الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : لا يكلمه شهرا فهو من حين حلف ) ; لأنه لو لم يذكر الشهر تتأبد اليمين فذكر الشهر لإخراج ما وراءه فبقي ما يلي يمينه داخلا عملا بدلالة الحال بخلاف ما إذا قال والله لأصومن شهرا أو لأعتكفن شهرا ; لأنه لو لم يذكر الشهر لا تتأبد اليمين فكان ذكره لتقدير الصوم به ، وأنه منكر [ ص: 363 ] فالتعيين إليه بخلاف ما إذا قال إن تركت الصوم شهرا فإنه يتناول شهرا من حين حلف ; لأن تركه مطلقا يتناول الأبد فذكر الوقت لإخراج ما وراءه فهو كقوله إن تركت كلامه شهرا ، وإن لم أساكنه شهرا ، ونظيره إذا آجره شهرا ، وكذا آجال الديون ، وأما الأجل في قوله كفلت لك بنفسك إلى شهر اختلف في أنها لبيان ابتداء المدة أو لانتهائها فعن أبي يوسف لانتهاء المطالبة فلا يلزم بإحضاره بعد الشهر ، وألحقاها بآجال الديون فجعلاها لبيان ابتدائها فلا يلزم بإحضارها قبل الشهر ، وهو أحسن ; لأن الأجل في مثله للترفية كذا في فتح القدير ، وفي البدائع ، ولو حلف لا يكلمه شهرا يقع على ثلاثين يوما ، ولو قال الشهر يقع على بقية الشهر ، ولو حلف لا يكلمه السنة يقع على بقية السنة .

                                                                                        وأشار المصنف إلى أنه لو حلف بالليل لا يكلمه يوما فإنه يحنث بكلامه من حين حلف إلى أن تغيب الشمس من الغد يدخل في يمينه بقية الليل حتى لو كلمه فيما بقي من الليل أو في الغد يحنث ; لأن ذكر اليوم للإخراج ، وكذا لو حلف بالنهار لا يكلمه ليلة حنث بكلامه من حين حلف إلى طلوع الفجر ، ولو قال في بعض النهار لا أكلمه يوما فاليمين على بقية اليوم والليلة المستقبلة إلى مثل تلك الساعة التي حلف فيها من الغد ; لأنه حلف على يوم منكر فلا بد من استيفائه ، ولا يمكن استيفاؤه إلا بإتمامه من اليوم الثاني فيدخل الليل بطريق التبع ، وكذا إذا حلف لا يكلمه ليلة فاليمين من تلك الساعة إلى أن يجيء مثلها من الليلة المستقبلة فيدخل النهار الذي بينهما في ذلك ; لأنه حلف على ليلة منكرة فلا بد من الاستيفاء فإن قال في بعض اليوم والله لا أكلمك اليوم فاليمين على ما بقي من اليوم فإذا غربت الشمس سقطت اليمين ، وكذلك إذا قال بالليل والله لا أكلمك الليلة فإذا طلع الفجر سقطت ، ولو قال والله لا أكلمك اليوم ، ولا غدا فاليمين على بقية اليوم ، وعلى غد ، ولا تدخل الليلة التي بينهما في اليمين كذا في البدائع ، وفي الواقعات حلف لا يكلمه اليوم ولا غدا ، ولا بعد غد فله أن يكلمه بالليل ; لأنها أيمان ثلاثة ، ولو لم يكرر حرف النفي فهي يمين واحدة فيدخل الليل بمنزلة قوله ثلاثة أيام ، وفي الظهيرية ، ولو قال والله لا أكلمك شهرا إلا يوما ، ولا نية له فله أن يختار أي يوم شاء ، ولو قال شهرا إلا نقصان يوم فهو على تسعة وعشرين يوما ، وهو مخالف للأول ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية