لما فرغ من بيان كميته شرع في بيان اعلم أن ألوان الدماء ستة : السواد والحمرة والصفرة والكدرة والخضرة والتربية وهي التي على لون التراب نوع من الكدرة وهي نسبة إلى الترب بمعنى التراب ، ويقال تربية بتشديد الياء وتخفيفها بغير همزة وتريبة مثل تريعة وتربية بوزن ترعية وقيل هي من الرئة ; لأنها على لونها ، كذا في المغرب ويقال أيضا الترابية وكل هذه الألوان حيض في أيام الحيض إلى أن ترى البياض وعند كيفيته لا تكون الكدرة حيضا إذا رأتها في أول أيام الحيض وإذا رأتها في آخرها تكون حيضا ; لأنها لو كانت دم رحم لتأخرت عن الصافي ، ولهما ما روي عن مولاة أبي يوسف عائشة قالت كان النساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة التي فيها الكرسف فيه الصفرة من دم الحيض لتنظر إليه فتقول لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء تريد بذلك الطهر من الحيض رواه في الموطإ والقصة بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة وذكره مالك تعليقا بصيغة الجزم فصح بهذا اللفظ عن البخاري عائشة .
وذكر في الصحيح والسنن عن أم عطية قالت كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا وهذا يدل على أنهما في أيام الحيض حيض ; لأنها قيدت بما بعد الطهر وفي التجنيس امرأة رأت بياضا خالصا على الخرقة ما دام رطبا فإذا يبس اصفر فحكمه حكم البياض ; لأن المعتبر حال الرؤية لا حالة التغير بعد ذلك . ا هـ .
وكذا لو رأت حمرة أو صفرة فإذا يبست أبيضت يعتبر حالة الرؤية لا حالة التغير بعد ذلك . ا هـ .
ومن المشايخ من أنكر الخضرة فقال لعلها أكلت قصيلا استبعادا لها قلنا هي نوع من الكدرة ولعلها أكلت نوعا من البقول وفي الهداية ، وأما الخضرة فالصحيح أن المرأة إذا كانت من ذوات الأقراء يكون حيضا ويحمل على فساد الغذاء ، وإن كانت آيسة لا ترى غير الخضرة يحمل على فساد المنبت فلا يكون حيضا . ا هـ .
وفي البدائع قال بعضهم الكدرة والتربة والصفرة والخضرة إنما تكون حيضا على الإطلاق من غير العجائز ، أما في العجائز فينظر إن وجدتها على الكرسف ومدة الوضع قريبة فهي حيض ، وإن كانت مدة الوضع طويلة لم تكن حيضا ; لأن رحم العجوز يكون منتنا فيتغير الماء فيه لطول المكث وما عرفت الجواب في هذه الأبواب من الحيض فهو الجواب فيها في النفاس ; لأنها أخت الحيض . ا هـ .
وفي معراج الدراية معزيا إلى فخر الأئمة لو أفتى مفت بشيء من هذه الأقوال في مواضع الضرورة طلبا للتيسير كان حسنا ا هـ .
وفي فتح القدير ومقتضى المروي في الموطإ أن مجرد الانقطاع دون رؤية القصة لا يجب معه أحكام الطاهرات وكلام الأصحاب فيما يأتي كله بلفظ الانقطاع حيث يقولون [ ص: 203 ] وإذا انقطع دمها فكذا ، مع أنه قد يكون انقطاع بجفاف من وقت إلى وقت ثم ترى القصة ، فإن كانت الغاية القصة لم تجب تلك الصلاة ، وإن كان الانقطاع على سائر الألوان وجبت وأنا متردد فيما هو الحكم عندهم بالنظر إلى دليلهم وعباراتهم في إعطاء الأحكام . والله أعلم . والبخاري
ورأيت في مروي عبد الوهاب عن يحيى بن سعيد عن ريطة مولاة عمرة عن عمرة أنها كانت تقول للنساء إذا أدخلت إحداكن الكرسف فخرجت متغيرة فلا تصلي حتى لا ترى شيئا وهذا يقتضي أن الغاية الانقطاع . ا هـ .
، وقد يقال هذا التردد لا يتم إلا إذا فسرت القصة بأنها بياض ممتد كالخيط ، والظاهر من كلامهم ضعف هذا التفسير فقد قال في المغرب قال أبو عبيدة معناه أن تخرج القطنة أو الخرقة التي تحتشي بها المرأة كأنها قصة لا تخالطها صفرة ولا تربية ، ويقال : إن القصة شيء كالخيط الأبيض يخرج بعد انقطاع الدم كله ويجوز أن يراد انتفاء اللون وأن لا يبقى منه أثر ألبتة فضرب رؤية القصة مثلا لذلك ; لأن رائي القصة غير رائي شيء من سائر ألوان الحائض . ا هـ .
فقد علمت أن القصة مجاز عن الانقطاع وأن تفسيرها بأنها شيء كالخيط ذكره بصيغة يقال الدالة على التمريض ويدل على أن المراد بها الانقطاع آخر الحديث وهو قوله تريد بذلك الطهر من الحيض ، فثبت بهذا أن دليلهم موافق لعباراتهم كما لا يخفى وفي شرح الوقاية ثم وللثيب في كل حال وموضعه موضع البكارة ويكره في الفرج الداخل . ا هـ . وضع الكرسف مستحب للبكر في الحيض
وفي غيره أنه سنة للثيب حالة الحيض مستحبة حالة الطهر ولو صلتا بغير كرسف جاز .
[ ص: 202 ]