قوله ( ولو تقيد بقيام ولايته ) بيان لكون حلفه وال ليعلمنه بكل داعر دخل البلدة كما في هذه المسألة ; لأنه مطلقة من حيث اللفظ لكن لما كان مقصود المستحلف دفع شره أو شر غيره بزجره فلا يفيد فائدته بعد زوال سلطنته والزوال بالموت ، وكذا بالعزل في ظاهر الرواية والداعر بالدال والعين المهملتين كل مفسد وجمعه دعار من الدعر ، وهو الفساد ، ومنه دعر العود يدعر بكسر العين في الماضي ، وفتحها في المضارع إذا فسد ، وإذا تقيدت بقيام ولايته بطلت اليمين بعزله فلا تعود بعد توليته ، ولم يذكر اليمين المطلقة تصير مقيدة من جهة المعنى المصنف أن اليمين على الفور أو التراخي .
وفي التبيين : ثم إن الحالف لو علم الداعر ولم يعلمه لم يحنث إلا إذا مات هو أو المستحلف أو عزل ; لأنه لا يحنث في اليمين المطلقة بمجرد الترك بل باليأس عن الفعل وذلك بما ذكرنا إلا إذا كانت مؤقتة فيحنث بمضي الوقت مع الإمكان وإلا فلا . ا هـ .
وفي فتح القدير ، ولو حكم بانعقاد هذه للفور لم يكن بعيدا انظر إلى المقصود ، وهي المبادرة لزجره ودفع شره فالدعر يوجب التقييد بالفور ، وفور علمه به . ا هـ .
وليس العموم في قوله بكل داعر على بابه ; لأنه لا يمكنه أن يعلمه بكل داعر في الدنيا ، وإنما مراده كل داعر يعرفه أو في بلده أو دخل البلد ، وأشار المصنف رحمه الله إلى مسائل منها لو تقيد بالخروج حال قيام الدين والكفالة ; لأن الإذن إنما يصح ممن له ولاية المنع ، وولاية المنع حال [ ص: 401 ] قيامه . ومنها لو حلف رب الدين غريمه أو الكفيل بأمر المكفول عنه أن لا يخرج من البلد إلا بإذنه تقيد بحال قيام الزوجية بخلاف ما إذا حلف لا تخرج امرأته إلا بإذنه حيث يحنث ; لأنه لم يوجد فيه دلالة التقييد في حال قيام الزوجية ، وعلى هذا لو قال إن خرجت امرأته من هذه الدار فعبده حر ، ولم يقيده بالإذن أو حلف لا يقبلها فخرجت بعدما أبانها أو قبلها بعدما أبانها ; لأنه لم يقيد يمينه ببقاء النكاح ; لأنها إنما تتقيد به لو كانت المرأة تستفيد ولاية الإذن والمنع بعقد النكاح . قال لامرأته كل امرأة أتزوجها بغير إذنك طالق فطلق امرأته طلاقا بائنا أو ثلاثا ثم تزوج بغير إذنها طلقت
ومنها لو أن لا يحنث ; لأن اليمين تقيدت بحال قيام السلطنة كذا في المحيط ، ولم أر حكم ما إذا حلفه وال ليعلمنه بكل داعر ثم عزل من وظيفته وتولى وظيفة أخرى أعلى منها كالدويدار إذا حلف حقيرا ثم صار واليا ، وهو المسمى في زماننا بالصوباشاه وينبغي أن لا يبطل اليمين ; لأنه صار متمكنا من إزالة الفساد أكثر من الحالة الأولى . سلطانا حلف رجلا أن لا يخرج من البلد إلا بإذنه ثم خرج بعد عزله بدون إذنه
[ ص: 400 ]