الرفق أيمن ودليله الحديث المتقدم وكذا لو ; لأن العفو أفضل وكذا تيسير المطالبة . حلف ليضربن عبده ، وهو يستأهل ذلك أو ليشكون مديونه إن لم يوافه غدا
الثالث أن كالحلف لا يأكل هذا الخبز ، أو لا يلبس هذا الثوب فالبر في هذا وحفظ اليمين أولى ولو قال قائل إنه واجب لقوله تعالى { يحلف على شيء وضده مثله واحفظوا أيمانكم } على ما هو المختار في تأويلها أنه البر فيها أمكن كذا في فتح القدير ولم يذكر القسم الرابع وهو أن يكون المحلوف عليه يجب فعله قيل : اليمين كحلفه ليصلين الظهر اليوم لظهور أن البر فرض ومنه فإن البر واجب فيثبت وجوبان لأمرين الفعل والبر فحاصله أن المحلوف عليه إما فعل أو ترك وكل منهما على خمسة أوجه ; لأنه إما أن يكون معصية أو واجبا ، أو هو أولى من غيره أو غيره أولى منه ، أو مستويان وقد علمت أحكام العشرة . . إذا كان المحلوف عليه ترك معصية
[ ص: 316 ]