( فصل في الحرز ) .
هو في اللغة الموضع الحصين يقال أحرزه إذا جعله في الحرز كذا في المغرب وفي الشرع ما يحفظ فيه المال عادة أي المكان الذي يحرز فيه كالدار ، والحانوت ، والخيمة ، والشخص نفسه ، والمحرز ما لا يعد صاحبه مضيعا ثم الإخراج من الحرز شرط عند عامة أهل العلم تخصيصا لآية السرقة به بالإجماع كما نقله بناء على عدم صحة الخلاف بعدما خصص بمقدار النصاب ( قوله ومن ابن المنذر لم يقطع ) لوجود الشبهة في كل واحد منها أما إذا سرق من ذي رحم محرم لا برضاع ومن زوجته وزوجها وسيده وزوجته وزوج سيدته ومكاتبته وختنه وصهره ومن غنم وحمام وبيت أذن في دخوله فللدخول في الحرز مع البسوطة في المال في الأصول ، والفروع ، والمراد من السرقة منه السرقة من بيته أطلقه فشمل ما إذا سرق ماله أو مال غيره ; لأن بيته ليس بحرز في حقه مطلقا واحترز به عما إذا سرق من قريبه المحرم ، فإنه يقطع لوجود الحرز وينبغي أن لا يقطع لما في القطع من القطيعة فيندرئ كذا في فتح القدير ، وقد يقال ليس القطع حقه ، وإنما هو حق الشرع فلا يكون قطيعة وينبغي أن لا يقطع في الولاد لما ذكرنا من الشبهة في ماله فعدم القطع في الولاد للشبهة لا لعدم الحرز وفي المحارم لعدم الحرز واحترز بقوله لا برضاع عن المحرم الذي محرميته بالرضاع كابن العم الذي هو أخ من الرضاع ، فإنه رحم محرم لا من جهة القرابة ، وإنما محرميته من جهة الرضاع فإذا سرق من بيته قطع كما إذا سرق من الرحم فقط وبه اندفع ما في التبيين من أنه لا حاجة إلى إخراجه ; لأنه لم يدخل في ذي الرحم المحرم . ا هـ . سرق مال محرمه من بيت غيره
ظنا منه أنه متعلق بالرحم وليس كذلك بل متعلق بالمحرم كما علمت ، وأما إذا فلوجود الإذن بالدخول عادة فانعدم الحرز أطلق في الزوجين فشمل الزوجية وقت السرقة فقط بأن سرق أحد الزوجين من الآخر أو العبد من سيده أو من امرأة سيده أو زوج [ ص: 63 ] سيدته فلا قطع ، والزوجية بعدها كما إذا سرق منها ثم أبانها وانقضت عدتها ثم ترافعا فلا قطع ولو بعد القضاء وكذا عكسه لوجود الشبهة قبل الإمضاء وشمل الزوجية من وجه كما إذا سرق من أجنبية ثم تزوجها ثم ترافعا لوجود الخلطة بخلاف ما إذا سرق منها بعد الانقضاء ، فإنه يقطع . سرق من مبتوته في العدة أو سرقت هي منه
والحاصل أن في باب السرقة يكتفى بوجود الزوجية في حالة من الأحوال قبل القطع لسقوطه وفي باب الرجوع في الهبة لا بد من قيام الزوجية وقت الهبة فلو حدثت بعدها فالرجوع ثابت وفي الوصية الاعتبار لها حالة الموت لا غير وشمل ما إذا سرق أحدهما من حرز لا يسكنان فيه لوجود البسوطة بينهما في الأموال عادة ، والعبد في هذا ملحق بمولاه حتى لا يقطع في سرقة لا يقطع فيها لا مولى كالسرقة من أقارب المولى وغيرهم ; لأنه مأذون له بالدخول عادة في بيت مولاه لإقامة المصالح وأطلقه فشمل القن ، والمكاتب ; لأنه قن ما بقي عليه من درهم ، والمأذون له في التجارة ، وأما إذا ، فإن له حقا في إكسابه ولذا لا يجوز له أن يتزوج أمة مكاتبه . سرق من مكاتبه
وأما إذا فالمذكور هنا قول سرق من ختنه ومن صهره وعندهما يقطع ; لأنه لا شبهة في ملك الختن ; لأنها تكون بالقرابة ولا قرابة وله أن العادة قد جرت بالبسوطة في دخول بعضهم منازل بعض بلا استئذان فتمكنت الشبهة في الحرز ، والمحرمية بالمصاهرة كالمحرمية بالرضاع وعلى هذا الخلاف إذا سرق من كل من يحرم عليه بالمصاهرة ومحل الاختلاف ما إذا لم يجمعهما منزل واحد أما إذا جمعهما منزل واحد فلا قطع اتفاقا كذا في شرح الإمام وسيأتي في باب الوصية للأقارب وغيرهم أن الأصهار كل ذي رحم محرم من امرأته ، والأختان زوج كل ذي رحم محرم منه ، وأما إذا الطحاوي ، فإن له فيه نصيبا كما أفتى به سرق من المغنم رضي الله عنه مع أن علي المصنف قد قدم أنه لا قطع في المال المشترك فالظاهر من إعادته أنه لا قطع ، وإن لم يكن له حق في الغنيمة وبحث في غاية البيان بأنه ينبغي أن يكون المراد من السارق من الغنيمة من له نصيب في الغنيمة في الأربعة الأخماس أو في الخمس كالغانمين أو اليتامى ، والمساكين أما غيرهم فلا نصيب له في الغنيمة فينبغي أن يقطع بخلاف السارق من بيت المال ، فإنه معد لمصالح عامة المسلمين وهو منهم إلا أن يقال : إن مال الغنيمة مال مباح في الأصل فلا قطع بسرقته حيث كان على صورته ولم يتغير وسواء كان السارق حرا أو عبدا .
وأما إذا فلاختلال الحرز بالإذن في الدخول أطلقه فشمل ما إذا سرق من الحمام وصاحبه عنده أو المسروق تحته بخلاف ما إذا سرق من الحمام أو بيت أذن للناس في الدخول فيه ، فإنه يقطع ، والفرق على الظاهر أن الحمام بني للإحراز فكان حرزا فلا يعتبر الحافظ كالبيت بخلاف المسجد ; لأنه ما بني لإحراز الأموال فلم يكن محرزا بالمكان فيعتبر الحافظ كالطريق ، والصحراء وشمل ما إذا سرق من المسجد وصاحبه عنده ، والمنقول في التبيين أنه يقطع بخلاف المسجد لا يقطع مطلقا وأطلق في المأذون للناس في دخوله فشمل حوانيت التجار ، والخانات إلا إذا سرق منه ليلا ; لأنها بنيت لإحراز الأموال ، وإنما الإذن يختص بالنهار كذا في الهداية وفي قوله للناس إشارة إلى أنه لو أذن لجماعة مخصوصين بالدخول فدخل واحد غيرهم وسرق ، فإنه يقطع ولم أره صريحا ، وقد قدم سرق من الحمام في وقت لم يؤذن للناس في الدخول فيها كالليل المصنف أنه لا بد من الإحراز بمكان أو حافظ قال في كتابه حرز كل شيء معتبر بحرز مثله حتى إذا الطحاوي يقطع ولو سرق دابة من إصطبل لا يقطع وذكر سرق لؤلؤة من إصطبل في كتابه أن ما كان حرز النوع فهو حرز للأنواع كلها قال الكرخي شمس الأئمة السرخسي وهذا هو المذهب عندنا ، والقفاف لا يقطع وهو الذي يعطى الدراهم [ ص: 64 ] لينظر إليها فيأخذ منها وصاحبها لا يعلم ، والفشاش وهو ما يهيئ لغلق البيت ما يفتحه به إذا فش نهارا وليس في البيت ولا في الدار أحد وأخذ المتاع لا يقطع ، وإن كان فيها أحد من أهلها فأخذ المتاع وهو لا يعلم قطع وفي الحاوي إذا قطع ولو كان باب الدار مردودا غير مغلق فدخلها السارق خفية وأخذ المتاع لا يقطع ولو كان باب الدار مفتوحا فدخل نهارا وسرق يقطع ; لأنه حرز ، وإذا سرق من السطح ثيابا تساوي نصابا لا يقطع وكذلك لو سرق ثوبا بسط على حائط في السكة ، وإن بسط على الحائط إلى الدار أو على الخص إلى السطح قطع كذا في الظهيرية . ا هـ . سرق ثوبا بسط على خص إلى السكة